الاستغفار ... يمنع العذاب وبرفع البلاء
إبراهيم بن سلطان العريفان
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوة الإيمان والعقيدة ... الاستغفار له مكانته العظيمة ومنزلته العلية في دين الله، فهو أساسٌ لاستجلابِ الخيرات وحلولِ البركات، ونزولِ النعم وزوال العقوبات والنقم. إنه منهج كامل وشامل لصلاحِ الدين والدنيا، فما أحوجنا إلى الاستغفار في زمن كثُرت فيه الفتن والمحن والشدائد، وما أحوجنا إلى الاستغفار في وقت كثرت فيه ذنوبنا ومعاصينا، وما أحوجنا إلى الاستغفار في حال كثُرت البلايا والأوبئة، وإذا كانت الشعوب تتضررُ اليوم بسببِ جائحة الوباء، ولا يستطيع أحدٌ أن يرفع البلاء مهما أوتي من قوة، فإن الاستغفار وسيلةٌ، لرفع البلاء والوباء.
الاستغفار يمنع العذاب العامَّ للأمة، فإذا كان أفرادها يكثرون من الاستغفار، فلن تُستأصل هذه الأمة، ولن تهلِكَ ولن يذهبَ ريحُها، قال سبحانه (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
إن من عظيم رحمة الله سبحانه وتعالى بنا أنه يغفر لنا ذنوبنا إذا استغفرناه، قال سبحانه (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وقال صلى الله عليه وسلم، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ (يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ) وقال عليه الصلاة والسلام (قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً).
الاستغفار معناه طلب المغفرة من الله بمحو الذنوب وستر العيوب، ولا بد أن يصحبه إقلاع وابتعاد عن الذنوب والمعاصي. وقد قال الله تعالى آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَاللهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً).
ولما سأل أبو بكر الصديق رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم دعاء يدعو به ربه سبحانه وتعالى أوصاه بالاستغفار (قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ).
فيا أيها المستغفرون ... لا تيأسوا من الاستغفار، ولا تملُّوا من التوبة، فالاستغفار والتوبة حسناتٌ تمُحَى بها السيئات، وتزال بها الخطايا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ، صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ هُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
وأدعية الاستغفار؛ أدعيةٌ قليلةُ الكلمات، عظيمةُ الأجر، كثيرةُ الثواب، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ).
الاستغفار يمحو الذنوب، ويوجب المغفرة، ويوجب الجنات العاليات، والأنهار الجاريات، لذلك كان أكثَرُ المؤمنين يوم القيامة سروراً أكثرَهم في الدنيا استغفارا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا).
فما أشدّ فرحة من استلم كتابه وصحيفته بيمينه، ففتحها فوجدها مليئة بالاستغفار، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَسُرَّهُ صَحِيفَتُهُ، فَلْيُكْثِرْ فِيهَا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ).
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنوبنا، ويستر عيوبنا، وييسر أمورنا
أقول ما تسمعون ....
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
معاشر المؤمنين ... من فوائد الاستغفار أنه يزيل ما عَلقَ بالقلب من سواد الذنوب والمعاصي، قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم (إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ) فمن لازم الاستغفار طهُر قلبه من الذنوب والمعاصي، وفتحت أمامه أبواب الأرزاق والخيرات.
اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبّنا وَنحن عبادُكَ، ظَلَمْنا أنَفسنا، وَاعْتَرَفنا بِذنوبنا يَا رَبّنا، فَاغْفِرْ لنا ذنوبنا، إِنَّكَ أَنْتَ رَبنا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذَّنْبَ إِلَّا أَنْتَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا خَطِيئَاتِنا وَجَهْلَنا، وَإِسْرَافَنا فِي أَمْرِنا، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّا.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا جِدَّنا وَهَزْلَنا، وَخَطَأَنا وَعَمْدنا، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدنا.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا مَا قَدَّمْنا وَمَا أَخَّرْنا، وَمَا أَسْرَرْنا وَمَا أَعْلَنا، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وأقم الصلاة ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾