الأَشْهُرٌ المَعْلُومَاتٌ وَفَرِيضَةَ الْحَجِّ وَ العُمْرَةَ في ذي القِعْدَةِ
محمد البدر
1440/11/01 - 2019/07/04 12:07PM
خطبة عن (الأَشْهُرٌ المَعْلُومَاتٌ وَفَرِيضَةَ الْحَجِّ وَمَزِيَّةٌ العُمْرَةَ في شهرِ ذي القِعْدَةِ)
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
أمّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ﴾.وَ الأَشْهُرٌ المَعْلُومَاتٌ هِيَ: شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، أوَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فلا يَجُوزُ لأحدٍ أن يُحْرِمَ بالحجِّ في غيرِها ،واعلمُوا أنَّ العُمْرَةَ في شهرِ ذي القِعْدَةِ, لها مَزِيَّةٌ عن غيرِها, فالنبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمرَ أربَعَ عُمَر, كُلُّها في شهرِ ذِي الْقِعْدَةِ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ «لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَهِيَ: عُمْرةُ الحُدَيبِيَة وكان ذلك في السنةِ السادِسةِ من الهجرة ولم تتم وتم فيها(صُلْحُ الحُدَيْبِيَة)بين النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكفار قريش ثم عُمْرَةُ القضاء وكان ذلك في السنةِ السابِعةِ من الهجرة ثم عُمْرَةُ الْجِعْرانَةِ عامَ الفتح, أي في السنةِ الثامنةِ من الهجرة والعُمْرَةُ الرابعة التي كانت مع (حَجَّةِ الْوَدَاعِ) وإن كانت وقَعَت في شهرِ ذي الحِجَّة, لكنه عقدَها في آخرِ شَهْرِ ذي القِعدة, في السنةِ العاشرةِ من الهجرة.
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.أي يجب على الناس حج البيت من كان مستطيعا منهم ببدنه وماله وملك الزاد والراحلة .
وإن الله قد فرض على عباده أن يحجوا بيته الحرام في العمر مَرَّةً وَاحِدَة فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِى كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ « بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وهذا من رحمة الله ولطفه بعباده فإن الحج فيه مشقة ولا سيما لمن كان يسكن في البلاد البعيدة ولمن كبر سنه وأصابته بعض الأمراض فاستصعب عليه الْحَجِّ.
فعلى من توفرت فيه شروط الوجوب وانتفت الموانع أن يتقي الله وليبادر إلي أداء فَرِيضَةَ الْحَجِّ ولا يؤخره من غير عذر فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِى الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ » رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ »رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ومن مات وَهُوَ مُحْرِمٌ بعثه الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَمَاتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْهِ ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا » متفقٌ عَلَيْهِ.
والله بشرى وفضل من الله ونعمة لمن مات وَهُوَ مُحْرِمٌ لا يريد الا الحج وقد أهل بتوحيد الله ولسانه لا يفتر عن ذكر الله ديدنه وجميع الحجاج قولهم (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ).
وقولهم(لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ).
و لا يجوز أن يلقي الإنسان نفسه في التهلكة وهو محرم ليبعث يوم القيامة ملبياً قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾. وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾[الحج : 28].
فمن أراد الحج وعزم على أداء هذه الفريضة عليه أن يبادر لسداد ما عليه من ديون وحقوق للآخرين فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وتفصيل ذلك سؤال أهل العلم قَالَ تَعَالَى :﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ والدولة وفقها الله وضعت مراكز للفتيا في كل أنحاء المملكة العربية السعودية وقد خصصتها لخدمة ضيف الرحمن ومن وفقه الله للحج هذا العام .
الا وصلوا ..
المرفقات
المَعْلُومَاتٌ-وَفَرِيضَةَ-الْحَجّ
المَعْلُومَاتٌ-وَفَرِيضَةَ-الْحَجّ
المَعْلُومَاتٌ-وَفَرِيضَةَ-الْحَجّ