الأم الثانية واليد الحانية
عبدالرزاق بن محمد النهيان
1438/05/03 - 2017/01/31 09:24AM
الخطبة الأولى:(منزلة الأخت)29/4/1438هــ
أيها الناس:من أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم التي وصفتْه بها خديجة رضي الله عنها إبان نزول الوحْي عليه قولُها:"كَلاَّ والله،ما يُخْزِيكَ الله أبدًا؛إنك لَتَصِلُ الرحِمَ..."؛ مُتفق عليه.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى"أرْسَلَه بصِلة الأرْحَام، وكسْرِ الأوْثان،وأن يُوَحَّدَ اللهُ لا يُشْرَك به شيءٌ"؛ رواه مسلم.
فصلة الرحم مِن أوجبِ فرائضه،وأهم خصائصه.
وسيكون حديثنا اليوم عن أقرب القرابات،وهم أولى الناس بالصلة بعد الآباء والأُمهات،ولا يحجبُهم في الميراث إلا الآباء والأبناء.
إنهم الإخوة والأخوات !
فمن الأرحام التي ينبغي أن تعطى المزيد من الرعاية والعناية: الأخت،فهي من أحن الناس على أهلها،ولا تتردد في التضحية من أجل أحد منهم،وهي الأم الثانية،واليد الحانية، الأختُ تحبُّ أخاها وتتباهى بهِ،تُدافعُ عنه في غَيبتِه،وتنصحُ له في حضرتِه،فنجاحُه نجاحُها،وفشلُه فشلُها،وإن كانَ يمنعها أن تبوحَ بمشاعرِها حياءُ النِّساءِ،لكنّه أغلى إليها من الماءِ والهواءِ.
وقد ذكر لنا القرآن الكريم أنموذجا من هذه التضحيات،حين قالت أم موسى عليه السلام:(لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون)فتتبعته أخته يوم ألقي في النهر، ودخلت على آل فرعون مخاطرة بحياتها؛لاسترجاع أخيها.
وعن ابن عباس:قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكراً؟ أحي ابني أو قد أكلته دواب البحر وحيتانه؟
ونسيت الذي كان الله وعدها .
قال قتادة:"فَجَعَلَتْ تَنْظُر إِلَيْهِ وَكَأَنَّهَا لَا تُرِيدهُ"،قال الطبري في تفسيره:"لم تدن منه ولم تقرب،لئلا يعلم أنها منه بسبيل".
وهذا من فطنتِها وحذرِها.
فلما وجدت الفُرصةَ،قَالَتْ:"هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)فانظرْ كيفَ ضحَّتْ الأختُ بنفسِها في سبيلِ نجاةِ أخيها الصَّغيرِ؟!.
وبذلت في إقناعهم وسعها،فحفظ الله عز وجل لها سعيها، وسجل لها جهدها في إنقاذ أخيها،وذكَّر الله موسى عليه السلام بذلك بعد أن صار نبياً فقال سبحانه:(إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله).
فلله درها من امرأة حرة كريمة،تغلّبت على المخاوف الداخلية في نفسها،والعلنية في واقعها،وتحايلت على قوم جبارين؛حتى أنقذت أخاها من بين أيديهم بعد توفيق الله وتأييده.
والسُّؤالُ المُهمُ:لماذا أوكلتْ أمُّ موسى هذه المهمةَ الخطيرةَ لأختِه، وهي الفتاةُ الضعيفةُ،ولم تُرسلْ رجلاً من أهلِها ليبحثَ عن ابنِها في وسطِ هذا المجتمعِ القاتلِ الظالمِ؟والجواب:لأنَّ الأمَّ تعلمُ أنَّه لا أحدَ أحنُّ ولا أرقُّ ولا أشفقُ ولا ألطفُ على هذا الطفلِ بعدَها من الأختِ، وصَدَقَتْ واللهِ!. لذلك كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إكرام الأخوات والإحسان إليهنَّ،فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:قال رجل:يا رسول الله،إن لي أماً وأباً,وأخاً وأختاً,وعماً وعمةً,وخالاً وخالةً،فأيهم أولى إلي بصلتي؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يد المعطي العليا,وابدأ بمن تعول,أمك وأباك,وأختك وأخاك,ثم أدناك أدناك "رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال:قال رسول الله:(لا يكون لأحدٍ ثلاثُ بنات،أو ثلاث أَخَوات،أو ابنتان أو أختان،فيتقي الله فيهن ويُحسن إليهنَّ،إلا دخَلَ الجنة)؛رواه أحمد وصححه الألباني.
فأين نحن عن هذه النصوص العظيمة والدرجات العالية الرفيعة؟!
ومن الإحسان إلى الأخوات زيارتهِّن ووصلهِّن،وحفظهن وحفظ حقهِّن وعدم بخسهِّن حقهِّن أو نقصه،قال صلى الله عليه وسلم:"من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة"فقال رجل وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله فقال:"وإن كان قضيباً من أراك"رواه مسلم.
فأين من يمنعون أخواتهن من الميراث أو يحتالون في أخذه أو يفرطون في توزيعه من هذا الوعيد الشديد"فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة"إذا كان هذا في قضيب أراك وهو السواك وقيمته"ريالان"فكيف بآلاف ومئات الآف!
وكما قيل:"البر لا يبلى،والذنب لا يُنسى،والديان لا يموت، ابن آدم اصنع ما شئت فكما تدين تدان".
ومن الإحسان إلى الأخت: ألاَّ يفرِّقَ الأخ في المعاملة والحفاوة بين عيال إخْوَانه وعيال أَخَواته بحجَّة أنَّ عيال إخوانه يحملون لقَبه؛فإنَّ الأخوات يلْحَظْنَ ذلك،ويُحزنهنَّ ويؤثِّر في قلوبهنَّ،والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد عدَّ ابن الأخت من القوم؛فقد دعا الأنصار في شأنٍ خاص فقال: (هل فيكمْ أحدٌ من غيركم؟) قالوا:لا،إلا ابن أُخْتٍ لنا، فقال:(ابن أُخْتِ القومِ منهم)؛رواه الشيخان.
أستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِ ذنبٍ، فاستغفروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
عباد الله:تأملوا معي خروج موسى عليه السلام من موطنه "مصر" الذي ولد ونشأ فيه إلى بلد آخر لا يعرفه،ولا يعرف الطريق إليه، يسمى«مدين»قال تعالى: "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ"إلى قوله:" قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ"تأمل في قول الأب:" إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ"إذ لم يخص واحدة دون الأخرى لعلمه ويقينه لحب كل واحدة لأختها ما تحب لنفسها حتى في النكاح والعشرة،ولم يحفظ في التاريخ أن إحداهما حسدت الأخرى على تزويجها،فكيف بهذا الزمان إذا جاء قدر الله للصغرى قبل الكبرى منعوها وحسدوها وقالوا:لابد أن تتزوج الكبرى قبل الصغرى ولا أصل لهذا لا في كتاب ولا سنة.
فليحذر الآباء والإخوان من عضل ومنع بناتهم وأخواتهم،فكم من حالة منعت فيها الصغرى فكان أمر الله قدراً مقدوراً فعنس الجميع كلهن،صغارهن وكبارهن!
أيُّها الأخُ المُباركُ:أختُكَ لحمُكَ ودمُكَ،شرفُكَ وعِرضُكَ،فيها من الأمِّ الحنان،وفيها من الأبِ الرَّحمة،لها المحبةُ والاحترامُ والتَّقديرُ، وتستحقُ منكَ الكثير الكثير.
الأختُ أحفظُ للودِّ والجميلِ، ويُرضيها من الأخِ القليلُ،وفقدُها لأخيها هو الخَطبُ الجليلُ، فتصبحُ بعدَه كخيمةٍ سقطَ عمودُها فهي تميلُ.
قيل أن لقمان لما قدم من سفره الطويل لقي غلامه فسأله:يا غلام ما فعلت أختي؟قال:ماتت،قال لقمان:سترت عورتي .
قال:ما فعل أخي؟قال الغلام:مات.قال لقمان:الآن انكسر ظهري.
فاعرفوا قدر إخوانكم وأخواتكم قبل فقدهم فإن الموفق من وفقه الله،ثم صلوا وسلموا،،،،
أيها الناس:من أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم التي وصفتْه بها خديجة رضي الله عنها إبان نزول الوحْي عليه قولُها:"كَلاَّ والله،ما يُخْزِيكَ الله أبدًا؛إنك لَتَصِلُ الرحِمَ..."؛ مُتفق عليه.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى"أرْسَلَه بصِلة الأرْحَام، وكسْرِ الأوْثان،وأن يُوَحَّدَ اللهُ لا يُشْرَك به شيءٌ"؛ رواه مسلم.
فصلة الرحم مِن أوجبِ فرائضه،وأهم خصائصه.
وسيكون حديثنا اليوم عن أقرب القرابات،وهم أولى الناس بالصلة بعد الآباء والأُمهات،ولا يحجبُهم في الميراث إلا الآباء والأبناء.
إنهم الإخوة والأخوات !
فمن الأرحام التي ينبغي أن تعطى المزيد من الرعاية والعناية: الأخت،فهي من أحن الناس على أهلها،ولا تتردد في التضحية من أجل أحد منهم،وهي الأم الثانية،واليد الحانية، الأختُ تحبُّ أخاها وتتباهى بهِ،تُدافعُ عنه في غَيبتِه،وتنصحُ له في حضرتِه،فنجاحُه نجاحُها،وفشلُه فشلُها،وإن كانَ يمنعها أن تبوحَ بمشاعرِها حياءُ النِّساءِ،لكنّه أغلى إليها من الماءِ والهواءِ.
وقد ذكر لنا القرآن الكريم أنموذجا من هذه التضحيات،حين قالت أم موسى عليه السلام:(لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون)فتتبعته أخته يوم ألقي في النهر، ودخلت على آل فرعون مخاطرة بحياتها؛لاسترجاع أخيها.
وعن ابن عباس:قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكراً؟ أحي ابني أو قد أكلته دواب البحر وحيتانه؟
ونسيت الذي كان الله وعدها .
قال قتادة:"فَجَعَلَتْ تَنْظُر إِلَيْهِ وَكَأَنَّهَا لَا تُرِيدهُ"،قال الطبري في تفسيره:"لم تدن منه ولم تقرب،لئلا يعلم أنها منه بسبيل".
وهذا من فطنتِها وحذرِها.
فلما وجدت الفُرصةَ،قَالَتْ:"هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)فانظرْ كيفَ ضحَّتْ الأختُ بنفسِها في سبيلِ نجاةِ أخيها الصَّغيرِ؟!.
وبذلت في إقناعهم وسعها،فحفظ الله عز وجل لها سعيها، وسجل لها جهدها في إنقاذ أخيها،وذكَّر الله موسى عليه السلام بذلك بعد أن صار نبياً فقال سبحانه:(إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله).
فلله درها من امرأة حرة كريمة،تغلّبت على المخاوف الداخلية في نفسها،والعلنية في واقعها،وتحايلت على قوم جبارين؛حتى أنقذت أخاها من بين أيديهم بعد توفيق الله وتأييده.
والسُّؤالُ المُهمُ:لماذا أوكلتْ أمُّ موسى هذه المهمةَ الخطيرةَ لأختِه، وهي الفتاةُ الضعيفةُ،ولم تُرسلْ رجلاً من أهلِها ليبحثَ عن ابنِها في وسطِ هذا المجتمعِ القاتلِ الظالمِ؟والجواب:لأنَّ الأمَّ تعلمُ أنَّه لا أحدَ أحنُّ ولا أرقُّ ولا أشفقُ ولا ألطفُ على هذا الطفلِ بعدَها من الأختِ، وصَدَقَتْ واللهِ!. لذلك كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إكرام الأخوات والإحسان إليهنَّ،فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:قال رجل:يا رسول الله،إن لي أماً وأباً,وأخاً وأختاً,وعماً وعمةً,وخالاً وخالةً،فأيهم أولى إلي بصلتي؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يد المعطي العليا,وابدأ بمن تعول,أمك وأباك,وأختك وأخاك,ثم أدناك أدناك "رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال:قال رسول الله:(لا يكون لأحدٍ ثلاثُ بنات،أو ثلاث أَخَوات،أو ابنتان أو أختان،فيتقي الله فيهن ويُحسن إليهنَّ،إلا دخَلَ الجنة)؛رواه أحمد وصححه الألباني.
فأين نحن عن هذه النصوص العظيمة والدرجات العالية الرفيعة؟!
ومن الإحسان إلى الأخوات زيارتهِّن ووصلهِّن،وحفظهن وحفظ حقهِّن وعدم بخسهِّن حقهِّن أو نقصه،قال صلى الله عليه وسلم:"من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة"فقال رجل وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله فقال:"وإن كان قضيباً من أراك"رواه مسلم.
فأين من يمنعون أخواتهن من الميراث أو يحتالون في أخذه أو يفرطون في توزيعه من هذا الوعيد الشديد"فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة"إذا كان هذا في قضيب أراك وهو السواك وقيمته"ريالان"فكيف بآلاف ومئات الآف!
وكما قيل:"البر لا يبلى،والذنب لا يُنسى،والديان لا يموت، ابن آدم اصنع ما شئت فكما تدين تدان".
ومن الإحسان إلى الأخت: ألاَّ يفرِّقَ الأخ في المعاملة والحفاوة بين عيال إخْوَانه وعيال أَخَواته بحجَّة أنَّ عيال إخوانه يحملون لقَبه؛فإنَّ الأخوات يلْحَظْنَ ذلك،ويُحزنهنَّ ويؤثِّر في قلوبهنَّ،والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد عدَّ ابن الأخت من القوم؛فقد دعا الأنصار في شأنٍ خاص فقال: (هل فيكمْ أحدٌ من غيركم؟) قالوا:لا،إلا ابن أُخْتٍ لنا، فقال:(ابن أُخْتِ القومِ منهم)؛رواه الشيخان.
أستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِ ذنبٍ، فاستغفروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
عباد الله:تأملوا معي خروج موسى عليه السلام من موطنه "مصر" الذي ولد ونشأ فيه إلى بلد آخر لا يعرفه،ولا يعرف الطريق إليه، يسمى«مدين»قال تعالى: "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ"إلى قوله:" قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ"تأمل في قول الأب:" إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ"إذ لم يخص واحدة دون الأخرى لعلمه ويقينه لحب كل واحدة لأختها ما تحب لنفسها حتى في النكاح والعشرة،ولم يحفظ في التاريخ أن إحداهما حسدت الأخرى على تزويجها،فكيف بهذا الزمان إذا جاء قدر الله للصغرى قبل الكبرى منعوها وحسدوها وقالوا:لابد أن تتزوج الكبرى قبل الصغرى ولا أصل لهذا لا في كتاب ولا سنة.
فليحذر الآباء والإخوان من عضل ومنع بناتهم وأخواتهم،فكم من حالة منعت فيها الصغرى فكان أمر الله قدراً مقدوراً فعنس الجميع كلهن،صغارهن وكبارهن!
أيُّها الأخُ المُباركُ:أختُكَ لحمُكَ ودمُكَ،شرفُكَ وعِرضُكَ،فيها من الأمِّ الحنان،وفيها من الأبِ الرَّحمة،لها المحبةُ والاحترامُ والتَّقديرُ، وتستحقُ منكَ الكثير الكثير.
الأختُ أحفظُ للودِّ والجميلِ، ويُرضيها من الأخِ القليلُ،وفقدُها لأخيها هو الخَطبُ الجليلُ، فتصبحُ بعدَه كخيمةٍ سقطَ عمودُها فهي تميلُ.
قيل أن لقمان لما قدم من سفره الطويل لقي غلامه فسأله:يا غلام ما فعلت أختي؟قال:ماتت،قال لقمان:سترت عورتي .
قال:ما فعل أخي؟قال الغلام:مات.قال لقمان:الآن انكسر ظهري.
فاعرفوا قدر إخوانكم وأخواتكم قبل فقدهم فإن الموفق من وفقه الله،ثم صلوا وسلموا،،،،