الإسلام عمل وسلوك

الشيخ السيد مراد سلامة
1441/03/16 - 2019/11/13 16:57PM

Smiley face

الإسلام عمل وسلوك
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى

 أما بعد: إخوة الإسلام إن التنفير عن الدين جريمة من الجرائم التي يرتكبها البعض في حق ديننا , ففي الوقت الذي ننتسب للإسلام كما هو مسطر في بطاقاتنا الشخصية , نخالفه في جميع مناحي حياتنا ...

القد أصبحنا في الفترة الأخيرة دعاة تنفير لا تبشير وهذا ما نراه في الشاشات و الفضائيات و الأسواق و المدارس و الجامعات ...

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما صرنا في ذيل الأمم ...

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما أهملنا العلم ...

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما آثرنا البطالة ...

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما اتبعنا الشهوات ...

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما تفرقنا وتشرذمنا وتشتتنا ...

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما غش الصانع صنعته

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما روج البائع لسلعته بالأيمان الكاذبة

أسأنا إلى الإسلام ونفرنا الناس عنه عندما انشغلنا بالغناء عن القران 

أسأنا إلى الإسلام , ونفرنا الناس عنه , عندما اتبعنا الشرق تارة , والغرب تارة أخرى , وأهملنا ديننا

الإسلام منهج شامل انتظمت فيه شئون الدنيا والدين

  أحباب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -الإسلام منهج شامل انتظمت فيه شئون الدنيا والدين (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لَا شَرِيكَ لَهُ)(الأنعام: 162، 163).

ربط القرآن بين الإيمان والعمل كثيرا فقال الله تعالى  (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ….)(الكهف:30)، { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [البقرة: 218] ودائما يذكر القرآن بعد الإيمان العمل أو صورة من صوره (آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا..)،

فالعمل أيها الإخوة و السلوك ترجمة فورية لذلك الإيمان فالإيمان ليس بالتمني و لكن الإيمان بالتحلي الإيمان إقرار بالجنان و نطق باللسان و عمل بالجوارح و الأركان

والعمل لابد له من ثمرة تظهر على الفرد وهذا ما يظهر في سلوكيات المسلم وكما يعرف جميعنا أن الدين المعاملة

لذا أيها الآباء دائما نرى الله تعالى يذكر لنا أثر العمل في حياة المسلم ففي الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام نرى أن الله تعالى بعد الأمر بها في آيات كثيرة يبن لنا في سور العنكبوت اثرها يقول سبحانه﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]؟!

وقال أبو العالية رحمه الله تعالى في قوله عزَّ وجل: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ الآية [العنكبوت: 45]، قال: "إنَّ الصلاة فيها ثلاث خصال؛ فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال فليست بصلاة: الإخلاص، والخشية، وذكر الله؛ فالإخلاص يأمره بالمعروف، والخشية تَنهاه عن المنكر، وذِكر الله: القرآن يأمره وينهاه"[8]. ([1])

قال السعدي رحمه الله :" وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، أن العبد المقيم لها ، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها ، يستنير قلبه ، ويتطهر فؤاده ، ويزداد إيمانه ، وتقوى رغبته في الخير ، وتقل أو تعدم رغبته في الشر ، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها " انتهى .([2])

و الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام تطهر المزكي من الشح و الأثرة و تزكيه فيظهر ذلك في حياته اليومية فتجده طيب النفس سخي اليد عفيف اللسان سباقا إلى الخير محبا لعباد الله قال الله تعالى الآية:﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.

( خذ من أموالهم صدقة ) أي خذ أيها الرسول من أموال من ذكر ، ومن سائر أموال المؤمنين - على اختلاف أنواعها ، ومنها مال التجارة - صدقة معينة كالزكاة المفروضة أو غير معينة وهي التطوع - فالصدقة ما ينفقه المؤمن قربة لله كما تقدم في نفقة مؤمني الأعراب ( تطهرهم وتزكيهم بها ) أي تطهرهم بها من دنس البخل والطمع والدناءة والقسوة على الفقراء البائسين وما يتصل بذلك من الرذائل ، وتزكي أنفسهم بها : أي تنميها وترفعها بالخيرات والبركات الخلقية والعملية حتى تكون بها أهلا للسعادة الدنيوية والأخروية ، فالمطهر هنا الرسول والمطهر به الصدقة . والتزكية صيغة مبالغة من الزكاء وهو نماء الزرع ونحوه ، قال في مجاز الأساس : رجل زكي زائد الخير والفضل بين الزكاء والزكاة ، ( وحنانا من لدنا وزكاة ) ( 19 : 13 ) ا هـ .

و الصوم جنة ووقاية من الوقوع فيما حرم الله تعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ..

وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ..يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَ([3])

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم. ومن صيام السمع صونه عن سماع المحرمات والمنكرات..... إلخ.

و الحج مدرسة لتربية المسلم على السلوك القويم و الأخلاق الكريمة ؛ قال تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ((ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار؟ على كل قريب هيِّن سهل)) [[4]].

الله أكبر عباد الله: يا من تريد شهادة ضمان لدخول جنة الرحيم الرحمن يا من تريد براءة من النار كن سمحا سهلا لينا قال القاري: (أي: تحرم على كل سهل طلق حليم، ليِّن الجانب، قيل: هما يطلقان على الإنسان بالتثقيل والتخفيف. ((قريب)). أي: من النَّاس بمجالستهم في محافل الطاعة، وملاطفتهم قدر الطاعة. ((سهل)). أي: في قضاء حوائجهم، أو معناه أنَّه سمح القضاء، سمح الاقتضاء، سمح البيع، سمح الشراء). [[5]].

عن حذيفة رضي الله عنه قال: ((أتى الله بعبد من عباده آتاه الله مالًا، فقال له: ماذا عملت في الدنيا؟ - قال ولا يكتمون الله حديثًا - قال: يا رب آتيتني مالك، فكنت أبايع النَّاس، وكان من خلقي الجواز، فكنت أتيسَّر على الموسر، وأنظر المعسر. فقال الله: أنا أحق بذا منك، تجاوزوا عن عبدي)) [[6]].

لقد ترجم سلف الأمة العبادات إلى معاملات من صدق في الأقوال والأعمال ومن أداء للأمانة وصيانة للديانة ومن إحسان على الفقراء وبذل وسخاء وهيا لنقف مع سلف هذه الأمة كيف كانت أفعالهم

اسمعوا أيها الأحباب ذات يوم خرج أحد التجار الأمناء في سفر له، وترك أحد العاملين عنده ليبيع في متجره، فجاء رجل يهودي واشتري ثوبًا كان به عيب.

فلما حضر صاحب المتجر لم يجد ذلك الثوب، فسأل عنه، فقال له العامل: بعته لرجل يهودي بثلاثة آلاف درهم، ولم يطلع على عيبه. فغضب التاجر وقال له: وأين ذلك الرجل؟ فقال: لقد سافر.

فأخذ التاجر المسلم المال، وخرج ليلحق بالقافلة التي سافر معها اليهودي، فلحقها بعد ثلاثة أيام، فسأل عن اليهودي، فلما وجده قال له: أيها الرجل! لقد اشتريت من متجري ثوبًا به عيب، فخذ دراهمك، وأعطني الثوب. فتعجب اليهودي وسأله: لماذا فعلت هذا؟ قال التاجر: إن ديني يأمرني بالأمانة، وينهاني عن الخيانة فقد قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي)([7])

فاندهش اليهودي وأخبر التاجر بأن الدراهم التي دفعها للعامل كانت مزيفة، وأعطاه بدلا منها ثم قال: لقد أسلمت لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله).

الدين المعاملة حتى مع غير المسلمين
و علموا عباد الله تعالى أن الله تعالى أمرنا أن نترجم الآيات التي تدعو إلى الإحسان إلى غيرنا إلى سلوك و أخلاق لتظهر للعالم كله أن الدين الإسلامي دين السماحة و دين الرفق مع الأخرين فالله تعالى علم - زادك الله علمًا وفهمًا - أن الله تعالى أمرنا في كتابِه بالإحسان إلى أهل الكتاب، وأن نَبَرَّهم، وألا نظلمهم، فقال الله تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

قال أَبُو صَخْرٍ الْمَدَنِيُّ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ , عَنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً , عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا وَانْتَقَصَهُ وَكَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى صَدْرِهِ: " أَلَا وَمَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ , وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا [[8]].

و هل انتشر الإسلام في مجاهيل إفريقيا إلا بالأخلاق و السلوك ؟؟

 وها هم الصحابة وسلف هذه الأمة يترجمون ذلك إلى واقع مشهود تراه الدنيا كلها لتكون شاهدة على عدل وسماحة الإسلام

مرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ قال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه، أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم "إنما الصدقات للفقراء والمساكين" والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه [[9]].

وفي خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله كتب إلى عدي بن أرطأة: "وانظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه"[[10]].

وهذا لون من السماحة في المعاملة والعدل الذي لا يعرف له وجود إلا في الإسلام؛ لأنه قائم على احترام الإنسانية ومعرفة حقوقها[[11]].

وعندما أمر عمر بن عبدالعزيز رحمه الله مناديه ينادي: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها وقام إليه رجل ذمي من أهل حمص فقال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله قال: وما ذاك؟ قال: العباس بن الوليد بن عبدالملك اغتصبني أرضي، والعباس جالس، فقال له عمر: يا عباس ما تقول؟ قال: نعم، أقطعنيها أمير المؤمنين الوليد، وكتب لي بها سجلاً، فقال عمر: ما تقول يا ذمي؟ قال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله تعالى، فقال عمر: نعم كتاب الله أحق أن يتبع من كتاب الوليد، قم فاردد عليه ضيعته، فردها عليه[[12]].

وفي عهد الرشيد كانت وصية القاضي أبي يوسف له بأن يرفق بأهل الذمة حيث يخاطبه بقوله: "ينبغي يا أمير المؤمنين - أيدك الله - أن تتقدم في الرفق بأهل ذمة نبيك، وابن عمك محمد صلى الله عليه وسلم ، والتفقد لهم حتى لا يظلموا، ولا يؤذوا، ولا يكلفوا فوق طاقتهم، ولا يؤخذ من أموالهم إلا بحق يجب عليهم"[[13]].

إن من يقرأ القرآن الكريم يعلم حقيقة السماحة في الإسلام في أعظم قضية جاء بها الإسلام وهي قضية التوحيد، حيث عرض لها القرآن بأسلوب سمح سهل يدركه كل عاقل، ويستدل على حقائق الإيمان بما يحسه الناس ويدركونه بأيسر طريق.

وعبر تاريخ دولة الإسلام كان يعيش في داخلها غير المسلمين في مراحل قوتها وضعفها، فلم يجبروا على ترك معتقداتهم، أو يكرهوا على الدخول في الإسلام، والقاعدة العظمى في الإسلام أن لا إكراه في الدين؛ ولذا فقد عاش الذميون وغيرهم في كنف دولة الإسلام دون أن يتعرض أحد لعقائدهم ودياناتهم[[14]] .

إن الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه، أو مصادرة حقوقهم، أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم، أو المساس الجائر بأموالهم وأعراضهم ودمائهم، وتاريخ الإسلام في هذا المجال أنصع تاريخ على وجه الأرض[[15]]. .

الإسلام عدل ووفاء

والإسلام أخلاق وسلوكيات تشهد لله تعالى بالوحدانية ولنبيه صلى الله صلى وسلم بالرسالة فالإسلام عدل ووفاء.................. أمام قانون الله تعالى تتلاشى جميع الفوارق المادية فلا فضل لعربي على اعجمي ولا لأبيض على أحمر إلا بالتقوى تقام العدالة بأمر الله و امر رسوله لا تعرف المحاباة والا المحسوبية ولا المجاملة و التعصب الممقوت بل الكل أمام ذلك القانون سواء عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ  ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ "، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ،([16])

لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها

هذا هو الإسلام الذي يقيم الحد ولا يسال نسبه أو حسبه فالكل سواسية أمام ميزان العدالة فمن عدل النبي   ( صلى الله عليه وسلم ) ما قرره عندما سرقت المرأة المخزومية  عن عائشة – رضي الله عنها – أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسول الله  ( صلى الله عليه وسلم )، ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )  ؛ فكلم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )  فقال : أتشفع في حد من حدود الله ؛ ثم قام فخطب الناس ، فقال : يا أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها . ([17])

أخرج عبد الله بن صالح: قال: كتب المنصور إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة؛ أنظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر فادفعها إلى القاضي، فكتب إليه سوار: إن البينة قد قامت عندي أنها للتاجر ، فلست أخرجها من يده إلا ببينه ، فكتب إليه المنصور ، والله الذي لا إله إلا هو  لا تدفعنها إلى القائد فكتب إليها سور والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجتها من يد التاجر إلا بحق ، فلما جاءه الكتاب قال : ملأتها والله عدلا وصار قضاتي تردني إلى الحق .([18])

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وسمع الله لمن دعا وبعد فاتقوا الله عباد الله حق التقوى.

عدل لا يفرق بين مؤمن وكافر

أنظر إلى عدله الرائع الباهر وموقفه الجميل من قضية " كنيسة يوحنا " بدمشق فقد كان ، الوليد بن عبد الملك ، قد هدم جزء كبيرا من كنيسة يوحنا ليقيم عليه امتداد المسجد الأموي وصار هذا الجزء مسجدا ، وإن اقصى ما يستطيعه حاكم عادل في مثل هذا الموقف أن يعطي تعويضا سخيا ، أو أرضا بديلة لكن ( ابن عبد العزيز ) يتعامل مع العدل بالحق بأسلوب مختلف عن أساليبنا إنه أسلوب قديس جليل !! وهكذا أصدر أمره العجيب بهدم ذلك الجزء الكبير من المسجد وأعاده الأرض التي أقيم عليها إلى الكنيسة، ودارت الأرض بعلماء دمشق وفقهائها ، فأرسلوا وفدهم لإقناع أمير المؤمنين بالعدول عن قراره ، ولكن أمير المؤمنين أصدر أمرا جديدا حدد فيه اليوم بل الساعة التي يجب أن تتم فيها عملية الهدم والتسليم !! ولم يجد العلماء لإنقاذ المسجد سوي أن يفاوضوا زعماء الكنيسة في دمشق ويعقدوا معهم اتفاقا يرضونه ، ويتنازلون بموجبه عن الجزء المأخوذ من كنيستهم ، ثم ذهب وفد الفريقين لإبلاغ الخليفة نبأ الاتفاق فيحمد الله عليه ثم يقرره ويرضاه . ([19])

التلازم بين الظاهر والباطن.

 إخوة الإسلام: إن الإسلام التزام بين الظاهر و الباطن التزام بين الأقوال و الأفعال التزام بين العمل و السلوك أخرج مسلم في صحيحه عنْ أبي هريرةَ عبدِ الرحمانِ بنِ صخرٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :(( إنَّ الله لا ينْظُرُ إِلى أجْسَامِكُمْ ، ولا إِلى صُوَرِكمْ ، وَلَكن ينْظُرُ إلى قُلُوبِكمْ وأعمالكم ))([20])

المفارقة بين القول والسلوك من أكبر ما يبغضه الله

 إخوة الإسلام إن المفارقة بين القول و السلوك من كبائر النوب التي يبغضها علام الغيوب قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}[الصف]

أيتها الأمة الأبية عودي إلى هدي خير البرية واعتصموا بالكتاب والسنة النبوية وحققوا الإسلام في بيعكم وشرائكم حققوا الإسلام في بيوتكم مع نسائكم وأبنائكم

حققوا الإسلام في المنع والعطاء في الولاء والبراء في المحبة والجفاء زنوا أفعالكم وأخلاقكم بميزان الإسلام اقتدوا بنبيكم فقد كان خلقه القران

الدعاء ....................................

[1] - ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (6/ 280 - 283).

[2] -"تفسير السعدي" (ص 632

[3] - رواه البخاري (1894) ، ومسلم (1151) .

[4] -رواه الترمذي (2488)، وابن حبان (2/ 215) (469)، وصححه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1744).

[5] -((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3179)

[6] -رواه البخاري (2077)، ومسلم (1560) واللفظ له

[7] - أخرجه مسلم (1/99 ، رقم 102)

[8] - السنن الكبرى للبيهقي (9/ 344) . وصححه الألباني في صحيح أبى داود (2626).

[9] -كتاب الخراج، أبو يوسف، ص: (126).

[10] -كتاب الأموال، أبو عبيد، ص: (57).

[11] -الموسوعة في سماحة الإسلام، محمد الصادق عرجون، ج1, ص: (211).

[12] - أنظر: البداية والنهاية، ج9, ص: (213).

[13] - الخراج، أبو يوسف، ص: (125).

[14] -أنظر: تلبيس مردود في قضايا حية، د. صالح بن حميد، ص: (30).

[15] -التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام، محمد الغزالي، ص: (6).

[16] - أخرجه أيضًا : أحمد (5/411، رقم 23536)

[17] - أخرجه البخاري (3/1282 ، رقم 3288) ، ومسلم (3/1315 ، رقم 1688) ، وأبو داود (4/132 ، رقم 4373)

[18] - تاريخ دمشق - (32 / 326)الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا 2 / 28 - 29

[19] - ترطيب الأفواه جـ1 ص164 – 165 نقلا عن خلفاء رسول لخالد محمد خالد ص580 – 581.

[20] - أخرجه : مسلم 8/11 ( 2564 ) ( 34 )

المرفقات

عمل-و-سلوك

عمل-و-سلوك

المشاهدات 2636 | التعليقات 0