الائتلاف وجنيف والمجتمع الدولي / د. عوض السليمان.

احمد ابوبكر
1434/12/21 - 2013/10/26 03:42AM
لن نغير موقفنا من الائتلاف بسهولة، ولن نركن لتصريحات الجربا اليوم حول موقف المعارضة من جنيف قبل أن يتم اجتماع الهيئة العامة للائتلاف، في إستنبول بعد ما يقرب من عشرة أيام، لكننا ومن باب أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، فلا بد أن نثني على الكلمات التي قرأها الجربا اليوم من لندن. والتي قال فيها صراحة أن الائتلاف لن يذهب إلى أي مفاوضات، قبل وجود ضمانات دولية واضحة بالتخلص من الأسد، وتحرير المعتقلين، ورفع الحصار عن المدن السورية، وإيقاف المجازر التي يمارسها بشار الأسد جهاراً نهاراً. ورفض الوساطة أو الحضور الإيراني لتلك المفاوضات.
أعتقد أن هذا الموقف يعبر عن إرادة كثير من السوريين، ويعكس خوف الائتلاف من موقف الشعب الثائر في الداخل، ذلك الشعب الذي بدأ خطوات فعليه لسحب الاعتراف من أطياف المعارضة المقيمة بالخارج.

ولذلك كان لزاماً على المعارضة بقطع النظر عن أسمائها أن تنتبه لموقف الشعب الذي لن يتوقف عن قتال الأسد حتى يسقط. ولا شك أن المعارضين يعلمون اليوم أن الثوار قد قرروا إسقاط الأسد بجنيف أو دونها، بمساعدة "المجتمع الدولي" أو دون مساعدته.
الذي نريده من المعارضة أن تدرك تماماً، أن المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للحفاظ على الأسد أطول فترة ممكنة، ليس فقط لأنه حارس أمن الكيان الصهيوني، ولأنه القاتل المتخصص في قتل المسلمين بالذات إرضاء لهذا المجتمع الدولي، ولكن أيضاً ليتم التخلص من الأسلحة الكيماوية كاملة. ويعرف الأمريكان، كما يعرف الأسد، وكما نعرف نحن، أنه لا يمكن تدمير تلك الأسلحة في الفترة التي اتفق عليها الغرب والشرق وهي منتصف العام 2014 ، ولكنها كانت مناورة لإطالة عمر الأسد ليس إلا. إذ سيحل منتصف العام القادم، ولن تنتهي فرق التفتيش الدولية من تدمير تلك الأسلحة، مما يستدعي التمديد للأسد وبمباركة دولية – أمريكية.

إن أمريكا التي أيدت حافظ الأسد في قتله ثلاثين ألف مسلم في حماة، بل وباركت ذلك، والتي عينت بشار الأسد في منصبه وبحضور أولبرايت. لا تمانع أبداً أن يستمر الأسد في منصبه، إذ يخلصها من بلد اسمه سوريا ومن شعب اسمه الشعب السوري.
على المعارضة أن تنتبه تماماً لنبرة وزير الخارجية الأمريكي، وصديق الأسد القديم، وهو يتكلم في مؤتمره الصحفي، دون أن يشير إلى رحيل الأسد إلا كنتيجة للمفاوضات. بل إن الولايات المتحدة والتي كانت أول من أعلن إسقاط الشرعية عن الأسد، كانت أيضاً أول من أعلن عن دعوة وفد يمثله إلى جنيف، وكانت أول من حاور الأسد حول السلاح الكيماوي. وفي الوقت الذي منعت فيه الولايات المتحدة الرئيس السوداني من الوصول إلى مقر الأمم المتحدة سمحت لوليد المعلم ولبشار الجعفري بذلك، بل وعرقلت وصول أي مساعدة نوعية لثوار سورية.

الظهور الإعلامي الكثيف للأسد والسماح له بمخاطبة الرأي العام الأوروبي لم يكن عبثاً، وما جاء إلا بموافقة المجتمع الدولي، بقصد تحسين صورة الرجل، وتخفيف الضغط المدني في تلك الدول على الحكومات في مسألة إهمال الشعب السوري. وكل ذلك لا يهدف إلا لضمان "خط الرجعة" من احتمال دعم أمريكا والمجتمع الدولي لترشح الأسد في العام القادم. والعاملون في المجال الإعلامي يدركون أنه ما كان للأسد أن يتحدث أمس عن احتمال ترشحه لانتخابات قادمة دون موافقة الدول الكبرى.

طريق إسقاط الأسد هو الثورة بشقيها العسكري والسياسي، وإن كان ذلك شرطاً لا بد منه فإنه لا بد أيضاً من الحذر من المجتمع الدولي، وإن دخول جنيف على أساس المواقف الغربية والشرقية المعلنة سيؤدي إلى ضياع سورية للأبد.

إذا أصر الائتلاف الوطني على موقفه الرافض لجنيف المنقوصة، فعلينا أن نتوقع عقوبة من المجتمع الدولي للشعب السوري، تتمثل في منع المساعدات، والتضييق على الجيش الحر، وختاماً مجازر بشعة يقوم بها الأسد، تماماً كما حدث في الشهر الأول من هذا العام حيث أصرّ المجتمع الدولي على اعتبار الأسد جزءاً من الحل، ولدى رفض المعارضة لتلك التصريحات وبمجرد خروج الإبراهيمي من دمشق حدثت مجازر مروعة كان أهمها مجزرة حلفايا التي ذهب ضحيتها مئتا شهيد دفعة واحدة.

المصدر: ارفلون نت
المشاهدات 904 | التعليقات 0