الإمامُ المجدد

د عبدالعزيز التويجري
1442/11/14 - 2021/06/24 11:02AM
الخطبة الأولى : الإمامُ المجدد       15/11/1442هـ
الحمدلله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا ، وتبار الذي جعل في السماء بروجا وجعل سراجا وقمرا منيرا ، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد ..
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
   إذا المكارم في آفاقنا ذكرت   **    فإنما يضرب في مثله المثل
علم من أعلام الإسلام ، رَفعت أعلامه ماسطرته أعماله، وذاع صيته بما ناضل به بيانه .. تحمل المشاق نصرة للدين، وطاف البلاد طلبا لعلم سيد المرسلين ، عرف فضله الحاضر والباد ، وسطعت بصحيح دعوته البلاد .
 لا يبتغي ملكا ولا ينشد منصبا .. التوحيد شعاره، والحنيفية دعوته، والكتاب والسنة حجته ..
أعاد للسنة بهائها، وللعقيدة صفائها، وللبلاد وحدتها ..
  أحييت بالعلم شعبا سيق معظمه  **   للقبر في كفني جهل وإهمال
   وجئت بالنور في يمناك ترفعه    **  تجلو الغياهب عن أبصار ضلال
كاشف الشبهات ، ومحيي ما ندرس من معالم التوحيد بالآيات البينات .. مجدد الملة ، وناصح الأمة .. ذاع في الآفاق اسمه ، وحفظت الكتب بما سطره رسمه . إنه من طرقت دعوته كل باب ، إنه محمد بن عبدالوهاب .
  محمدٌ قد أحييت دين محمدٍ   **   وأنجزت من نصر الهدى سابق الوعد
  طلعت على الدنيا بأيمن غرةٍ  **   أضاء بها نور السعادة في المهـــد
  هنيئا لملك فاتحتك سعودُه   **   وعز على الأيام منتظــــــم العقـــد
في سنن أبي داود قال عليه الصلاة والسلام : "إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كلِّ مِئة سنةٍ من يُجَدِّدُ لها دينَها"
شهدت المعمورة بأن هذا الإمام مجدد الدين بعد اندراسه، حتى أصبح هذا اللقب علما لاسمه  ..
نشأ في طاعة الله، فتى لم تكن له صبوه ، حفظ القرآن في العاشرة ، ونهم من علم الكتاب والسنة، حتى صار علمًا في التفسير وبيان الحكمة، وبارعا في علم الفقه والسنة ، وإماما في العقيدة ونحل الأمة .
هذا منهجه واعتقاده، لا يعرف إلا قال الله وقال رسوله .. وبعد أن صار علما وأصبح في الأمة مرجعا ، أخذ على نفسه نشر التوحيد ومحاربة البدع وتصحيح المعتقد، امتثلا لقول ربه {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} مستنًا بأمر رسوله صلى الله عليه وسلم حين بعث عليا رضي الله عنه «أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ» أخرجه مسلم .
دعوتُه واضحة المعالم ، تقرأها في الأصول الثلاثة والقواعد الأربعة،  ومنهج سوي لا يعرف الانحراف، يجليه كتاب التوحيد وكشف الشبهات..
 باختصار .. دعوته ومنهجه يتمحور في آيتين {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
فلا غروا أن يشوَه منهجه ، أو ينتقصَ من شخصه ، وقد قيل عن قدوته (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا )
وما نقموا منه إلا أنه يدعو { إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (*) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}
 لا يُدّعَى العصمة لغير الأنبياء، وإنما يُتبع المنهج إذا وافق دعوة الأنبياء {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.
اللهم {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ونستغفرك اللهم لنا وللمسلمين والمسلمات إنك أنت الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية : الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وقدوة الناس اجمعين وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد
العلماء حراس الديانة الأمناء، والغض من مكانة الحارس معناه استدعاء اللصوص، العلماء عقول الأمة، والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرةٍ بالبقاء، العلماء حملة الشريعة وورثة الأنبياء، والمؤتمنون على الرسالة، حبهم والذب عنهم ديانة، ما خلت ساحة من أهل العلم إلا اتخذ الناس رؤوسا جهالاً يفتونهم بغير علم، فيعم الضلال، ويتبعه الوبال والنكال، وتطل عندها سحب الفتن تمطر المحن.
الطاعنون في علماء الشريعة هم أهل الأهواء والبدع والنفاق؛ قال يحيى بن معين - رحمه الله تعالى -: "إذا رأيتَ الرجلَ يتكلم في حماد بن سلمة، وعكرمة مولى ابن عباس، فاتَّهمه على الإسلام".
إذا أميتت عدالة أهل العلم والدعوة ضاعت الأمة.
يقضى على المرء في أيام محنته  **  حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
اللهم احفظنا بحفظك ، واستر علينا بسترك وأعذنا من شر شياطين الانس والجن، ومن أراد بنا وببلادنا  ...
المرفقات

1624532534_الإمامُ المجدد.pdf

المشاهدات 820 | التعليقات 0