الإحسانُ بعدَ رمضانَ
محمد محمد
الإحسانُ بعدَ رمضانَ-6-10-1446ه-مستفادة من خطبِ عددِ من الشيوخِ
الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:
إنّ مَواسمَ الطّاعاتِ مَنهلٌ يَتزوّدُ منهُ الـمُؤمنُ التّقوى والإيـمانَ، ليَبقى نَبعُ الخيرِ مُتدفّقًا في نفسِه في كلّ آنٍ، فإذا انتهتْ تلكَ المواسمُ، فإنَّ الـمُؤمنَ لا يَنقطعُ عمّا اعتادَهُ من الخيرِ، فقد كانَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-إذا عملَ عملًا داومَ عليه، فإنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما داومَ عليه صاحبُه من الخيرِ وإنْ قَلَّ، ولقد أوصى رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-عبدَ اللهِ بنَ عمرٍو-رضيَ اللهُ عنهما-فقالَ له: "لا تكنْ مثلَ فلانٍ، كانَ يَقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليلِ". فما تركَ عبدُ اللهِ قيامَ الليلِ حتى ماتَ.
فيا مَنْ صامَ وقامَ، وختمَ وتصدَّقَ في رمضانَ، لا تكنْ مثلَ فلانٍ، كانَ يُسارعُ إلى الصّلاةِ فتكاسلْ، ولا تكنْ مثلَ فلانٍ، كانَ يُسابقُ للتّلاوةِ والصّلةِ والأذكارِ فتَثاقلْ، ولا تكنْ مثلَ فلانٍ، كانَ يُكثرُ من البذلِ والصّدقاتِ فتباخلْ، فالحذرَ الحذرَ من تَثبيطِ الشّيطانِ، واجتهدْ في الـمُداومةِ على الأعمالِ الصّالحةِ بعدَ رمضانَ، مثلِ: قيامِ الليلِ، وصيامِ البِيضِ، وصيامِ الإثنينِ والخميسِ، وصيامِ السّتِّ من شوّال، والـمحافظةِ على السّننِ الرّواتبِ والأذكارِ وتلاوةِ القرآن، والإكثارِ من الدّعاءِ والصّدقةِ وسائرِ أنواعِ البرِّ والإحسانِ، فما أجملَ الطّاعةَ تَعقبُها الطّاعاتُ، وما أبـهى الحسنةَ تـُجْمَعُ إليها الحسناتُ، فاستمرَّ في السَّيْرِ، ولا تَستقِلَّ الخيرَ، ولا تـَحتقِرِ الـمعروفَ، ولا تَنقطعْ عنِ العبادةِ، فلا تتركْ قيامَ الليلِ ولو بِركعةٍ، ولا تـَهجرْ تلاوةَ القرآنِ ولو بِصفحةٍ، ولا تَدَعْ صيامَ التّطوعِ ولو بِيَومٍ، ولا تُـمْسِكْ عنِ الصّدقةِ ولو بِريالٍ، فالرّكعةُ تَحُطُّ الخطايا وتَرفعُ الدّرجاتِ، والحرفُ من القرآنِ بعشرِ حسناتٍ، وصيامُ يومٍ يُباعِدُ عن النّارِ سبعينَ خريفًا، والرّيالُ في الـميزانِ كالجبال، ومن زادَ زادَهُ اللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.
يا أخي: جاهدْ نفْسَكَ على الثّباتِ على فعلِ الطّاعاتِ، وتركِ الذّنوبِ والسّيئاتِ، واستعنْ باللهِ على الاستقامةِ على ذلكَ ما دمتَ على قيدِ الحياةِ، فإنَّ عملَ الـمؤمنِ لا ينتهي حتى الـمماتِ، قالَ-تعالى-: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).
أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فاعْلَمُوا أَنَّ مَوَاسِمَ الطَّاعَاتِ لاَ تَنْتَهِي إِلاَّ بـِمَوْتِ الإِنْسَانِ، وَمِنَ الإِحْسَانِ لِمَنْ أَمَدَّ اللهُ بِعُمْرِهِ مُتَابَعَةُ الإِحْسَانِ، وَطَاعَةُ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ، واستثمارُ مواسمِ الخيرِ بعدَ رمضانَ، ومنها:
مَوْسِمُ اليومِ: الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، قَالَ-تَعالَى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).
وموسمُ الليلِ: القِيَامُ، والْوِتْرُ، والدعاءُ، والاستغفارُ بالأسحارِ، قَالَ-تَعَالَى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)، وقال: (كَانُوا قليلًا من الليلِ ما يَهْجَعُونَ وبالأسحارِ همْ يَسْتَغْفِرُونَ)، وقالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "يَنْزِلُ رَبُّنا-تَبارَكَ وتَعالَى-كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟".
ومَوْسِمُ الأسبوعِ: يومُ الجمعةِ، فيه صَلَاةُ الجُمُعَةِ، منِ اغتسلَ لها، وبكَّرَ، ومشى، واقتربَ منِ الإمامِ، واستمعَ، أعطاهُ اللهُ بكلِّ خطوةٍ يـمشيها إليها حسناتِ صيامِ سنةٍ وقيامِها، فما أسهلَ العملَ! وما أعظمَ الثوابَ! وما أكثرَ الـمتكاسلينَ عن هذا الأجرِ العظيمِ! وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
ومَوْسِمٌ دائمٌ في كلِّ حينٍ: ذِكْرُ اللهِ-تَعَالَى-، قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ".
اللَّهمَّ لكَ الحمدُ، وإِليكَ الـمُشتكى، وأَنتَ الـمُستَعانُ، وبِكَ الـمُستغاثُ، وعليكَ التُكْلان، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بكَ.
اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.
اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.
اللَّهُمَّ انصرْ جنودَنا الـمُرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.
اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبالـمِسلمينَ على كُلِّ حالٍ، وبَلِّغْنا وإياهُم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.
اللَّهُمَّ أحسنْتَ خَلْقَنا فَحَسِّنْ أخلاقَنا.
اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا ولوالدِينا وأهلِنا والـمُسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ، والهُدى والسَّدادَ، والبركةَ والتوفيقَ، وَصَلَاحَ الدِّينِ والدُنيا والآخرةِ.
اللَّهُمَّ يا شافي اِشْفِنا وأهلَنا والـمسلمينَ والـمسالِمين.
اللَّهُمَّ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالـمينَ.
المرفقات
1743658067_الإحسانُ بعدَ رمضانَ-6-10-1446ه-مستفادة من خطبِ عددِ من الشيوخِ.docx
1743658068_الإحسانُ بعدَ رمضانَ-6-10-1446ه-مستفادة من خطبِ عددِ من الشيوخِ.pdf