الأقليات المسلمة في كندا.. وجو يحتاج إلى فاعلية
عبدالله الخديري
1431/06/09 - 2010/05/23 14:43PM
الأقليات المسلمة في كندا.. وجود يحتاج إلى فاعلية
علا محمد سامي
المصدر: موقع: المسلم
مقالات متعلقة
بتاريخ : 24/4/2010 ميلادي - 10/5/1431 هجري
على الرغم من تسليط الأضواء الإعلامية على أوضاع الأقليات المسلمة في أمريكا الشمالية على الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هناك تغييبا أو تجاهلا - لعدم إدراك ربما، أو قد يكون تجاهلا - لأوضاع المسلمين في كندا، والذين يعتبرون جزءا أصيلا من جغرافية القارة الشمالية، لما لهم من وجود تاريخي في هذه البلاد، بشكل لا يقل عن الوجود الإسلامي في أمريكا، على سبيل المثال.
إلا أنه على الرغم من هذا الوجود التاريخي، فان حالهم لا يقل بحال عن أوضاع نظراء لهم في دول العالم، ومنها الولايات المتحدة، أو بالأصح بلاد الهجرة، والتي لا ينسى معها المهاجرون من العرب والمسلمين حمل خلافات دولهم، وتباينات مذاهبهم، فتظهر بينهم روح الخلاف قوية بشكل قد يفوق بلد المنشأ ذاته.
وعلى الرغم من الترحيب الحذر الذي تبديه دوائر صنع القرار في كندا للتعدد الديني والثقافي وتشجيعه، إلا أن مخاوفهم من الجاليات المسلمة يفوق المخاوف التي تنتابهم من الجاليات الأخرى، وخاصة اليهودية، التي يرحب بها للغاية.
ولذلك فكثيرا ما يعلن الساسة الكنديون ولاءهم ودعمهم المطلق لدولة الاحتلال في فلسطين، بل وكثيرا ما صرحوا بأن هذا الدعم غير مرهون بتقدم عملية التسوية أو تعثرها، "المهم هو دعم كندا المطلق والدائم لإسرائيل، وأن أمن إسرائيل من أمن كندا".
هكذا كانت تصريحات سابقة لرئيس وزراء كندا تجاه دولة الاحتلال، وهو ما ينعكس على الدعم الذي يقابل للجالية اليهودية في كندا، للدرجة التي لا يجعلها أقلية، بل جالية منظمة تستهدف تحقيق أغرض نفعية لصالح الدولة العبرية، ولذلك تبدو سيطرتهم شبه كاملة على الاقتصاد والإعلام في كندا.
الخوف من الإسلام:
لذلك لا تأخذ المرء الدهشة جراء هذا الدعم، في الوقت الذي تثير فيه التجمعات الإسلامية ريبة الكنديين، للدرجة التي قد تنعكس على شعائرهم، في ظل ما يوصف بـ"الإسلاموفوبيا"، أي الخوف من الإسلام، وهى حالة الهلع التي أصبحت تنتاب الغرب، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة في نيويورك في العام 2001.
ولا أدل على ذلك من الشعار الذي بدأ يتم رفعه في الدولة الحدودية للولايات المتحدة - على سبيل المثال- وهو أن النقاب لا هو مرحب به ولا هو محظور.
هذا الشعار وغيره من الشعارات التي تعكس تخوفا من الإسلام، كثيرا ما يكون مقدمة لإجراءات تستهدف المسلمين في بلاد الهجرة، كما حدث أخيرا من الحملة السويسرية على المآذن، والتي استبقتها حملة ضد المآذن والنقاب، عن طريق لصق لافتات على وسائل المواصلات وفي الشوارع وأماكن التجمعات، بهدف التعبئة ضد الأقليات المسلمة، كمقدمة لاستفتاء وافق فيه 57% على منع إقامة المآذن بالمدن السويسرية.
ولذلك فانه ومنذ الأحداث الشهيرة (سبتمبر) بدأ الكنديون ينظرون إلى كل مسلم بعين الارتياب، ومجرد أن يحمل الشخص اسما إسلاميا فإن ذلك يعتبر كافيا للاشتباه به، وحتى أولئك المسلمين الذين تأثروا بالمجتمعات الغربية وتبنوا ثقافة الغرب يجدون أنهم ليسوا بمعزل عن هذه المضايقات والتفرقة بسبب أسمائهم الإسلامية.
ونتيجة لهذه المضايقات ارتفعت معدلات البطالة بين المهاجرين المسلمين إلى مستويات غير مسبوقة، وتفيد إحصاءات ليست رسمية أن حوالي 75% من المهاجرين المسلمين لا يستطيعون الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم الأكاديمية، التي يفدون بها إلى كندا، نتيجة هذه المضايقات، والتي لمسها موقع (المسلم) في زيارته لهذه البلاد.
ولذلك يعمل أصحاب هذه المؤهلات في وظائف هامشية، مثل عمال نظافة أو أفراد أمن أو عمال في مطاعم، إلى غير ذلك من الوظائف غير المؤثرة في المجتمع.
كما تتعرض بعض الجاليات المسلمة إلى تفرقة وتمييز مبني على أسباب دينية، فيما سبق أن تعرضت العديد من المساجد لاعتداءات بعد سبتمبر 2001م، وبالرغم من انحسار موجة الاعتداءات إلا أن معدلات التمييز ضد المسلمين ما زالت قائمة، وان تباينت من وقت لآخر، إلا أنها قائمة في كل الأحوال، نتيجة "الإسلاموفوبيا".
وتساهم وسائل الإعلام في ترسيخ تلك العنصرية باستمرارها في نشر الكتابات المسيئة للدين الإسلامي للدرجة التي أصبح فيها المسلمون يخشون على أنفسهم وممتلكاتهم.
لذلك تذهب بعض آراء المحللين إلى إن الأجواء السياسية في الولايات المتحدة وكندا ربما تساهم في حدوث مجازر جديدة ضد المسلمين.
غياب التنظيم:
وعلى الرغم من حالة العداء المستترة للأقليات المسلمة في كندا، إلا أن الجاليات المسلمة والعربية فيها لا يقابلونها بحالة من التنظيم أو الإعداد لتصحيح الصورة في ظل انشغالهم الدائم بنقل مشاكل بلادهم إلى مواطن الهجرة، وهو ما يعتبر آفة خطيرة تصيب المهاجرين المسلمين، ولما لذلك من انعكاسات على الجيل الثاني لهم.
وربما يرجع ذلك إلى أن هذه الجاليات ليست كبيرة العدد، وإن كان هذا التنظيم لا يرتبط بالعدد، بقدر ما يحتاج إلى إرادة وعزيمة وفاعلية في تصحيح الصورة، والتحرك بشكل منظم للدفاع عن حقوقهم، وتشكيل رأي عام داخل المجتمع الكندي، يذيب معه حجم الدعايات المناهضة من الإسلام ومنهم على وجه الخصوص.
وعلى الرغم من أن كندا ثاني دول العالم مساحة بعد روسيا، حيث تقتسم مع الولايات المتحدة قارة أمريكا الشمالية، إلا أن أعداد المسلمين فيها صغيرة العدد، على الرغم من محاولات البعض منهم إثبات هويتهم متخذين من المساجد والمدارس الإسلامية والجمعيات واتحاد الجمعيات مرتكزات لحماية وجودهم، إلا أنهم يغفلون في الوقت ذاته الإعلام والاقتصاد، كما تفعل الجاليات اليهودية، ولذلك يغيب عنهم الدور الأبرز، وهو الأكثر فاعلية والمتعلق بخلق رأي عام لأوضاعهم، وأهمية وجودهم والانخراط في داخل المجتمع الكندي.
وللآسف الشديد فقد فهم بعض المسلمين هناك هذا الانخراط، بدمج الجيل الثاني في أوساط الكنديين، فنقلوا عنهم سلوكيات لا تخالف فقط الروح الإسلامية والفطرة، بل انخرطوا في سلوكيات بالية، لا تمت إلى العادات العربية أو الشريعة الإسلامية بصلة.
تاريخ الوجود الإسلامي:
وتشير تقديرات كندية إلى المناطق التي هاجر منها المسلمون في الربع الأول من القرن الماضي، فمن البلاد العربية وغرب آسيا قدم 97 ألفا، ومن جنوب آسيا هاجر 91 ألفا، ومن البلاد الأفريقية 12 ألفا ومن جنوب أوربا 4 آلاف نسمة، بينهم 300 من البلقان.
يضاف إليهم آلاف المهاجرين نتيجة لمذابح البوسنة والحرب في الجمهوريات التي كانت تتكون من يوغسلافيا إضافة إلى مهاجرين من الصين والفلبين وبلاد أخرى في شرق آسيا وجنوبها الشرقي.
وحمل هؤلاء جميعا معهم العقيدة الإسلامية المشتركة مغلفة في ثقافات متعددة إلى بلد يقوم أساسا على تعدد الثقافات المهاجرة، وهذا وضع تختلف فيه الأقلية المسلمة في كندا عن الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة.
وتنوعت الهجرات القديمة لكندا إلى مدينة "ادمونتون" بمقاطعة "ألبرتا" و"لندن" بمقاطعة "أنتاريو" علاوة على "مونتريال" و"تورنتو"، وهى إحدى مدن مقاطعة "اونتاريو".
أما الهجرة الحديثة فقد نشطت منذ الستينات، وهاجر إلى كندا شباب على مستوى الثقافة والتعليم فتحت أمامهم الأبواب وأعانهم على تنظيم أنفسهم تكوين مجتمع إسلامي متعدد الكفاءات، إضافة إلى هجرة أحدث منذ أواخر الثمانينات جاءت إلى كندا بمسلمين على قدر من الثراء النسبي.
ويعد أقدم تنظيم إسلامي في كندا هو المركز الإسلامي الكندي الذي أنشأه المهاجرون اللبنانيون الأوائل في مقاطعة " ألبرتا " في أواخر العشرينات، فيما كان أول مسجد في كندا هو مسجد "الرشيد" الذي أنشئ في العام 1938 في مدينة "أدمونتون" عاصمة مقاطعة "ألبرتا".
ومن أبرز مجالات العمل الإسلامي القائم هناك – والذي يحتاج الى تفعيل- يأتي الكونجرس الإسلامي الذي أنشئ عام 1995م، وأصبح مسجلا لدى الحكومة الكندية في العام 1998، وهو أشبه باتحاد للمسلمين المقدر عددهم بنحو مليون مسلم من جملة عدد السكان الذي يزيد عن 30 مليون نسمة.
إلا أن هذا الكونجرس يقتصر عمله على المجال المحلي فقط فيما يتعلق بالمساجد والمدارس والمقابر، دون أن تكون له فاعلية في العمل السياسي أو الاقتصادي، على نحو ما تفعل الجاليات الأخرى، وتحديدا اليهودية منها.
وعلى الرغم من تنظيم المهاجرين المسلمين لأنفسهم في أوائل السبعينات- باتفاق الجمعيات الإسلامية في مختلف المقاطعات على تكوين مجلس الجماعات الإسلامية في كندا توحيدا للصفوف – إلا أن هذا التنظيم لم يتم المحافظة عليه، لخلافات مذهبية وجنسية.
ولذلك فان إحياء هذا العمل وغيره أصبح مطلوبا أكثر من أي وقت مضى، واستثمار ترحيب كندا بالتعدد الثقافي للمهاجرين إليها، خاصة وأن هناك اعتراف بالدين الإسلامي منذ العام 1973، وبعدما أصبح الدين من مقررات الدراسة مع الديانات الأخرى لطلبة المرحلة الثانوية.
علا محمد سامي
المصدر: موقع: المسلم
مقالات متعلقة
بتاريخ : 24/4/2010 ميلادي - 10/5/1431 هجري
على الرغم من تسليط الأضواء الإعلامية على أوضاع الأقليات المسلمة في أمريكا الشمالية على الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هناك تغييبا أو تجاهلا - لعدم إدراك ربما، أو قد يكون تجاهلا - لأوضاع المسلمين في كندا، والذين يعتبرون جزءا أصيلا من جغرافية القارة الشمالية، لما لهم من وجود تاريخي في هذه البلاد، بشكل لا يقل عن الوجود الإسلامي في أمريكا، على سبيل المثال.
إلا أنه على الرغم من هذا الوجود التاريخي، فان حالهم لا يقل بحال عن أوضاع نظراء لهم في دول العالم، ومنها الولايات المتحدة، أو بالأصح بلاد الهجرة، والتي لا ينسى معها المهاجرون من العرب والمسلمين حمل خلافات دولهم، وتباينات مذاهبهم، فتظهر بينهم روح الخلاف قوية بشكل قد يفوق بلد المنشأ ذاته.
وعلى الرغم من الترحيب الحذر الذي تبديه دوائر صنع القرار في كندا للتعدد الديني والثقافي وتشجيعه، إلا أن مخاوفهم من الجاليات المسلمة يفوق المخاوف التي تنتابهم من الجاليات الأخرى، وخاصة اليهودية، التي يرحب بها للغاية.
ولذلك فكثيرا ما يعلن الساسة الكنديون ولاءهم ودعمهم المطلق لدولة الاحتلال في فلسطين، بل وكثيرا ما صرحوا بأن هذا الدعم غير مرهون بتقدم عملية التسوية أو تعثرها، "المهم هو دعم كندا المطلق والدائم لإسرائيل، وأن أمن إسرائيل من أمن كندا".
هكذا كانت تصريحات سابقة لرئيس وزراء كندا تجاه دولة الاحتلال، وهو ما ينعكس على الدعم الذي يقابل للجالية اليهودية في كندا، للدرجة التي لا يجعلها أقلية، بل جالية منظمة تستهدف تحقيق أغرض نفعية لصالح الدولة العبرية، ولذلك تبدو سيطرتهم شبه كاملة على الاقتصاد والإعلام في كندا.
الخوف من الإسلام:
لذلك لا تأخذ المرء الدهشة جراء هذا الدعم، في الوقت الذي تثير فيه التجمعات الإسلامية ريبة الكنديين، للدرجة التي قد تنعكس على شعائرهم، في ظل ما يوصف بـ"الإسلاموفوبيا"، أي الخوف من الإسلام، وهى حالة الهلع التي أصبحت تنتاب الغرب، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة في نيويورك في العام 2001.
ولا أدل على ذلك من الشعار الذي بدأ يتم رفعه في الدولة الحدودية للولايات المتحدة - على سبيل المثال- وهو أن النقاب لا هو مرحب به ولا هو محظور.
هذا الشعار وغيره من الشعارات التي تعكس تخوفا من الإسلام، كثيرا ما يكون مقدمة لإجراءات تستهدف المسلمين في بلاد الهجرة، كما حدث أخيرا من الحملة السويسرية على المآذن، والتي استبقتها حملة ضد المآذن والنقاب، عن طريق لصق لافتات على وسائل المواصلات وفي الشوارع وأماكن التجمعات، بهدف التعبئة ضد الأقليات المسلمة، كمقدمة لاستفتاء وافق فيه 57% على منع إقامة المآذن بالمدن السويسرية.
ولذلك فانه ومنذ الأحداث الشهيرة (سبتمبر) بدأ الكنديون ينظرون إلى كل مسلم بعين الارتياب، ومجرد أن يحمل الشخص اسما إسلاميا فإن ذلك يعتبر كافيا للاشتباه به، وحتى أولئك المسلمين الذين تأثروا بالمجتمعات الغربية وتبنوا ثقافة الغرب يجدون أنهم ليسوا بمعزل عن هذه المضايقات والتفرقة بسبب أسمائهم الإسلامية.
ونتيجة لهذه المضايقات ارتفعت معدلات البطالة بين المهاجرين المسلمين إلى مستويات غير مسبوقة، وتفيد إحصاءات ليست رسمية أن حوالي 75% من المهاجرين المسلمين لا يستطيعون الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم الأكاديمية، التي يفدون بها إلى كندا، نتيجة هذه المضايقات، والتي لمسها موقع (المسلم) في زيارته لهذه البلاد.
ولذلك يعمل أصحاب هذه المؤهلات في وظائف هامشية، مثل عمال نظافة أو أفراد أمن أو عمال في مطاعم، إلى غير ذلك من الوظائف غير المؤثرة في المجتمع.
كما تتعرض بعض الجاليات المسلمة إلى تفرقة وتمييز مبني على أسباب دينية، فيما سبق أن تعرضت العديد من المساجد لاعتداءات بعد سبتمبر 2001م، وبالرغم من انحسار موجة الاعتداءات إلا أن معدلات التمييز ضد المسلمين ما زالت قائمة، وان تباينت من وقت لآخر، إلا أنها قائمة في كل الأحوال، نتيجة "الإسلاموفوبيا".
وتساهم وسائل الإعلام في ترسيخ تلك العنصرية باستمرارها في نشر الكتابات المسيئة للدين الإسلامي للدرجة التي أصبح فيها المسلمون يخشون على أنفسهم وممتلكاتهم.
لذلك تذهب بعض آراء المحللين إلى إن الأجواء السياسية في الولايات المتحدة وكندا ربما تساهم في حدوث مجازر جديدة ضد المسلمين.
غياب التنظيم:
وعلى الرغم من حالة العداء المستترة للأقليات المسلمة في كندا، إلا أن الجاليات المسلمة والعربية فيها لا يقابلونها بحالة من التنظيم أو الإعداد لتصحيح الصورة في ظل انشغالهم الدائم بنقل مشاكل بلادهم إلى مواطن الهجرة، وهو ما يعتبر آفة خطيرة تصيب المهاجرين المسلمين، ولما لذلك من انعكاسات على الجيل الثاني لهم.
وربما يرجع ذلك إلى أن هذه الجاليات ليست كبيرة العدد، وإن كان هذا التنظيم لا يرتبط بالعدد، بقدر ما يحتاج إلى إرادة وعزيمة وفاعلية في تصحيح الصورة، والتحرك بشكل منظم للدفاع عن حقوقهم، وتشكيل رأي عام داخل المجتمع الكندي، يذيب معه حجم الدعايات المناهضة من الإسلام ومنهم على وجه الخصوص.
وعلى الرغم من أن كندا ثاني دول العالم مساحة بعد روسيا، حيث تقتسم مع الولايات المتحدة قارة أمريكا الشمالية، إلا أن أعداد المسلمين فيها صغيرة العدد، على الرغم من محاولات البعض منهم إثبات هويتهم متخذين من المساجد والمدارس الإسلامية والجمعيات واتحاد الجمعيات مرتكزات لحماية وجودهم، إلا أنهم يغفلون في الوقت ذاته الإعلام والاقتصاد، كما تفعل الجاليات اليهودية، ولذلك يغيب عنهم الدور الأبرز، وهو الأكثر فاعلية والمتعلق بخلق رأي عام لأوضاعهم، وأهمية وجودهم والانخراط في داخل المجتمع الكندي.
وللآسف الشديد فقد فهم بعض المسلمين هناك هذا الانخراط، بدمج الجيل الثاني في أوساط الكنديين، فنقلوا عنهم سلوكيات لا تخالف فقط الروح الإسلامية والفطرة، بل انخرطوا في سلوكيات بالية، لا تمت إلى العادات العربية أو الشريعة الإسلامية بصلة.
تاريخ الوجود الإسلامي:
وتشير تقديرات كندية إلى المناطق التي هاجر منها المسلمون في الربع الأول من القرن الماضي، فمن البلاد العربية وغرب آسيا قدم 97 ألفا، ومن جنوب آسيا هاجر 91 ألفا، ومن البلاد الأفريقية 12 ألفا ومن جنوب أوربا 4 آلاف نسمة، بينهم 300 من البلقان.
يضاف إليهم آلاف المهاجرين نتيجة لمذابح البوسنة والحرب في الجمهوريات التي كانت تتكون من يوغسلافيا إضافة إلى مهاجرين من الصين والفلبين وبلاد أخرى في شرق آسيا وجنوبها الشرقي.
وحمل هؤلاء جميعا معهم العقيدة الإسلامية المشتركة مغلفة في ثقافات متعددة إلى بلد يقوم أساسا على تعدد الثقافات المهاجرة، وهذا وضع تختلف فيه الأقلية المسلمة في كندا عن الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة.
وتنوعت الهجرات القديمة لكندا إلى مدينة "ادمونتون" بمقاطعة "ألبرتا" و"لندن" بمقاطعة "أنتاريو" علاوة على "مونتريال" و"تورنتو"، وهى إحدى مدن مقاطعة "اونتاريو".
أما الهجرة الحديثة فقد نشطت منذ الستينات، وهاجر إلى كندا شباب على مستوى الثقافة والتعليم فتحت أمامهم الأبواب وأعانهم على تنظيم أنفسهم تكوين مجتمع إسلامي متعدد الكفاءات، إضافة إلى هجرة أحدث منذ أواخر الثمانينات جاءت إلى كندا بمسلمين على قدر من الثراء النسبي.
ويعد أقدم تنظيم إسلامي في كندا هو المركز الإسلامي الكندي الذي أنشأه المهاجرون اللبنانيون الأوائل في مقاطعة " ألبرتا " في أواخر العشرينات، فيما كان أول مسجد في كندا هو مسجد "الرشيد" الذي أنشئ في العام 1938 في مدينة "أدمونتون" عاصمة مقاطعة "ألبرتا".
ومن أبرز مجالات العمل الإسلامي القائم هناك – والذي يحتاج الى تفعيل- يأتي الكونجرس الإسلامي الذي أنشئ عام 1995م، وأصبح مسجلا لدى الحكومة الكندية في العام 1998، وهو أشبه باتحاد للمسلمين المقدر عددهم بنحو مليون مسلم من جملة عدد السكان الذي يزيد عن 30 مليون نسمة.
إلا أن هذا الكونجرس يقتصر عمله على المجال المحلي فقط فيما يتعلق بالمساجد والمدارس والمقابر، دون أن تكون له فاعلية في العمل السياسي أو الاقتصادي، على نحو ما تفعل الجاليات الأخرى، وتحديدا اليهودية منها.
وعلى الرغم من تنظيم المهاجرين المسلمين لأنفسهم في أوائل السبعينات- باتفاق الجمعيات الإسلامية في مختلف المقاطعات على تكوين مجلس الجماعات الإسلامية في كندا توحيدا للصفوف – إلا أن هذا التنظيم لم يتم المحافظة عليه، لخلافات مذهبية وجنسية.
ولذلك فان إحياء هذا العمل وغيره أصبح مطلوبا أكثر من أي وقت مضى، واستثمار ترحيب كندا بالتعدد الثقافي للمهاجرين إليها، خاصة وأن هناك اعتراف بالدين الإسلامي منذ العام 1973، وبعدما أصبح الدين من مقررات الدراسة مع الديانات الأخرى لطلبة المرحلة الثانوية.