الأعمال الفاضلة في عشر ذي الحجة، وأهميّة تقيّد الحاج بسبل الوقاية. 1 / 12 / 1445

أحمد بن ناصر الطيار
1445/11/28 - 2024/06/05 20:17PM

الحمد الذي منّ على عباده بالجودِ والإنعام، وسبحان من فاضَل بحكمته بين الأيام، وأشهد ألا إله إلا الله الملكُ القدّوس السلام، المؤمنُ المهيمنُ العزيزُ الجبارُ ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولُه، المبشّرُ بدار السلام من آمن وصلى وصام، والمنذرُ بعذاب النار مَن كفر وأمْعن في الإجرام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد، فاتقوا الله - معاشر المسلمين- واعلموا أنَّ العشر الأوائل من ذي الحجة من أفضل الأيام عند الله تعالى، ويكفي في بيان فضلها ما ثبت في صحيح البخاري, أَنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ».

فهل استشعرتَ أنّ عبادتك في هذه الأيام الفاضلة، أفضلُ عند الله من الجهاد في سبيله في غيرها، إلا في حالة واحدة نادرة، وهي أن تخرج بِنَفْسك ومَالك ولم ترْجِع بشيء.

فمن ذا الذي سيفرّط فيها، ويُضيّع أوقاته في اللهو واللعب والغفلة؟

فاغتنم – أخي المسلم - هذه الأيام بالصلاة والصدقة, والحج والأُضحية, وإنظار الْمُعسر أو العفو عنه, وصلةِ الرحم, والسعيِ في الإصلاح بين الْمُتخاصمين.

ومن أعظم الأعمال في هذه العشر: حجُّ بيت الله.

ويجب على من أراد الحج أن يتعلّم ما يحتاجه من أحكام الحج، حتى لا يقعَ في المحظورات ويتركَ الواجبات.

ويجب عليه أن يصل من هجَره وقطَعه، وكيف يرجو أنْ يرجع من حجه كيوم ولدته أمه، فتُغفَرَ له جميع ذنوبه، وهو مصِرٌّ على معصيةٍ من أعظم المعاصي والذنوب؟

ولْيحذر من مضايقة المسلمين أثناء حجه, بل عليه أنْ يحج برفقٍ وتُؤدة, وقد كان النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر أصحابه بذلك، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى لهم: «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ».

وعليه أن يأخذ بسبل الوقاية حفاظًا على صحته وحياته، كشربِ المياه، وحملِ المظلة، وارتداءِ الكمامة في الزحام الشديد، والعنايةِ بنظافة البدن والثياب والمكان، واتباعِ إرشادات السلامة من تجنّب الزحام وعدمِ التدافع وتسلقِ المرتفعات.

معاشر المسلمين: ومن الأعمال الفاضلة كذلك: ذكرُ الله تعالى بالتكبيرِ والتهليل والتسبيح، قال العلماء: يسنّ التكبير المطلق في كلِّ عشر ذي الحجة.

وتبتدئ من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر اليوم التاسع، وسميت عشراً وهي تسعٌ من باب التغليب.

ويشرع كذلك التكبيرُ المقيدُ بعد الصلوات المكتوبات، إذا صلاها مع الجماعات، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحاج من ظهر يوم النحر- الذي هو أول أيَّام العيد -، ويستمر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

قال البخاري في صحيحه: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما, يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.

فالغنيمةَ الغنيمةَ, بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، فما منها عِوَضٌ ولا تُعادِلُها قيمة، والمبادرةَ المبادرةَ بالعمل، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل.

نسأل الله تعالى أنْ يُعيننا على ذكره وشكره, وعلى التمسكِ بدينه وملَّته, إنه قريبٌ مُجيب.

الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليما كثيرا.

أَمَّا بَعدُ: أيها المسلمون: من أراد الأضحية فلا يحل له أن يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بَشَرَته شيئاً, من حين دخول الشهر حتى يذبح أضحيته، لنهي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك.

وإذا نوى الأضحية أثناء العشر، أمسك عن ذلك من حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية، وهذا الحكم خاص بمن يُضحي، أما الْمُضَّحى عنه فلا يشملُه الحكم.

وإذا أخذ من يريد الأُضحية شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود، ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية.

وإذا أخذ شيئاً من ذلك ناسياً أو جاهلاً، أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه، مثلُ أن ينكسر ظُفْرُهُ فيؤذيه فيقصُّهُ, أو ينزلَ الشعر في عينيه فيزيله.

نسأل الله تعالى أن يحبِّب إلينا الإيمان، وأن يزيّنه في قلوبنا، إنّ ربنا رؤوف رحيم.

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المرفقات

1717607864_الأعمال الفاضلة في عشر ذي الحجة، وأهميّة تقيّد الحاج بسبل الوقاية.pdf

المشاهدات 1680 | التعليقات 0