الاحتفال برأس السنة هو النسخة الحديثة من الحملات الصليبية

احمد ابوبكر
1435/02/29 - 2014/01/01 02:47AM
وصف (محمد بيراقتوتار) - الرئيس العام لنقابة الديانة التركية - الاحتفالات برأس السنَة بأنه النسخة الحديثة من الحملات الصليبية، وقال: إنها منظومة إمبريالية تُمثِّل أكبر سلاح موجَّه ضد المسلمين حاليًّا.

أدلى (محمد بيراقتوتار) بتصريح كتابي بمُناسبة اقتراب العام الجديد انتقَد فيه الاحتفالات التي تتمُّ بمناسبة رأس السنة، وأشار (بيراقتوتار) إلى تعليقاته التي قالها من قبل، مثل: "سوف يَصير المسلمون مستهلِكين، وسيتنازلون عن نمط حياتهم ومعتقداتهم ويتخلون عنها، في حين تَمتلئ جيوب الإمبرياليِّين الغربيِّين ويَنشُرون نمط حياتهم"، وأوضح (بيراقتوتار) أنه للوهلة الأولى تبدو الاحتفالات برأس السنة كاحتفال عادية بمناسبة دخولنا عامًا جديدًا، لكنها في الحقيقة ذات صلة وثيقة بعيد الميلاد - الكريسماس - الذي يَحتفل به الغرب المسيحي.

ومضى (بيراقتوتار) في حديثه قائلاً: "كانت بداية التقويم الميلادي في الغرب المسيحي، وهو مستمدٌّ من يوم ميلاد سيدنا عيسى - عليه السلام - وأخذت الدول الأخرى تتبناه تدريجيًّا، ومن هذا المنظور يُعتبر مسيحيُّو الغرب الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر أهم عيد ديني بالنسبة لهم؛ حيث يمثل وقفة عيد الميلاد، ففي هذا الأسبوع يذهب المسيحيون إلى الكنائس ويزورون بعضهم البعض ويتبادَلون الهدايا، ويمرُّ عيد الميلاد في مناخ ديني، وبعد انقضائه تأتي بداية العام الجديد التي يَحتفلون بها في صخب وترف وإسراف".

نتيجة الاستيراد الثقافي:
أكد (بيراقتوتار) على أن الاحتفالات التي تُنظَّم تحت اسم "الاحتفال برأس السنَة" في تركيا والمُجتمعات الإسلامية الأخرى ليس لها أي أساس ثقافي، ولا تمتُّ بصلة لعادات تلك المجتمعات، وواصلَ حديثه على النحو الآتي:
"لا يُمكن وصف احتفال دول غير مسيحية برأس العام سوى بأنه إما تقليد أعمى للغرب أو نتيجة للاستيراد الثقافي من الغرب المسيحي، ومن هنا تنبع فكرة الانتقادات التي تتمُّ في بلادنا منذ قديم الأزل حول الاحتفال برأس السنة، وإذا فكَّرنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد سعى جاهدًا لإكساب المسلمين وعيًا جمعيًّا ومنظومة من القيم الثقافية التي تُميزهم عن المجتمعات الدينية الأخرى، وفي هذا السبيل أوصانا بخصوص كثير من الموضوعات بما فيها الشَّعر واللحية والملابس والمظهر، وآداب الطعام والشراب - لوجدْنا أنه لا يُمكن التعامل مع الاحتفالات برأس العام على أنها احتفالات عادية، بل على العكس، هي تخريب ثقافي لمجتمعاتنا يؤدي إلى فقدان الهوية؛ حيث تُنتزَع الأجيال الجديدة من قيَمِها وعاداتها الأصيلة الخاصة بها، فتُعودِّهم أولاً على نمط الحياة الغربي ثم تجدهم يُرحِّبون بأسس قيَمِهم ومعتقداتهم الغربية، وتدريجيًّا تَجرِفهم إلى تبني هذه المعتقدات".

حفلات تَحتوي على الخمور والقمار:
قال (بيراقتوتار): إن الحفلات التي تتمُّ بمناسبة رأس السنة وتحتوي على خمور وقمار لا تمتُّ بصلة إلى العقيدة المسيحية الحقيقية، وإنه لن يسمَح بالاحتفال بذكرى ميلاد نبي أرسله الله - سبحانه وتعالى - من أجل إصلاح البشرية ويُبلِّغهم بدين الله بهذه الطريقة، وعلّق على ذلك قائلاً: "إن الاحتفالات التي تحتوى على خمور وقمار، وتترنَّم بالملذات التي تحط من قدر الإنسان، لا تتواءم وأسسَ دين سماوي".

انحلال المجتمعات الإسلامية هو المقصود:
وقال رئيس نقابة الديانة التركية: "عندما ظهرت الاحتفالات برأس السنَة إلى الوجود كانت بسيطة، ثم بدأت تتأجَّج مع الوقت لأهداف تجارية وترفيهية لإسعاد فئة قليلة، حتى صارت نشْرَ الثقافة والأعراف المسيحية باسم التحضُّر، وصارت هذه الاحتفالات أمرًا شائعًا هدفه هو انحلال المجتمعات الإسلامية، فنجد لدينا - أي: في المجتمع التركي - المثقف التركي في القرن التاسع عشر يُنكِر هُويته ويسعى لتقليد الغرب الذي يَستشعِر بقوته، ولذلك سعى لإدراج رأس السنة وعيد الميلاد في ثقافتنا، ومع الوقت تفاقَمَ الأمر بمساعي من المُنبهِرين بالأجانب والمدارس الأجنبية والتنصيريين حتى تحوَّل الأمر إلى شكل رسمي في القرن العشرين".

زيادة الجرائم والحوادث:
كما قال (بيراقتوتار): "إن رأس السنة وعيد الميلاد ما هو إلا أثر مباشر للاتجاه ثقافيًّا نحو الغرب"، وواصَلَ حديثه على النحو الآتي: "فهو صدى لهيمنة القوي سياسيًّا على الضعيف والتأثير عليه، ومثل هذه الاحتفالات لا وجود لها في الدين المسيحي الأصلي ولا في الثقافة الإسلامية التركية، والاحتفال برأس السنة نوع من عدم الحساسية؛ فبينما تَلهو أقلية سعيدة ويَكسِب الأموال عدد قليل من أفراد الشعب، تعاني بقية أفراد المجتمع من الجوع والبؤس والقحط والفوضى وضيق الحال، ونرى الحوادث والجرائم التي تتمُّ في ليلة رأس السنة تحت تأثير الخمر لا تُعدُّ ولا تُحصى من تعدٍّ على المُمتلكات والأرواح والأعراض، وكذلك حوادث السيارات، والحفلات الصاخبة والثمالة لا تَقضي على المجاعات، ولا تُساهم في نشر السلام لا داخل الوطن ولا خارجه، ولا تُساعِد على التنمية ولا تسدُّ العجر في ميزان المعاملات التجارية، فبينما ينبغي على المجتمعات الإسلامية أن تكتسِب هوية محدَّدة على مستوى الفرد والمُجتمَع، وتُحافِظ على شخصيتها وهويتها، وتُطوِّر من شعورها بالثقة بالنفس تَميل إلى تقليد المعتقدات والمُجتمعات الأخرى وتسعى إلى التشبُّه بها، وبذلك تمحو هويتها وشخصيتها وتُحوِّل نفسها إلى عبدٍ للآخَرين، فالتشبُّه في الظاهر للفرد والمجتمع يقود في النهاية إلى تشابُهٍ في الاعتقاد، والمنهزمون هم من يعيشون سيكولوجية تقليد المُنتصِرين، فالإنسان لا يُقلِّد سوى من يُحبه ويقدِّره ويرى عظمته، والتقليد الظاهري يقود إلى تقليد جوهري.

يجب ألا نتَّبعهم:
أشار (بيراقتوتار) إلى أن الأمم والشعوب تُعرَف بعاداتها وتقاليدها التي تَحياها، وواصل حديثه قائلاً: "الأمم تُحافِظ على مكانتها المشرِّفة في خِضَمِّ التاريخ بعاداتها وتقاليدها القومية؛ لأن العادات والتقاليد القومية هي مرآة الثقافة القومية والاعتقاد الديني، والعادات والتقاليد هي ما يُحدِّد هوية الأمم ويُعرِّف الآخَرين بها، والأمم التي لديها عادات وتقاليد راسخة هي الأمم التي على علاقة وثيقة بالدين وذات ثقافة قومية راقية، فالثقافة القومية والمُعتقَدات الدينية تُعزِّز عادات وتقاليد الأمم وتُكسِبها شكلَها، لذلك لا ينبغي للمسلم أن يُعطي مجالاً في حياته لتشبُّهات لا وجود لها في ثقافته القومية، وتتنافى مع عقيدته الدينية".

فلنُحي قيمَنا:
وأضاف (بيراقتوتار): "إذا تعقَّبنا جيدًا كيفية تغيُّر مجتمعنا تحت تأثير الثقافة والعادات الغربية، وبداية اتحاد مجتمعنا مع هذا المجتمع تدريجيًّا - فهمْنا بشكل أفضل أهمية التعامل بحذر مع العادات والتقاليد التي انتقلت من الثقافات الأجنبية إلى مجتمعنا، والتي بدأت بالتشبه بهذه المجتمعات الأجنبية، لذلك يجب أن نَحمِل على عاتقنا مهمة السعي إلى تحسين قيَمِنا وعاداتنا وتقاليدنا النابعة من ميراثنا الثقافي ومفهومنا الديني، ومِن ثَمَّ العمل على إحيائها وتطويرها".


المصدر: موقع: Zaman
ترجمة: مها مصطفى إسماعيل
مترجم للألوكة من اللغة التركية
المشاهدات 880 | التعليقات 0