الاسراف في شهر رمضان
محمد البدر
1437/09/11 - 2016/06/16 12:09PM
[align=justify]الخطبة الأولى :
قال تعالى : ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ . ( الأعراف: 31 ) .
قال تعالى : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾ (الزمر: 53) .
وقال أيضًا : ﴿ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأنعام:141 ) .
عباد الله :شهر رمضان هو شهر الصيام والقيام والقرآن وهو فرصة للتقليل من الطعام وكبح جماح الشهوات وإيقاظ الشعور بالفقراء وما عليه حالهم من الحرمان وقلة الزاد والمال ، ولكن واقع الحال في شهر رمضان هو أنه شهر للتباهي والتفاخر بكل ما لذ وطاب من أصناف الطعام المختلفة وكثرتها ، فنستهلك خلاله أضعاف ما نستهلكه في الشهور الأخرى ، حتى فشا فينا السّمن والخمول والكسل ، وانتشرت لدينا أمراض القلب والسكر والضغط ، فنحن نطبخ أكثر مما نأكل بكثير، ونطبخ في البيوت ونأكل في المطاعم ، ونحن أولى بالاعتدال في الطعام والشراب يقول الله جل وعلى: ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.
فنحن مع الأسف لا نملأ بطوننا فقط، بل نملأ المزابل حتى بعض الشوارع لم تسلم من هذه النعم الملقاة على الأرض وامام منازلنا من حولنا ، قد اعتدنا على طبخ أضعاف حاجتنا، حتى صار هذا لمعظمنا جبلَّة وطبيعة، وقد اعتاده الكبير ونشأ عليه الصغير ،وظاهرة الاسراف في الأطعمة والمشروبات في شهر رمضان المبارك لا تقتصر - مع الأسف - على الموسرين بل تشمل جميع الأسر غنيها وفقيرها وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر وامتدت هذه الظاهرة أيضاً إلى الافطار في بعض المساجد ، فترى تكدس الطعام والشراب تملأ السفر مما جعل بعض الناس يلتهم الطعام بنهم وشراهة .
عباد الله :إننا مسؤولون أمام الله عن هذه النعم التي أنعم الله بها علينا، مسؤولون عن شكرها وحسن التصرف فيها، وقد أمرنا - سبحانه وتعالى - بالسعي في الكسب الحلال، وفي المقابل أمرنا ان نصرفها وننفق هذا الكسب في حلال، ودونما اسراف أو تبذير، وكما نهى الله - سبحانه وتعالى - عن الشح والبخل والتقتير وحرمه، نهى أيضاً وحذر من البذخ والاسراف والتبذير قال تعالى : ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ .
فالاعتدال في أمر الطعام والشراب هو المقصد الذي ذهبت إليه هذه الآية فهي دعوة للإنسان إلى الطعام والشرب ولكن باعتدال وعدم إسراف ،وقد يكون الإسراف في الأكل أن يأكل فوق الشبع حتى يؤديه إلى الضرر، فذلك محرم أيضاً .
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ» رواه النسائي وحسنه الألباني .
وَعَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ » رواه الترمذي وصححه الألباني .
قال ابن رجب: "وهذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها...
وأما منافع تقليل الطعام بالنسبة إلى القلب وصلاحه فإن قلة الغذاء توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الغذاء توجب ضد ذلك .
وقد سئل ابن عثيمين – يرحمه الله - عن الإفراط في إعداد الأطعمة للإفطار هل يقلّل من ثواب الصوم؟ فأجاب: "لا يقلل من ثواب الصيام، والفعل المحرم بعد انتهاء الصوم لا يقلل من ثوابه، ولكن ذلك يدخل في قوله تعالى : ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾فالإسراف نفسه محظور، والاقتصاد نصف المعيشة، وإذا كان لديهم فضل فليتصدقوا به فإنه أفضل .فقه العبادات (ص252) .
عباد الله : ومن صور الاسراف الغير مقبولة الاسراف في استخدام الماء واستعماله ، لاسيما الماء الصالح للشرب فيهدره في ريّ المزروعات وغسل السيارات وتنظيف الأفنية و المبالغة في استعماله في المطابخ ودورات المياه وغيرها فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ ؟ فَقَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ. صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (3292) .
كذلك الإسراف في الكهرباء فذاك أمرٌ قلَّ من ينجو منه، فكمْ هُمُ الذين يضعون في بيوتِهم أو متاجرِهم أو مجالسِهم من الإضاءةِ أو التكييفِ ما يزيد على حاجةِ المكانِ .
كذلك من صور الاسراف المذمومة: الاسراف في تضييع الأوقات في مشاهدة القنوات الفضائية وأجهزة التواصل الاجتماعي ومتابعة الأنشطة الرياضية .أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية :
عباد الله : من صور الاسراف الظاهرة في رمضان التسوق بلا حاجة فقط للتسكع والترويح كما يقول البعض وخاصةً النساء ويكاد يكون التسوق بصفة يومية ،
وكذلك من صور الاسراف في شهر رمضان الاسراف في السهر الطويل أو النوم الكثير ، كذلك من صور الاسراف في شهر رمضان الاسراف في القيل والقال وغيرها ، وهكذا .. تتعدد صور الإسراف وأشكاله وأنماطه التي علينا جميعاً الحذر منها والحرص على اجتنابها وعدم الوقوع فيها لما يترتب عليها من نتائج مؤسفةٍ ومضار عظيمة وتضييع للأوقات .
الا وصلوا .
[/align]
http://d.top4top.net/p_1672srs2.gif
قال تعالى : ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ . ( الأعراف: 31 ) .
قال تعالى : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾ (الزمر: 53) .
وقال أيضًا : ﴿ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأنعام:141 ) .
عباد الله :شهر رمضان هو شهر الصيام والقيام والقرآن وهو فرصة للتقليل من الطعام وكبح جماح الشهوات وإيقاظ الشعور بالفقراء وما عليه حالهم من الحرمان وقلة الزاد والمال ، ولكن واقع الحال في شهر رمضان هو أنه شهر للتباهي والتفاخر بكل ما لذ وطاب من أصناف الطعام المختلفة وكثرتها ، فنستهلك خلاله أضعاف ما نستهلكه في الشهور الأخرى ، حتى فشا فينا السّمن والخمول والكسل ، وانتشرت لدينا أمراض القلب والسكر والضغط ، فنحن نطبخ أكثر مما نأكل بكثير، ونطبخ في البيوت ونأكل في المطاعم ، ونحن أولى بالاعتدال في الطعام والشراب يقول الله جل وعلى: ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.
فنحن مع الأسف لا نملأ بطوننا فقط، بل نملأ المزابل حتى بعض الشوارع لم تسلم من هذه النعم الملقاة على الأرض وامام منازلنا من حولنا ، قد اعتدنا على طبخ أضعاف حاجتنا، حتى صار هذا لمعظمنا جبلَّة وطبيعة، وقد اعتاده الكبير ونشأ عليه الصغير ،وظاهرة الاسراف في الأطعمة والمشروبات في شهر رمضان المبارك لا تقتصر - مع الأسف - على الموسرين بل تشمل جميع الأسر غنيها وفقيرها وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر وامتدت هذه الظاهرة أيضاً إلى الافطار في بعض المساجد ، فترى تكدس الطعام والشراب تملأ السفر مما جعل بعض الناس يلتهم الطعام بنهم وشراهة .
عباد الله :إننا مسؤولون أمام الله عن هذه النعم التي أنعم الله بها علينا، مسؤولون عن شكرها وحسن التصرف فيها، وقد أمرنا - سبحانه وتعالى - بالسعي في الكسب الحلال، وفي المقابل أمرنا ان نصرفها وننفق هذا الكسب في حلال، ودونما اسراف أو تبذير، وكما نهى الله - سبحانه وتعالى - عن الشح والبخل والتقتير وحرمه، نهى أيضاً وحذر من البذخ والاسراف والتبذير قال تعالى : ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ .
فالاعتدال في أمر الطعام والشراب هو المقصد الذي ذهبت إليه هذه الآية فهي دعوة للإنسان إلى الطعام والشرب ولكن باعتدال وعدم إسراف ،وقد يكون الإسراف في الأكل أن يأكل فوق الشبع حتى يؤديه إلى الضرر، فذلك محرم أيضاً .
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ» رواه النسائي وحسنه الألباني .
وَعَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ » رواه الترمذي وصححه الألباني .
قال ابن رجب: "وهذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها...
وأما منافع تقليل الطعام بالنسبة إلى القلب وصلاحه فإن قلة الغذاء توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الغذاء توجب ضد ذلك .
وقد سئل ابن عثيمين – يرحمه الله - عن الإفراط في إعداد الأطعمة للإفطار هل يقلّل من ثواب الصوم؟ فأجاب: "لا يقلل من ثواب الصيام، والفعل المحرم بعد انتهاء الصوم لا يقلل من ثوابه، ولكن ذلك يدخل في قوله تعالى : ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾فالإسراف نفسه محظور، والاقتصاد نصف المعيشة، وإذا كان لديهم فضل فليتصدقوا به فإنه أفضل .فقه العبادات (ص252) .
عباد الله : ومن صور الاسراف الغير مقبولة الاسراف في استخدام الماء واستعماله ، لاسيما الماء الصالح للشرب فيهدره في ريّ المزروعات وغسل السيارات وتنظيف الأفنية و المبالغة في استعماله في المطابخ ودورات المياه وغيرها فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ ؟ فَقَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ. صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (3292) .
كذلك الإسراف في الكهرباء فذاك أمرٌ قلَّ من ينجو منه، فكمْ هُمُ الذين يضعون في بيوتِهم أو متاجرِهم أو مجالسِهم من الإضاءةِ أو التكييفِ ما يزيد على حاجةِ المكانِ .
كذلك من صور الاسراف المذمومة: الاسراف في تضييع الأوقات في مشاهدة القنوات الفضائية وأجهزة التواصل الاجتماعي ومتابعة الأنشطة الرياضية .أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية :
عباد الله : من صور الاسراف الظاهرة في رمضان التسوق بلا حاجة فقط للتسكع والترويح كما يقول البعض وخاصةً النساء ويكاد يكون التسوق بصفة يومية ،
وكذلك من صور الاسراف في شهر رمضان الاسراف في السهر الطويل أو النوم الكثير ، كذلك من صور الاسراف في شهر رمضان الاسراف في القيل والقال وغيرها ، وهكذا .. تتعدد صور الإسراف وأشكاله وأنماطه التي علينا جميعاً الحذر منها والحرص على اجتنابها وعدم الوقوع فيها لما يترتب عليها من نتائج مؤسفةٍ ومضار عظيمة وتضييع للأوقات .
الا وصلوا .
[/align]
http://d.top4top.net/p_1672srs2.gif