الإسراف والتبذير13-11-1436هـ-حسام الجبرين-الألوكة-بتصرف

محمد بن سامر
1436/11/13 - 2015/08/28 05:22AM
[align=justify][align=justify]...أمابعد:
فيا أيها الكرام: إنَّ دينَ الإسلامِ أصلُ التوسُّط والاعتدالِ، في جميعِ الأمورِ والأحوالِ، [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا]، ومنْ أصولِ الدينِ العظيمةِ: حفظُ الأمورِ الخمسةِ الضروريةِ للنَّاسِ، وهي: الدِّينُ، والنَّفسُ، والمالُ، والعِرْضُ، والعقلُ، وحولَ موضوعِ المالِ جاءتْ نُصوصٌ شرعيةٌ تحذِّرُ من الإسرافِ والتَّبذيرِ، وتنْهى عن البخلِ والتَّقتيرِ.[/align][/align]
[align=justify][align=justify]
والإسرافُ فعلٌ يُبغضه الربُ، وتصرُّفٌ يذمُّه اللهُ، قال-سبحانه وتعالى-: [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ]، ويقول في وصف عباده الأتقياء:[وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا]، ورسولُنا-صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-يقولُ: "كلوا واشربوا وتصدقوا والبَسوا ما لم يُخالطْه إسرافٌ أو مَخِيلةٌ"؛ والمخيلةُ الكبرُ، ويقول-عليه وآله الصلاة والسلام-: "إنَّ اللهَ كره لكم ثلاثًا: قيلَ وقالَ، وإضاعةَ المالِ، وكثرةَ السؤالِ".
أيها المباركون: الإسرافُ: هو الزِّيادةُ على مقدارِ الحاجةِ في صرفِ المالِ، والتَّبذيرُ: صرفُ المالِ فيما لا ينفعُ وقد يضرُ، أو صرفُه في معصيةِ اللهِ.
ومن الأمورِ المُحزنةِ: الإسرافُ في المآكلِ والمشاربِ، فترى بعضَ الناسِ يَجتمعُ على مائدتِه من ألوانِ الطَّعامِ وصُنوفِ الشرابِ ما يكفي أضعافَ عددِ الحاضرينَ أحيانًا، وأسوأُ من ذلك إذا أُلقيت في سلةِ النفاياتِ، وهذا كفرٌ بالنِّعمِ، وسببٌ في تحوُّلِها وزوَالِها؛ [وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ]، تُرى أنَسِيَ هؤلاءِ المسرِفونَ أم تناسَوا أنَّ من الناسِ-حولَنا-من يَموتون جوعًا، لا يَجدون ما يسدُّون به حرارةَ جوعِهم، ولظى عطشِهم؟!
يُحَدِّثُ أحدُ الإخوةِ كان يعملُ في جمعيةِ برٍّ في الرياضِ يقولُ: في أحدِ الأيامِ جاءَنا رجلٌ بعد العصرِ يسألُ: هل عندكم طعامٌ؟ فقالوا له: الآن لا يوجدُ إلاَّ طعامٌ باردٌ في الثلاجةِ، قال: أعطونيه، فمعي أطفالٌ مسَّهم الجوعُ، فأخذه، فرأيتُ الأطفالَ يأكلونُ الطعامَ خلفَ السيارةِ يلتهمونه التهامًا وهو باردٌ.
والواجبُ على المسلمِ الحرصُ-قدرَ ما يستطيعُ-إذا زادَ عنده شيءٌ أنْ يَتَّصِلَ بالجمعياتِ الخيريةِ التي تأخذُه وتوزعُه على المحتاجين، أو يأخذُ الطعامَ النظيفَ، ويعطيه مَن يَحتاجه، أو يسخنه مرة أخرى ويأكلُه، وأقلُ الأحوالِ أن يلقى للطيورِ والحيواناتِ.
قالَ ابنُ القيمِ-رحمه اللهُ-في قوله-تعالى-: [ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ]، قال: "والنعيمُ المسؤولُ عنه نوعانِ: نوعٌ أُخذَ من حِلِّهِ-من حلالٍ-، وصُرفَ في حقِه، فيسألُه-اللهُ-عن شكرِه، ونوعٌ أُخذَ بغير حلِّه-من حرامٍ-، وُصرفَ في غيرِ حقِه، فيسألُه-الله-عن مستخرجِه ومصرِفِه".
ومن صورِ الإسرافِ: الإسرافُ في الماءِ، والماءُ نعمةٌ عظيمةٌ، كان الرسولُ-صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-مَضربَ المثلِ في المحافظةِ عليها، فعن أنسِ بنِ مالكٍ-رضي الله عنه-قال: "كان النبيُ-صلَّى الله عليه وآله وسلَّمَ-يتوضأ بالمُدِ، ويغتسل بالصَّاعِ، إلى خمسةِ أمدادٍ"، والمُدُ: هو ما يملأُ كفي اليدينِ المتوسطتين، وهو يساوي أقلَ من لترٍ من الماءِ، والصاعُ: خمسةُ أمدادٍ، يساوي أقلَّ من خمسةِ لتراتٍ من الماءِ، والخلاصة أنه كان-صلَّى الله عليه وآله وسلَّمَ-يتوضأُ بأقلَّ من لترٍ، ويغتسلُ بأقلَّ من خمسة لتراتٍ من الماءِ.
و نهى-صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم-عن الإسرافِ في الوضوءِ؛ فقد صحَّ أنه: "جاء أعرابِيٌّ إلى النبيِّ-صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم-يسألُه عن الوضوءِ، فأراه الوضوءَ ثلاثًا، ثم قال: هكذا الوضوءُ، فمن زادَ على هذا، فقد أساءَ، وتعدَّى، وظلمَ" وإذا كان هذا في شأنِ عبادةِ الوضوءِ، فما ظنك بما دونَها.
أيها الأحباب: إنَّ الوعيَ بأهميةِ ترشيدِ استهلاكِ المياهِ-مع قلةِ مياهِ الأمطارِ والآبارِ والسدودِ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ-والتكلفةِ الهائلةِ في تحليةِ مياهِ البحرِ، يجعلني ألفتُ نظرَكم إلى ما وردَ في نشرةِ وزارةِ المياهِ والكهرباءِ لترشيدِ استهلاكِ الماء وتوفيره باختصارٍ فأقولُ:
إنَّ استخدامَ أدواتِ ترشيدِ المياهِ من قبلِ عائلةٍ تتكونُ من ستةِ أفرادٍ: كاستخدامِ كيسِ الإزاحةِ الذي يوضعُ في صُندوقِ الطردِ-السيفون-أجلكم الله-يوَفِّرُ في السنةِ 33 طنًا من الماء.
واستخدامِ مُرَشِّدِ المغسلةِ والمجلى يوَفِّرُ في السنةِ 52 طنًا من الماء.
واستخدامِ مُرَشِّدِ الدِّشِ يوَفِّرُ في السنةِ 28 طنًا من الماء.
والخلاصة: أن الأسرةَ الواعيةَ بأهميةِ ترشيدِ استهلاكِ الماءِ، والمكونةَ من ستةِ أفرادٍ سَتُوَفِّرُ أكثر من مئةِ طنٍ في السنةِ من الماء.
أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
فإنَّ من صورِ الإسرافِ المنتشرةِ: الإسرافُ في الكهرباءِ، وكثيرًا ما تنادي وزارة المياه والكهرباءِ بالتعاوُنِ معها في وقتِ الصيفِ، وخصوصًا في وقتِ الذِّروة، من الساعةِ الثانيةَ عشْرةَ ظهرًا حتى الساعةِ الخامسةِ عصرًا، والإسرافُ في استخدامِ الطاقةِ ينعكسُ على المجتمعِ بالأثرِ السلبيِ السيئِ؛ لأنه يترتبُ على ذلك ثلاثةُ أمورٍ: زيادةُ تكاليفِ الفواتيرِ لعمومِ المشتركين، وانقطاعُ الكهرباءِ، وصعوبةُ إيصالِ الكهرباءِ لمشتركين جُددٍ هم في أمسِّ الحاجةِ إليها.
وأجهزة التَّكْيِيفِ هي الأكثرُ في استهلاكِ الكهرباءِ كيفًا وكمًّا، ولو أنَّ كل مُشتركٍ أغلق مكيفًا واحدًا، لزال عن مولداتِ الكهرباءِ أحمالُ ملايينِ المكيفاتِ، وبعضُ الناسِ إذا كان سدادُ الفاتورةِ على الدولةِ لا يُبالي بترشيدِ الكهرباءِ كالمساجدِ والمنشآت الحكوميةِ، وربَّما ترك الأنوارَ أو المكيفاتِ تعملُ بلا حاجةٍ، وليس عندها أحدٌ.
أيها الكرام: إليكم إشاراتٍ نُقلتْ من موقعِ وزارةِ المياهِ والكهرباءِ ربَّما يغفل عنها كثيرٌ من الناسِ.
في التكييف: الحرصُ على تنظيفِ مُرَشِحِ الهواءِ-الفلترِ-شهريًّا يُوَفِّرُ 6% من استهلاكِ المكيفِ للكهرباءِ.
وصيانةُ المكيفِ وتنظيفُه مرةً واحدةً في العام-على الأقلِ- يُوَفِّرُ 7% من الاستهلاكِ.
وضبطُ درجةِ حرارةِ المكيفِ عندَ الدرجةِ المتوسطةِ يُوَفِّرُ 10%من الاستهلاكِ.
وإغلاقُ النوافذِ دائمًا عند تشغيلِ المكيفِ يُوَفِّرُ15%من الاستهلاك.
وإطفاءُ المكيفِ عندَ مُغادرةِ المكانِ يُوَفِّرُ30%من الاستهلاك.
واستخدامُ العزلِ الحراريِّ في المباني القائمةِ والجديدةِ يُوَفِّرُ 40%من الاستهلاكِ.
وفي الإنارةِ: إطفاءُ مصابيحِ الإنارةِ-عند عدمِ الحاجةِ أو مغادرةِ المكانِ- يُوَفِّرُ15%من استهلاك الإنارة للكهرباء.
والاستفادةُ من الضوءِ الطبيعيِ-قَدْرَ الإمكانِ- يُوَفِّرُ 25%من الاستهلاكِ.
وفي الثلاجاتِ: تَجنبُ وضعِ الأغذيةِ الساخنةِ مباشرةً في الثلاجةِ يُسْهِم في توفيرِ استهلاكِ الكهرباءِ.
ووضعُ الثلاجةِ على بعد 15سم تقريبًا من الجدارِ الخلفيِّ من أجل التهويةِ يُوَفِّرُ8%من الاستهلاك.
وتقليلُ فتحِ بابِ الثلاجةِ يُوَفِّرُ15%من الاستهلاك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: [وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا*إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا].

[/align][/align]
المرفقات

الإسراف والتبذير13-11-1436هـ-حسام الجبرين-الألوكة-بتصرف.doc

الإسراف والتبذير13-11-1436هـ-حسام الجبرين-الألوكة-بتصرف.doc

الإسراف والتبذير13-11-1436هـ-حسام الجبرين-الألوكة-بتصرف.docx

الإسراف والتبذير13-11-1436هـ-حسام الجبرين-الألوكة-بتصرف.docx

المشاهدات 2538 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا وبارك فيك ولك .