الافتقار إلى الله

عبدالله محمد الطوالة
1446/05/19 - 2024/11/21 09:24AM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ.. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ.. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ..

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} {آل عمران:102].. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزات:70]..   

أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار..         

معاشر المؤمنين الكرام: ليتخيل كل منا أنه لم يخلق ولم يمر على هذه الدنيا أبداً، فكان ماذا، وما ذا سيكون؟.. ألم تمض أزمانٌ طويلة قبل وجودنا، والكون هو الكون، والناس هم الناس؛ وهكذا الحال أيضاً بعد موتنا.. فلا افتقرت الموجودات إلى وجودنا سابقاً، ولن يختل نظامها بموتنا لاحقاً.. وهذه الحقيقة نص عليها القرآن بقوله: {أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} [مريم:67]، وقال تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً} [الانسان:1]..  وقد جاء في الحديث القدسي الصحيح، قال الله تعالى: "يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ".. 

ولذلك فإنّ لذة الحياة، ومتعةَ الدنيا، وبركةَ العمر، وجمالَ العيش، وراحةَ النفس، وطمأنينةَ القلب، إنما تكون في شعور الإنسان بفقره إلى خالقه ومولاه، ودوام احتياجه إليه في حال وحين.. ومتى ما غُرس هذا في القلب فهو بداية الغنى، وحلول الرضا، وحصول التوفيق والهدى..   

ولا شك أنَّ جميع الخلق مفتقرونَ إلى الله في كل شؤونهم، وفي جميع أحوالهم، وفي كل أوقاتهم.. وفقرهم إلى الله فقرٌ عامٌّ تامٌّ من كل الوجوه، فهم فقراءُ إلى الله, في إيجادهم ابتداءاً, وفقراءُ إلى الله, في إمدادهم بكل ما يُصلحُ أحوالهم، وفقراءُ إلى الله, في هدايتهم وتوفيقهم، وفقراءُ إلى الله, في تعليمهم ما ينفعهم، وفقراءُ إلى الله, في تربيتهم وتزكيةِ أخلاقهم، وفقراءُ إلى الله, في دوام أمنهم واستقرارهم، وفي سلامتهم وحفظهم من كل سوء، وفقراءُ إلى الله, في تفريج كُرباتهم، وإزالةِ عُسرهم؛ وفقراءُ إلى الله, في حُبه لهم وحبِهم له، وفي عبادتهم إياه، وعصمتِهم من إضلال الشيطان وإغوائه، {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا} [النساء:83]..

فجميع الناس فقراءُ إلى الله من كل وجهٍ وبكل معنى، وقد نادى الله جميع الناس وأخبرهم بهذا؛ فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد} [فاطر:15].. وكثيرةٌ هي الآياتُ التي تُثبت افتقارنا إلى الله عزَّ وجلَّ.. فلنتأمل: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [الأنعام:133]..  وقال تعالى: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً} [النساء:133]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ *وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [إبراهيم:19].. وقال تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:29].. فالضعفُ والافتقارُ جبلةٌ في أصل الإنسان..

وحقيقةُ الافتقارِ إلى الله تعالى أن يُجرِّدَ العبدُ قلبهُ من كل حظوظهِ وأهوائه، ويُقبِلُ بكليته على ربه جلَّ وعلا, مُتذللاً بين يديه، مُستسلماً لأمره ونهيه، مُعلقاً قلبهُ بمحبته وطاعته..

فالإنسانُ مهما ملكَ فهو فقير، ومهما طال عمرهُ فهو قصير، ومهما تعاظمَ فهو ضئيل، ومهما تطاولَ فهو هزيل، ومهما قويت حيلته فهو كليل، ومهما أوتي من العلم فعلمه قليل.. يقول الامام الحسن البصري رحمه الله: "مسكينٌ ابن آدم، محتومُ الأجل، مكتومُ الأمل، مستورُ العلل، يتكلمُ بلحم، وينظرُ بشحم، ويسمعُ بعظم، أسيرُ جوعَة، مُطيعٌ بطنه، تؤذيهِ البقة، وتنتنهُ العَرقة، وتقتلهُ الشرقة، لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً".. 

ويقول الامام ابن القيم رحمه الله: "العبدُ ذليلٌ لخالقه ومولاه بكل وجهٍ من وجوه الذل، فهو ذليلٌ لعزِّه، وذليلٌ لقهره، وذليلٌ لربوبيته وملكه، وذليلٌ لإحسانه وإنعامه؛ وذليلٌ لحاجته إليه على مدى الأنفاس، في جلب كل ما ينفعه، ودفع كل ما يضره".. فمن لم يتشْرب قلبهُ حقيقةَ الفقر، ويشعرُ بشدة الحاجةِ لخالقه، وعظيمِ الفاقةِ لمولاه, فلن يعرفَ للعبوديةٍ معنى، ولن يجد للسعادةٍ طعماً، وهو عن البصيرة أعمى.. والعبادة كمايقول يحيى بن معاذ: "هي العنايةُ بالسرائر، وإخراجُ ما سوى اللهَ عزَ وجلَّ من القلب"..  فمتى أقرَّ الإنسان بضعفه وعوزه، وافتقارهِ وحاجته, كان من الموفقين، ومتى ما أعلنَ فقرهُ واحتياجهُ لخالقه الغني الحميد من كل وجهٍ, فسيعينه ويهديه، ويحفظه ويحميه، ويرزقهُ ويكفيه.. {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد * وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَام} [الزمر:36]..   

ألا فما أفقرنا إلى الله تعالى في هدايتنا وصلاح قلوبنا، واستقامة أحوالنا، وزكاء أعمالنا، وصلاح أبنائنا، وسلامة أبداننا، واستتباب أمنا، واستدامة أرزاقنا.. وما أفقرنا إلى عفو ربنا ورحمته؛ لنعتق من النار، ويكتب لنا الرضوان، وسكنى الجنان..   

فاعرفوا يا عباد الله لهذا الإله العظيم حقه، وأقروا بإحسانه وفضله، وافتقروا إليه، فما استُجلبت رحماتُ الله، ولا استمطرت خيراتُه بمثل الافتقارِ إليه، والانكسارِ بين يديه، فَهُوَ سُبْحَانَهُ أرحم الراحمين، رَؤُوفٌ بِعِبَادِهِ، لطيف خبير، سميعٌ بصير، ينادينا وهو الغني عنا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم} [الزمر:53].. ويقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُون * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُون} [النمل:63]..

أقول ما تسمعون ..

.

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب} [الزمر:18]..

 معاشر المؤمنين الكرام: سعادةُ العبدِ وفلاحهِ وغناه، في قوة لجوئهِ إلى خالقه، وافتقاره لمولاه.. فكلما افتقر العبدُ لمولاه، استغنى عمن سواه.. وما هو الافتقار الحقيقي إلى الله، قال ابن القيم يجيب عن هذا السؤال: هو أن يشهد العبدُ في كل ذرة من ذراته الظاهرةِ والباطنةِ ضرورةً تامةً إلى الله، وافتقاراً تاماً لربه ومولاه، ومَنْ بيده صلاحهُ وفلاحهُ وهداه، وسعادته في دُنياه وأخراه..  

والافتقار إلى الله، كما يقول الإمام سهلُ التستري: هو أقرب الطرق الموصلةِ إلى الله.. ويقولُ أحد العارفين: أحسنُ ما يتوسلُ به العبدُ إلى الله: دوامُ الافتقارِ إليه على جميع الأحوال، وملازمةُ السُّنةِ في جميع الأفعال، وطلبُ القوتِ من وجهٍ حلال..

ثم إنَّ في الافتقار إلى الله ومناجاته، لذةٌ لا توصف.. قال بعض العارفين: إنه لتكون لي حاجةٌ إلى الله، فأسأله إياها، فيُفتَحُ عليَّ من مناجاته ومعرفته، والتذلُّل له، والتملق بين يديه: ما أحبُّ أن يؤخرَ عني قضاءها وتدومُ لي تلك الحال..  

ولنسمتع إلى أبياتٍ جميلةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية، يُعلنُ فيها حاجتهُ وافتقاره إلى ربه ومولاه، يقول رحمه الله:

أنا الفقيرُ إلى رب البريات *** أنا الـمُسيكِينُ في مجموع حالاتي

أنا الظلومُ لنفسي وهي ظالمتي ** والخير إن يأتنا من عنده يأتي

لا أستطيع لنفسي جلبَ منفعةٍ ** ولا عن النفس لي دفعُ المضراتِ

وليس لي دونهُ مولىً يُدبرُني ** ولا شفيعٌ إذا حاطت بي خطيئاتي

والفقرُ لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبدًا ** كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

وهذه الحالُ حالُ الخلقِ أجمعِهم ** وكلُهم عندهُ عبدٌ له آتي

فمن بغى مطلبًا من غير خالقهِ ** فهو الجهولُ الظلومُ المشركُ العاتي

والحمدُ لله مِلأ الكونِ أجمعهِ ** ما كان منهُ وما من بعدُ قد يأتي

والمتأملُ في جميع أنواع العبادات, يرى أنّ الافتقارَ إلى الله, هي الصفةُ الجامعةُ لها، فبقدر افتقارِ العبد فيها إلى الله, يكونُ أثرها في قلبه، وانتفاعُه بها في الدنيا والآخرة، يشهدُ لذلك قول الرسول ﷺ: "أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجد"..

أيها المسلمون الكرام: الافتقارُ إلى الله تعالى منزلةٌ في الدين عظيمة، وله عند الله مكانةٌ خاصة.. وله علاماتٌ ودلائلَ كثيرة، من أبرز علامات الافتقار إلى الله: التذللُ التّامُّ لله جلّ في علاه مع غاية الحب: ففي الحديث الصحيح، قال ﷺ: لا يؤْمِنُ أحَدُكم حتى يَكونَ اللهُ ورسولُه أَحَبَّ إليه ممَّا سِواهما"..  

ومن علامات الافتقار إلى الله: قوة التعلق بالله تعالى وبمحبوباته: في الصحيحين أن أحدَ السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله".. "رجلٌ قلبهُ معلَّقٌ في المساجد"..   

ومن علامات الافتقار إلى الله: مداومةُ الذكرِ والاستغفار: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]..

ومن علامات الافتقار إلى الله: الخوف والوجل من عدم قبولِ العمل: في الحديث الصحيح، أنّ عائشةً رضي الله عنها سألت رسول الله ﷺ عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60]، أَهُمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ ويسرِقونَ قالَ لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ، ولَكِنَّهمُ الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ ويتصدَّقونَ، وَهُم يخافونَ ألا تُقبَلَ منهُم أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ".. 

 ومن علامات الافتقار إلى الله: خشية الله في السرَّ والعلن، قال عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2].. وقال تعالى: وقال: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون} [الحج:35]..

ومن علامات الافتقار إلى الله: تعظيمُ أوامرِ اللهِ ونواهيه.. قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:30]، وقال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج:32].. وقال جلّ وعلا: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء:65]..

ومن علامات الافتقار إلى الله: كثرة التوبة والاهتمام بها، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]، وفي الحديث الصحيح: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ"..

فيا أيها المسلمون: فرغوا قلوبكم لربكم، وعلقوا قلوبكم بخالقكم، ونادوا مولاكم يستجب لكم: فإن أصابك ضرٌّ فقل يا الله، وإن نابك همٌّ فقل يا الله، وإن تعسَّر عليك أمرٌ فقل يا الله، وإن تراكمت عليك ديونٌ فقل يا الله، وإن زادت ذنوبك فقل يا الله، وإن كثرت أمراضك فقل يا الله، وإن أصابك همّ أو غمّ أو كربٌ فقل يا الله: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: ]، {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ} [يوسف:86]، ومن لك يا عبد الله غيرُ الله، {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الاسراء:67]..

فيا ابن آدم عش ما شئت فإن ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد ...

المشاهدات 665 | التعليقات 0