الأمانة والخيانة ! (حسب التعميم) 1445/5/24ه
يوسف العوض
عبادَ اللهِ: يقولُ اللهُ تعالى :( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) إنَّ للفسادِ في حياةِ النّاسِ آثارا وخيمةً لا تُحمدُ عقباها على الفردِ وعلى المجتمعِ ، فليسَ أسوأَ على النّاسِ منْ أنْ يعيشَ بينهمْ فاسدٌ أوْ مفسدٌ في الأرضِ ، فيعيقَ شؤونهمْ ويُؤخرَ تقدمهمْ ويغدرَ بهمْ ويفسدَ أعمالهمْ ، وقدْ حذّرَ اللهُ تعالى في القرآنِ الكريمِ منَ الفسادِ والمفسدينَ في غيرِما موضعٍ !، قالَ تعالى في محكمٍ التنزيلِ : "وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ"ولمْ يكنْ النّهيُ الإلهيُ عنْ الفسادِ إلا تأكيدا منْ اللهِ تعالى على خطورتهِ في حياةِ النّاسِ ، وتنبيها لهمْ على عدمِ الإفسادِ في الأرضِ وبينَ النّاسِ ، وقدْ وردتْ في القرآنِ الكريمِ أكثرُ منْ قرابةِ خمسينَ آيةً كريمةً تحذّرُ منْ الفسادِ وخطورتهِ .
عبادَ اللهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ ) ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : ( إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ ) رواه البخاري ، وجديرٌ بالقولِ إنَّ صورَ الفسادِ في المجتمعاتِ كثيرةٌ ومختلفةٌ ، ويجبَ على المسلمينَ أنْ يحذروا منها جميعها وأنْ يضعوا للمفسدينَ حدودا حتى لا يصبحوا خطرا حقيقيا يحدقُ بالمجتمعِ الإسلاميِ والأمّةِ الإسلاميةِ ، ومنْ صورِ الفسادِ الإعتداءُ على المالِ العامِ ونقضُ العهدِ والكذبِ والخداعِ والنّصبِ والاحتيالِ ، ومنْ صورِ الفسادِ أيضا الرشوةُ التي تعصفُ بالمجتمعاتِ الإسلاميةِ اليومَ ، والتي تكادُ تصبحُ قانونا يُسنُ ويُشرّعُ في دساتيرِ الأممِ وقوانينها ، وهيَ منْ الأعمالِ المحرّمةِ التي شددَ الإسلامُ على حرمتها ، ولا تقتصرُ أشكالُ الفسادِ على هذهِ الأشياءِ ، بلْ زعزعةُ الأمنِ والاستقرارِ فسادٌ في الأرضِ ، والسرقةُ والقتلُ والتهديدُ وترهيبُ النّاسِ أيضا فسادٌ في الأرضِ ، وينبغي على الإنسانِ أنْ يقفَ موقفا صريحا معاديا لكلِ أشكالِ الفسادِ وصورهِ المعروفةِ الظاهرةِ والمخفيةِ الباطنةِ أيضا .
عبادَ اللهِ: ويجبُ على الإنسانِ أنْ يتحلّى بالنّزاهةِ التي تتجسدُ في الصدقِ والأمانةِ ونبذِ الرشوةِ والغشِ وأكلِ مالِ المساكينِ اليتامى والابتعادِ عنْ كلِ ما حرمَ اللهُ تعالى منْ سرقةٍ ونهبٍ واحتيالٍ وترهيبٍ وتخريبٍ وزعزعةٍ للأمنِ والاستقرارِ ، وأنْ يتمتعَ الإنسانُ بالصدقِ والأمانةِ والإخلاصِ في العملِ وفي كلِ شؤونِ حياتهِ ، لكيْ يكونَ ممنْ يُضربُ بهمْ المثلُ ولكيْ يكونَ ممنْ رضيَ اللهُ عنهمْ ورضوا عنهُ ، وأنْ يكونَ منْ المغفورِ لهمْ يومَ القيامةِ .