الأمراض منح ورحمة من الله عزو جل

كامل الضبع زيدان
1436/08/19 - 2015/06/06 13:21PM
خطبة الجمعة بجامع الأخوين سحيم وناصر ابني الشيخ حمد بن عبد الله بن جاسم آل ثاني رحمهما الله تعالى. الأمراض التي تصيب المؤمن في دنياه منح عظيمة ورحمة من رحمات أرحم الراحمين جعلها رب العالمين إما رفعة في درجات المؤمن وإما مكفرات لذنوبه لهذا ينبغي للمؤمن ألا يتضجر وألا يتسخط إن أصابه الله عزو جل بشيء من هذه الأمراض ـ أسأل الله أن يعافينا وإياكم وجميع المسلمين والمسلمات من جميع الأمراض والأوجاع والأسقام وهو سميع الدعاء ـ وينبغي أيضا ألا يسب المرض لأنه سبب كما ذكرنا إما لرفع الدرجات أو لتكفير الذنوب والسيئات فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال ما لك يا أم السائب أو يا أم المسيب تزفزفين؟ قالت الحمى لا بارك الله فيها فقال لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد رواه مسلم. فنهاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الحمى والتي جعلها الله عزو جل حظ المؤمن من النار كما صحت الأحاديث بذلك فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عادَ رَجُلاً مِن وَعَك كان به فقال: أبشر، فإن الله يقول: هي ناري أسَلِّطها على عبدي المذنب لتكون حظه من النار. رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني. وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ. رواه البخاري ومسلم. فإذا كان الأمر كذلك فالمؤمن مأمور بأن يرضى بما كتبه الله عزو جل ويصبر صبر المحتسبين الراضين لا صبر المضطرين لينال كامل الأجر والثواب كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم رجالا ونساء في غاية الرضا بما قدره الله عزو جل من هذه الأمراض لأنهم صدقوا وأيقنوا أن ما أخبرهم به الحبيب صلى الله عليه وسلم حق وصدق وواقع وآت لا محالة وكل آت قريب وما عند الله خير وأبقى فآثروا ما عند الله من النعيم المقيم على هذه الدنيا الفانية فصبروا على ما ابتلاهم به ليقربهم منه جل جلاله واسمع لقصة المرأة السوداء والتي بشرها الحبيب صلى الله عليه وسلم بالسلعة الغالية بجنات النعيم وهي تمشي على قدميها في الدنيا فعن عطاء بن أبي رباح قال لي ابن عباس: ألا أُريك امرأةً من أهل الجنة ؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع وإني أتكشف، فادعُ الله لي. قال: إن شئت ِ صبرتِ ولكِ الجنة وإن شئتِ دعوت ُ الله أن يعافيكِ. فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشف ُ فادعُ الله لي ألا أتكشف فدعا لها (رواه البخاري). يا لسعادتها ونجاتها من لظى اختارت الصبر على البلاء والمرض والصرع لتنال النعيم المقيم أبد الآباد بجوار أرحم الراحمين وكانوا جميعا رضوان الله عليهم يؤثرون الآخرة والجنة على أي شيء ويضحون في مقابل ذلك بكل غال ونفيس اللهم ألحقنا بهم في أعلى عليين يا رب العالمين. ومن رحمة أرحم الراحمين أن جعل لنا مكفرات للذنوب والتي لابد منها في هذه الدنيا قضى الله بذلك وحكم جل جلاله فعن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه سلم -" والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم ". رواه مسلم). لذلك جعل جل جلاله لذنوب عباده مكفرات كثيرة اسمع لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم فعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما-عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: ((ما يصيب المسلم من نَصَب، ولا وَصَب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)) رواه البخاري. والنصب التعب والوصب الوجع وكل هذه الآفات يصاب بها الإنسان ولابد في حياته ولكن المأجور فقط هو المؤمن الصابر المحتسب فهو مأجور بأقل القليل من ذلك حتى الشوكة تكفر عنه من خطاياه وهذه رحمة أرحم الراحمين والذي هو جل جلاله أرحم بنا من أمهاتنا ومن أنفسنا بأنفسنا. فما بالنا بالأمراض الفتاكة التي ظهرت في أزماننا والتي تحير الأطباء في علاجها فإن صبر واحتسب من ابتلي بها فلا شك أن أجره أعظم وأعظم وقد أعلمنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم أن العبد ربما تكون له مكانة في الجنة لا يستطيع الوصول إليها بعمله مهما عمل من الأعمال فيبتلى ببلاء عظيم فيصبر عليه ويرضى بقضاء الله فينال هذه الدرجة العالية والمكانة الرفيعة عند الله عزو جل وهذا أيضا من كرم أكرم الأكرمين.
الأخذ بأسباب العلاج (الدواء)
عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: {جاء أعرابي فقال: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله} رواه أحمد. وفي لفظ: {قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: نعم، عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، أو دواء إلا داء واحدا، قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم} رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذي وصححه). وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أرأيت رقى نرتقي بها وأدوية نتداوى بها وتقى نتقيها هل ترد من قدر الله من شيء قال صلى الله عليه وسلم هي من قدر الله).
وتداوى صلى الله عليه وسلم وتداوى صحبه الكرام وأخذوا بالأسباب وهذا لا يمنع من التوكل على الله عزو جل ولكن لابد من الاعتماد على الله عزو جل أولا وأخيرا لا على الأسباب فهو الذي يشفي العباد بالأسباب وبدون الأسباب فهو جل جلاله القائل {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (107) (يونس) فهو جل جلاله وحده الذي يملك العطاء والمنع والضر والنفع ويملك الشفاء من الأمراض ومن أنفع الأسباب الدعاء بإخلاص وبيقين أن الله عزو جل قادر على كشف جميع الكربات ومنها الأمراض مهما عظمت ولكن لابد من التعلق التام بقدرة القدير جل جلاله.
عيادة المريض وجبر خاطره وتأنيسه
من أحق حقوق المسلم على أخيه المسلم أن يعوده إذا مرض وأن يدعو له بالشفاء العاجل شفاء لا يغادر سقما وأن يسأل الله عزو جل العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه ويعافيه فالمريض منكسر القلب ولما سأل موسى عليه السلام رب العالمين فقال يا رب أين أجدك قال عند المنكسرة قلوبهم من أجلي والمريض من هؤلاء واسمع إلى هذا الحديث القدسي الجليل {عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب! كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟!، يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب! وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمتك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي} رواه مسلم. يا له من رب رحيم بعباده في الطعام والشراب قال لوجدت ذلك عندي أي ثواب ذلك ولكن في زيارة المريض وعيادته قال جل جلاله لوجدتني عنده وهذا القرب منه جل جلاله قرب لطف وعطف ورحمة وبر وإحسان بما يليق بجلاله وبعظمته وبكبريائه جل جلاله ربنا العظيم. والأحاديث كثيرة جدا الدالة على عظيم فضل عيادة المريض وأنه يكون في خرفة الجنة يعني جناها ويقال له طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ويصلي عليه سبعون ألف ملك وهذا كله من فضل الله العظيم على عباده.
آداب عيادة المريض
1 ألا يطيل الجلوس عنده حتى لا يشق عليه أو على أهله ولكن إذا أحب المريض ذلك ليستأنس بأخ من إخوانه فلا بأس بحسب ما تدعو إليه الحاجة.
2 مراعاة الأوقات المناسبة للزيارة بالليل أو النهار والأرفق بالمريض
3 الدعاء للمريض وإدخال السرور على قلبه
وأسأل الله الشفاء التام والعافية الدائمة لنا ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات
والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
المشاهدات 927 | التعليقات 0