الإفادة في بيان حقوق الطفل قبل الولادة

الشيخ السيد مراد سلامة
1440/06/01 - 2019/02/06 13:56PM

Smiley face

الإفادة في بيان حقوق الطفل قبل الولادة
للشيخ السيد مراد سلامة

الخطبة الأولى

أما بعد:

أمة الحبيب الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم-: إذا كانتِ الأممُ المتَّحِدة قد بدأتْ تُعنَى بالطفولةِ، وقرَّرت عيدًا لها في نوفمبر من كلِّ عام في ذكرى إعلانِ حقوق الطفل، وذلك من خلالِ الوثيقة التي أعلنتْها المنظمة الدولية، فقد أولى الإسلام عناية فائقة بالطفل قبل أن تخرج مواثيق حقوق الأطفال من رحم المنظمات الإقليمية والدولية بما يزيد عن 1400 عام، لتضع الشريعة الإسلامية اللبنات الأولى لبناء مجتمع متكامل الحقوق، ولم يكتفِ بحقوق الطفل منذ وجودِه في الحياة، ولكن حدَّد له حقوقَه حتى قبل أن يُولَد.

وها نحن اليوم نعلنها على الدنيا كلها أن الإسلام هو الذي وضع الحقوق الثابتة التي تحافظ على الأطفال وتمنحهم حياة كرية ليس هذا في عالم الشهادة فحسب بل وهم في عالم الغيب قبل أن يوجدوا ويولدوا فاعيروني القلوب والأسماع لنتعرف على تلك الحقوق

الحق الأول حسن الاختيار على أساس الدين والتقوى

إخوة الإيمان أحباب الحبيب العدنان –صلى الله عليه وسلم-هذا هو أهم حق في الحقوق التي ينبغي التحدث عنها أن يحسن كلا الطرفين اختيار شريك حياته على أسس إيمانية وأخلاقية قويمة  

و لقد جاءت الوصايا النبوية ترشد الشباب و الفتيات إلى العناية بذلك الأساس فبالنسبة للزوجة حث النبي الشباب على اختيار ذلك الدين و الخلق القويم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ َلأرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ )([1])

اعلم -علمني الله و إياك-أن المرأة الصالحة تشبه الأرض و الأرض إما أن تكون طيبة و إما أن تكون خبيثة يقول الله تعالى {الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } [الأعراف: 58]

إن البذرة الصالحة إذا وضعت في أرض خبيثة اختنقت، وماتت، ولم تؤت ثمارها، لذا فقد جعل الإسلام حسن اختيار الزوج والزوجة من أحد حقوق الطفل على والديه، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ} [النور: 26]

وليعلم المسلم أنه باختياره الزوجة الصالحة فقد اختار مربية الأجيال والأبطال كما قال حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة إذا أعددتها ***أعددت شعباً طيب الأعراق([2])

فأول الإحسان إلى الأبناء هو اختيار الأُم الصالحة

قال أكثم بن صيفي لولده: "يا بني لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف".)([3])

وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "قد أحسنت إليكم صغارا وكبارا، وقبل أن تولدوا، قالوا : وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟

قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها".([4])

 وأنشد الرياشي:

فأول إحساني إليكم تخيري *** لماجدة الأعراق باد عفافها([5])

فالذي يختار زوجة غير صالحة فقد أخطأ خطأ كبيرات في حق أبنائه وبناته

أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - نهى في خلافته عن مذق اللبن بالماء (أي مزجه به) فخرج ذات ليلة في حواشي المدينة، فإذا بامرأة تقول لابنةٍ لها:

ألا تمذقين لبنك فقد أصبحت؟

فقالت الجارية: كيف أمذق، وقد نهى أمير المؤمنين عن المذق؟

فقالت: قد مذق الناس فامذقي، فما يدري أمير المؤمنين.

فقالت: إن كان عمر لا يعلم، فالله عمر يعلم، ما كنت لأفعله وقد نهى عنه.

فوقعت مقالتها من عمر، فلما أصبح دعا عاصمًا ابنه فقال: يا بني اذهب إلى موضع كذا وكذا، فاسأل عن الجارية -ووصفها له-فذهب عاصم، فإذا هي جارية من بني هلال، فقال له عمر: اذهب يا بني فتزوجها، فما أحراها أن تأتي بفارس يسود العرب، فتزوجها عاصم بن عمر فولدت له أم عاصم بنت عاصم بن عمر ابن الخطاب، فتزوجها عبد العزيز بن مروان بن الحكم، فأتت بالخليفة عمر بن عبد العزيز ([6])

اختيار ولي المرأة للزوج الصالح لابنته

و كذلك اختيار الزوجة الزوج الصالح فكم من فتاة صالحة تزوجت شابا غير صالح فتركت الواجبات و من ثم فإن ذلك يؤثر على الأبناء فيما بعد تأثير يقودهم إلى هُوة الهلاك و الدمار لذا أمرنا النبي – صلى الله عليه وسلم- أن نختار لبناتنا الشاب الصالح، إن أبسط حقوق طفلك عليك أيها الرجل هي أن تختار له أم طائعة لله –تعالى- و إن أبسط حقوق طفلك عليك أن تختاري له أبا صالحا قال - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) ([7]) ، وفي لفظ : (( عريض )) .

قال الله تعالى : {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221] ، فقد تعجب المرأة بالوسامة والمنصب والشهادة والمظهر والمال ، ثم تكون حياتها في جحيم لا يطاق .

وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم -لصحابية من أقربائه أن تتزوج أسامة بن زيد ، فكأنها كرهت ذلك ، فلما كرر عليها - صلى الله عليه وسلم - ذلك قبلت ، فحمدت الله في العاقبة على زواجها من أسامة - رضي الله عنه - ([8]) .

عن ابن أبى حازم عن أبيه عن سهل قال : "مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا ؟ قَالُوا : حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ ، قَالَ : ثُمَّ سَكَتَ ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا ؟ قَالُوا : حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ ، فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا" ([9])

الحق الثاني للأبناء قبل الزواج: الفحص الطبي لكلا الزوجين

ومن الأمور التي ينبغي أن تراعى في زمان كثرة فيه الإعاقة لدى كثير من الأطفال بسبب وجود أمراض وراثية الفحص الطبي لكلا الزوجين وذلك عملا على سلامة الأطفال من تلك الأمراض السارية.

واعلموا رحمني الله وإياكم -أنه " لقد كتبت في هذه المسألة أبحاث فقهية متعددة فضلاً عن الندوات والمؤتمرات المتعلقة بها، فكانت نتيجة هذه الأبحاث والمؤتمرات التصريح بجواز الفحص الطبي حيث اعتبروه أمراً تؤيده النصوص الشرعية، لما يعود من المصالح العديدة على الأفراد والأسر والمجتمعات، وذلك للإعتبارات التّالية:

1-أنّ عملية الفحص الطبي تعمل على المحافظة على كيان الزوجية من الفسخ عند الغرر.

2-أنّ الشريعة الإسلامية تدعو إلى المحافظة على النسل، بل واعتبرته أحد المقاصد الخمس التي تضافرت الآيات والأحاديث على الاهتمام به والحفاظ عليه ورعايته.

فقد دعا الأنبياء – عليهم الصّلاة والسلام – ربَهم – سبحانه وتعالى – بأن يرزقهم ذرية طيبة، حيث قال الله تعالى فيما قاله عن عبده زكريا: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } [آل عمران: 38].

كما أنّ الشرع يشجّع أن يكون النسل صالحاً غير معيب، وقد دعا المؤمنون ربهم – سبحانه وتعالى – قائلين: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

ومعلوم أنّ الذرية لا تكون قرة أعين إذا كان المولود مشوه الخلقة، ناقص الأعضاء، متخلف العقل.

وعلاوة على ذلك فإنّ الشريعة تأمر باجتناب المصابين بالأمراض المعدية والوراثية، وذلك لما رواه البخاري قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تُورِدُوا المُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ» ([10])

بل قد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوج زوجةً من عائلة تعرف بناتها بالإنجاب، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا فَنَهَاهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَنَهَاهُ فَقَالَ تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ. ([11])

 فهذا الحديث يدلل على أهمية عنصر الاختيار على أسس صحة النسل والولادة المستقبلية.

ورغّب النّبي صلوات الله وسلامه عليه من أراد الخطبة بأن ينظر إلى المخطوبة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا" يَعْنِي صغرا ([12])

فهذا يدلل على ضرورة معرفة العيوب في المخطوبة وعلى أوليائها ذكر ذلك.

وخلاصة الحديث: إنّ الفحص الطبي قبل الزواج يحقق مصالح مشروعة للفرد الجديد وللأسرة والمجتمع، ويدرأ مفاسد اجتماعية ومالية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وبناءً عليه لا مانع من اجرائه شرعاً بل لو قيل يندب ذلك لما كان بعيداً. ([13])

الحق الثالث: حق الحياة

إخوة العقيدة: ومن حقوق الطفل وهو جنين في بطن أمه حق الحياة والحافظ عليه وتحريم إجهاضه والاعتداء على حياته

وقد ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تبين حكم تحريم الإجهاض في الإسلام نذكر منها ما يلي: قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31].

وقال سبحانه أيضا: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151].

أدلة تحريم الإجهاض من السنة النبوية

إخوة الإسلام: لقد جاءت النصوص النبوية تحرم الإجهاض و تعده من كبائر الذنوب، فعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ ".([14])

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ "([15])

تأخير العقوبة البدنية المستحقة على الحامل:

مِن صور عناية الشريعة الإسلامية بالجنين: أن المرأة الحامل من الزنا، إذا كانت متزوجة قبل ذلك، فإنها لا يقام عليها حد الرجم حتى تضع حملها، ولا يقتص منها في أي عقوبة أخرى حتى تضع حملها.

قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن المرأة إذا اعترفت بالزنا، وهي حامل، أنها لا ترجم حتى تضع حملها؛ ([16])

قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].

هذه الآية المباركة دليل على أن الإنسان لا يؤاخَذ بذنب غيره، وفي رجم المرأة الحامل أو القِصاص منها اعتداءٌ على جنينها، وقتل نفس معصومة بغير ذنب.

عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ، فَجَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، وَإِنَّهُ رَدَّهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ تَرُدُّنِي؟ لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا، فَوَاللهِ إِنِّي لَحُبْلَى، قَالَ: «إِمَّا لَا فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي»، فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ، قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ، قَالَ: «اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ»، ؛ ([17])

الحق الرابع: حق النفقة على أمه في فترة الحمل

و من حقوق الجنين أن أوجب الإسلام النفقة على الزوج حال فترة الحمل في حال طلاق الزوجة قال الله تعالى  {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6]

لا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة ثلاثا، أو أقل منهن حتى تضع حملها.

أما الحامل المتوفى عنها زوجها: فقال جماعة من الصحابة كعلي وابن عمر وابن مسعود والتابعين كالنخعي والشعبي وحماد: ينفق عليها من جميع المال أي من التركة حتى تضع. وقال ابن عباس وابن الزبير ومالك والشافعي وأبو حنيفة: لا ينفق عليها إلا من نصيبها،

روى الدارقطني بإسناد صحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس للحامل المتوفى عنها زوجها نفقة» .([18])

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد:

الحق الخامس: الرعاية الصحية وهو جنين:

ولقد شرع الإسلام الرعاية الصحية للجنين في بطن أمه حتى لا يتضرر بضعف أو وهن هو في بطن أمه وكذلك الأم فرخص للأم وخفف عنها العبادات  قَالَ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ - قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ: «ادْنُ فَكُلْ» قُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ «اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّوْمِ أَوِ الصِّيَامِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ، أَوِ الصِّيَامَ» ([19])

في هذا الحديث دليل على أن المرأة أو المرضع تُفطر إذا خافت على ولدها، ولو كانت هي قادرة على الصوم.

والحكمة من ذلك: أن الجنين يحتاج إلى تدفق الدم ليحصل منه على غذائه وشرابه، ولما كانت محتويات الدم معرَّضة للتأثر بسبب الصوم، وهذا يؤثر على نمو الجنين، كانت رخصة للمرأة الحامل أو المرضع أن تفطر في شهر رمضان من أجل المحافظة على صحة الجنين.

 ومن الرعاية الصحية للجنين العناية بأمه بإطعامها الأطعمة المغذية والتي تمدها بالقوة على تحمل الحمل و الله تعالى أمرنا بأكل الطيبات فقال في محكم الآيات  و نهانا عن الخبائث التي تضر البدن فينبغي على المرأة أن تبتعد عن كل ما من شانه الإضرار بالجنين مثل تنال الكحول و الدخان  قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [البقرة: 172، 173]

فهناك العديد من الدراسات التي أجريت ونتج عنها وجود تأخر في نمو الطفل بداخل الرحم أيضا نتيجة التعرض للخمور والكحوليات والعديد من الأثار الأخرى التي ترتبت على شرب الخمور:

1 -ظهرت حالات ولادة مبكرة

2 -زيادة في نسبة وفيات الأجنة

3 -تأخر النمو والحركة لدى الطفل ووجود إعاقات سمعية وبصرية وقلبية

4 – زيادة في معدل الإجهاض التلقائي

5 – تأخر في النمو العقلي والسلوكي للأطفال المولدون لام مدمنة على الكحول من قبل حملها بها.

7 -الأطفال الذين يعانون من أعراض الاعتماد على الكحول ظهرت عليهم مجموعة من المظاهر الغير الطبيعية على الوجه كأنف قصير وجسر أنفي مغمور وشفة علوية وإعاقة في نمو الفكي

الحق السادس: صلاة الجنازة على الجنين

 واعلموا علمني الله وإياكم: أنه إذا أسقطت المرأة جنينها بعد أربعة أشهر كاملة، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لأنه في هذه الحالة يكون قد نفخت فيه الروح.

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - وَأَحْسَبُ أَنَّ أَهْلَ زِيَادٍ أَخْبَرُونِى أَنَّهُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- - قَالَ « الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ وَالْمَاشِى يَمْشِى خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ». ([20])

وأما إذا سقط الجنين قبل أربعة أشهر، فإنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، ويُلَف في قطعة قماش، ويدفن؛ لأنه في هذه الحالة لا يكون قد نفخت فيه الروح، فلا يكون نَسَمة، وإنما يكون كالجمادات والدم؛ ([21])

الحق السابع: حق الجنين في الميراث

واعلموا أن الإسلام اهتم بالجنين وبحقه في الميراث إذا مات والده فشرع له الميراث من التركة بشرطين:

فقد ذهب الفقهاء إلى استحقاق الجنين للإرث بشرطين:

1-التيقن من وجود الجنين في بطن أمه عند موت مورِّثه.

2-انفصال الجنين عن أمه حيًّا، ولو لحظة واحدة، وذلك بصراخه، أو ما يدل على حياته.

إخوة الإسلام كانت هذه هي اهم الحقوق للأطفال قبل الولادة التي ينبغي علينا مراعاتها وليعلم الجميع أن الإسلام دين يعتني بالأبناء قبل أن يوجد

الدعاء ..............................

 

 

 

 

[1] -أخرجه أحمد (3/302 ، رقم 14275) ، ومسلم (2/1087 ، رقم 715) ، والترمذى (3/396 ، رقم 1086) وقال : حسن صحيح ، والنسائى (6/65 ، رقم 3226) .

[2] - جواهر الأدب (1/ 417)

[3] - المنتخب من وصايا الآباء للأبناء (ص: 48)

[4] - بهجة المجالس وأنس المجالس (ص: 180،)

[5] - مجلة المنار (8/ 141)

[6] - سيرة عمر بن عبد العزيز، لابن عبد الحكم، (ص22، 23).

[7] - أخرجه الترمذي (3/395 ، رقم 1085) وقال : حسن غريب ، وأبو حاتم المزنى له صحبة ولا نعرف له عن النبي

 - صلى الله عليه وسلم -  غير هذا الحديث . والبيهقي (7/82 ، رقم 13259) . وأخرجه أيضًا : ابن قانع (2/303) ، والطبراني (22/299 ، رقم 762) .و قال الألباني :حسن بما قبله ( 1084 )

[8] - الإمام أحمد ( 6/82 و 145 ) .

[9] - أخرجه البخاري (5\1958) .

[10] -[ رواه البخاري، كتاب الطب، ابن حجر العسقلاني، شرح صحيح البخاري 21/278 ].

[11] -[ رواه النسائي 6/66 ] [قال الألباني]: حسن صحيح

[12] -[ رواه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، حديث رقم (1424) ]

[13] - انظر: [ الاختبار الجيني – عارف علي عارف ص122، موقف الإسلام من الأمراض الوراثية – محمد عثمان شبير ص209، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق – أسامة عمر سليمان الأشقر ص93 ].

[14] - أخرجه : البخاري 8/4 ( 5975 ) ، ومسلم 5/130 ( 593 ) ( 12 ) .

[15] - أخرجه البخاري (4761) و (6811) ، والنسائي في "الكبرى" (11370)

[16] - (الإجماع لابن المنذر صـ 112 رقم 635).

[17] - (أخرجه مسلم حديث 1695).

[18] - التفسير المنير للزحيلي (28/ 290)

[19] - (حديث حسن صحيح) (مسند أحمد ـ جـ 4 ـ صـ 347) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2107).

[20] - حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2723).

[21] -(المجموع للنووي جـ 5 صـ 256) (المغني لابن قدامة جـ 3 صـ 458: صـ 460) (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 8 صـ 403: صـ 407) (أحكام الجنائز للألباني صـ 105).

المرفقات

في-بيان-حقوق-الطفل-قبل-الولادة

في-بيان-حقوق-الطفل-قبل-الولادة

المشاهدات 3912 | التعليقات 0