الأشهر الحرم

مبارك العشوان 1
1444/11/05 - 2023/05/25 02:44AM

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }

عِبَادَ اللهِ: شَهْرُنَا هَذَا أَحَدُ الْأَشْهُرِ الحُرُمِ، وَالَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَولِهِ: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } التوبة 36

وَجَاءَ بَيَانُ هَذِهِ الأشْهُرِ الأَرْبَعَةِ الحُرُمِ فِي قَـوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ... ) الخ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عِبَادَ اللهِ: هَذِهِ الأشْهُـرُ الحُرُمُ؛ عَظِيْـمَةُ القَـدْرِ؛ وَمِــنْ تَوفِيقِ اللهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ أَنْ يُعَظِّمَ مَا عَظَّمَهُ الشَّرْعُ.

مِنْ عَلَامَاتِ تَقْوَى القُلُوبِ: تَعْظِيمُ حُرُمَاتِ اللهِ، وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } الحج 30  

وَقَالَ تَعَالَى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } الحج 32

وَمِنْ تَعْظِيْمِ حُرُمَاتِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا: الكَفُّ عَنِ المَعَاصِي فِي هَذِهِ الأشْهُرِ وَفِي غَيْرِهَا، الكَفُّ عَنِ الظُّلْمِ بِأَنْوَاعِهِ   قَالَ تَعَالَى: { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }

قَالَ ابنُ زَيدٍ: الظُّلْمُ: العَمَلُ بِمَعَاصِي اللهِ، وَالتَّرْكُ لِطَاعَتِهِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ( فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَـــكُمْ )  قَالَ: فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا.

يَقُولُ قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا؛ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ.

وَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى صَفَايَا مِنْ خَلْقِهِ؛ اصْطَفَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا، وَمِنَ النَّاسِ رُسُلًا، وَاصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ ذِكْرَهُ، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَرْضِ الْمَسَاجِدَ، وَاصْطَفَى مِنَ الشُّهُورِ رَمَضَانَ وَالْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاصْطَفَى مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ؛ فَإِنَّمَا تَعْظِيمُ الْأُمُورُ بِمَا عَظَّمَهَا اللَّهُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَأَهْلِ الْعَقْلِ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيِ وَالذَّكَرِ الْحَكِيمِ وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلُّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية: 

الْحَمْدُ للَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - رَحِمَكُمُ اللهُ - وَالْتَزِمُوا شَرْعَهُ جَلَّ وَعَلَا عَظِّمُوا شَعَائِرَهُ، عَظِّمُوا أَوَامِرَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِامْتِثَالِهَا وَنَوَاهِيَهُ بِاجْتِنَابِهَا، وَحُدُودَهُ بِالبُعْدِ عَنْهَا وَعَدَمِ قُرْبِهَا.

تَزَوَّدُوا مِنَ الأعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَرَائِضِهَا وَنَوَافِلِهَا  تَخَلَّصُوا مِنَ المُخَالَفَاتِ؛ صَغِيْرِهَا وَكَبِيْرِهَا، مُحَرَّمَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا.

مَا كَسَبْتُمْ مِنْ حَسَنَةٍ فَحَافِظُوا عَلَيْهَا؛ وَسَلُوا اللهَ تَعَالَى قَبُولَهَا.

وَمَا اكْتَسَبْتُمْ مِنْ سَيِّئَةٍ فَاسْتَغْفِرُوا مِنْهَا؛ وَاجْتَهِدُوا فِي مَحْوِهَا؛ وَسَلُوا اللهَ تَعَالَى غُفْرَانَهَا.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات

1684971867_الأشهر الحرم.pdf

1684971875_الأشهر الحرم.docx

المشاهدات 1139 | التعليقات 1

خطبة موفقة ومفيدة