الاستبشارْ - بنزولِ الأمطارْ
خالد علي أبا الخيل
الاستبشارْ - بنزولِ الأمطارْ
التاريخ: الجمعة:14 –جمادي الثاني-1439 هـ
الحمد لله، الحمد لله الذي أقنى وأعطى، وله الشكر على ما أنزل من الغيث وسقى، والحمد لله اللطيف بعباده، الرحيم بخلقه، الواسع فضله، الكريم عطاؤه، العظيم جوده الكثير موجودة، السابغ إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل من شكر وركع وسجد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه من أهل البر والثناء الأمجد.
أما بعد...
عباد الله: اتقوا الله فتقواه فوزٌ وسعادة، ونماءٌ وزيادة، وعطاءٌ ليس لها نهاية.
عباد الله: إن الله سبحانه لا يُقنِّط عباده، ورحمته واسعة ولطفه كبير، وجوده كثير يُريك عزته، ثم يُبدي لطفه، والعبد في الغفلات عن ذا الشأن، أمر عباده بالدعاء ووعدهم بالإجابة شريطة الإيمان والإجابة (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186).
فلما استسقى المسلمون في جُمعهم واستسقائهم أجابهم وأعطاهم ما أمَّلوه وهو الذي يُنزِّل الغيث من بعد ما قنطوا، وينشر رحمته وهو الولي الحميد (فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الروم:48-50).
فله الشكر على إنزال الغيث المدرار، والأمطار الغزار، فانفتحت السنابل وضحكت الأرض، وسالت الأودية، فابتهجت الأرض واخضرت الأشجار وازدهرت الثمار.
أيها المسلمون:
إن النعم إذا شُكِرت نمت وزادت، وإذا كُفِرت فرت وزالت، والله يأمرنا بشكره (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة:172) والشكر هو الاعتراف بالإحسان، وهو قولٌ باللسان وعملٌ بالأركان، واعتقادٌ بالجنان.
فَأفادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ منِّي ثلاثةً |
|
يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبَا |
فالإظهار لشكر النعمة يعني: الاعتراف بهذه المنة، وأعظم نعمة توحيد الله، وإخلاص العبادة له، فالمسلم يُعلن ذلك مدويًّا بعد كل صلاةٍ له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، ويفتتح صباحه ويختم مساءه أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي.
إن الماء -أيها الإخوة الأوفياء- مادة الحياة والإحياء، سببٌ للبقاء، ووسيلةٌ للنقاء، وعنصر النماء، الماء لا يستغني عنه أحدٌ طرفة عين الناس منه يشربون، وبه يزرعون ويحرثون ويتطهرون، وربنا يمتن به على عباده (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:22) (وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ) (الأنعام:99).
فهذه القطرات النازلة، والنقاط المتتالية، والأمطار المتدفقة منها تمتلئ الأنهار، وتسيل الأودية والبحار (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) (الرعد:17).
بالمياه تخضر الأشجار وتتفتق الثمار، قال الواحد الأحد القهار: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً) (الحج:63).
هذا الماء نماءٌ للأكل والطعام، وبدونه لا أكلٌ ولا منام، قال الملك العلام: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ) (السجدة:27).
والغيث -عباد الله- لا يعلم متى نزوله إلا الله (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) (لقمان:34).
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) (الملك:30).
فالله مُنزله والمنفرد بعلمه ونزوله، وينزله بقدرٍ على من يشاء (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) (الفرقان:50).
هذا الماء به حياة الأرض وإحياء النبات، قال سبحانه: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) (النحل:65).
وكما أنه حياة الأرض فهو حياة الأحياء، قال المولى عزَّ وجلَّ وعلا: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (الأنبياء:30).
وفي الماء -أيها الأصحاب- سُقيا وشراب، ورعيٌ للدواب، قال الملك الوهاب: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) (النحل: 10).
وقال سبحانه: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ) (الحجر:22).
وفي الماء -أيها الأخيار- إخراج ألوان الثمار، والفواكه والأشجار، قال الهادي لكل محتار: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا) (فاطر:27).
(وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ) (ق:9-10).
(وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا) (النبأ:14-16).
ومن منافع المياه: أن الله يقرر توحيده، وأنه المستحق للعبادة بهذا الماء الذي يعجز المخلوق إنزال قطرةٍ واحدةٍ منه (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة: 68-70).
ومن فوائده: أن الأرض تراها مصفرةٌ ذابلة، فبنزوله تتفتقن وتخضر وتتشقق (وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (الحج:5).
إن نعمة نزول المطر لا يعرف قدرها إلا من حُرمها، فنزوله فيه خيراتٌ وبركات، وسعة أرزاقٍ للأحياء والأرض الموات.
تأملوا -عباد الله- في أحوالٍ شتى، وبقاعٍ تترى عندما يتأخر نزول المطر، وتصفر الأرض، وتيبس الثمار، ويتحول الخصب إلى جدب، والربيع إلى الخريف، والزرع هشيمًا، وتموت منه الدواب والبلاد.
تعالوا قليلًا واسألوا أهل الفلاحة والزراعة والحراثة كيف حالهم إذا أجدبت الأرض وغارت المياه؟
تعالوا واسألوا أهل الأنعام والمواشي أي حالةٍ من الضر يعيشون؟
بل اسألوا أنفسكم إذا وقف الطعام بالحلقوم وبلغت النفس في الحلقوم وأشرفت على الأجل المحتوم، فيجرع جرعةً من ماء تنفتح بإذن الله بها المجاري ويسلك الطعام الجاري، فالحمد لله الخالق الباري.
بل انظرونا في الأشهر الماضية كيف كان حالنا وتعطشنا، وانتظارنا إلى فرج ربنا فرزقنا وأنزل علينا، فعلينا أن نحمد الله على شكر نعمة الماء، وإنزال الغيث وصرف هذه النعمة بقدر الحاجة لا إسراف فيها ولا تبذير.
وفي نزول الأمطار بعد تأخره جاء الفرح والسرور، والغبطة والحضور، وحُق للناس أن يفرحوا، ولخيرات ربهم أن يتحروا، فالمطر رحمة وبركةٌ ورزقٌ وسعة.
وانظر بعد ما أجدبت الأرض وانحبس المطر جاء الفرج والعطاء.
هوِّنْ عليكَ فكلُّ الأمرِ ينقطعِ |
|
وخلِّ عنكَ عنانَ الهمِّ يندفعُ |
فكلُّ همٍّ لهُ منْ بعدهِ فرجٌ |
|
وكلُّ أمرٍ إذا ما ضاقَ يتَّسعُ |
إنَّ البلاءَ وإنْ طالَ الزَّمانُ بهِ |
|
فالموتُ يقطعهُ أو سوفَ ينقطعُ |
فجددوا لربكم توبةً وطاعة، وحمدًا وشكرًا وعبادة، كما أعطاكم من غيثه ومائه، واسألوه البركة فيما أنزل، ونفعه وخيره فيما حصل، فإن البركة إذا نُزِعت فلا نفع ولا قيمة.
وفي مسلم (لَيْسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا، وَلَكِنْ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا، وَتُمْطَرُوا وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شَيْئًا).
اللهم مُنَّ علينا بالزيادة والعطاء، وبارك لنا فيما أنزلت من السماء، واجعله صيبًا نافعًا، ورعيًا ماتعًا، اللهم لك الحمد على ما أوليت من نعمة المطر، وما أفرحت به البشر.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات:180-182).
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
فالناس عباد الله بحمد الله وبفضل الله يفرحون، ولنعمه يشكرون، ولخيراته ونعمائه يسترون، فانظرهم بحمد الله عند هطول الأمطار، ونزول القطر المدرار يستبشرون ويدعون، ويسألون ويشكرون وحُق لهم وهذا واجبهم نحو ربهم، وانظر إلى أحاديث المجالس، وأخبار المُجالِس عند الأمطار والسيول، والأودية والشِّعاب تغمرهم السعادة، وتعلوهم البشاشة، وترى الأطفال يتراكضون بوابله، والفرح والاستبشار عند كبارهم ببلله.
وانظر حسابات التواصل ووسائل الاتصالات بأحواله وأخباره، ويتلهفون أماكنه وأحواله، وربنا يقول: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم:7).
ويقول سبحانه: (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) (الروم:50).
والفرح بنزول الأمطار سُنَّة الرسول المختار، فكان عليه الصلاة والسلام إذا كان يوم الريح عُرِف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت وسُر به ذهب عنه ذلك، فقالت له عائشة: إني خشيت أن يكون عذابًا سُلِّط على أمتي، ويقول إذا رأى المطر: (رحمة) رواه مسلم.
فانظر إلى ما نزل ما كنا ننتظره بلهفٍ وشوق، ومشاهدة هطوله وجريانه، فمن الذي لا يفرح برحمة الله وعطائه، وسقي عباده، وهذا يدل على ما غرس الله في النفوس من محبة الأمطار والسيول حيث فيه الأرزاق والبركات (فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الروم:48).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا نزل المطر ويخرج إليه، قال أنس: أصابنا ونحن مع رسول الله مطر، فحصر ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله لِما صنعت هذا؟ قال: (لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ).
كما أنه من باب الفرح والسرور الذهاب بالنفس والأهل إلى النزهة، والنظر إلى أماكن السيل ومجرى الماء، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلى التلاع، وكذا أصحابه.
يقول ابن رجب: وأما الخروج إلى البادية أحيانًا للنزهة ونحوه في أوقات الربيع وما أشبهه، فقد ورد فيه رخصة، ففي سُنن أبي داود عن المقدام ابن شُريحٍ عن أبيه عن عائشة سُئِلت هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدو؟ فقالت: نعم إلى هذه التلاع، ولقد بدا مرة فأوتي بناقة، فقال: (يا عائشة اركبيها).
وفي الخروج ترفيهٌ بريءٌ، وطيب النفس، وراحة البال، وإيناس العيال، وتنشيطٌ للنفس على الطاعة والعبادة.
وفي الخروج تأمل من نعم الله وخيراته وبركاته وعطائه، وفي الخروج التفكر في آيات الله ومخلوقاته، والنظر إلى هذه الأمطار والنباتات، والأشجار والثمرات (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (العنكبوت:20).
(وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (ق:9).
فالتفكر عبادة لاسيما إذا قرنته بشيءٍ محسوس، فذلك أرسخ لِما في النفوس فتُعطي نفسك وذريتك وأهلك درسًا واقعيٍّ عمليًّا، فاستغل المواقف وأتحف المجلس بالأنس والطرائف.
ومن فوائد الخروج إلى التلاع والبر والبروز: النظر إلى الخضروات والثمرات، فيجد المرء راحة نفسه وانشراح صدره وذهاب همه وغمه، وقد روى أبو نُعيم أن سعيد بن المسيب اشتكى عينه، فقيل له: لو خرجت إلى العقيق، فنظرت إلى الخضرة، ووجدت ريح البرية لنفع ذلك بصرك، فقال سعيدٌ: وكيف أصنع بشهود العشاء والعتمة رحمك الله يا سعيد همُّك الشاغل خوفك فوات الجماعة وشهودها مع الجماعة، فماذا عسى أن تقول لأناسٍ إذا خرجوا إلى البراري والمنتزهات ضيعوا الصلوات، وربما جمعوها بدون عذرٍ شرعي، وتساهلوا بالطاعات، وارتكبوا السيئات؟ مع العلم إن سعيد بن المسيب مكث أربعين سنة ما أذَّن المؤذِّن إلا وهو في المسجد، فرحمة الله على تلك الأرواح وهمة تلك الأشياخ.
ألا فليكن خروجنا لرؤية الأمطار مقرونًا بالشكر والاعتبار، والتفكر والادكار، والتوبة والاستغفار، والفرح والسرور والاستبشار بعيدًا عما يُسخط الجبار، فالفرح المحمود طاعة الرب المعبود، أما إذا اقترن بالخروج كما هو مُشاهد في التنزه والاستمتاع ترك الصلوات أو تساهلٌ بالأوقات، وسفور البنات، وكشف الحجاب، أو التساهل بالغطاء والنقاب والتصوير، والتساهل باللباس، وتضييع الأوقات، واستخفافٍ بالنعم ورميها في الطرقات، وتعريض الأرواح والممتلكات للإتلاف والنكبات أو أذيةٍ للجالسين والمتنزهين، وإفساد أُنسهم بالتفحيط تارة، وبالدوران تارةً أخرى، وبالمعاكسة ثالثةً تترى، وكذا السرعة الجنونية وكأن الإنسان في حالةٍ طارئةٍ إسعافية.
هذا ومما ينبغي أن يُعلم عند نزول الأمطار يجوز الجمع بين الصلوات إذا كثر الأمطار في الحضر أو البر إذا عسُر الصلاة لوقتها، وعند نزول الغيث يُسن الدعاء المطلق بما يشاء الإنسان، فهو مظنةٌ للإجابة، والدعاء الخاص الوارد اللهم صيِّبًا نافعًا، مُطرنا بفضل الله ورحمته وقول: (رحمة) كما ثبت عن رسول الأمة.
وعند سماع الرعد فقد ثبت عن عبد الله بن الزبير سبحان الذي سبَّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته.
ومن الآداب: أن يحسر المرء عن رأسه وبدنه ليُصيبه المطر.
ومن الآداب: الفرح والسرور قُل: بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا والشكر والثناء.
ومنها من خرج إلى نزهةٍ برية فعليه عند الصلاة أن يتأكد من اتجاه القبلة.
ومن الآداب: احترام المتنزهين لاسيما من معه عوائل وبنين، وعدم الإيذاء والتفحيط، والإزعاج بالغناء والموسيقى، والدخان والتفريط.
ومنها: مراعاة الحشمة والستر والعفاف للمرأة أمام الرجال والشباب.
ومن ذلك أن الأصل فيما يُصيب الإنسان من المياه في الطرقات والشوارع الطهارة.
هذا وصلوا وسلموا كما أمركم ربكم على نبيكم محمد بن عبد الله، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.
عبق اللسان بذكر أحمد وتاق |
|
قلبي وحنت مُقلتي لرؤياه |
ما حيلة المشتاق إلا ذكره |
|
فبذكره يُعطى المُحب مُناه |