الإطراقُ الأخيرُ-26-10-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ إبراهيم السكران
محمد محمد
الإطراق الأخيرُ-26-10-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ إبراهيم السكران
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
وبعدُ: فيا إخواني الكرامُ:
إنسانُ هذا العصرِ منهمكٌ في دوامةِ الحياةِ اليوميةِ، أصبحُ الواحدُ منا كأنَّه تُرسٌ في آلةٍ، المهامُ والتفاصيلُ الصغيرةُ تستلمُك منذُ أنْ تستيقظَ صباحًا حتى تُلقيَك منهكًا فوقَ سريرِك في أواخرِ المساءِ.
دوامٌ مُضْنٍ، ورسالةُ جوالٍ، وتعليقٌ في الفِيسْبُوكْ، وخبرٌ على تُويتَرْ، ومقطعٌ على اليُوتْيوبْ، وتَنَقُلٌ بين الفضائياتِ، وصراخُ منبهاتٍ، في طرقٍ مكتظةٍ، وأعمالٌ مُؤَجَلةٌ كلما تذكرتَها قَرَصَكَ الهمُ.
هلْ المشكلةُ في وسائلِ التواصلِ؟ هي نعمةٌ منَ اللهِ، يجبُ تسخيرُها فيما يُرضيِه، لقد جَنَيْنا منها الكثيرَ، لكن لا أدري، أشعرُ أنَّنا خسرْنا الصفاءَ، صفاءَ الذهنِ، وخُلُوَّ البالِ، والتأملَ الرقراقَ حينَ ينتشرُ السكونُ من حولِك.
حينَ يكونُ الإنسانُ في فلاةٍ من الأرضِ، وتناديه عشراتُ الأصواتِ، تَتَنَاهَشُه من كلِّ جهةٍ؛ فإنه لا يزدادُ إلا تِيهًا وذُهولًا.
ومعَ ذلك كلِّهِ؛ فإنَّ المؤمنَ تعتريهِ لحظاتٌ مفاجئةٌ بين فينةٍ وأخرى، تَنْتَشِلُه من هذا المسلسلِ المتماسِكِ، فيخرجُ من مداراتِ التفاصيلِ الصغيرةِ، ويستعيدُ وعيَه بالحقائقِ الكبرى.
لحظةُ الصدمةِ تقعُ دومًا حينَ يتذكرُ المؤمنُ لحظةَ لقاءِ اللهِ، وقربَ هذهِ اللحظةِ، وقدْ أشارَ القرآنُ إلى مفارقةٍ مؤلمةٍ، وهي شدةُ قربِ لقاءِ اللهِ، مع كونِ الإنسانِ يغفلُ كثيرًا عنْ هذهِ الحقيقةِ، لقاءُ اللهِ قريبٌ، وما زلنا غافلينَ، كما قالَ-تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).
والقرآنُ أخبرَ عنِ المعادِ يومَ القيامةِ بطرقٍ كثيرةٍ متنوعة ٍجدًا، ولا أظن أحدًا يستطيعُ أن يستوعبَ الآياتِ القرآنيةِ التي شرحتْ بعضَ مشاهدِ القيامةِ، وهذه الكثافةُ الهائلةُ لهذهِ الآياتِ التي تَربِطُ العقلَ المسلمَ باليومِ الآخرِ ليستْ عبثًا، ولم تكنْ كثرتـُها مصادفةً أو اعتباطًا، ولكنها لأغراضٍ لا تخفى على المتأملِ.
إخواني: من بينِ الآياتِ التي تحدثتْ عن اليومِ الآخرِ آياتٌ تلفِتُ انتباهَ الإنسانِ كثيرًا وتشدهُ، آياتٌ صورتِ الناسَ لحظةَ القيامِ من قبورِهم، وصورتْ مشهدَ الذهولِ البشريِ، وصورتْ مشاعرَ المقصِّرينَ في ذلك اليومِ:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ*مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ).
انظرْ كيفَ ستقومُ من قبرِك، شاخصٌ بصرُك-لا يتحركُ-، مهطعٌ-مسرعٌ-، مُقْنِعُ-رافعٌ-رأسَك إلى السماءِ، تنظرُ مِنْ شدةِ الأهوالِ، ومِنْ شدةِ التحديقِ لا تطرفُ العينُ، (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ)، ومِنْ شِدَّةِ الفزعِ والرُّعْبِ وصفَ اللهُ القلوبَ بأنـَّها فارغةٌ، (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ).
وصوَّرَتِ الآياتُ صورةً أليمةً: صوَّرَتْ لحظةَ انكسارِ المقصِّرِ وذُلِهِ وضعتِهِ، يقولُ-تعالى-: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ).
انظرْ كيفَ تكونُ منكسًا رأسَكَ في ذلك اليومِ، تتمنى العودةَ للدنيا-دارِ العملِ-وافَجِيعَتَاه-ولكن هيهاتَ.
بلْ وصفَ اللهُ الخجلَ والذُّلَ والخوفَ في ذلك اليومِ وصفًا آخرَ، يجعلُ الإنسانَ ينظرُ مسارقةً خِلسةً، يقولُ-تعالى-: (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ).
والإنسانُ الذليلُ الخائفُ يَسْوَدُّ وجهُهُ، حتى كأنَّه قطعةُ مِنَ الليلِ الحالِك السوادِ، قالَ-تعالى-: (كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا)، أرأيت وجهًا كأنَّه الليلُ؟! يالذلِّ ذلكَ اليومِ.
ومِنَ الصورِ القرآنيةِ التي تنخلعُ لها القلوبُ، صورةُ الجَثْوِ على الرُّكَبِ في ذلك اليومِ، فترى الناسَ مُسْتَوْفِزِينَ-جالسينَ على هيأةِ منُ يريدُ القيامَ-جالسينَ على ركبِهم وأطرافِ أقدامِهم، قالَ-تعالى-: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
وكما وصفَ اللهُ القلوبَ أنـَّها من شدةِ فزعِها خاليةٌ (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ)، فإنَّه في موضعٍ آخرَ وصفَها بأنَّها من شِدَّةِ خفقانـِها صَعَدَتْ إلى الحناجرِ مع الصمتِ المطبقِ التامِ: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ).
ولا يُقَطِّعُ نياطَ القلبِ مثلُ علمِنا بأنَّ هذه الأحوالَ التي وصفَها كتابُ اللهِ، لا يفصلُ بينَنا وبينَها إلا مجيئُ مَلَكِ الموتِ في الساعةِ المقدرةِ اليومَ أو غدًا، ومعَ ذلك ما زالتِ الغفلةُ تُكَبِّلُنا وتُقَيِّدُنا.
وفي عدةِ مواضعَ مِنْ كتابِ اللهِ، وصفَ اللهُ ذلكَ اليومَ بأنُّه بغتةٌ-مفاجئٌ-فياليتَ شعري على أيِ حالٍ سيباغتُنا ذلك اليومُ!
واللافتُ في الأمرِ أن العلماءَ يؤكدون أنَّ القرآنَ أكثرَ مِنْ ذكرِ اليومِ الآخرِ بما لا يوجدُ مثلُه في الكتبِ السماويةِ، يقول شيخُ الإسلامِ-ابن تيميةَ-رحمَه اللهُ-:
"وفي القرآنِ مِنْ ذكرِ المعادِ وتفصيلِهِ، وصفةِ الجنةِ والنارِ، والنعيمِ والعذابِ، ما لا يوجدُ مثلُه في التوراةِ والإنجيلِ".
بَلْ إنَّ اللهَ-تعالى-مدحَ وعظّمَ نفسَه بإلقاءِ الوحيِ على الرُسُلِ ليُنَبِّهوا الناسَ على اليومِ الآخرِ، ويُذَكِّروا الناسَ بأعظمِ خصائصِ الوحيِ، بقربِ لحظةِ لقاءِ اللهِ، قالَ-تعالى-: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ).
واللهِ إنه لأمرٌ محرجٌ أنْ يُوَضِّحَ اللهُ لنا أنَّ مِنْ أهمِ أغراضِ الوحيِ تنبيهَ الناسِ على لقائِه، ونحنُ غافلونَ عن هذهِ الغايةِ القرآنيةِ العظيمةِ، هل نستحضرُ-عندَ تلاوةِ القرآنِ-أنَّ من مقاصدِهِ العظيمةِ تعميقَ استحضارِ اليومِ الآخرِ في النفوسِ؟ هل منحْنا الآياتِ التي تُصَوِّرُ مشاهدَ اليومِ الآخرِ منزلَتَها التي تستحقُها؟
حينُ ننشغلُ بدنيانا، ونغفَلُ عن هذا اليومِ القادمِ، فنحنُ لا نغفلُ عن يومٍ عاديٍ بتاتًا، إنَّنا نغفَلُ عن يومٍ وصفه اللهُ-سبحانَه-بقولِه: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا).
هذا الإطراقُ، وخشوعُ الأبصارِ، وتنكيسُ الرؤوسِ، وفراغُ القلوبِ من الخوفِ والرُّعبِ، والجَثْوُ على الركبِ، وتَيَبُّسُ الأعصابِ، وتـَجَمُّدُ الأطرافِ في ذلكَ اليومِ العصيبِ، ما سبَبُه؟ سببُه هولُ العذابِ، والخجلُ من الأعمالِ، ولكنْ ثمةَ أمرٌ آخرُ أعظمُ من ذلِك كلِّهِ، وهو هيبةُ اللهِ-تعالى-وجلالُه، إذ يَتَجَلَّى في ذلكِ اليومِ المهولِ، فيُطْرِقُ-يسكتُ-الجميعُ لـعظمةِ اللهِ الرحمنِ-جلَّ وعلا-، تخشعُ له الأصواتُ: (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا)، (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا)، عَنَتْ: خضعتْ وذلّتْ واستسلمتْ.
أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فكلما استطاعَ المسلمُ التخلصَ من الضبابِ الكثيفِ الذي يصنُعُه الانهماكُ في الدنيا، ومنحَ نفسَه ساعةَ تأملٍ في لحظةِ صفاءٍ، وتَذَكَّرَ قُرْبَ لقاءِ اللهِ، فإنَّه سيتفاجأُ بحيويةٍ جديدةٍ تَدُبُ في نفسِه، سيشعرُ كأنما قامَ قلبُه باستحمامٍ إيمانيٍ يزيلُ عنه العوالقَ والأوساخَ، ستتغيرُ نظرتُه لكثيرٍ من الأمورٍ.
ومِنْ أهمِّ ما يصنَعُه استحضارُ لقاءِ اللهِ في النفوسِ الزهدُ في الفِضولِ-الأشياءِ الزائدةِ عن الحاجةِ-، فضولِ النظرِ، وفضولِ السماعِ، وفضولِ الكلامِ، وفضولِ الخُلْطَةِ.
ومما يصنَعُه استحضارُ لقاءِ اللهِ في النفوسِ الإقبالُ على القرآنِ، فيعيدُ المسلمُ صياغةَ شخصيتِه في ضوءِ القرآنِ، لأنَّ اللهَ في هذا اللقاءِ العصيبِ القادمِ سيحاسبُنا في ضوءِ هذا القرآنِ، قالَ-تعالى-: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ*فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ).
ومما يصنَعُه استحضارُ لقاءِ اللهِ في النفوسِ إقبالُ المسلمِ على نفعِ إخوانِه المسلمينَ في دينِهم، مثلُ: تعليمِ الناسِ معانيَ كلامِ اللهِ ورسولِه، وفي دنياهم مثلُ: حاجاتِ المسلمينَ الطبيةِ والهندسيةِ والسياسيةِ والاقتصاديةِ وغيرِها، وأيُ تشجيعٍ على هذه المنزلِةِ أشرفُ مِنْ قولِ النبيِّ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ-: "مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ".
ومما يصنَعُه استحضارُ لقاءِ اللهِ في النفوسِ الاستخفافُ بالجاهِ والمنزلةِ في عيونِ الخلقِ، والتعلقِ بالجاه والمنزلةِ عند اللهِ الخالقِ-جل وعلا-، فماذا يُغْني عنك ثناءُ الناسِ ومدحُهم لك، وأنتَ تعلمُ من خطاياك وذنوبِك ما لو علموه لما صافحوك؟!
من وضعَ بين عينيِهِ لقاءَ اللهِ، والمنزلةَ عندَ اللهِ، وكيف سَتُبدِّلُ الآخرةُ منازلَ الناسِ بشكلٍ انقلابي، قالَ-تعالى-عن الآخرةِ: (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ)، من استحضرَ ذلك كلَّه؛ علمَ تفاهةَ الشهرةِ والظهورِ والرياسةِ ورُخْصَها، وكَسَدَ سوقُها في قلبِهِ، وأيقنَ أنـها أهدافٌ في غايةِ التفاهةِ بحيثُ لا تستحق عملَ دقيقةٍ، فضلًا عنْ أنْ يذهبَ عناءُ السنينِ في العلمِ والعملِ لأجلِ مديحِ الناسِ.
يا الله كيفَ يدعُ الإنسانُ جبارَ السمواتِ والأرضِ، وينصرفُ قلبُه لمخلوقٍ ضعيفٍ مثلِه يَتَوسَّلُ لـمديـحِهِ ويتزينُ لثنائِه؟! وأين اللهُ-تعالى-من الناسِ؟! ولذا فوصيتي لنفسي ولك-أخي المبارك-أنَّه كلما ضَبَطْتَ نيتَّك وقد التفتتْ إلى المخلوقينَ فَتَذَكَّرْ مباشرةً قولَه-تعالى-: (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ).
يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنَّا من الظالمينَ، أسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، اللهم إني أسألُك لي وللمسلمينَ الثَّباتَ في الأمرِ، والعزيمةَ عَلى الرُّشدِ، وشُكرَ نِعمتِكَ، وحُسنَ عبادتِكَ، ولِسانًا صَادقًا، وقَلبًا سليمًا، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ، يا مصرفَ القلوبِ ومقلِبَها ثبتْ قلوبنا على دينِك وطاعتِك.
اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمْهم واجعلْهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمينَ، اللهم إنَّي أسألك لي وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، وأَسْأَلُكَ لي ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، والدينِ والأهلِ والمالِ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، حسبيَ اللهُ ونعمَ الوكيلُ لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيمِ، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ والظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، اللهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.
اللهم أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ.
اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ اللهِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.
المرفقات
1653596542_الإطراقُ الأخيرُ-26-10-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ إبراهيم السكران.docx
1653596549_الإطراقُ الأخيرُ-26-10-1443هـ-مستفادة من خطبة الشيخ إبراهيم السكران.pdf