الألعاب الإلكترونية

د صالح بن مقبل العصيمي
1443/01/22 - 2021/08/30 10:32AM

الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ ...
عِبَادَ اللهِ، مِنْ خِلَالِ التَّــتَــبُّعِ لِـمَكَامِنِ الْـخَطَرِ فِي الِإنْتَـرْنِتِّ، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَطْفَالِ؛ لُوحِظَ انْتِشَارُ وَسَائِلِ التَّـرْفِيهِ الْــحَدِيثَةِ، وَخَاصَّةً الْأَلْعَابَ الْإِلِكْتُـرُونِيَّةَ، ذَائِعَةَ الصِّيتِ، يُزَاوِلُـهَا الْأَفرَادُ عَلَى اخْتِلَافِ أَعْمَارِهِمْ وَأَجْنَاسِهِمْ لِأَوْقَاتٍ طَوِيلَةٍ، دُونَـمَا كَلَلٍ أَوْ مَلَلٍ، حَيْثُ تَـحْـتَوِي عَلَى أَلْعَابِ الْقِتَالِ وَالْـحُرُوبِ وَالْـخَيَالِ الْعِلْمِيِّ، وَالرِّيَاضَةِ، وَالْإِثَارَةِ، وَغَيْـرِهَا، وَهَذِهِ الأَلْعَابُ لَـهَا سَلْبِيَّاتٌ كَثِيـرَةٌ، مِنْهَا:
أَوَّلًا: إِفْسَادُ الْعَقَائِدِ: فَلَا تَكَادُ تَـخْلُو لُعْبَةٌ مِنْ مُـخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ؛ فَتَجِدُ فِي بَعْضِ الْأَلْعَابِ تَكْيِيفًا لِصُورَةِ الْـخَالِقِ -جَلَّ وَعَلَا- وَمَعَ شِدَّةِ حُرْمَةِ تَكْيِيفِ الرَّبِّ -جَلَّ وَعَلَا- إِلَّا أَنَّـهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُصَوِّرُونَهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِصُورَةٍ مُشَوَّهَةٍ -تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيـرًا- فَهُوَ الْـجَمِيلُ الَّذِي حَوَى صِفَاتِ الْـحُسْنِ وَالْـجَمَالِ، مُنَزَّهٌ عَنِ النِّدِّ وَالْمَثِيلِ، وَالتَّعْطِيلِ وَالتَّكْيِيفِ. كذلك تَـحْـتَوِي هَذِهِ الأَلْعَابُ عَلَى تَدْنِيسٍ لِكِتَابِ اللهِ، وَامْتِهَانٍ لِمَقَامِ نَبِـيِّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ يُظْهِرُونَهُ بِأَشْنَعِ صُورَةٍ؛ لإِنْقَاصِ قَدْرِهِ، كَمَا يُسِيئُونَ لِصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْمْهِ- كَذَلِكَ انْتِشَارُ الْأَصْنَامِ وَالصُّلْبَانِ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الأَلْعَابِ؛ فَأَصْبَحَ مَنْظَرُ الصَّنَمِ وَالصَّلِيبِ مَأْلُوفًا مُسْتَسَاغًا، وَمَقْبُولًا عِنْدَ اللَّاعِبِيـنَ، لَا يَـمْتَنِعُ الطِّفْلُ عَنْ لِبْسِهِ، وَلَا يَأْنَفُ غَالِبًا مِنْ ذَلِكَ.
ثَانِيًا: لَا تَـخْلُو لُعْبَةٌ -فِي الْغَالِبِ- مِنْ صُوَرِ النِّسَاءِ الْعَارِيَاتِ، وَشِبْهِ الْعَارِيَاتِ؛ فَمَنْ أَدْمَنَ مُشَاهَدَةَ هَذِهِ الأَلْعَابِ اسْتَسْهَلَ اللِّبْسَ الْفَاضِحَ، وَالنَّظَرَ إِلَى الْعَارِيَاتِ. 
ثَالِثًا: تَرْبِيَةُ الْأَطْفَالِ عَلَى اسْتِسْهَالِ وَتَقَبُّلِ الْـحَرَكَاتِ الْمُثِيـرَةِ لِلْغَرَائِزِ فِي أَثْنَاءِ اللَّعِبِ، وَلَـمْسِ الشُّبَّانِ بَعْضِهِمْ لِعَوْرَاتِ بَعْضٍ فِي مَشَاهِدَ مُقَـزِّزَةٍ مُـنَــفِّرَةٍ.
رَابِعًا: تَـجِدُ فِي هَذِهِ الأَلْعَابِ اسْتِسْهَالًا لِتَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ مِنْ هِيـرْوينَ وَحَشِيشٍ وَغَيْـرِهِـمَا، وَإِيضَاحًا لِوَسَائِلِ الْـحُصُولِ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّ فِيهَا تَـحْسِيـنًا لِصُورَةِ شَارِبِي الْـخُمُورِ؛ فَيُظْهِرُونَـهُمْ بِصُوَرٍ مُغْرِيَةٍ، تُشَجِّعُ عَلَى الاقْتِدَاءِ بِـهِمْ، وَتُظْهِرُ حَيَاتَـهَمْ كَأَنَّـهَا أَسْعَدُ حَيَاةٍ، وَهُمْ فِي الْوَاقِعِ مِنْ أَشْقَى النَّاسِ.
خَامِسًا: تُغْرِي هَذِهِ الأَلْعَابُ على تَعَاطِي الْمُنَشِّطَاتِ عِنْدَ مُـمَارَسَةِ الرِّيَاضَةِ؛ وَتُهَوِّنُ مِنْ أَمْرِهَا؛ فَتُبْـرِزُ اللَّاعِبَ الَّذِي يَتَعَاطَاهَا على أَنَّهُ قَوِيُّ الْبِنْيَةِ؛ وَلَا يَشْعُرُ بِالتَّعَبِ عِنْدَ مُـمَارَسَةِ الرِّيَاضَةِ، وَغَالِبُهُمْ لَا َيَــعْــرِفُ أَنَّـهَا تُؤَثِّرُ عَلَى صِحَّتِهِ تَأْثِيـرًا بَالِغًا، حَيْثُ تُضَخِّمُ هَذِهِ الْمُنَشِّطَاتُ عَضَلَةَ الْقَلْبِ، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي عَدَمِ التَّعَبِ، فَـتُتْلِفُهَا -بَعْدَ ذَلِكَ- وَتُـــتْلـِفُ الْكُلَى وَالْكَبِدَ؛ دُونَ أَنْ يَـحِسَّ بِـهَا مُتَعَاطِيهَا إِلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ.
سَادِسًا: انْتِشَارُ السُّبَابِ وَالشَّتَائِمِ فِي هَذِهِ الأَلْعَابِ بِأَلْفَاظٍ عَرَبِيَّةٍ وَاضِحَةٍ، يَسْتَعْظِمُ الإِنْسَانُ الْعَاقِلُ النُّطْقَ بِـهَا؛ فَيَتَـرَبَّى الْأَطْفَالُ عَلَى هَذِهِ الأَلْفَاظِ السَّـــيِّـــئَةِ نُطْقًا بِـهَا، وَتَقَبُّلًا لَـهَا.
سَابِعًا: يَكْثُـرُ فِي هَذِهِ الأَلْعَابِ: التَّهَوُّرُ وَالْمُغَامَرَةُ عِنْدَ قِيَادَةِ السَّيَّارَاتِ، وَقَطْعُ الْإِشَارَاتِ، وَمُـخَالَفَةُ الأَنْظِمَةِ، فَيَتَـرَبَّى الصِّغَارُ عَلَى الاسْتِهَانَةِ بِـحَيَاةِ النَّاسِ، وَأَنْظِمَةِ الْمُرُورِ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى رِجَالِ الأَمْنِ، وَالْـهُرُوبِ مِنْهُمْ عِنْدَ نِقَاطِ التَّفْتِيشِ، وَإِطْلَاقِ النَّارِ عَلَيْهِمِ، وَعَلَى دَوْرِيَّاتـِهـِمْ، وَيَعْتَبِـرُونَ هَذِهِ الأَفْعَالَ قُوَّةً وَشَجَاعَةً. لِذَا؛ فَإِنَّ الْفِرَقَ الضَّالَّةَ الْمُنْحَرِفَةَ عَنِ الْمَنْهَجِ السَّلِيمِ اسْتَغَلَّتْ هَذِهِ الأَلْعَابَ أَسْوَأَ اسْتِغْلَالٍ؛ فَنَجِدُ فِيهَا حَثًّا عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِيـنَ فِي الَمَسَاجِدِ، وَغَيْـرِهَا، وَالْقَاتِلُ لَـهُمْ يَهْتِفُ: اللهُ أَكْبَـرُ! وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الشَّهَادَةِ، وَإِطْلَاقِ الْقَذَائِفِ وَالرَّصَاصِ عَلَى مَنْ بِالْمَسْجِدِ. 
ثَامِنًا: تُنَمِّي هَذِهِ الأَلْعَابُ رُوحَ الْعُنْفِ وَالْعَدَاءِ، وَحُبَّ الانْتِقَامِ فِي لَاعِبِيهَا، وَالْقَتلِ بِـجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، وَتَقْطِيعِ الأَجْسَادِ بِشَكْلٍ مُـخِيفٍ بِاسْتِخْدَامِ الأَسْلِحَةِ، وَالسَّكَاكِينِ، وَكُلِّ أَدَوَاتِ الْقَتْلِ. وَلِذَا؛ نَـجِدُ أَنَّ مَنْ يَنْضَمُّونَ إِلَى الْفِرَقِ الضَّالَّةِ الْمُنْحَرِفَةِ يَسْتَهِينُونَ بِالْقَتْلِ، وَيَقْتُلُونَ خُصُومَهُمْ بِأَبْشَعِ قِتْلَةٍ، وَأَفْظَعِ وَسِيلَةٍ؛ دُونَـمَا رَادِعٍ مِنْ: دِينٍ، أَوْ عَقْلٍ، أَوْ عُرْفٍ. 
تَاسِعًا: تَرْبِيَةُ الأَطْفَالِ عَلَى سَرِقَةِ الأَمْوَالِ وَالسَّيَّارَاتِ، وَتَعْرِضُ لَـهُمْ حِيَلًا وَطُرُقًا مُبْتَكَرَةً للسَّرِقَةِ؛ تُغْرِي الشَّبَابَ بِتَنْفِيذِهَا، إِنْ لَـمْ يَكُنْ مِنْ بَاِب الْـحَاجِةِ لِلْمَالِ، فَمِنْ بَابِ إِظْهَارِ الشَّجَاعَةِ وَالْإِقْدَامِ.
عَاشِرًا: تُنَمِّي هَذِهِ الأَلْعَابُ رُوحَ الْعُزْلَةِ وَالانْطِوَاءِ عِنْدَ الأَطْفَالِ؛ فَالطِّفْلُ يَسْتَغْنِـي بِـهَا عَنْ رِفْقَتِهِ؛ لأَنَّهُ يَلْعَبُ مَعَ هَذِهِ الأَلْعَابِ لِوَحْدِهِ؛ فَيَتَـرَبَّى عَلَى الانْطِوَاءِ وَالْعُزْلَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ. 
الْـحَادِي عَشَرَ: يَتَعَرَّفُ مِنْ خِلَالِـهَا الأَطْفَالُ عَلَى أَصْدِقَاءَ مِنْ خِلَالِ اللَّعِبِ مَعَهُمْ عَنْ بُعْدٍ، وَغَالِبُهُمْ أَصْدِقَاءُ سُوءٍ؛ حَيْثُ يَتَحَرَّى الْبَعْضُ اللَّعِبَ مَعَ الْغِلْمَانِ، وَيُغْرُونَـهُمْ بِإِهْدَائِهِمْ أَلْعَابًا، أَوْ أَسْلِحَةً، أَوْ مَالًا، وَيَتَوَاصَلُونَ مَعَهُمْ عَبْـرَ مَوَاقِعِ الاتِّصَالِ الْإِلِكْتُرُونِيَّةِ، ثُـمَّ يَبْتَزُّونَـهُمْ دُونَ مَعْرِفَةِ الْآبَاِء عَنْ ذَلِكَ، فَهُتِكَتْ أَعْرَاضُ بَعْضِهِمْ دُونَ عِلْمِ وَالِدِيهِمْ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ!
الثَّانِي عَشَرَ: أَوْرَثَتْ هَذِهِ الأَلْعَابُ آثَارًا صِحِّيَّةً وَخِيمَةً؛ مِنْهَا: ضَعْفُ الْبَصَرِ عِنْدَ عَدَدٍ لَا يُسْتَهَانُ بِهِ مِنَ الأَطْفَالِ؛ مِنْ جَرَّاءِ التَّـرْكِيزِ الشَّدِيدِ عَلَى الشَّاشَةِ، مَعَ تَقَوُّسِ الظَّهْرِ وَالْعَمُودِ الْفِقَرِيِّ، كَمَا أَوْرَثَتْ اضْطِرَابًا فِي الأَعْصَابِ عِنْدَ فِئَةٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَتَوَتُّرًا دَائِمًا؛ بِسَبَبِ التَّـرْكِيزِ الشَّدِيدِ في أَثْنَاءِ اللَّعِبِ، وَسَبَّبَتْ إِيذَاءً نَفْسِيًّا لِكَثِيـرٍ مِنَ الأَطْفَالِ؛ مِنْ جَرَّاءِ الْمَنَاظِرِ الْمُرْعِبَةِ الْمُخِيفَةِ في أَثْنَاءِ اللَّعِبِ. 
وَلِذَا؛ نَـجِدُ الْغَرْبَ، مَعَ أَنَّـهُمْ مَنْ أَسَّسُوا هَذِهِ الأَلْعَابَ؛ إِلَّا أَنَّـهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَتَتَابَعُونَ بِرَفْعِ الدَّعَاوَى الْقَضَائِيَّةِ ضِدَّ مُنْتِجِي هَذِهِ الأَلْعَابِ؛ لِآثَارِهَا السَّــيِّــئَــةِ عَلَى أَبْنَائِهِمْ، وَيَـحُدُّونَ مِنْ انْتِشَارِهَا. فَهَلْ هُمْ أَحْرَصُ عَلَى أَبْنَائِهِمْ مِنَّا؟! لَا وَاللهِ. فَلَا بُدَّ أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ هَذِهِ الأَلْعَابَ أَصْبَحَتْ عِنْدَ بَعْضِ الأَطْفَالِ حَاجَةً أَسَاسِيَّةً، وَمَظْهَرًا مُهِمًّا مِنْ مَظَاهِرِ سُلُوكِهِمْ؛ فَهِيَ لَـمْ تَعُدْ وَسِيلَةً لِقَضَاءِ وَقْتِ الْفَرَاغِ؛ بَلْ أَصْبَحَتْ وَسِيلَةً تَرْبَوِيَّةً تَفُوقُ الْمَدْرَسَةَ وَالْبَيْتَ، وَتُسَاهِمُ فِي نُـمُوِّ الشَّخْصِيَّةِ وَالتَّـرْكِيبِ الصِّحِّيِّ، فَأَثَرُهَا جِدُّ خَطِيـرٌ عَلَى أَفْرَادِ الْـمُجْتَمَعِ؛ لِذَا يَـجِبُ الْـحَذَرُ مِنْهَا.
اللَّهُمَّ احْـمِنَا وَأَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا مِنَ الْفِـتَـنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.
 
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
---------------------------------------
 
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
 
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعْدُ... 
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. 
 عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ وَلَعِ الأَطْفَالِ بِـهَذِهِ الأَلْعَابِ الْغَفْلَةَ مِنَ الآبَاءِ عَنْ أَطْفَالِـهِمْ، أَوْ عَدَمَ مَعْرِفَةِ بَعْضِهِمْ بِـخَطَرِهَا. لِذَا؛هَ نَـجِدُ بَعْضَ الْآبَاءِ يَطْمَئِنُّ عِنْدَ وُجَودِ ابْنِهِ يُـمَارِسُها؛ بِظَنِّهِ أَنَّـهَا تُثَقِّفُهُ، وَتُنَمِّي قُدُرَاتِهِ، وَتَـحْمِيهِ مِنَ الاخْتِلَاطِ بِرِفْقَةِ السُّوءِ، وَمَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَهُ لِأَشَرِّ رِفْقَةٍ، وَأَضَرِّهَا عَلَى دِينِهِ، وَخُلُقِهِ، وَصِحَّتِهِ. 
 عِبَادَ اللهِ، لَا بُدَّ مِنْ رِقَابَةٍ لِلْآبَاءِ عَلَى أَوْلَادِهِمْ بِلُطْفٍ وَرَحْـمَةٍ، بَعِيدًا عَنِ الرَّخَاوَةِ وَالضَّعْــفِ، وَالْـحِجَجِ الْوَاهِيَةِ الْبَارِدَةِ؛ كَمَنْ يَقُولُ: أَخْشَى أَنْ أُحَطِّمَهُ إِذَا رَاقَبْتُهُ. سُبْحَانَ اللهِ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ إِذَا لَـمْ تُرَاقِبْهُ؛ فَأَنْتَ لِلشَّيْطَانِ تُسْلِمُهُ؟ فَتُدَمِّرَهُ وَتُـهْلِكَهُ، فَهَلْ حَقًّا تَـخْشَى أَنْ تُـحَطِّمَهُ، فَتُهْمِلَهُ؟ أَمْ أَنَّكَ تَتَعَلَّلُ؛ لانْشِغَالِكَ عَنْهُ بِعِلَلٍ تُقْنِعُ بِـهَا نَفْسَكَ فَقَطْ؟ أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ اللهِ عَمَّا اسْتَـرْعَاكُمْ مِنَ الْأَمَانَةِ. 
كَمَا عَلَيْكُمْ مَعَاشِرَ الشَّبَابِ أَنْ تَتَّقُوا اللهَ في أَنْفُسِكُمْ وَوَالِدِيكُمْ، وَأَنْ تُرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، فِإِنْ غَفَلَ الْآبَاُء عَنْ مُرَاقَبَتِكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ عَلَيْكُمْ رَقِيبٌ، فَغُضُّوا أَبْصَارَكَمْ، وَامْتَنِعُوا عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكُمْ. 
حَـمَانِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْـجَنَّةِ.
اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.
 
 
 

المرفقات

1630319529_خطبة الجمعة بعنوان الألعاب الإلكترونية.docx

1630320028_خطبة الجمعة بعنوان الألعاب الإلكترونية.docx

1630320036_خطبة الجمعة بعنوان الألعاب الإلكترونية.pdf

المشاهدات 711 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا