الإيمان بالغيب أجل المقامات على الإطلاق
حسين بن حمزة حسين
1437/04/28 - 2016/02/07 10:35AM
الحمد لله رب العالمين، وعد أهل الإيمان بالغيب بالخلود في الجنان ، وتوعّد أهل الكفر والتكذيب بالخلود في النيران ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ، وسلّم تسليماً كثيراً. (يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
إخوة الإيمان : سكنُ القلب وسكينتُه ، وطمأنينة العقل وهدايتُه لا يكون إلا بالإيمان والتصديق بالغيب ، ويقيناً لا يعلم الغيب إلا اللهُ وحده ، فلا يعلم الغيب لا مَلَكٌ مقرب ولا نبيٌ مرسل ولا أحد من الآحاد سوى الله جل جلاله ، قالت عائشة رضي الله عنها: ( من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله تعالى يقول: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ ﴾ رواه مسلم ، وما عالم الشهادة الذي نحن فيه إلا جزءًا يسيرًا من الوجود ، والله تعالى وحده يعلم عالَمَ الغيب ، كما يعلم عالَمَ الشهادة ، وهم في حقه تعالى سواء ، قال تعالى ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ) ، والذين لا يؤمنون بالغيب ، المكذّبون مع قيام الأدلَّة ، ما هم إلا جاحدون مستكبرون على الحق ولوْ أُظهِر لهم هذا الغيبُ فشاهدوه أو لمسوه عياناً بياناً فلن يؤمنوا ، لأن من أنكر الغيب مع تظاهُر الأدلَّة على وُجوده ، فذلك دليلٌ على استكباره وبرهانٌ على فساد قلبه ، قال تعالى ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا المَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ﴾ ، وأخبر سبحانه تعالى عنهم بأنهم لو رأوا الغيب مشاهدًا أمامهم لما آمنوا وضلوا على تكذيبهم وكفرهم ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾
عباد الله : أرسل الله الرسل ، وأنزل معهم الكتب ، فأخبروا عن الله ، وبلغوا رسالات الله ، ومن أعظم ما أرسل الله به رسله ، وأثبته تعالى في كتبه ، الإيمان بالغيب ، وهو حجّة الله على العالمين ، ومكان الابتلاء والامتحان للخلق أجمعين ، فآمن من آمن من الناس وصدق ففاز ونجا ، وكفر من كفر وكذّب فخاب وخسر ، قال تعالى ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) .
إخوة الإيمان : الإيمان بالغيب هو التصديق بكل ما أخبر الله به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الأمور الغيبية ؛ فيظهر صدق ذلك على القلب بالتسليم ، وعلى الجوارح بالانقياد والعمل ، فتؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ، وتؤمن بما أخبر الله ورسوله من الحوادث الماضية والحوادث المستقبلة؛ من أخبار الرسل والأمم الماضية ، وما يحصل في آخر الزمان من علامات الساعة ؛ كظهور الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وغير ذلك مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ما حصل منها وما سيحصل ، وتؤمن بما يكون في البرزخ من عذاب القبر ونعيمه، وتؤمن بالبعث والحساب والميزان والجنة والنار ، وتعمل من أجل ذلك وتستعد له ولا تغفل عنه؛ قال تعالى (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) .
إخوة الإيمان : الإيمان بالغيب أصل الإيمان ولبّة ، ولعظيم مكانته كان أولُ وصْفٍ وصف الله به أهل الإيمان ، بل هو أوْلى أوصافهم ، وهو طريق هداهم ، قال تعالى : ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ، بل وعلى الإيمان بالغيب بني دين الإسلام ، فما أركان الإيمان وأركان الإسلام وفضائلها وثمارها إلا جزء من الإيمان بالغيب ، فهو حقيقة أجل الأعمال وأفضلها، يقول ابن القيم رحمه الله: ( والإيمان بالغيب أجل المقامات على الإطلاق) ، ورد أن جماعة من الصحابة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ( أي قوم أعظم منا أجراً، آمنا بالله واتبعناك؟ قال: ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء، بل قوم بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجراً)
إخوة الإيمان : الإيمان بالغيب له ثمار جليلة ، وفضائل كثيرة ، فهو طريق الجنان ، وسبيل النجاة من النيران ، قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) ووعد الله المؤمنين المصدقين بالحياة الطيبة في الحياة الدنيا والآخرة (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) ، وبالإيمان تحل البركات وتنزل الخيرات ، قال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ، وبحسب الإيمان بالغيب تجني القلوب كمال الهدى والأمان ، قال تعالى (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) ، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ) ، وقال تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ) ، وهذا من أعظم النعم ، وأجل المنن على العباد ، الثبات على دين الله والأمان من الزيغ ، والسلامة من الفتن .
إخوة الإيمان : هذا شيء من ثمار الإيمان بالغيب ، وبالحقيقة ما من خير في الدنيا والآخرة إلا فرع عن الإيمان بالغيب ، ومترتب عليه ، والهلاك والنقصان إنما يكون بفقد الإيمان ، أو نقصه ، فراقبوا إيمانكم وسلموا وامتثلوا ، وتزودوا من خير ربكم فإن خيرَ الزاد زادُ ربكم ، تقوى وإيمان ورضا الرحمن ..أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية :
الحمد لله ..
إخوة الإيمان : من آمن وصدّق وأسلم قلبه وعقله لما أخبر الله تعالى من الغيب في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، اطمأن قلبه وسكن ، ومن كفر وكذّب تقلّب في دوائر الحيرة والضلال طول عمره ولا بدّ ، فإذا رأى أهل النار النار وأهل الجنة الجنة ، وأصبح الغيب شهادة ، ورأى الناس ما كانوا يوعدون فحينئذٍ : (لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) ، أما تروا تخبّط الملحدين والعلمانيين والدهريين ومن شابههم بعدم معرفتهم أبسط الأجوبة لسبب وجودهم وإلى أين مصيرهم ، كيف حارت بهم عقولهم وانحرفت عن الحق أفكارهم ، فكل ذلك إنما كان لعدم إيمانهم بالغيب ؛ قال تعالى ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ، والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ، ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم )
فاحمدوا الله على ما أكرمكم فيه من الإيمان بالغيب ، واعلموا أن حقيقة الإيمان بالغيب هو الإيمان الذي يحمل صاحبه بعد التصديق ، على الامتثال لكل ما أمر به الله عز وجل ؛ فتتحقق عبودية العبد لله بالتوحيد والخلوص من الشرك ، والانقياد لأوامره سبحانه وتعالى بالطاعة على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) ..
قال تعالى مخبرا عن نفسه جل وعلا : (الله لآ اله الا هو ، ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن اصدق من الله حديثا ) ، وقال تعالى مبشرا عباده المؤمنين : (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ابدا وعد الله حقا ومن اصدق من الله قيلا)
إخوة الإيمان : سكنُ القلب وسكينتُه ، وطمأنينة العقل وهدايتُه لا يكون إلا بالإيمان والتصديق بالغيب ، ويقيناً لا يعلم الغيب إلا اللهُ وحده ، فلا يعلم الغيب لا مَلَكٌ مقرب ولا نبيٌ مرسل ولا أحد من الآحاد سوى الله جل جلاله ، قالت عائشة رضي الله عنها: ( من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله تعالى يقول: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ ﴾ رواه مسلم ، وما عالم الشهادة الذي نحن فيه إلا جزءًا يسيرًا من الوجود ، والله تعالى وحده يعلم عالَمَ الغيب ، كما يعلم عالَمَ الشهادة ، وهم في حقه تعالى سواء ، قال تعالى ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ) ، والذين لا يؤمنون بالغيب ، المكذّبون مع قيام الأدلَّة ، ما هم إلا جاحدون مستكبرون على الحق ولوْ أُظهِر لهم هذا الغيبُ فشاهدوه أو لمسوه عياناً بياناً فلن يؤمنوا ، لأن من أنكر الغيب مع تظاهُر الأدلَّة على وُجوده ، فذلك دليلٌ على استكباره وبرهانٌ على فساد قلبه ، قال تعالى ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا المَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ﴾ ، وأخبر سبحانه تعالى عنهم بأنهم لو رأوا الغيب مشاهدًا أمامهم لما آمنوا وضلوا على تكذيبهم وكفرهم ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾
عباد الله : أرسل الله الرسل ، وأنزل معهم الكتب ، فأخبروا عن الله ، وبلغوا رسالات الله ، ومن أعظم ما أرسل الله به رسله ، وأثبته تعالى في كتبه ، الإيمان بالغيب ، وهو حجّة الله على العالمين ، ومكان الابتلاء والامتحان للخلق أجمعين ، فآمن من آمن من الناس وصدق ففاز ونجا ، وكفر من كفر وكذّب فخاب وخسر ، قال تعالى ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) .
إخوة الإيمان : الإيمان بالغيب هو التصديق بكل ما أخبر الله به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الأمور الغيبية ؛ فيظهر صدق ذلك على القلب بالتسليم ، وعلى الجوارح بالانقياد والعمل ، فتؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ، وتؤمن بما أخبر الله ورسوله من الحوادث الماضية والحوادث المستقبلة؛ من أخبار الرسل والأمم الماضية ، وما يحصل في آخر الزمان من علامات الساعة ؛ كظهور الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وغير ذلك مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ما حصل منها وما سيحصل ، وتؤمن بما يكون في البرزخ من عذاب القبر ونعيمه، وتؤمن بالبعث والحساب والميزان والجنة والنار ، وتعمل من أجل ذلك وتستعد له ولا تغفل عنه؛ قال تعالى (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) .
إخوة الإيمان : الإيمان بالغيب أصل الإيمان ولبّة ، ولعظيم مكانته كان أولُ وصْفٍ وصف الله به أهل الإيمان ، بل هو أوْلى أوصافهم ، وهو طريق هداهم ، قال تعالى : ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ، بل وعلى الإيمان بالغيب بني دين الإسلام ، فما أركان الإيمان وأركان الإسلام وفضائلها وثمارها إلا جزء من الإيمان بالغيب ، فهو حقيقة أجل الأعمال وأفضلها، يقول ابن القيم رحمه الله: ( والإيمان بالغيب أجل المقامات على الإطلاق) ، ورد أن جماعة من الصحابة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ( أي قوم أعظم منا أجراً، آمنا بالله واتبعناك؟ قال: ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء، بل قوم بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجراً)
إخوة الإيمان : الإيمان بالغيب له ثمار جليلة ، وفضائل كثيرة ، فهو طريق الجنان ، وسبيل النجاة من النيران ، قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) ووعد الله المؤمنين المصدقين بالحياة الطيبة في الحياة الدنيا والآخرة (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) ، وبالإيمان تحل البركات وتنزل الخيرات ، قال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ، وبحسب الإيمان بالغيب تجني القلوب كمال الهدى والأمان ، قال تعالى (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) ، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ) ، وقال تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ) ، وهذا من أعظم النعم ، وأجل المنن على العباد ، الثبات على دين الله والأمان من الزيغ ، والسلامة من الفتن .
إخوة الإيمان : هذا شيء من ثمار الإيمان بالغيب ، وبالحقيقة ما من خير في الدنيا والآخرة إلا فرع عن الإيمان بالغيب ، ومترتب عليه ، والهلاك والنقصان إنما يكون بفقد الإيمان ، أو نقصه ، فراقبوا إيمانكم وسلموا وامتثلوا ، وتزودوا من خير ربكم فإن خيرَ الزاد زادُ ربكم ، تقوى وإيمان ورضا الرحمن ..أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية :
الحمد لله ..
إخوة الإيمان : من آمن وصدّق وأسلم قلبه وعقله لما أخبر الله تعالى من الغيب في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، اطمأن قلبه وسكن ، ومن كفر وكذّب تقلّب في دوائر الحيرة والضلال طول عمره ولا بدّ ، فإذا رأى أهل النار النار وأهل الجنة الجنة ، وأصبح الغيب شهادة ، ورأى الناس ما كانوا يوعدون فحينئذٍ : (لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) ، أما تروا تخبّط الملحدين والعلمانيين والدهريين ومن شابههم بعدم معرفتهم أبسط الأجوبة لسبب وجودهم وإلى أين مصيرهم ، كيف حارت بهم عقولهم وانحرفت عن الحق أفكارهم ، فكل ذلك إنما كان لعدم إيمانهم بالغيب ؛ قال تعالى ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ، والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ، ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم )
فاحمدوا الله على ما أكرمكم فيه من الإيمان بالغيب ، واعلموا أن حقيقة الإيمان بالغيب هو الإيمان الذي يحمل صاحبه بعد التصديق ، على الامتثال لكل ما أمر به الله عز وجل ؛ فتتحقق عبودية العبد لله بالتوحيد والخلوص من الشرك ، والانقياد لأوامره سبحانه وتعالى بالطاعة على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) ..
قال تعالى مخبرا عن نفسه جل وعلا : (الله لآ اله الا هو ، ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن اصدق من الله حديثا ) ، وقال تعالى مبشرا عباده المؤمنين : (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ابدا وعد الله حقا ومن اصدق من الله قيلا)
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
جزيت خيرا شيخ حسين وأحسن الله إليك على خطبتك القيمة، أبدعت وأجدت، مزيدا من الحضور رفع الله قدرك.
تعديل التعليق