الإسلام دين الحجة والبرهان
مركز حصين للدراسات والبحوث
عناصر الخطبة
1- تهافت الشبهات. 2- عقيدة الإسلام بُنِيَت على الحجة والبرهان. 3– الضالُّون عنِ الحق لا يعقلون. 4- الكبر مانعٌ عن اتباع الحق.
الحمدُ للهِ العزيزِ الخالِق، يقذفُ بالحقِّ على الباطلِ فيَدْمغهُ فإذا هو زاهق، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، فصَّلَ لعبادِه الآياتِ وبيَّنَ الحقائق، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، النبيُّ الأميُّ الأمينُ الصادِق، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السرِّ والنجوى، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
عِبادَ الله:
يقول تعالى: ﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾.
من هؤلاء؟
بنو إسرائيلَ رأَوْا بأعيُنِهمُ الآياتِ الباهرةَ على ربِّ العالمين، وكيف أنَّه نجّاهم مِن العذابِ المهينِ، مِن فرعونَ الطاغيةِ الأثيمِ.
ما إنْ نجّاهمُ اللهُ وأغرقَ فرعونَ حتى مرُّوا على قومٍ يعكُفونَ على أصنامِهم، فقالوا لموسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف: 138].
ما أعظمَ جَهالةَ هؤلاء! ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46].
كلّمَ الربُّ موسى عليه السلام، فأخبرَهُ أنَّ قومَهُ مِن بعدِه عبدوا العِجلَ من دونِ الله، وأضلَّهمُ السامريّ.
السامريُّ رأسٌ مِن رؤوسِ الضلالةِ، لا يخلو منه زمانٌ، يحمِلُ باطلًا مُزخرَفًا، تميلُ له القلوبُ التي عَمِيَت عن الحقِّ، وأُشرِبَتِ الهوى الباطلَ.
رأى السامريُّ شَوقَ بني إسرائيلَ إلى إلهٍ مصنوعٍ، وشأنهُ شأنُ كلِّ وضيعٍ يريدُ أن يرقى بالأباطيلِ، فصنعَ لهم عجلًا ذهبيًّا، له صوتٌ يشبهُ صوتَ البقرِ، قائلاً هو وأتباعُه: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ﴾ [طه: 88]!
أيُعقَل أن ينسى موسى ربَّه، ويضِلَّ عنه، ويكونَ الإلهُ الحقُّ عِجلًا ذهبيًّا مصنوعًا؟
رَغْمَ حقارةِ الشُّبهةِ وتَفاهتها -وهكذا شأنُ كلِّ شبهةٍ باطلةٍ- إلا أنَّ لها أتباعًا.
قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ [طه: 89]؟
إنَّ فاقدَ صفاتِ الكمالِ لا يمكن أن يكونَ إلهًا، فهو مَعيبٌ ناقصٌ، لا يتكلَّمُ ولا يملكُ ضَرًّا ولا نفعًا.
أيُّ عقلٍ هذا الذي يَقبلُ أن يكونَ الإلهُ مَصنوعًا، ناقِصًا، لا يَسمعُ، ولا يُبصرُ، لا ينفعُ ولا يضرُّ، يغيبُ ويأفُلُ، يمرَضُ ويألمُ، يكونُ بعدَ العَدَمِ، فقيرٌ إلى عابده، بل عابدهُ أكملُ منه وأتمُّ؟
إنها كحُجَّةِ إبراهيمَ الخليلِ التي كسرَ بها أصنامَ قومِه بالدليلِ والبيانِ بعد أن كسرَها بالحديدِ والسِّنانِ، فقال: ﴿أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنبياء: 66-67].
عبادَ الله:
هكذا دوماً يُقرِّر اللهُ العقيدةَ بالبراهينِ القاطعةِ، والحُجَجِ الباهرةِ الدامغةِ.
إنَّ من أعظمِ خصائصِ عقيدتِنا الإسلاميةِ الصحيحةِ أنَّها عقيدةٌ أُسِّسَت على البراهينِ الصحيحةِ، والحُججِ اليقينيةِ، والأدلةِ النقليةِ العقليةِ، التي لا يزيغُ عنها إلا هالك.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: 174].
البرهانُ هو الدليلُ القاطعُ للعُذْرِ، والحُجَّةُ النيِّرةُ الواضِحةُ المُزيلةُ للشُّبهةِ، والتي ما إن تسمَعُها الأذنُ ويتلقّاها القلبُ السليمُ حتى تغرِسَ فيه اليقينَ الذي لا يَعتريهِ شكٌّ أو ريبٌ.
هكذا كلُّ أصولِ العقيدةِ ومباني الإيمانِ، يُبرهِنُ اللهُ عليها بالأدلةِ والبراهينِ العقليةِ.
عندما يُكلِّمنا اللهُ عن إلـٰهيتِه، يُخاطبُ قلوبَنا وعقولَنا، قائلًا: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 17]، أيستوي الخالقُ مع المخلوقِ؟ أيُمكن أن يكونَ المعدومُ الفقيرُ إلى مَن يُحييه إلهًا؟ اسمعِ الآياتِ كيف تدمَغُ كلَّ باطلٍ، يقول ربنا: ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [النمل: 60-64].
هذه براهينُ كالشمسِ، تُخبِركُم عن إلـٰهيّةِ اللهِ الحقِّ، خلقٌ وإيجادٌ، إحكامٌ وإتقانٌ، رعايةٌ وإحسانٌ، آياتٌ باهراتٌ. فهاتوا برهانَكم وحُجَّتَكم على هذه الأباطيلِ والأوثانِ والأندادِ والإلحادِ، وأنَّى لهم ذلك!
ليس معَ المبطلِ حجةٌ، ولا معَ المشركِ برهانٌ، ولا معَ المُلحدِ سلطانٌ، كلُّها محضُ ظنونٍ وأوهامٍ.
قال الله: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾ [النجم: 23].
ما عليكَ إلا أن تقرأَ القرآنَ لتَسمعَ فيه الحُجَجَ الباهرةَ على كلِّ أصلٍ من أصولِ هذا المعتقَدِ الصحيحِ.
آياتُ الكتابِ المسطورِ تُخبرُكَ بالحقِّ عن آياتِ الكتابِ المنظورِ، لكن لِمَن؟
يخبرنا سبحانه عن آياته، أنّها آيات ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: 4]، و﴿لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [يونس: 67]، و﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرعد: 3].
أنكرَ المشركونَ البعثَ ولقاءَ الله، فخاطبَ سبحانهُ عقولَهم وقلوبَهم قائلًا: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [فصلت: 39].
أرأيتم تلك الأرضَ المُجدبةَ الميتةَ، لا زرعَ فيها ولا ثمرَ، كيف ساقَ إليها القديرُ سبحانه ماءً عذبًا فراتًا، فأحياها بعد موتِها؟ أيُعْجِزُهُ سبحانه أن يُحيِيَكم أيها الخلقُ بعد أن أماتَكم وهو واهبُ الحياةِ؟
إنه يَنسِفُ غُرورَ ذاك الإنسانِ المتعجرفِ قائلًا: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ [يس: 78-81].
أولئك الذين جحدوا نبوةَ رسولهِ محمدٍ ﷺ ينادي عليهم أن يُحكِّموا عقولَهم ويتفكّروا، قائلًا: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: 46].
تفكَّروا، أيُعقَلُ أنْ يكونَ محمدٌ ﷺ مجنونًا، وهو الراشدُ الصادقُ الأمينُ، الذي عرفتموه وما جربتم عليه كذبًا ولا سفهًا قطُّ؟!
ألم يَلبثْ رسولُ اللهِ ﷺ بينَكم عُمُرًا طويلًا، لا يقرأُ ولا يكتبُ، ثم جاءَكم بكتابٍ فيه الحقُّ لا تشوبُه شائبةٌ، فكيفَ يكونُ هذا من عندِه؟!
قال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: 48].
لذا أمرهُ اللهُ أن يُكلِّم عقولهم قائلًا: ﴿قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [يونس: 16].
لقد وصفَ اللهُ هؤلاء الجاحدينَ والمشركينَ والمتشكِّكينَ بأنهم لا يعقلونَ حقًا، لأنهم كالأنعامِ، بل هم أضلُّ.
إذا خوطبوا بالحُجَّةِ والبرهانِ، قالوا: نحنُ على ما عليهِ الآباءُ والأسلافُ، فأيُّ حجةٍ في ذلك، لذا قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 170].
إنهم حقًّا كما قال الله: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [المائدة: 103].
ولذلك يَصرُخونَ في الجحيم: ﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: 10].
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
عبادَ الله:
يقولُ ربُّنا سبحانه: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ [الأنعام: 149].
ما أسعدَنا بالحقِّ الذي مَنَّ اللهُ به علينا، إذ أكرمَنا اللهُ بالحقِّ الواضحِ، المؤيَّدِ بالبرهانِ الساطعِ، لا لَبسَ فيهِ ولا تخليطَ، لا غموضَ فيهِ ولا تضليلَ.
انظروا حولَكم إلى الأممِ التي ضلَّت عن اللهِ كيفَ قادَها أحفادُ السامريِّ بنفوسِهمُ التي كرهَتِ الحقَّ إلى باطلٍ لا يُؤسَّس على عقلٍ ولا حُجةٍ، إنما هي مَحضُ شُبُهاتٍ متناقضةٍ، وظُنونٌ متضاربةٌ، وافقتِ الأهواءَ الباطلةَ.
إنه الكِبْرُ الذي انتفخت به صدورُهم فتعالت عن اتِّباعِ الحقِّ.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر: 56].
إنهم مَدْعُوُّونَ يومَ القيامةِ أمامَ الملك الحق القائل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53].
سَيَقِفون بين يدَيه يوم القيامة قائلًا: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [القصص: 74-75]
يا عبادَ اللهِ!
أقبِلوا على كتابِ ربِّكم وسُنَّةِ نبيِّكم، تجدوا عقيدةً صافيةً واضحةً، أُسِّسَت بالحُججِ القاطعةِ، والبراهينِ الساطعةِ، لا يضِلُّ عنها إلا هالكٌ أراد الهلاكَ، تعلَّموها وعَلِّموها أولادَكم، قال النبي ﷺ: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ». رواه أحمد([1]).
اللهم اهدِ بالقُرآنِ قلوبَنا، ونوِّر ببُرهانِه بصائرَنا، وثبِّت على الصِّراطِ المستقِيم أقدامَنا.
اللهم نجِّ عبادَك المستضعَفين في غزّةَ وفي كلّ مكان، وفرِّج عن المكروبين من إخواننا المؤمنين، وانصر عبادك الموحِّدِين على الصَّهَايِنَةِ الـمُجرمِين.
اللّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمّتَنا وُولاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
([1]) رواه أحمد (17142)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (937).
المرفقات
1729157848_الإسلام دين الحجة والبرهان A5.docx
1729157849_الإسلام دين الحجة والبرهان.pdf
1729157849_الإسلام دين الحجة والبرهان.docx
1729157849_الإسلام دين الحجة والبرهان A5.pdf