الأقصى في خطر !!
عبدالله اليابس
1436/01/18 - 2014/11/11 16:37PM
الأقصى في خطر 22/1/1436هـ
الحمد لله الذي جعل بيت المقدس من خيار ديار المؤمنين, وربط مسجده الأقصى بعقيدة المسلمين, الحمد لله الذي بارك حوله, ومكن منه المؤمنين بعد صولة وجولة, الحمد الله الذي كتب الذلة على اليهود, وثقة المسلمين بربهم أن الأقصى إليهم سيعود, فسبحان الذي عرج بحبيبه إلى السماء وبالصلاة أوصى, وسبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى, ثم الصلاة والسلام, على خير الأنام, ومصباح الظلام, من كشف الله به عن الأمة حجابها, ووعد بالعزة من أخذ أسبابها, فصلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه ومن بدينه تكلم.
أما بعد: المسجد الأقصى.. أولى القبلتين, والثالث بعد المسجدين, مهبط الرسالات, ومسرح النبوات, ومجمع الأنبياء, وزهرة المدائن, قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (إن الجنة تحن شوقًا إلى بيت المقدس, وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس, وهي صرة الأرض).
دخلها سيد المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم, وصلى فيها إمامًا بكل الأنبياء, ثم دخلها خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاتحًا في العام الخامس عشر من الهجرة وعليه ثوب مرقع بعد أن انتصر فيها جيش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه, واشترط بطريرك المدينة أن يتسلمها عمر بنفسه, ثم سقطت في أيدي الصليبيين عام 492هـ ووضعوا في المسجد المراحيض ومخازن للحبوب, وجعلوه ثكنة للفرسان, واصطبلاً للخيول, وكتب الصليبيون إلى البابا مفتخرين أن خيولهم خاضت في دماء المسلمين إلى الركب, قال ابن الأثير رحمه الله: "لبث الإفرنج في البلدة أسبوعاً يقتلون المسلمين, وقتلوا في المسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا, منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم, وعبادهم وزهادهم, ممن فارق الأوطان وجاور ذلك الموضع الشريف" ا.هـ
وبعد أكثر من تسعين سنة استرد القدسَ منهم صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين, وقام بتطهير المسجد وتعطيره بماء الورد, ووزع نسخ المصحف التي جلبها من مكتبة دمشق في أرجاء المسجد, وأمر بصنع منبر عظيم لكنه مات رحمه الله قبل أن يرى ذلك المنبر, ثم سقطت القدس مرة أخرى بأيدي الفرنجة بعد وفاة صلاح الدين وظلت بأيديهم أحد عشر عامًا إلى أن استردها الملك الصالح نجم الدين أيوب نهائيًا, ثم سقطت بيد الاحتلال البريطاني أواخر عام 1917م, وفي عام 1948م أعلن عن قيام ما يعرف بدولة إسرائيل وهو اليوم نفسه المقرر لانسحاب بريطانيا من فلسطين, وما زالت بأيدي اليهود إلى اليوم.
إذًا .. إن وجود اليهود في فلسطين وجود طارئ وأمرهم إلى زوال بإذن الله.
ولقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيحصل قتال بين اليهود والمسلمين طال الزمان أو قصر, وسيكون في تلك المعركة في صف المسلمين الحجر والشجر: روى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ, فيقتلُهم المسلمونَ, حتى يختبئَ اليهودُ من وراءِ الحجرِ والشجرِ, فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ ! يا عبدَ اللهِ ! هذا يهوديٌّ خلفي فتعالَ فاقتلْه, إلا الغرْقَدُ فإنه من شجرِ اليهودِ)
لقد كانت قضية القدس والمسجد الأقصى قضية إسلامية, ثم قُلِّمت فأصبحت قضية عربية, ثم شذبت فأصبحت قضية شرق أوسطية, ثم مزقت فأصبحت قضية فلسطينية, واليوم أصبحت شأنًا داخليًا!
إن المسجد الأقصى قضية كل المسلمين, ويجب أن يهب المسلمون جميعًا حكامًا ومحكومين لنصرة المسجد الأقصى, فإن الأقصى في خطر!
المسجد الأقصى الكريم في خطر
القدس في خطر
والأمر أدهى وأمر
أمتنا لا المسجد الوحيد في خطر
لا تسمعوا هذا الخبر
أخشى على أَشجَعِكم
من الخَوَر
أخشى بأن يفقد من هوانه البَصَر
لا تسمعوا هذا الخبر
المسجد الأقصى الكريم يحتضر
المسجد الأقصى يميد فوق آلاف الحفر
هل تعلمون ما لذي يحدث هذه الأيام في المسجد الأقصى؟
قبل أسبوع .. وفي يوم الأربعاء الفائت اقتحمت فرقة خاصة مقنعة من الجيش الصهيوني المسجد القبلي, وداست على سجاد المسجد حتى وصلت إلى محراب صلاح الدين الأيوبي, وحطم الجنود أثاث المسجد وداسوا على المصاحف, وشب حريق في جزء من المسجد بسبب كثافة القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع.
هل تعلمون أنه قبل أيام لم يصل الفجر في المسجد الأقصى إلا أقل من صف واحد بسبب منع اليهود للمسلمين من دخول المسجد!! ذاك المسجد الذي تَفضُل الصلاة فيه على غيره من المساجد بخمسمائة صلاة..
هل تعلمون أن اليهود قد عزموا على هدم المسجد الأقصى؟ وأن أسفل المسجد مليء بالحفريات والأنفاق؟
هل تعلمون أن وزير الإسكان الصهيوني أعلن قبل أيام أنه سيتم تدشين الهيكل الذي يريدون بناءه على أنقاض المسجد الأقصى بعد الانتخابات القادمة مباشرة وأنه لا يمكن التسليم بالوضع القائم بالمسجد الأقصى لأنه أكثر الأماكن قدسية بالنسبة لهم؟
هل يعلم المسلمون بكل ذلك؟ أم أنهم مشغولون بالدنيا, وغارقون فيها إلى آذانهم؟
هل يهتم المسلمون بالنصر على اليهود وإنقاذ المسجد الأقصى أم أن اهتمامهم بالنصر في مباراة لكرة القدم يطغى على ذلك؟
هل يدرك المسلمون خطورة هذه المرحلة التاريخية أم سينتظرون حتى تقع الواقعة؟
لا أريد أن أكون متشائماً لكن القوم ــ والله ــ يخططون.. ونحن في غينا سادرون, هل سننتظر حتى نسمع لا قدر الله خبر هدم المسجد الأقصى ؟ وماذا ينفع الندم حينها؟ وماذا ستفيد الخطب والقصائد والأشعار؟ لقد استيقظنا منذ عشر سنوات تقريبًا على خبر استشهاد البطل أحمد ياسين بصاروخ يهودي فهل أرجعت الخطب والقصائد أحمد ياسين؟
إن المسجد الأقصى عقيدةٌ عند المسلمين .. فقد استقبلوه في صلاتهم أكثر من أربعة عشر عامًا قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة, وهو ثاني مسجد وضع في الأرض, وإليه يكون المحشر, فلا بد أن ينصره جميع المسلمين, ولابد أن يحمل همه الجميع.
إن الأقصى لن ينصره عَبَدَة الدينار والدرهم, لن ينصره عبدة الشهوات والملذات وحظوظ النفوس, لن ينصره أولئك الأنانيون .. الذين لا هم للواحد منهم إلا مأكله ومشربه, وكم رصيده في البنك.. لا هم له سوى ذلك.
إنما ينصر المسجد الأقصى أولئك الموفقون, إنما ينصر المسجد الأقصى (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة).
إنما ينصر الأقصى أقوام (أشداء على الكفار رحماء بينهم).
إنما ينصر المسجد الأقصى (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون).
و لسائل أن يسأل: كيف أنصر الأقصى؟ سنتناول هذا الموضوع بإذن الله بعد جلسة الاستراحة.
بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة, ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة, قد قلت ما سمعتم, وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أَمَّا بَعْدُ : فإن الدفاع عن المسجد الأقصى ليس عملا سياسيا، وﻻ مشروعا حزبياً، وﻻ حماسة ثورية؛ بل ديانة وقربة، والموفق من يستعمله الله فيه, ومن وسائل نصرة قضية المسجد الأقصى:
الدعم المادي: وهو من أهم الوسائل المتاحة, وذلك بدعم المجاهدين من أهل القدس وفلسطين في أنفسهم وأُسَرِهم. روى الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن زَيْدِ بْنُ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا, وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا". وقوله: "فَقَدْ غَزَا". أي حصل له مثل ثواب الغازي في سبيل الله.
إن الأمة إذا ما علمت بأن المساهمة في الجهاد في سبيل الله ضد اليهود ومن عاونهم، يكسب أجر الجهاد، فإن ذلك كفيل لأن يحرك بواعث الجهاد في نفوسهم، روى الإمام أبو داود أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ".
ومن وسائل النصرة: الدعم الإيماني: الدعاء للقدس، فالمسلم أخ المسلم، لا يسلمه ولا يخذله, والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، والله يستجيب الدعاء إذا أيقن صاحبه بذلك، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، فيجب أن يكون هذا الموضوع شغلنا الشاغل، والدعاء سلاح قوي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى به قبل المعركة وأثنائها، فقد ثبت عنه في الصحيح أنه كان يدعو قبل دخوله المعركة.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا, فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ, ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: "اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي, اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي, اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ, فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ..." فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}. فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ".
ومن وسائل نصرة المسجد الأقصى: الدعم الإعلامي: بالمساهمة الإعلامية في إبراز قضية القدس ومسجدها الأقصى، وما يحاك ضدهما من مؤامرات، وذلك من خلال الاهتمام بالقدس في الإعلام المسموع والمرئي والمقروء، وإبراز الحق الشرعي للمسلمين فيها، وإظهار الحقوق التاريخية والسياسية والعقدية والحضارية للمسلمين فيها، فإلى كل من يمتلك مجالاً في قناة فضائية, أو محطة إذاعية, أو صحيفة ورقية, أو وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعية، احملوا هم هذه القضية, وبثوا همها بين الناس, فإنكم مجاهدون, وعلى ثغر من ثغور الإسلام, وجهاد اللسان والبنان يكون أحيانًا أقوى من جهاد السنان.
فاللهم احفظ المسجد الأقصى من أيدي اليهود, وأرنا فيهم عجائب قدرتك, وارزقنا فيه يا ربنا صلاة آمنة قبل الممات, اللهم لا ترفع لليهود المعتدين راية, واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية يا رب العالمين.
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك, وهيء لهم البطانة الصالحة الناصحة, واصرف عنهم بطانة السوء والفساد والإفساد يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين .
عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي, يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.
الحمد لله الذي جعل بيت المقدس من خيار ديار المؤمنين, وربط مسجده الأقصى بعقيدة المسلمين, الحمد لله الذي بارك حوله, ومكن منه المؤمنين بعد صولة وجولة, الحمد الله الذي كتب الذلة على اليهود, وثقة المسلمين بربهم أن الأقصى إليهم سيعود, فسبحان الذي عرج بحبيبه إلى السماء وبالصلاة أوصى, وسبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى, ثم الصلاة والسلام, على خير الأنام, ومصباح الظلام, من كشف الله به عن الأمة حجابها, ووعد بالعزة من أخذ أسبابها, فصلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه ومن بدينه تكلم.
أما بعد: المسجد الأقصى.. أولى القبلتين, والثالث بعد المسجدين, مهبط الرسالات, ومسرح النبوات, ومجمع الأنبياء, وزهرة المدائن, قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (إن الجنة تحن شوقًا إلى بيت المقدس, وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس, وهي صرة الأرض).
دخلها سيد المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم, وصلى فيها إمامًا بكل الأنبياء, ثم دخلها خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاتحًا في العام الخامس عشر من الهجرة وعليه ثوب مرقع بعد أن انتصر فيها جيش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه, واشترط بطريرك المدينة أن يتسلمها عمر بنفسه, ثم سقطت في أيدي الصليبيين عام 492هـ ووضعوا في المسجد المراحيض ومخازن للحبوب, وجعلوه ثكنة للفرسان, واصطبلاً للخيول, وكتب الصليبيون إلى البابا مفتخرين أن خيولهم خاضت في دماء المسلمين إلى الركب, قال ابن الأثير رحمه الله: "لبث الإفرنج في البلدة أسبوعاً يقتلون المسلمين, وقتلوا في المسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا, منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم, وعبادهم وزهادهم, ممن فارق الأوطان وجاور ذلك الموضع الشريف" ا.هـ
وبعد أكثر من تسعين سنة استرد القدسَ منهم صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين, وقام بتطهير المسجد وتعطيره بماء الورد, ووزع نسخ المصحف التي جلبها من مكتبة دمشق في أرجاء المسجد, وأمر بصنع منبر عظيم لكنه مات رحمه الله قبل أن يرى ذلك المنبر, ثم سقطت القدس مرة أخرى بأيدي الفرنجة بعد وفاة صلاح الدين وظلت بأيديهم أحد عشر عامًا إلى أن استردها الملك الصالح نجم الدين أيوب نهائيًا, ثم سقطت بيد الاحتلال البريطاني أواخر عام 1917م, وفي عام 1948م أعلن عن قيام ما يعرف بدولة إسرائيل وهو اليوم نفسه المقرر لانسحاب بريطانيا من فلسطين, وما زالت بأيدي اليهود إلى اليوم.
إذًا .. إن وجود اليهود في فلسطين وجود طارئ وأمرهم إلى زوال بإذن الله.
ولقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيحصل قتال بين اليهود والمسلمين طال الزمان أو قصر, وسيكون في تلك المعركة في صف المسلمين الحجر والشجر: روى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ, فيقتلُهم المسلمونَ, حتى يختبئَ اليهودُ من وراءِ الحجرِ والشجرِ, فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ ! يا عبدَ اللهِ ! هذا يهوديٌّ خلفي فتعالَ فاقتلْه, إلا الغرْقَدُ فإنه من شجرِ اليهودِ)
لقد كانت قضية القدس والمسجد الأقصى قضية إسلامية, ثم قُلِّمت فأصبحت قضية عربية, ثم شذبت فأصبحت قضية شرق أوسطية, ثم مزقت فأصبحت قضية فلسطينية, واليوم أصبحت شأنًا داخليًا!
إن المسجد الأقصى قضية كل المسلمين, ويجب أن يهب المسلمون جميعًا حكامًا ومحكومين لنصرة المسجد الأقصى, فإن الأقصى في خطر!
المسجد الأقصى الكريم في خطر
القدس في خطر
والأمر أدهى وأمر
أمتنا لا المسجد الوحيد في خطر
لا تسمعوا هذا الخبر
أخشى على أَشجَعِكم
من الخَوَر
أخشى بأن يفقد من هوانه البَصَر
لا تسمعوا هذا الخبر
المسجد الأقصى الكريم يحتضر
المسجد الأقصى يميد فوق آلاف الحفر
هل تعلمون ما لذي يحدث هذه الأيام في المسجد الأقصى؟
قبل أسبوع .. وفي يوم الأربعاء الفائت اقتحمت فرقة خاصة مقنعة من الجيش الصهيوني المسجد القبلي, وداست على سجاد المسجد حتى وصلت إلى محراب صلاح الدين الأيوبي, وحطم الجنود أثاث المسجد وداسوا على المصاحف, وشب حريق في جزء من المسجد بسبب كثافة القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع.
هل تعلمون أنه قبل أيام لم يصل الفجر في المسجد الأقصى إلا أقل من صف واحد بسبب منع اليهود للمسلمين من دخول المسجد!! ذاك المسجد الذي تَفضُل الصلاة فيه على غيره من المساجد بخمسمائة صلاة..
هل تعلمون أن اليهود قد عزموا على هدم المسجد الأقصى؟ وأن أسفل المسجد مليء بالحفريات والأنفاق؟
هل تعلمون أن وزير الإسكان الصهيوني أعلن قبل أيام أنه سيتم تدشين الهيكل الذي يريدون بناءه على أنقاض المسجد الأقصى بعد الانتخابات القادمة مباشرة وأنه لا يمكن التسليم بالوضع القائم بالمسجد الأقصى لأنه أكثر الأماكن قدسية بالنسبة لهم؟
هل يعلم المسلمون بكل ذلك؟ أم أنهم مشغولون بالدنيا, وغارقون فيها إلى آذانهم؟
هل يهتم المسلمون بالنصر على اليهود وإنقاذ المسجد الأقصى أم أن اهتمامهم بالنصر في مباراة لكرة القدم يطغى على ذلك؟
هل يدرك المسلمون خطورة هذه المرحلة التاريخية أم سينتظرون حتى تقع الواقعة؟
لا أريد أن أكون متشائماً لكن القوم ــ والله ــ يخططون.. ونحن في غينا سادرون, هل سننتظر حتى نسمع لا قدر الله خبر هدم المسجد الأقصى ؟ وماذا ينفع الندم حينها؟ وماذا ستفيد الخطب والقصائد والأشعار؟ لقد استيقظنا منذ عشر سنوات تقريبًا على خبر استشهاد البطل أحمد ياسين بصاروخ يهودي فهل أرجعت الخطب والقصائد أحمد ياسين؟
إن المسجد الأقصى عقيدةٌ عند المسلمين .. فقد استقبلوه في صلاتهم أكثر من أربعة عشر عامًا قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة, وهو ثاني مسجد وضع في الأرض, وإليه يكون المحشر, فلا بد أن ينصره جميع المسلمين, ولابد أن يحمل همه الجميع.
إن الأقصى لن ينصره عَبَدَة الدينار والدرهم, لن ينصره عبدة الشهوات والملذات وحظوظ النفوس, لن ينصره أولئك الأنانيون .. الذين لا هم للواحد منهم إلا مأكله ومشربه, وكم رصيده في البنك.. لا هم له سوى ذلك.
إنما ينصر المسجد الأقصى أولئك الموفقون, إنما ينصر المسجد الأقصى (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة).
إنما ينصر الأقصى أقوام (أشداء على الكفار رحماء بينهم).
إنما ينصر المسجد الأقصى (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون).
و لسائل أن يسأل: كيف أنصر الأقصى؟ سنتناول هذا الموضوع بإذن الله بعد جلسة الاستراحة.
بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة, ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة, قد قلت ما سمعتم, وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أَمَّا بَعْدُ : فإن الدفاع عن المسجد الأقصى ليس عملا سياسيا، وﻻ مشروعا حزبياً، وﻻ حماسة ثورية؛ بل ديانة وقربة، والموفق من يستعمله الله فيه, ومن وسائل نصرة قضية المسجد الأقصى:
الدعم المادي: وهو من أهم الوسائل المتاحة, وذلك بدعم المجاهدين من أهل القدس وفلسطين في أنفسهم وأُسَرِهم. روى الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن زَيْدِ بْنُ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا, وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا". وقوله: "فَقَدْ غَزَا". أي حصل له مثل ثواب الغازي في سبيل الله.
إن الأمة إذا ما علمت بأن المساهمة في الجهاد في سبيل الله ضد اليهود ومن عاونهم، يكسب أجر الجهاد، فإن ذلك كفيل لأن يحرك بواعث الجهاد في نفوسهم، روى الإمام أبو داود أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ".
ومن وسائل النصرة: الدعم الإيماني: الدعاء للقدس، فالمسلم أخ المسلم، لا يسلمه ولا يخذله, والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، والله يستجيب الدعاء إذا أيقن صاحبه بذلك، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، فيجب أن يكون هذا الموضوع شغلنا الشاغل، والدعاء سلاح قوي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى به قبل المعركة وأثنائها، فقد ثبت عنه في الصحيح أنه كان يدعو قبل دخوله المعركة.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا, فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ, ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: "اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي, اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي, اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ, فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ..." فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}. فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ".
ومن وسائل نصرة المسجد الأقصى: الدعم الإعلامي: بالمساهمة الإعلامية في إبراز قضية القدس ومسجدها الأقصى، وما يحاك ضدهما من مؤامرات، وذلك من خلال الاهتمام بالقدس في الإعلام المسموع والمرئي والمقروء، وإبراز الحق الشرعي للمسلمين فيها، وإظهار الحقوق التاريخية والسياسية والعقدية والحضارية للمسلمين فيها، فإلى كل من يمتلك مجالاً في قناة فضائية, أو محطة إذاعية, أو صحيفة ورقية, أو وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعية، احملوا هم هذه القضية, وبثوا همها بين الناس, فإنكم مجاهدون, وعلى ثغر من ثغور الإسلام, وجهاد اللسان والبنان يكون أحيانًا أقوى من جهاد السنان.
فاللهم احفظ المسجد الأقصى من أيدي اليهود, وأرنا فيهم عجائب قدرتك, وارزقنا فيه يا ربنا صلاة آمنة قبل الممات, اللهم لا ترفع لليهود المعتدين راية, واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية يا رب العالمين.
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك, وهيء لهم البطانة الصالحة الناصحة, واصرف عنهم بطانة السوء والفساد والإفساد يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين .
عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي, يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
الأقصى في خطر 22-1-1436.doc
الأقصى في خطر 22-1-1436.doc
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
عضو نشطكتب ربي أجرك شيخ عبدالله ومسجد مثل الأقصى يستحق كل الجهد ويستوجب علينا كل الوقوف لحمايته والإنبراء للدفاع عنه وخطبة مثل هذه كفيلة أن تعطي دورا وتصنع همة.
تعديل التعليق