الإرهاب الحوثي على دمَّاج
إبراهيم بن صالح العجلان
1435/01/11 - 2013/11/14 11:58AM
إخوة الإيمان:
مساجدُ يُذكر فيها اسم الله تعالى تُخرَّبُ وتُحْرَقُ، ومنازُل متواضعةٌ تؤوي أهلَها تُدكُّ وتُهْدَمُ.
قصفٌ بالأسلحةِ الثقيلة والدبابات،ورجمٌ عشوائي للمساكن والتجمعات.
استهداف وإرهاب،حصار وإرعاب، وتهجير للنساء والأطفال والشباب.
عشرات القتلى ، مئات الجرحى، ومثلهم تحت الأنقاض يئنون.
صيحاتُها دوَّت ولا من منقذٍ ** فبَكيتُ من حرِّ الأسى بفؤادي
طَمِعت بعونِ المسلمين فهالها ** أنَّ الجميعَ بغفلةٍ ورقادِ
يا مسلمون أما ترون مُصابَها ** أوَ لم تعي الآذانُ صوت منادي
فقد استباحَ الخائنون تُرابها ** من بعدِما دُفعوا من الأسيادِ
لا يرقبون بمؤمنٍ إلاً ولا ** ينهاهمُ دينٌ عن الإفسادِ
إن المجوس همُ العدوُّ ودينهم ** داءٌ خبيثٌ جاءَ بالأحقادِ
إننا يا أهل الإيمان لا نتحدث عن جرح المسلين في الشام، ولا في بورما، بل هو جرح جديد في جسدنا قد اندمل وانفجر، ولا زال إلى هذه اللحظة يَثْعُبُ ويَنزِف.
إنه جرح المسلمين في دماج السنة، دماج صعدة اليمن، دماج العلم والتعليم ، على أيدي العصابات الحوثية.
أما لماذا قصفوا وقتلوا ويراد لهم أن يُهَجَّرُوا ؟ فتلك قصة مترابطة، من المهم أن نقف على بداياتها لتتضح لنا غاياتها، وماذا يراد لها.
قِصَّةُ الْبِدَايَةِ الْحُوثِيَّةِ كَانَتْ مَعَ بِدَايَةِ التِّسْعِينِيَّاتِ الْمِيلَادِيَّةِ فِي مُحَافَظَةِ صَعْدَةَ بِالتَّحْدِيدِ؛ حَيْثُ خَرَجَتْ لِلْوُجُودِ حَرَكَةٌ تَنْظِيمِيَّةٌ أَطْلَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا (الشَّبَابَ الْمُؤْمِنَ) كَانَ مِنْ أَبْرَزِ مُؤَسِّسِيهَا بَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيِّ، ثُمَّ تَوَلَّى رِئَاسَتَهَا ابْنُهُ حُسَيْنُ بَدْرِ الدِّينِ الْحُوثِيِّ، كَانَ نَشَاطُ هَذَا التَّنْظِيمِ فِي بِدَايَاتِهِ فِكْرِيًّا يَهْدُفُ إِلَى تَدْرِيسِ الْمَذْهَبِ الزَّيْدِيِّ.
وَحِينَ حَدَثَتِ الْوَحْدَةُ الْيَمَنِيَّةُ وَفُتِحَ الْمَجَالُ أَمَامَ التَّعَدُّدِيَّةِ الْحِزْبِيَّةِ، كَانَ لِهَذَا التَّنْظِيمِ كُرْسِيٌّ فِي مَجْلِسِ النُّوَّابِ فِي الْحُكُومَةِ الْيَمَنِيَّةِ مُمَثِّلًا عَنِ الطَّائِفَةِ الزَّيْدِيَّةِ.
فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ حَصَلَ انْشِقَاقٌ وَمُنَافَرَةٌ بَيْنَ عُلَمَاءِ الزَّيْدِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ وَبَيْنَ بَدْرِ الدِّينِ الْحُوثِيِّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ بِسَبَبِ آرَاءِ الْحُوثِيِّ الْمُخَالِفَةِ لِلزَّيْدِيَّةِ؛ وَمِنْهَا: دِفَاعُهُ الْمُسْتَمِيتُ وَمَيْلُهُ الْوَاضِحُ لِمَذْهَبِ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَى عَشْرِيَّةِ وَتَصْحِيحُهُ لِبَعْضِ مُعْتَقَدَاتِهِمْ، فَأَصْدَرَ حِينَهَا عُلَمَاءُ الزَّيْدِيَّةِ بَيَانًا تَبَرَّءُوا فِيهِ مِنَ الْحُوثِيِّ وَآرَائِهِ.
عِنْدَهَا اضْطُرَّ الْحُوثِيُّ لِلْهِجْرَةِ إِلَى إِيرَانَ، وَعَاشَ هُنَاكَ عِدَّةَ سَنَوَاتٍ تَغَذَّى فِيهَا مِنَ الْمُعَتَقَدِ الصَّفَوِيِّ وَازْدَادَتْ قَنَاعَتُهُ بِالْمَذْهَبِ الْإِمَامِيِّ الِاثْنَى عَشْرِيِّ.
وَفِي عَامِ 2002 مِيلَادِيًّا عَادَ الْحُوثِيُّ إِلَى بِلَادِهِ، وَعَادَ لِتَدْرِيسِ أَفْكَارِهِ الْجَدِيدَةِ وَالَّتِي مِنْهَا: لَعْنُ الصَّحَابَةِ وَتَكْفِيرِهِمْ، وَوُجُوبُ أَخْذِ الخُمُسِ،وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي وَافَقَ فِيهَا مَذْهَبَ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ
وَفِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ -أَيْضًا- كَانَتِ الْحَرَكَةُ الْحُوثِيَّةُ تُرْسِلُ أَبْنَاءَ صَعْدَةَ لِلدِّرَاسَةِ فِي الْحَوْزَاتِ الْعِلْمِيَّةِ فِي قُمْ وَالنَّجَفِ؛ لِتُعَبِّئَهُمُ الْعَمَائِمُ الصَّفَوِيَّةُ هُنَاكَ أَنَّ كُلَّ حُكُومَةٍ غَيْرِ وِلَايَةِ الفَقِيهِ النَّائِبَةِ عَنِ الْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ هِيَ حُكُومَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ وَلَا مُعْتَرِفَ بِهَا.
وَلِهَذَا كَانَ لِلْحَرَكَةِ الْحُوثِيَّةِ النَّفَسُ الثَّوْرِيُّ النَّاقِمُ عَلَى الْحُكُومَةِ هُنَاكَ؛ فَانْدَلَعَتْ حُرُوبٌ خَمْسَةٌ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ كَلَّفَتْ بِلَادَ الْيَمَنِ آلَافَ الْأَرْوَاحِ وَخَسَائِرَ مَالِيَّةً كُبْرَى.
عِبَادَ اللهِ: الظُّرُوفُ الِاقْتِصَادِيَّةُ وَالِاجْتِمَاعِيَّةُ الَّتِي يُعَانِي مِنْهَا الْيَمَنُ، وَالدَّعْمُ الصَّفَوِيُّ الْعَسْكَرِيُّ وَالْمَالِيُّ- كَانَ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَتْ هَذِهِ الْحَرَكَةَ تَبْرُزُ عَلَى السَّاحَةِ فِي سَنَوَاتٍ قَلَائِلَ، فَضْلًا عَنِ الشِّعَارَاتِ الرَّنَّانَةِ الَّتِي كَانَ يَرْفَعُهَا الْحُوثِيُّونَ؛ كَشِعَارِ "الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا"، وَشِعَارِ "اللَّعْنَةُ لِإِسْرَائِيلَ"، وَغَيْرِهَا مِنَ الشِّعَارَاتِ الْخَدَّاعَةِ وَالَّتِي أَكْسَبَتْهُمْ تَعَاطُفًا كَبِيرًا بَيْنَ أَبْنَاءِ الْيَمَنِ.
وَهَذِهِ إِحْدَى الْحِيَلِ الرَّافِضِيَّةِ فِي كَسْبِ تَعَاطُفِ الشُّعُوبِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمَقْهُورَةِ.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَحِينَ نَقْتَرِبُ مِنَ الْعَقِيدَةِ الْحُوثِيَّةِ نَرَى الِانْحِرَافَ الْفِكْرِيَّ وَالضَّلَالَ الْعَقَدِيَّ؛ فَالْحَرَكَةُ الْحُوثِيَّةُ تَنْتَحِلُ فِي أَصْلِهَا إِلَى الْفِرْقَةِ الْجَارُودِيَّةِ وَهِيَ أَشَدُّ الْفِرَقِ الزَّيْدِيَّةِ غُلُوًّا وَشَطَطًا.
وَالَّتِي مِنْ عَقِيدَتِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نَصَّ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ بَعْدَهُ بِالْوَصْفِ لَا بِالِاسْمِ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَفَرُوا بِتَرْكِهِمْ بَيْعَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛ يَقُولُ الْعَجُوزُ الضَّالُّ بَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيِّ فِي كِتَابِهِ "إِرْشَادُ الطَّالِبِ": "الْوِلَايَةُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ لِعَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَلَمْ تَصِحَّ وِلَايَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَلَمْ يَصِحَّ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِمْ، رَضِيَ النَّاسُ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَرْضَوْا".
عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}.
وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ في غير ما موضع من كتابه.
إِنَّهُمْ بِحَقٍّ جِيلٌ فَرِيدٌ فِي إِيمَانِهِ وَجِهَادِهِ، وَعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ، بَذَلُوا المُهَجَ وَالْأَرْوَاحَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، اخْتَارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، يَقُولُ أَبُو زُرْعَةَ الرازي "إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ"
فَمَاذَا تَقُولُ هَذِهِ الْعِصَابَاتُ الْحُوثِيَّةُ وَمُؤَسِّسُوهَا عَنْ صَفْوَةِ الْأُمَّةِ وَسَابِقِيهَا؟ اِسْمَعْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَجَسَارَتِهِمْ عَلَى أَفْضَلِ وَخَيْرِ جِيلٍ، يَقُولُ الْعَجُوزُ الْحُوثِيُّ الهالك بَدْرُ الدِّينِ صَاحِبُ كِتَابِ "الْإِيجَازُ فِي الرَّدِّ عَلَى فَتَاوَى الْحِجَازِ وَعَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بَازٍ"، يَقُولُ: أَنَا عَنْ نَفْسِي أُومِنُ بِتَكْفِيرِهِمْ"؛ يَعْنِي: أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَيَقُولُ ابْنُهُ حُسَيْنُ الْحُوثِيِّ الْهَالِكُ: وَاحْتِرَامًا لِمَشَاعِرِ السُّنَّةِ فِي دَاخِلِ الْيَمَنِ وَخَارِجِهَا كُنَّا نَسْكُتُ مَعَ اعْتِقَادِنَا أَنَّهُمَا - أَيِ: الشَّيْخَيْنِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ- مُخْطِئَانِ عَاصِيَانِ ضَالَّانِ"
وَقَالَ -أَيْضًا- فِي أَحَدِ خِطَابَاتِهِ مَا نَصُّهُ: "الْأُمَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ تَهْبِطُ نَحْوَ الْأَسْفَلِ مِنْ جِيلٍ بَعْدَ جِيلٍ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ تَحْتَ أَقْدَامِ الْيَهُودِ مِنْ عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى الْآنَ"
وَقَالَ هَذَا الْحُوثِيُّ -لَا رَحِمَهُ اللهُ-: مُعَاوِيَةُ سَيِّئَةٌ مِنْ سَيِّئَاتِ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَاحِدٌ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، وَعُثْمَانُ وَاحِدٌ مِنْ سَيِّئَاتِهِ"
أَمَّا لِمَاذَا يَحْنَقُ هَؤُلَاءِ عَلَى عُمَرَ بِالْأَخَصِّ؛ فَلِأَنَّ الْفَارُوقَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هُوَ الَّذِي أَطْفَأَ نَارَ الْمَجُوسِ وَأَسْقَطَ عُرُوشَ الْفُرْسِ.
وَيُوَاصِلُ هَذَا الرَّافِضِيُّ حَدِيثَهُ وَتَجَنِّيَهُ وَتَسَافُلَهُ عَلَى خِيَارِ الْأُمَّةِ، فَكَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ لِسَانِهِ حِينَ قَالَ: "السَّلَفُ الصَّالِحُ هُمْ مَنْ لَعِبَ بِالْأُمَّةِ، وَهُمْ مَنْ أَسَّسَ الظُّلْمَ فِي الْأُمَّةِ وَفَرَّقَ الْأُمَّةَ؛ لِأَنَّ أَبْرَزَ شَخْصِيَّةٍ تَلُوحُ فِي ذِهْنِ مَنْ يَقُولُ "السَّلَفُ الصَّالِحُ" يَعْنِي بِهِمْ: أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةَ وَعَائِشَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَهَذِهِ النَّوْعِيَّةُ الْفَاشِلَةُ هُمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ"
وأرجو المعذرةَ على إيرادِ مثْل هذا الكلام المؤذِي، لكن لا بدَّ مِن إيراد الأمثلة لتتضح عقيدة القوم وحقدهم على خيار أمتنا.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: إِنَّ مِنَ الْخَطَأِ الْبَيِّنِ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى هَذِهِ الْحَرَكَةِ عَلَى أَنَّهَا حَرَكَةٌ سِيَاسِيَّةٌ مُعَارِضَةٌ تُطَالِبُ بِحُقُوقٍ فَقَطْ مَسْلُوبَةٍ.
مِنَ الْخَطَأِ الْبَيِّنِ تَنْحِيَةُ الْبُعْدِ الْعَقَدِيِّ فِي حَدِيثِنَا عَنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ الشِّيعِيَّةِ الْبَاطِنِيَّةِ.
وَمِنَ الْخَطَأِ أَيْضًا نِسْيَانُ تَارِيخِ الْحَرَكَاتِ الشِّيعِيَّةِ الثَّوْرِيَّةِ الَّتِي عَانَى مِنْهَا الْمُسْلِمُونَ عَبْرَ تَارِيخِهِمْ؛ كَحَرَكَةِ الْقَرَامِطَةِ، وَالْحَرَكَةِ الْعُبَيْدِيَّةِ، وَالصَّفَوِيَّةِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَرَكَاتِ الَّتِي أَذَاقَتِ الْمُسْلِمِينَ الْوَيْلَاتِ, وَأَدْخَلَتْ أَهْلَ الْإِسْلَامِ فِي صِرَاعَاتٍ دَاخِلِيَّةٍ مَرِيرَةٍ.
فَمَا هَذِهِ الْحَرَكَةُ إِلَّا امْتِدَادٌ لِتِلْكَ الْحَرَكَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ جَاءَتِ اسْتِجَابَةً لِلصَّوْتِ الصَّفَوِيِّ الَّذِي دَعَا لِتَصْدِيرِ الثَّوْرَةِ الْمَزْعُومَةِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا.
وَقد صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السِّيَاسِيِّينَ فِي الْيَمَنِ أَنَّ إِيرَانَ هِيَ الدَّاعِمُ الرَّئِيسُ لِهَذِهِ الْحَرَكَةِ الَّتِي تَسْعَى لِلِانْفِصَالِ، وَالْقَنَوَاتُ الشِّيعِيَّةُ الْفَضَائِيَّةُ لا كثَّرها الله تَقِفُ مَعَ الْحَرَكَةِ الْحُوثِيَّةِ صراحة.
فَالْمُخَطَّطُ الصَّفَوِيُّ على أهل اليمن وَاضِحٌ لِلْعِيَانِ، لَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَلَا وُقُوعًا فِي هَاجِسِ الْمُؤَامَرَةِ، بَلِ الْأَحْدَاثُ تَحْكِي, وَالْوَقَائِعُ تنطق ، والتصاريح من قيادات سياسية إيرانية أعلنت: أَنَّ حِمَايَةَ الشِّيعَةِ فِي اليمن مَسْئُولِيَّةٌ إِيرَانِيَّة.
ثم بعد ذلك حق لصوت العقل أن يتساءل:هَلْ تَسْلِيحُ تِلْكَ الْجَمَاعَاتِ الْمَارِقَةِ وَدَعْمُهَا لَا يُعَدُّ تَدَخُّلًا فِي الشُّئُونِ الدَّاخِلِيَّةِ الْيَمَنِيَّةِ؟!
هَلْ سَيَسْمَحُ الْفُرْسُ بِتَدَخُّلِ الْحُكُومَاتِ السُّنِّيَّةِ لِحِمَايَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِيرَانَ مِنَ الْبَطْشِ الصَّفَوِيِّ؟!
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَنْصُرَنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، وَأَنْ يَرُدَّ كَيْدَ الرَّوَافِضِ فِي نُحُورِهِمْ، وَأَنْ يُخَلِّصَ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّهِمْ
وَفِتَنِهِمْ، وَأَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِمْ ذُلًّا وَهَوَانًا مِنْ عِنْدِهِ، وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ.
الْحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى.أَمَّا بَعْدُ:فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
فالتاريخ شاهد صدق لا يكذب،وواعظ حق لا ينس،
وقد حدثتنا صفحاته أَنَّ هَؤُلَاءِ الباطنيين لَمْ تَكُنْ لَهُمْ صَفْحَةٌ بَيْضَاءُ مَعَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ فُتُوحَاتٌ عَبْرَ التَّارِيخِ تُذْكَرُ، ولا دفاع عن المقدسات يشكر، وَإِنَّمَا هُمْ خِنْجَرٌ يَطْعَنُ فِي ظَهْرِ الْأُمَّةِ.
فمَنِ الَّذِي سَلَّمَ الْقُدْسَ بَعْدَ عُمَرَ لِلنَّصَارَى الصَّلِيبِيِّينَ؟!
مَنِ الَّذِي سَرَقَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَاغْتَصَبَهُ فِي الْأَحْسَاءِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً؟!
مَنِ الَّذِي كَانَ سَبَبًا فِي سُقُوطِ الْخِلَافَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ؟!
مَنِ الَّذِي عَاقَ الْفُتُوحَاتِ الْعُثْمَانِيَّةَ فِي قَلْبِ أُورُوبَّا وَطَعَنَهَا مِنَ الْخَلْفِ؟! مَنْ...؟! وَمَنْ...؟! سِلْسِلَةٌ طَوِيلَةٌ مِنَ الْمُؤَامَرَاتِ وَالدَّسَائِسِ وَالْخِيَانَاتِ.
دعونا من زمن مضى وغبر ، وخذوا من عصركم هذا كل عظة وعبر ، ها نحن نرى في شامنا اليوم ، وفي عراقنا بالأمس جرائم تشيب لها المفارق ، ومجازر كنا نظنها من فظاتها وبشاعتها أنها لا توجد إلا في الرويات أو الخيالات ، جرائم لا تحتمل مهجٌ بشريةُ أنتراها.
أما لماذا هذا الاستهداف والعداء اللا متناهي؟
فالجواب ..... أن هذا لم يكن ليحدث ويحصل لولا أن هذه القلوب حشيت وغذيت بلوثات فكرية ، وسواءات عقدية .
أحقادٍ كبرت وتنامت وفق تعاليم عَقَدية يتلقونها منذ الصغر ،
عقائد تروِّض اتباعها على الغضب كلَّ حين .
تربي اتباعها منذ نشاءتهم علىالنياح والصياح على الثأر .
عقائد تتعاهد اتباعها على التباكي على مظلومية آل البيت،وبالذات في شهر محرم .... لماذا ؟
حتى تبقى نفوسهم مستعرة، وقلوبهم ملتهبة ليوم الانقضاض.
طقوس يتربى فيها الأتباع على ضرب الرؤوس والصدور، وإسالة الدماء من الجباه والظهور، مع تهييجهم بقصص وأكاذيب، تستدر عواطفهم، وتهيج بكاءهم .
مجالس حسينية تشحن القلوب بالأحقادالتاريخية ، ثم توصيهم بالكتمان والتقية .
تعلمهم عقائدهم أن عدوا أخطرُ عليهم من كلِّ عدو ، هذا العدو اسمه الناصبي.
تعلمهم عقائدهم أن هذا الناصبي مباح الدم والمال والعرض .
هذه العقائد الفاجرة المتطرفةالمنحرفة ... هي هي التي خرجت هؤلاء الإرهابيين ، المتعطشين للدماء ، والتفنن فيالانتقام .
وهي هي التي أنشَأت فِرَقًا للموت وأرسلتها، ولكن ليس إلى تل أبيب، وإنما إلى مناطق أهل السنة!
وهي العقائد التي تعادي كل مشروع سني، وكلما كان أهل الإسلام أقرب في تطبيق السنة واتباع السلف ازداد عداء أهل الرفض له.
فأهل دماج الكل يعلم تمسكهم بالعقيدة السلفية حتى عرفت وتميزت بها في اليمن.
والكل يعلم أن هذه البلدة لم يخوضوا معترك السياسة وخصوماتها ولم يرفعوا سلاحاً في وجه أحد، ولكنه الحقد الدفين حين يتنفس في صدور أهل الرفض.
فيا أهل الإيمان أدركوا إخوانكم في دماج بالنصرة، أعطوهم من دعواتكم ، وابتهالاتكم،احيوا قضيتهم فهم مظلومون فمن ينتصر لهم.
على كل صاحب قلم ومنبر وإعلام أن يحيي قضيتهم، وبالأخص في زمن التغافل الإعلامي عنهم.
نسأل الله أن يرفع عنهم البأس ، وأن يرد كيد أهل الرفض إلى نحورهم، وأن يحفظ بلاد المسلمين من شرورهم.
صلوا بعد ذلك .....
مساجدُ يُذكر فيها اسم الله تعالى تُخرَّبُ وتُحْرَقُ، ومنازُل متواضعةٌ تؤوي أهلَها تُدكُّ وتُهْدَمُ.
قصفٌ بالأسلحةِ الثقيلة والدبابات،ورجمٌ عشوائي للمساكن والتجمعات.
استهداف وإرهاب،حصار وإرعاب، وتهجير للنساء والأطفال والشباب.
عشرات القتلى ، مئات الجرحى، ومثلهم تحت الأنقاض يئنون.
صيحاتُها دوَّت ولا من منقذٍ ** فبَكيتُ من حرِّ الأسى بفؤادي
طَمِعت بعونِ المسلمين فهالها ** أنَّ الجميعَ بغفلةٍ ورقادِ
يا مسلمون أما ترون مُصابَها ** أوَ لم تعي الآذانُ صوت منادي
فقد استباحَ الخائنون تُرابها ** من بعدِما دُفعوا من الأسيادِ
لا يرقبون بمؤمنٍ إلاً ولا ** ينهاهمُ دينٌ عن الإفسادِ
إن المجوس همُ العدوُّ ودينهم ** داءٌ خبيثٌ جاءَ بالأحقادِ
إننا يا أهل الإيمان لا نتحدث عن جرح المسلين في الشام، ولا في بورما، بل هو جرح جديد في جسدنا قد اندمل وانفجر، ولا زال إلى هذه اللحظة يَثْعُبُ ويَنزِف.
إنه جرح المسلمين في دماج السنة، دماج صعدة اليمن، دماج العلم والتعليم ، على أيدي العصابات الحوثية.
أما لماذا قصفوا وقتلوا ويراد لهم أن يُهَجَّرُوا ؟ فتلك قصة مترابطة، من المهم أن نقف على بداياتها لتتضح لنا غاياتها، وماذا يراد لها.
قِصَّةُ الْبِدَايَةِ الْحُوثِيَّةِ كَانَتْ مَعَ بِدَايَةِ التِّسْعِينِيَّاتِ الْمِيلَادِيَّةِ فِي مُحَافَظَةِ صَعْدَةَ بِالتَّحْدِيدِ؛ حَيْثُ خَرَجَتْ لِلْوُجُودِ حَرَكَةٌ تَنْظِيمِيَّةٌ أَطْلَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا (الشَّبَابَ الْمُؤْمِنَ) كَانَ مِنْ أَبْرَزِ مُؤَسِّسِيهَا بَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيِّ، ثُمَّ تَوَلَّى رِئَاسَتَهَا ابْنُهُ حُسَيْنُ بَدْرِ الدِّينِ الْحُوثِيِّ، كَانَ نَشَاطُ هَذَا التَّنْظِيمِ فِي بِدَايَاتِهِ فِكْرِيًّا يَهْدُفُ إِلَى تَدْرِيسِ الْمَذْهَبِ الزَّيْدِيِّ.
وَحِينَ حَدَثَتِ الْوَحْدَةُ الْيَمَنِيَّةُ وَفُتِحَ الْمَجَالُ أَمَامَ التَّعَدُّدِيَّةِ الْحِزْبِيَّةِ، كَانَ لِهَذَا التَّنْظِيمِ كُرْسِيٌّ فِي مَجْلِسِ النُّوَّابِ فِي الْحُكُومَةِ الْيَمَنِيَّةِ مُمَثِّلًا عَنِ الطَّائِفَةِ الزَّيْدِيَّةِ.
فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ حَصَلَ انْشِقَاقٌ وَمُنَافَرَةٌ بَيْنَ عُلَمَاءِ الزَّيْدِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ وَبَيْنَ بَدْرِ الدِّينِ الْحُوثِيِّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ بِسَبَبِ آرَاءِ الْحُوثِيِّ الْمُخَالِفَةِ لِلزَّيْدِيَّةِ؛ وَمِنْهَا: دِفَاعُهُ الْمُسْتَمِيتُ وَمَيْلُهُ الْوَاضِحُ لِمَذْهَبِ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَى عَشْرِيَّةِ وَتَصْحِيحُهُ لِبَعْضِ مُعْتَقَدَاتِهِمْ، فَأَصْدَرَ حِينَهَا عُلَمَاءُ الزَّيْدِيَّةِ بَيَانًا تَبَرَّءُوا فِيهِ مِنَ الْحُوثِيِّ وَآرَائِهِ.
عِنْدَهَا اضْطُرَّ الْحُوثِيُّ لِلْهِجْرَةِ إِلَى إِيرَانَ، وَعَاشَ هُنَاكَ عِدَّةَ سَنَوَاتٍ تَغَذَّى فِيهَا مِنَ الْمُعَتَقَدِ الصَّفَوِيِّ وَازْدَادَتْ قَنَاعَتُهُ بِالْمَذْهَبِ الْإِمَامِيِّ الِاثْنَى عَشْرِيِّ.
وَفِي عَامِ 2002 مِيلَادِيًّا عَادَ الْحُوثِيُّ إِلَى بِلَادِهِ، وَعَادَ لِتَدْرِيسِ أَفْكَارِهِ الْجَدِيدَةِ وَالَّتِي مِنْهَا: لَعْنُ الصَّحَابَةِ وَتَكْفِيرِهِمْ، وَوُجُوبُ أَخْذِ الخُمُسِ،وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي وَافَقَ فِيهَا مَذْهَبَ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ
وَفِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ -أَيْضًا- كَانَتِ الْحَرَكَةُ الْحُوثِيَّةُ تُرْسِلُ أَبْنَاءَ صَعْدَةَ لِلدِّرَاسَةِ فِي الْحَوْزَاتِ الْعِلْمِيَّةِ فِي قُمْ وَالنَّجَفِ؛ لِتُعَبِّئَهُمُ الْعَمَائِمُ الصَّفَوِيَّةُ هُنَاكَ أَنَّ كُلَّ حُكُومَةٍ غَيْرِ وِلَايَةِ الفَقِيهِ النَّائِبَةِ عَنِ الْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ هِيَ حُكُومَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ وَلَا مُعْتَرِفَ بِهَا.
وَلِهَذَا كَانَ لِلْحَرَكَةِ الْحُوثِيَّةِ النَّفَسُ الثَّوْرِيُّ النَّاقِمُ عَلَى الْحُكُومَةِ هُنَاكَ؛ فَانْدَلَعَتْ حُرُوبٌ خَمْسَةٌ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ كَلَّفَتْ بِلَادَ الْيَمَنِ آلَافَ الْأَرْوَاحِ وَخَسَائِرَ مَالِيَّةً كُبْرَى.
عِبَادَ اللهِ: الظُّرُوفُ الِاقْتِصَادِيَّةُ وَالِاجْتِمَاعِيَّةُ الَّتِي يُعَانِي مِنْهَا الْيَمَنُ، وَالدَّعْمُ الصَّفَوِيُّ الْعَسْكَرِيُّ وَالْمَالِيُّ- كَانَ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَتْ هَذِهِ الْحَرَكَةَ تَبْرُزُ عَلَى السَّاحَةِ فِي سَنَوَاتٍ قَلَائِلَ، فَضْلًا عَنِ الشِّعَارَاتِ الرَّنَّانَةِ الَّتِي كَانَ يَرْفَعُهَا الْحُوثِيُّونَ؛ كَشِعَارِ "الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا"، وَشِعَارِ "اللَّعْنَةُ لِإِسْرَائِيلَ"، وَغَيْرِهَا مِنَ الشِّعَارَاتِ الْخَدَّاعَةِ وَالَّتِي أَكْسَبَتْهُمْ تَعَاطُفًا كَبِيرًا بَيْنَ أَبْنَاءِ الْيَمَنِ.
وَهَذِهِ إِحْدَى الْحِيَلِ الرَّافِضِيَّةِ فِي كَسْبِ تَعَاطُفِ الشُّعُوبِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمَقْهُورَةِ.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَحِينَ نَقْتَرِبُ مِنَ الْعَقِيدَةِ الْحُوثِيَّةِ نَرَى الِانْحِرَافَ الْفِكْرِيَّ وَالضَّلَالَ الْعَقَدِيَّ؛ فَالْحَرَكَةُ الْحُوثِيَّةُ تَنْتَحِلُ فِي أَصْلِهَا إِلَى الْفِرْقَةِ الْجَارُودِيَّةِ وَهِيَ أَشَدُّ الْفِرَقِ الزَّيْدِيَّةِ غُلُوًّا وَشَطَطًا.
وَالَّتِي مِنْ عَقِيدَتِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نَصَّ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ بَعْدَهُ بِالْوَصْفِ لَا بِالِاسْمِ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَفَرُوا بِتَرْكِهِمْ بَيْعَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛ يَقُولُ الْعَجُوزُ الضَّالُّ بَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيِّ فِي كِتَابِهِ "إِرْشَادُ الطَّالِبِ": "الْوِلَايَةُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ لِعَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَلَمْ تَصِحَّ وِلَايَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَلَمْ يَصِحَّ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِمْ، رَضِيَ النَّاسُ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَرْضَوْا".
عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}.
وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ في غير ما موضع من كتابه.
إِنَّهُمْ بِحَقٍّ جِيلٌ فَرِيدٌ فِي إِيمَانِهِ وَجِهَادِهِ، وَعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ، بَذَلُوا المُهَجَ وَالْأَرْوَاحَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، اخْتَارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، يَقُولُ أَبُو زُرْعَةَ الرازي "إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ"
فَمَاذَا تَقُولُ هَذِهِ الْعِصَابَاتُ الْحُوثِيَّةُ وَمُؤَسِّسُوهَا عَنْ صَفْوَةِ الْأُمَّةِ وَسَابِقِيهَا؟ اِسْمَعْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَجَسَارَتِهِمْ عَلَى أَفْضَلِ وَخَيْرِ جِيلٍ، يَقُولُ الْعَجُوزُ الْحُوثِيُّ الهالك بَدْرُ الدِّينِ صَاحِبُ كِتَابِ "الْإِيجَازُ فِي الرَّدِّ عَلَى فَتَاوَى الْحِجَازِ وَعَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بَازٍ"، يَقُولُ: أَنَا عَنْ نَفْسِي أُومِنُ بِتَكْفِيرِهِمْ"؛ يَعْنِي: أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَيَقُولُ ابْنُهُ حُسَيْنُ الْحُوثِيِّ الْهَالِكُ: وَاحْتِرَامًا لِمَشَاعِرِ السُّنَّةِ فِي دَاخِلِ الْيَمَنِ وَخَارِجِهَا كُنَّا نَسْكُتُ مَعَ اعْتِقَادِنَا أَنَّهُمَا - أَيِ: الشَّيْخَيْنِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ- مُخْطِئَانِ عَاصِيَانِ ضَالَّانِ"
وَقَالَ -أَيْضًا- فِي أَحَدِ خِطَابَاتِهِ مَا نَصُّهُ: "الْأُمَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ تَهْبِطُ نَحْوَ الْأَسْفَلِ مِنْ جِيلٍ بَعْدَ جِيلٍ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ تَحْتَ أَقْدَامِ الْيَهُودِ مِنْ عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى الْآنَ"
وَقَالَ هَذَا الْحُوثِيُّ -لَا رَحِمَهُ اللهُ-: مُعَاوِيَةُ سَيِّئَةٌ مِنْ سَيِّئَاتِ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَاحِدٌ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، وَعُثْمَانُ وَاحِدٌ مِنْ سَيِّئَاتِهِ"
أَمَّا لِمَاذَا يَحْنَقُ هَؤُلَاءِ عَلَى عُمَرَ بِالْأَخَصِّ؛ فَلِأَنَّ الْفَارُوقَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هُوَ الَّذِي أَطْفَأَ نَارَ الْمَجُوسِ وَأَسْقَطَ عُرُوشَ الْفُرْسِ.
وَيُوَاصِلُ هَذَا الرَّافِضِيُّ حَدِيثَهُ وَتَجَنِّيَهُ وَتَسَافُلَهُ عَلَى خِيَارِ الْأُمَّةِ، فَكَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ لِسَانِهِ حِينَ قَالَ: "السَّلَفُ الصَّالِحُ هُمْ مَنْ لَعِبَ بِالْأُمَّةِ، وَهُمْ مَنْ أَسَّسَ الظُّلْمَ فِي الْأُمَّةِ وَفَرَّقَ الْأُمَّةَ؛ لِأَنَّ أَبْرَزَ شَخْصِيَّةٍ تَلُوحُ فِي ذِهْنِ مَنْ يَقُولُ "السَّلَفُ الصَّالِحُ" يَعْنِي بِهِمْ: أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةَ وَعَائِشَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَهَذِهِ النَّوْعِيَّةُ الْفَاشِلَةُ هُمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ"
وأرجو المعذرةَ على إيرادِ مثْل هذا الكلام المؤذِي، لكن لا بدَّ مِن إيراد الأمثلة لتتضح عقيدة القوم وحقدهم على خيار أمتنا.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: إِنَّ مِنَ الْخَطَأِ الْبَيِّنِ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى هَذِهِ الْحَرَكَةِ عَلَى أَنَّهَا حَرَكَةٌ سِيَاسِيَّةٌ مُعَارِضَةٌ تُطَالِبُ بِحُقُوقٍ فَقَطْ مَسْلُوبَةٍ.
مِنَ الْخَطَأِ الْبَيِّنِ تَنْحِيَةُ الْبُعْدِ الْعَقَدِيِّ فِي حَدِيثِنَا عَنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ الشِّيعِيَّةِ الْبَاطِنِيَّةِ.
وَمِنَ الْخَطَأِ أَيْضًا نِسْيَانُ تَارِيخِ الْحَرَكَاتِ الشِّيعِيَّةِ الثَّوْرِيَّةِ الَّتِي عَانَى مِنْهَا الْمُسْلِمُونَ عَبْرَ تَارِيخِهِمْ؛ كَحَرَكَةِ الْقَرَامِطَةِ، وَالْحَرَكَةِ الْعُبَيْدِيَّةِ، وَالصَّفَوِيَّةِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَرَكَاتِ الَّتِي أَذَاقَتِ الْمُسْلِمِينَ الْوَيْلَاتِ, وَأَدْخَلَتْ أَهْلَ الْإِسْلَامِ فِي صِرَاعَاتٍ دَاخِلِيَّةٍ مَرِيرَةٍ.
فَمَا هَذِهِ الْحَرَكَةُ إِلَّا امْتِدَادٌ لِتِلْكَ الْحَرَكَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ جَاءَتِ اسْتِجَابَةً لِلصَّوْتِ الصَّفَوِيِّ الَّذِي دَعَا لِتَصْدِيرِ الثَّوْرَةِ الْمَزْعُومَةِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا.
وَقد صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السِّيَاسِيِّينَ فِي الْيَمَنِ أَنَّ إِيرَانَ هِيَ الدَّاعِمُ الرَّئِيسُ لِهَذِهِ الْحَرَكَةِ الَّتِي تَسْعَى لِلِانْفِصَالِ، وَالْقَنَوَاتُ الشِّيعِيَّةُ الْفَضَائِيَّةُ لا كثَّرها الله تَقِفُ مَعَ الْحَرَكَةِ الْحُوثِيَّةِ صراحة.
فَالْمُخَطَّطُ الصَّفَوِيُّ على أهل اليمن وَاضِحٌ لِلْعِيَانِ، لَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَلَا وُقُوعًا فِي هَاجِسِ الْمُؤَامَرَةِ، بَلِ الْأَحْدَاثُ تَحْكِي, وَالْوَقَائِعُ تنطق ، والتصاريح من قيادات سياسية إيرانية أعلنت: أَنَّ حِمَايَةَ الشِّيعَةِ فِي اليمن مَسْئُولِيَّةٌ إِيرَانِيَّة.
ثم بعد ذلك حق لصوت العقل أن يتساءل:هَلْ تَسْلِيحُ تِلْكَ الْجَمَاعَاتِ الْمَارِقَةِ وَدَعْمُهَا لَا يُعَدُّ تَدَخُّلًا فِي الشُّئُونِ الدَّاخِلِيَّةِ الْيَمَنِيَّةِ؟!
هَلْ سَيَسْمَحُ الْفُرْسُ بِتَدَخُّلِ الْحُكُومَاتِ السُّنِّيَّةِ لِحِمَايَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِيرَانَ مِنَ الْبَطْشِ الصَّفَوِيِّ؟!
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَنْصُرَنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، وَأَنْ يَرُدَّ كَيْدَ الرَّوَافِضِ فِي نُحُورِهِمْ، وَأَنْ يُخَلِّصَ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّهِمْ
وَفِتَنِهِمْ، وَأَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِمْ ذُلًّا وَهَوَانًا مِنْ عِنْدِهِ، وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى.أَمَّا بَعْدُ:فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
فالتاريخ شاهد صدق لا يكذب،وواعظ حق لا ينس،
وقد حدثتنا صفحاته أَنَّ هَؤُلَاءِ الباطنيين لَمْ تَكُنْ لَهُمْ صَفْحَةٌ بَيْضَاءُ مَعَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ فُتُوحَاتٌ عَبْرَ التَّارِيخِ تُذْكَرُ، ولا دفاع عن المقدسات يشكر، وَإِنَّمَا هُمْ خِنْجَرٌ يَطْعَنُ فِي ظَهْرِ الْأُمَّةِ.
فمَنِ الَّذِي سَلَّمَ الْقُدْسَ بَعْدَ عُمَرَ لِلنَّصَارَى الصَّلِيبِيِّينَ؟!
مَنِ الَّذِي سَرَقَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَاغْتَصَبَهُ فِي الْأَحْسَاءِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً؟!
مَنِ الَّذِي كَانَ سَبَبًا فِي سُقُوطِ الْخِلَافَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ؟!
مَنِ الَّذِي عَاقَ الْفُتُوحَاتِ الْعُثْمَانِيَّةَ فِي قَلْبِ أُورُوبَّا وَطَعَنَهَا مِنَ الْخَلْفِ؟! مَنْ...؟! وَمَنْ...؟! سِلْسِلَةٌ طَوِيلَةٌ مِنَ الْمُؤَامَرَاتِ وَالدَّسَائِسِ وَالْخِيَانَاتِ.
دعونا من زمن مضى وغبر ، وخذوا من عصركم هذا كل عظة وعبر ، ها نحن نرى في شامنا اليوم ، وفي عراقنا بالأمس جرائم تشيب لها المفارق ، ومجازر كنا نظنها من فظاتها وبشاعتها أنها لا توجد إلا في الرويات أو الخيالات ، جرائم لا تحتمل مهجٌ بشريةُ أنتراها.
أما لماذا هذا الاستهداف والعداء اللا متناهي؟
فالجواب ..... أن هذا لم يكن ليحدث ويحصل لولا أن هذه القلوب حشيت وغذيت بلوثات فكرية ، وسواءات عقدية .
أحقادٍ كبرت وتنامت وفق تعاليم عَقَدية يتلقونها منذ الصغر ،
عقائد تروِّض اتباعها على الغضب كلَّ حين .
تربي اتباعها منذ نشاءتهم علىالنياح والصياح على الثأر .
عقائد تتعاهد اتباعها على التباكي على مظلومية آل البيت،وبالذات في شهر محرم .... لماذا ؟
حتى تبقى نفوسهم مستعرة، وقلوبهم ملتهبة ليوم الانقضاض.
طقوس يتربى فيها الأتباع على ضرب الرؤوس والصدور، وإسالة الدماء من الجباه والظهور، مع تهييجهم بقصص وأكاذيب، تستدر عواطفهم، وتهيج بكاءهم .
مجالس حسينية تشحن القلوب بالأحقادالتاريخية ، ثم توصيهم بالكتمان والتقية .
تعلمهم عقائدهم أن عدوا أخطرُ عليهم من كلِّ عدو ، هذا العدو اسمه الناصبي.
تعلمهم عقائدهم أن هذا الناصبي مباح الدم والمال والعرض .
هذه العقائد الفاجرة المتطرفةالمنحرفة ... هي هي التي خرجت هؤلاء الإرهابيين ، المتعطشين للدماء ، والتفنن فيالانتقام .
وهي هي التي أنشَأت فِرَقًا للموت وأرسلتها، ولكن ليس إلى تل أبيب، وإنما إلى مناطق أهل السنة!
وهي العقائد التي تعادي كل مشروع سني، وكلما كان أهل الإسلام أقرب في تطبيق السنة واتباع السلف ازداد عداء أهل الرفض له.
فأهل دماج الكل يعلم تمسكهم بالعقيدة السلفية حتى عرفت وتميزت بها في اليمن.
والكل يعلم أن هذه البلدة لم يخوضوا معترك السياسة وخصوماتها ولم يرفعوا سلاحاً في وجه أحد، ولكنه الحقد الدفين حين يتنفس في صدور أهل الرفض.
فيا أهل الإيمان أدركوا إخوانكم في دماج بالنصرة، أعطوهم من دعواتكم ، وابتهالاتكم،احيوا قضيتهم فهم مظلومون فمن ينتصر لهم.
على كل صاحب قلم ومنبر وإعلام أن يحيي قضيتهم، وبالأخص في زمن التغافل الإعلامي عنهم.
نسأل الله أن يرفع عنهم البأس ، وأن يرد كيد أهل الرفض إلى نحورهم، وأن يحفظ بلاد المسلمين من شرورهم.
صلوا بعد ذلك .....
المرفقات
الإرهاب الحوثي على دماج.doc
الإرهاب الحوثي على دماج.doc
المشاهدات 3588 | التعليقات 5
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
ونصر الله إخواننا في دماج على أبناء المتعة
جزاك الله خيرا ياشيخ براهيم ونفع الله بهذه الخطبه الطيبه
خطبة رائعة وواقع أليم وجرح جديد غائر
والخطر على دولتنا وشعبنا لأننا مع أهل دماج حرسها على نفس المنهج
فالبداية بدماج والطريق على السعودية فلنستيقظ من غفلتنا ولننصر إخواننا
وجزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على خطبتك الرائعة
حي الله المشائخ الكرام : عبدالله اليوسف وشبيب القحطاني و راشد الناصر ومحمد الشرافي
أسعدني مروركم وتشجيعكم، ولا نستغني عن توجيهاتكم واقتراحاتكم
عبدالله اليوسف
سلمت يداك ياشيخ إبراهيم
لقد لامست جرحاً
خطبة رائعة
بارك الله فيك ونفع الله بك
تعديل التعليق