الإسلامَ يُحرِّم قتلَ المسلمِ وقتلَ الكافِرِ المُستأمَنِ والكافرِ المعاهَدِ والكافِرِ الذِّمِّيِّ
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾.وَقَالَﷺ«مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَقَالَ الإِمَامِ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ:وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ عَهْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ أَمَانٍ مِنْ مُسْلِمٍ إلخ.فالإسلام دين عظيم فهو دينُ الرحمةِ والعدل والإحسان والخير للناس كافة، والنبيِّﷺنبيُّ الرحمةِ قَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.قَالَ الإِمَامِ الشَّيْخِ ابْنِ بَاز رَحِمَهُ اللهُ:تبروهم تحسنون إليهم بالصدقة، إذا كان فقيرًا؛ يعطى صدقة من غير الزكاة، إذا كان مظلومًا؛ ينصر، ويزال عنه الظلم، هذا مطلوب إذا لم يكونوا أعداء لنا، بل كانوا في أمان منا، وفي عهد منا، أو في ذمة، ليسوا أهل حرب لنا، إلخ.. ولكن لا تزال فئة من الخوارج وغيرهم من الجماعات المنحرفة ينهشون في جسد هذه الأمة، ويفتكون بالأبرياء والمعاهدين والمستأمنين،ويروعون المسلمين الآمنين، فنفوسهم قد ألفت الغدر والخيانة، والكذب على الله وعلى رسولهﷺبزعمهم أن ما يقومون به من الدين ، وهم يكفرون الحكام والعلماء والعسكر والمواطنين والمقيمين ولا يرون الصلاة خلف إمام المسجد الذي يتقاضى مكافئة من الدولة وبالتالي يحلون دم الحاكم وكل من كان معه أو أطاعه والعلماء وغيرهم لذلك فهم يستحلون قتل المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين وكل من يعمل حول الحاكم ويزعمون أن ذلك انتصار على الكفار ورفعة للدين وأنهم هم المسلمون فقط وكل ذلك بناءً على فتاوي شيوخ الفتنة ،الا فليعلم هؤلاء وغيرهم أنه لا يحل سفك الدماء المعصومة لا في بلاد المسلمين ولا في غيرها فالإسلامَ يُحرِّم قتلَ المسلمِ.قَالَﷺ«لَزَوالُ الدُّنيَا أهونُ عندَ اللهِ مِنْ إِراقةِ دمِ مسْلِم»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ويُحرِّمُ قتلَ الكافِرِ المُستأمَنِ والكافرِ المعاهَدِ والكافِرِ الذِّمِّيِّ،وليس فِعلُهم هذا مِن الجهادِ في سبيلِ اللهِ، ولا يُحسَبُ عمَلُهم هذا مِن الإسلامِ، بل ما قاموا به إرهابٌ وإجرامٌ وبَغيٌ وتَرويعٌ لِعبادِ اللهِ المؤمِنين، وخروجٌ على الحاكِم المسلمِ الذي له وِلاية شَرعيةٌ، بل هو دينٌ خارِجِيٌّ دَخيلٌ، وفِكرٌ خبيثٌ وَبيلٌ، فهؤلاء لا يَحِلُّ لمسلم أن يقتُلَهُم أو يَسفِك دماءهم بل ولا يحل كذلك أن يؤذيهم بأي نوع من أنواع الأذى.قَالَﷺ«أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ«مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ الإِمَامِ الشَّيْخِ ابْنِ بَاز رَحِمَهُ اللهُ:هذا فيه تحذيرٌ من قتل المعاهدين، وأنه لا يجوز قتل المعاهد؛ مَن تم له العهد لا يجوز قتله..إلخ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللَّهِ:لقد امتن الله على هذه البلاد بنعم عظيمة ومن أعظم تلك النعم نعمة الأمن والإيمان وتطبيق الشريعة وإقامة الحدود وحماية التوحيد ونشر العقيدة الصحيحة في داخل هذه البلاد وفي خارجها، وعمارتها للحرمين الشريفين والقيام بشئون الحجاج والمعتمرين والزائرين ونشر القرآن الكريم وترجمته بشتى اللغات بما لم يعرف له نظير في التاريخ الإسلامي وهي آخر معقل من معاقل الإسلام،فيجب على كل مسلم في هذا البلد وفي غيره أن يحرص على أمن هذه البلد وتطهيره من المفسدين والمجرمين والعابثين بأمنه فأمن الحرمين مسؤولية كل مسلم على وجه الأرض.
عِبَادَ اللَّهِ:فلنحافظ على هذه البلاد ، ولنرع النعمة التي نحن فيها ، ولنعتبر بما جرى في بعض الدول المجاورة التي فقدت الأمن وزالت عنها النعم قَالَﷺ«يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»فَقَالَ قَائِلٌ:وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ:«بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»فَقَالَ قَائِلٌ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ قَالَ:«حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فعليكم بلزوم الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة الصالحين والطاعة لولاة الأمور وعدم شق عصا المسلمين ومفارقت الجماعة والحرص على وحدة صفوفهم على السنة والتوحيد ،ومناصحة ولاة الأمور بالطرق الشرعية.ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين،واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.فاللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تحمي دولة التوحيد من كيد الكائدين وإرجاف المرجفين ومن المنافقين والعلمانيين ومن الخوارج الإرهابيين الضالين ومن اليهود والنصارى أجمعين.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم:﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
المرفقات
1660801751_الإسلامَ يُحرِّم قتلَ المسلمِ وقتلَ الكافِرِ المُستأمَنِ والكافرِ المعاهَدِ والكافِرِ الذِّمِّيِّ.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق