الإكثار من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)
محمد بن إبراهيم النعيم
إنَّ للأذكار الشرعية منزلة عالية في الدين، وهي من أجل القربات وأفضل الطاعات وأسهلها، لا تحتاج إلى طهارة ولا بذل مال، وإنما تحريك لسان واستشعار جنان.
و من هذه الأذكار التي كان النبي يكثر منها في العديد من المناسبات ويأمر أصحابه بها قول: الحوقلة. وهو قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فهذه العبارة تحمل من المعاني العميقة ما يُثبِّت الإيمان ويقوي اليقين، ويزيد صلة العبد بربه عز وجل.
عن أبي هريرة أن النبي قال: (أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) رواه أحمد
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي بِسَبْعٍ: أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ، وَأَمَرَنِي أَنْ لا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا، وَأَمَرَنِي أَنْ لا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ. رواه أحمد
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتواصون فيما بينهم بالإكثار من الحوقلة، فقد روى عامر بن سعد قال: لقيت أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال: ألا آمرك بما أمرني به رسول الله ؟ أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها من كنوز الجنة، حسنه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية (4/43).
مفهوم الحوقلة:
(1) ومعنى لا حول ولا قوة إلاّ بالله أي: لا تحوُّل من حال إلى حال، ولا حصول قوة للعبد على القيام بأيِّ أمر من الأمور، إلاّ بعون الله وتوفيقه وتسديده.
(2) وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أي: "لا حول بنا على العمل بالطاعة إلاّ بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلاّ بالله" رواه ابن أبي حاتم.
(3) أي لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلاّ بالله.
(4) أي التبرؤ من الحول والقوة إلا بالله، فلا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله، وهذا من تمام التوكل الذي يحبه الله عز وجل.
(5) كما أنها إقرار منك بفقرك واحتياجك إلى ربّك في جميع أحوالك، تحقيقا لقوله تعالى: ){يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ(
(6) فهي كلمة استسلام، وتفويض وتبرّؤ من الحول والقوّة إلاّ بالله، وهي بمثابة اعتراف بالعجز وطلب الاستعانة بالله، ألم تروا أننا أمرنا أن نقولها إذا سمعنا المؤذن يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ لماذا؟ لأننا نطلب أن يعينننا الله على أنفسنا وعلى شيطاننا للذهاب إلى الصلاة.
فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: (ألا أعلمك أو ألا أدلك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم) رواه الحاكم.
(7) َقَالَ النَّوَوِيّ: هِيَ كَلِمَة اِسْتِسْلام وَتَفْوِيض، وَأَنَّ الْعَبْد لا يَمْلِك مِنْ أَمْره شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُ حِيلَة فِي دَفْع شَرّ، وَلا قُوَّة فِي جَلْب خَيْر؛ إِلاَّ بِإِرَادَةِ اللَّه تَعَالَى اهـ.
فمتى ما علم العبد أنه لا حول له ولا قوة إلا بالله، فسيعتمد عليه في كل شئون حياته، ويقطع رجاءه وتعلقه بالمخلوقين، وينزل حوائجه بالقوي المتين.
أخطاء الناس في استعمالها وفهمها:
لذلك فإن (لا حول ولا قوة إلا بالله) كلمة استعانة لا كلمة استرجاع، وكثير من الناس يقولها عند المصائب بمنزلة الاسترجاع، ويقولها جزعاً لا صبراً وتوكلا وهذا خطأ، فإنك ترى الواحد إذا سمع أحد أصدقائه يحوقل، اهتمَّ له وسأله: عسى خير، عسى ما شر، ما المصيبة التي وقعت؟ لأنه تعود أن يسمعها من أصحاب المصائب؛ ولهذا السبب لم يكثر الناس من قول الحوقلة في حياتهم العامة لأنهم لم يفهموا معناها ومغزاها وإنما جعلوها في المصائب.
فأغلب الناس إذا أصابته مصيبة أو سمع عن مصيبة لم يسترجع وإنما سارع إلى قول: " لا حول ولا قوة إلا بالله وهذا خطأ، فاستعمال الحوقلة إنما يكون في الأمور العامة ذكراً مجرداً من غير مناسبة، ويكون عند الاستعانة بالله تعالى لأداء طاعة، كمثل الصلاة عندما نسمع "حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح".
ومن أخطاء الناس أيضاًفي هذا الأمر أن البعض يختصر هذه الكلمة العظيمة فيخل بمعناها فيقول: (لا حول لله)، وكأنه يقول: الله ليس له حول ولا قوة، - عياذا بالله- والبعض الآخر يزيد في الاختصار فبقول: (لحَّول)، فينبغي الانتباه لذلك لئلا تأثم أو نخسر ثوابها.
وما ثوابها يا ترى؟ يتعدد الثواب الذي سيحوزه من أكثر الحوقلة، فهي:
(1) أنها كنز من كنوز الجنة
روى حَازِمِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: مَرَرْتُ بِالنَّبِيِّ فَقَالَ لِي: (يَا حَازِمُ أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) رواه ابن ماجه
والكنز: كما قال النووي رحمه الله: أنَّه ثواب مدخرٌ في الجنة، وهو ثوابٌ نفيسٌ كما أنَّ الكنز أنفس أموالكم اهـ.
(2) لك بكل واحدة منها شجرة في الجنة:
عن أبي أيوب الأنصاري t أن رسول الله ليلة أسري به مر على إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال: من معك يا جبرائيل قال: هذا محمد، فقال له إبراهيم عليه الصلاة والسلام: يا محمد مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، قال: (وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله) رواه أحمد وابن حبان وابن أبي الدنيا.
(3) أنها باب من أبواب الجنة قد تدخل منه إذا أكثرت منها:
عن معاذ بن جبل أن النبي قال: (ألا أدلك على باب من أبواب الجنة)؟ قال: وما هو ؟ قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله) رواه الطبراني.
(4) أنها تكفر ذنب قائلها:
هناك بعض الأذكار مضمومة لها عبارة لا حول ولا قوة إلا بالله، فمن قالهن كفرت عنه ذنوبه.
(أ) عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : (ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر) رواه الترمذي.
فتأمل في هذه الجمل الثلاثة وسهولتها، ومع ذلك ترى البعض قد يحفظ بعض العبارات الصعبة لكي يتحدى غيره وليعجزه في تكرارها بينما لا يكلف نفسه في حفظ مثل هذه الأذكار النبوية السهلة التي شرعت لنا للتخفيف من ذنوبنا ولتكثير حسناتنا، فحري بك ترطيب لسانك بها.
(ب) وعن أبي هريرة مرفوعاً (من قال: لا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا إله إلا الله، ولا شريك له، لا إله إلا الله، له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يعقدهن خمسا بأصابعه، ثم قال: من قالهنَّ في يوم أو في ليلة أو في شهر، ثم مات في ذلك اليوم أو في تلك الليلة أو في ذلك الشهر، غفر له ذنبه) رواه النسائي.
فهذا دعاء مفعوله يستمر إلى شهر كامل تضمن به مغفرة ذنبك لو جاء أجلك وقد قلته قيل ذلك.
مواطن يستحب فيها قول الحوقلة:
ولعظم فضل قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) وكثرة ثوابه، حثنا النبي على الإكثار من قوله في عدة مواطن مستقلة أو مضمومة إلى كلمات أخرى، ومعرفة هذه المواطن يعين على الإكثار من الحوقلة ويؤكد على المزيد من فضائلها وأهم هذه المواطن:
(1) أثناء الأذان والإقامة:
في حديث طويل أمرنا فيه النبي أن نقول كما يقول المؤذن إلا عند الحيعلتين فنقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. فتأمل أن المصلي يقولها أربع مرات عند الأذان ومرتين عند الإقامة، بمعنى ثلاثين مرة في اليوم الواحد.
فهي طلب استعانة على طاعة الله، ولذلك كان الإمام مالك لا يفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله (شرح السنة للبغوي 1/301).
قال سفيان الثوري: دخلت على جعفر بن محمد وهو في مسجده فقال: ما جاء بك يا سفيان؟ قال: قلت: طلب العلم، قال: فقال يا سفيان: "إذا ظَهَرَتْ عليك نعمة فاتق الله، وإذا أبطأ عنك الرزق فاستغفر الله، وإذا دهمك أمر من الأمور فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال يا سفيان: ثلاثاً وأيما ثلاث" رواه البيهقي في شعب الإيمان.
(2) دبر كل صلاة
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلا نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ. رواه مسلم.
وفي رواية عنه قال: يرفع بذلك صوته.
(3) عند الخروج من المنزل
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أن النبي قال : (إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ قَالَ يُقَالُ حِينَئِذٍ هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ) رواه أبو داود.
فقول الحوقلة عند الخروج من المنزل وقاية من الشرور؛ لأنك تبرأت من حولك وقوتك واستعنت بالله.
(4) عند النوم
ولذلك رغبنا النبي على قولها حين نأوي إلى فراشنا لتغفر ذنوبنا، حيث روى أبو هريرة أن النبي قال: (مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) رواه ابن حبان.
(5) تجزئ عن قراءة الفاتحة في الصلاة لمن لا يعرف القرآن – وقراءة الفاتحة ركن -:
فعن عبد الله ابن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى النبي فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزئني، فقال: (قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله) رواه أحمد وأبو داود.
(6) أنها دعاء عام فيه تعظيم وتفويض لله عز وجل:
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ عَلِّمْنِي كَلامًا أَقُولُهُ قَالَ قُلْ: (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)، قَالَ فَهَؤُلاءِ لِرَبِّي فَمَا لِي؟ قَالَ: (قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي) رواه مسلم.
وفي رواية: فلما ولى الأعرابي قال النبي : (لقد ملأ يديه من الخير) (الكلم الطيب).
(7) أمر امرأة كانت تسبح الله كثيراً أن تكثر من الحوقلة
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه دخل مع رسول الله على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به, - لعل ذلك قبل نزول الحجاب كما قال بعض أهل العلم - فقال: (ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء, وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض, وسبحان الله عدد ما بين ذلك, وسبحان الله عدد ما هو خالق , والله أكبر مثل ذلك, والحمد لله مثل ذلك, ولا إله إلا الله مثل ذلك, ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك) صححه ابن حجر في الفتوحات الربانية.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله المتوحد بصفات العظمة والجلال، المتفرد بالكبرياء والكمال، لا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الرسل في كل الخصال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.أما بعد: فاتقوا الله تعالى حق التقوى واحرصوا على ما ينفعكم في هذه الدنيا واجمعوا الحسنات
واعلموا أن النبي أمرنا بالإكثار من الحوقلة وهي قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فهذه كلمة عظيمة استهان بها كثير من الناس ولم يقدروها قدرها، فهي باب عظيم من أبواب الجنة وكنز من كنوزها، هي كلمة استسلام واستعانة وتوكل على الله، والعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات وترك المحظورات والصبر على المقدورات، ولهذا تعبُدنا لله تبارك وتعالى بأن نذكره بهذه الكلمة الجامعة وأن نكثر منها استجابة لقوله (أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ)، وقد عرفنا معناها ومغزاها وأخطاء الناس فيها وطرفاً من فضائلها فلا أظنكم ستهجرونها بعد ذلك.
جعلني وإياكم ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم أحينا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر،اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولاة أمرنا، وارزقهم بطانة صالحة ناصحة يا رب العالمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واخذل أعداء الدين.... اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته...، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.