الاستسقاء ( مختصرة مشكولة) 1442
راشد بن عبد الرحمن البداح
الحمدُ للهِ ربِّنا، تعاظَمَ ملكوتُهُ فاقتدرَ، وتعالَى جبروتُه فقهرَ. أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا هوَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أن نبيَنا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أعرفُ الخلقِ بربهِ وأخشاهُمْ له، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ، ومنِ اهتدَى بهُداهُ، إلى يومِ لقاهُ. أما بعدُ: فإن مَن: {يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
وإنَّ هذا الاجتماعَ المباركَ لصلاةِ الاستسقاءِ سببٌ لتيسيرِ اللهِ لنا، ورحمتهِ بنا، فاللهم ارحمْنا جميعًا بهذا الجَمْعِ الذي يَسألُكَ ويخَافُكَ ويَرجُوكَ.
وإنَّ أمرًا إنْ نحنُ التزمناهُ فإنّ اللهَ قد وَعدَ لأجلهِ أن يكشِفَ ما بِنا من فاقةٍ ونقصٍ في الأموالِ والأنفسِ والثمراتِ. إنه السلاحُ الذي قالَ عنهُ رَبُّناD: فَبِعِزَّتِي وَجَلاَلِيْ، لاَ أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِيْ([1]).
وتأملْ في الإمامِ المُلهَمِ عمرَ بنِ الخطابِ I حينَ طلبَ الغيثَ بأعظمِ الأسبابِ، فقد استسقَى يومًا، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الاِسْتِغْفَارِ، فقالُوا لَهُ : مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ فَقَالَ : لَقَدْ طَلَبْتُ الغَيْثَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ. ثم قرأَ قولَ اللهِ تعالَى: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}[هود52]([2]).
فهل فكرتَ يومًا عندما يُصيبُكَ همٌ أو غمٌ، أو عندما تقعُ في مشكلةٍ ومعضلةٍ، هل فكرتَ في أن المخرجَ هو مَدُّ الحبالِ إلى اللهِ -عزَ وجلَ– استغفارًا وابتهالاً وانطراحًا وتوسلاً واستعانةً: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال33]
إن الذنوبَ من طبيعةِ البشرِ التي لا يَنفَكُّونَ عنها، وإنما السؤالُ: هلْ نستغفرُ من ذنوبِنا أم لا؟ كيفَ ورسولُ اللهِ Hقالَ:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ.رواهُ مسلمٌ([3]).
فأنتَ كلما استغفرتَ اللهَDفكأنما تسدِّدُ سهمًا على عدوِكَ إبليسَ:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف201]
وما أَلْهَمَ اللهُ عبدًا الاستغفارَ وهوَ يُريدُ أن يُعذِبَهُ:
لَوْ لَمْ تُرِدْ نَيْلَ مَا أَرْجُو وَأَطْلُبُهُ ** مِنْ جُوْدِ كَفَّيَكَ مَا عَلَّمْتَنِي الطَّلَبَا
أيُّها الإخوةُ: الآنَ سَندعُو فارفعُوا أيديَكُمْ.
هذا وإنَّ الدعاءَ مَوقوفٌ بينَ السماءِ والأرضِ حتى يُصلَّى على النبيِّ Hكما صحَّ الحديثُ. فاللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ.
- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً، وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ([4]).
- اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَاننا، وَتَسْمَعُ كَلَامنا، وَتَعْلَمُ سِرّنا وَعَلَانِيَتنا، لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِنا، نحنُ البُؤساءُ الفُقراءُ، الْمُسْتَغِيثُون الْمُسْتَجِيرُون، الْوَجِلُون الْمُشْفِقُون، الْمُقِرُّون الْمُعْتَرِفُون بِذَنَبِهِ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنا بِدُعَائِكَ أشَقِياء، وَكُنْ بِنا رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ، وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ([5]).
- إِنْ لَمْ تَكُنْ غَضْبَانَ عَلَينا فَلا نُبَالِي غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لَنَا([6]).
- اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا([7])
- اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ([8]).
- اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا [مَرِيئًا] هَنِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا غَدَقًا مُجَلَّلًا [عَاجِلًا] غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَامًّا سَحًّا دَائِمًا([9]).
- اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالْفَتْكِ مَا لَا يَشْكُو إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنَبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفْهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا([10]).
- اللَّهُمَّ لَا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ، وَارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ([11]).
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ وَنَسْتَسْقِيكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا سُقْيَا نَافِعَةً وَادِعَةً تَزِيدُ بِهَا فِي شُكْرِنَا، وَارْزُقْنَا رِزْقَ إِيمَانٍ وَبَلَاغَ إِيمَانٍ، إِنَّ عَطَاءَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا.
- اللَّهُمَّ أَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا رَبِيعَهَا، وَأَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا سَكَنَهَا، وَارْزُقْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، تُرْخِصُ بِهِ أَسْعَارَنَا وَتُدِرُّ بِهِ أَرْزَاقَنَا، وَتُنْعِمُ بِهِ عَلَى بَدْوِنَا وَحَضَرِنَا وَاجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ([12]).
- اللهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ، اللهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا([13]).
- اللهم لك الحمدُ على ما أنزلتَ من غيثٍ على بعضِ البلادِ، ونسألُك بفضلِك المزيدَ وعمومَ الغيث.
- اللهم ادفعْ عنا الغلاءَ والبلاءَ والوباءَ، والمحنَ والفتنَ، ما ظهرَ منها وما بطنَ عن بلدِنا وعن سائرِ بلادِ المسلمين.
- اللهم آمِنّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، وأيِّدْ بالحقِ إمامَنا ووليَ عهدِه، وارزقهُم البطانةَ الصالحةَ التي تدلهم على الخيرِ وتعينُهم عليه.
عباد الله: اقلِبُوا أردِيتَكم الآنَ؛ تأسيًا بنبيِكم محمدٍH ، والشماغُ يُقلبُ كما أفتى ابنُ باز. واجتهدِوا في الدعاءِ، بأن يَتجهَ كلُ واحدٍ للقبلةِ الآنَ، ويدعُو واقفًا، وادعُوا اللهَ وأنتم موقنونَ بالإجابةِ. والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ.
([1])مسند أحمد (11244) وصححه الحاكم والذهبي ( 4 / 261 ) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 207): رجاله رجال الصحيح. وحسنه ابن حجر في الأمالي المطلقة (ص: 137) والألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 103) والأرناؤوط
([4])سنن أبي داود (1173) وصحيح ابن حبان (991) والسنن الكبرى للبيهقي (6637)
([5])المعجم الصغير للطبراني (2/ 15) برقم 696
([6]) من دعاء الطائف المشهور. وقد رواه الطبراني في الدعاء (ص: 315) وابن عساكر في تاريخ دمشق (49/ 152) وحسنه ابن كثير في تفسيره (4/ 198) وصححه الحافظ العلائي في مجموع رسائله (ص: 346). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 35): فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ ثِقَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
([7])صحيح البخاري (1014) و صحيح مسلم (897)
([9])مسند أحمد(18062) والكلمتان بين المعقوفتين من مسند عبد بن حميد(372)والذي بالأزرق من دعاء عمر، كما في معرفة السنن والآثار للبيهقي(5/ 177).
([10])من دعاء عمر، كما في معرفة السنن والآثار للبيهقي (5/ 177) برقم 7210
([11]) من دعاء عمر عام الرمادة. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 319)
([12])من دعاء الحسن البصري، كما في كتاب الدعاء للطبراني (ص: 298) برقم 960
المرفقات
الاستسقاء-1442
الاستسقاء-1442
الاستسقاء-1442-2
الاستسقاء-1442-2