الإسلامٌ هدايةٌ ورحمةٌ للعالمين

د عبدالعزيز التويجري
1444/01/20 - 2022/08/18 13:27PM
الخطبة الأولى : الإسلامٌ هدايةٌ ورحمةٌ للعالمين .                21/1/1444هـ
الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عظيم في ربوبيته، عظيم في ألوهيته، عظيم في أسمائه وصفاته،  وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه و من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
الإسلامُ دين اللهِ الذي لايقبلُ غيرَه {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}
الإسلامُ مهيمنٌ على الأديانِ والنحل {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}
الإسلامُ سلامٌ وأمانٌ للعالمين قال عليه الصلاة والسلام «يا معشر يهود، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ». متفق عليه.
الإسلامُ من تمسك به سادَ، ودانت له البلادُ العباد.
ولواءُ الإسلامِ في كل أرضٍ …*… خافقُ يحُمي به الخافقان
الإسلام من تخلق به كُسيَ ثوب المهابة والوقار، وانصرف عنه كلُ شر وعار.
       أبِ الإسلام لا أبَ لي سواه    **    إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم
الإسلام مُنقذُ البشرية من الضياع والضلال، ومن التنازع والاقتتال، ومن كل سوء ووبال{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}.
الإسلام عزيز متين، لا يقبل الذلة والخنوع ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)
الإسلام ليس مسمى يردد أو شعار يرفع .. الإسلام عقيدة واعتقاد، وإسلام وانقياد {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }.
الإسلام  استسلام لله بالتوحيد وانقياد له بالطاعة وبراءة من الشرك واهله.
الإسلام عقيدة استعلاء، تبعث في روح المسلم إحساسَ العزة من غير كِبْر، ورُوحَ الثِّقة في غير اغترار، وشعورَ الاطمئنان في غير تَوَاكل.
الإسلام ثبات عند الاضطرابات، وخلاص عند الأزمات، وبيان عند الخلافات.
الإسلام لايقبل التنازل عن المبادئ والمسلمات، ولا التهاونَ في الأحكام والتشريعات.. ساوم المشركون أبا طالب ليتنازل رسول الله r  عن شيء من دعوته ومبادئه فقال لأبي طالب بثبات وإباء ( والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره أو أهلك دونه).
الإسلام روح تتجلى معه عظمةُ الدين بتشريعاته السامية، ومبادئه السامقة، وأخلاقياته العالية.
فالاسلام عادل بأحكامه، رحيم بتشريعاته، منصف مع أعدائه {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}
ويظهر ذلك جلياً في معاملة المسلمين على مدارِ التاريخ لأهل الذمة وغيرهم ممن استئمنوا في بلاد الإسلام من غير المسلمين معاملةً عادلةً من المسلمين، لا وكس فيها ولا شطط.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله : وعلى الإمام حفظ أهل الذمة، ومنع من يقصدهم بأذى، ولا يُطّلع عليهم في منازلهم.
 ومع حفظ حقهم وعصمة دمائهم فإنه لا يعني أن يفعلوا ما يشاؤون مما يخل بالأمن أو بالأخلاق والأعراض ..قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: ومن أتى محرما من أهل الذمة، مما يعتقد تحريمه في دينه، كالقتل، والزنا، والسرقة، والقذف، وجب عليه ما يجب على المسلم؛ لما روى أنس: «أن يهوديا، قتل جارية على أوضاح لها، فقتله رسول الله rبين حجرين» . متفق عليه. وروى ابن عمر: «أن النبي r أتى بيهوديين قد فجرا بعد إحصانهما، فرجمهما» ؛ ولأنه محرم في دينه، وقد التزم حكم الإسلام، فثبت في حقه حكمه، كالمسلم.
ويلزمهم التميز عن المسلمين في: لباسهم؛ ويمنعون من إظهار المنكر، كالخمر، والخنزير، وضرب الناقوس، ورفع أصواتهم بكتابهم، وإظهار أعيادهم، وصلبانهم، كما قرره أهل العلم لما رواه الخلال بإسناده من حديث عبد الرحمن بن غنم.
ويمنعون من دخول الحرم؛ لقول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}
. ولا يبدءون بالسلام، لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله r: «إذا لقيتم اليهود في الطريق فاضطرهم إلى أضيقها، ولا تبدءوهم بالسلام» .
كما لا يجوز للمسلم مشاركة أهل الكتاب في أعيادهم، وتهنئتهم بها ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق،
وإذا تقرر حفظ حقوق غير المسلمين في بلاد الإسلام وعدم التعرض لهم ، فإنه من المتقرر شرعا وإجماعاً « إن الشريعة لم تبح قط الكفر بالله أو الشرك به ولم تبح قط التعبد بالعبادات الباطلة المبتدعة {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} ولم تبح الشريعة قط فعل المنكرات والمعاصي {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}..
أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربي رحيم ودود
 
الخطبة الثانية :
 الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتننا وعلى الله وسلم على عبده ورسوله وأله وأصحابه اما بعد .
إذا علمنا عظمةَ الإسلامِ بسياسته الحكيمةِ، وتشريعاته الشامله، وأحكامه العادله، كان لزاما علينا أن نأخذه بقوه {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وننشَره ونعلمَه ونبلغ رسالة الإسلام الصحيح إلى كل من يسكن بين ظهرانينا من غير المسلمين من عمالة وخدم وغيرهم ؛ رحمة بهم وشفقة عليهم ورغبة في إخراج من شاء الله منهم من الظلمات إلى النور ، ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ r، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ r يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ»، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمَِ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ r وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ»
 وهذا يتطلب جهدا واسعاً، وعملاً دؤوباً من الأفراد والجمعيات والمؤسسات الحكومية والأهلية تبليغا لدين الله ونشرا للإسلام وعزة للمسلمين  . في صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
اللهم اجعلنا من الهداة المهتدين وثبتنا يا ربنا على صراطك المستقيم ...
المرفقات

1660818435_الإسلامٌ هدايةٌ ورحمةٌ للعالمين.pdf

1660818438_الإسلامٌ هدايةٌ ورحمةٌ للعالمين.docx

المشاهدات 1304 | التعليقات 0