((الأسلام والعنف 1))
فايق البصري
1436/03/03 - 2014/12/25 14:14PM
إن الحمد لله: ((الأسلام والعنف 1))
إخوتي في الله:
في هذه الخطبة والتي بعدها إن شاء الله، نتناول موضوعا مهما وهو ما يقال عن ديننا بأنه دين عنف ودين قتل وإرهاب، ونتكلم بالحقائق والأدلة والبراهين لكي نحاول أن نزيل الغشاوة عن أبصار الكثير من الناس سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، ولكي لا يكون المسلم في موقف ضعيف ويخجل أن يدافع عن دينه، فإن من واجب المسلم أن يعرّف الآخرين بحقيقة الاسلام التي هي مغايرة تماما للصورة التي يرسمها الاعلام المضاد.
وبداية نلقي نظرة تاريخية على الصراع بين الحق والباطل، وكيف يتعامل أهل الباطل مع أهل الحق ودور الاعلام في قلب الحقائق.
قال الله تعالى في سورة غافر: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:26].
كلنا نعرف فرعون ، وكلنا نعرف أنه كان طاغية متكبّر ، حتى وصل به الأمر أن يقول أنا ربكم الأعلى ، ويقتل ما يشاء من الناس { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4]، وكان لا يقبل رأياً مخالفاً له على قاعدة : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:29].
ولمّا أرسل الله تعالى موسى وأخاه هارون بالايات البينات أحس فرعون بالخطر على ملكه، ولذلك لجأ إلى كل ما يمكنه من الطرق لمحاربة موسى ودعوته، ومن ضمن هذه الاساليب هي تشويه صورة رسول الله موسى عليه السلام بين الناس فماذا قال فرعون عن موسى؟، قال: { إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:26] ، فأصبح فرعون في نظر الناس هو الناصح الأمين المشفق الخيّر، وموسى هو داعية الفساد؟!،
وأغلب الناس صدّقت كلام فرعون لانه هو صاحب السلطة والقوة ويمتلك وسائل الإعلام التي تنقل وتنشر مايقول. هذا يحدث عندما تختلّ موازين الصلاح والفساد، فالأمور تلتبس على الناس، ولا يعرفون من أين يأخذون المعيار والميزان الذي يعرفون به الصلاح من الفساد، و يعرفون المصلح من المفسد.
ولئن ظَهَر فرعون بثياب الوعّاظ والْمُذَكِّرين، فقد سبقه إبليس وظهر في ثياب الناصِحين، فَحَلَف وأقسم بالله إنه لمن الناصحين، { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}[الاعراف:21]، وهذا الحال ليس مع فرعون وموسى فقط ، وإنما مع جميع الطغاة في تعاملهم مع أهل الحق، قال تعالى :{كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات:52]،
فحينما تختلّ الموازين تكون كلمة الحق الصادِقة مِشعل فِتنة !، وتُلبَس الدعوة إلى الله لبوس الإفساد في الأرض !، فيُسعى لِقَتْل موسى { ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ}!، ويُتآمر على يوسف لِـيُسجَن ! إن هو أصرّ على العفاف !، {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ}[يوسف:32]، ويُحارَب نبيُ الله لوط عليه السلام:{ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}[ الاعراف:82}، ونبي الله شعيب { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}.
وكذلك هو الحال مع خاتم الاديان : الاسلام، يسعون الى تشويه صورة الاسلام لينفّروا الناس منه، ويزرعوا الكراهية لأتباعه، وينفقون الأموال الطائلة لبلوغ هذا الهدف، وللاسف نجد الكثير من المسلمين حيارى ومنهم من يصدّق ومنهم من يردد، ويقول لك يا أخي معهم الحق ألا ترى القتل والذبح والتفجيرات ؟!.
والحقيقة أن هذا المعيار يفتقر الى الانصاف في القياس، فالمنصف إذا أراد الحقيقة فيجب عليه أن يدرس الاسلام دراسة شاملة قبل أن يتهم دينا كاملا يدين به أكثر من مليار ونصف المليار من البشر يشكلون ربع سكان الارض، لانه من يقول أن الاسلام هو دين عنف وقتل وإرهاب فهذا يعني أن ربع سكان الارض يمارسون هذا العنف والقتل والإرهاب لانهم يدينون بدين الاسلام، وكأن المسلمين عبارة عن عصابة تعدادها مليار ونصف المليار من البشر!، فهل هم كذلك؟
وهل يأمرنا الاسلام الذي اسمه مشتق أصلا من كلمة السلام، هل يأمرنا بالعنف والقتل والارهاب، أم أمرنا بالرحمة والرفق والاحسان،نحن عندما نتعامل مع الناس فان مرجعنا هو كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، هذا هو الميزان أما إذا أخذنا معايير الصلاح والفساد من الأبواق الإعلامية، أو من أفواه المنافقين والمفسدين ؛ فسنجدها نوعاً آخر تماماً.
كيف يكون الاسلام دين عنف والله تعالى يقول لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وهذا التعبير القرآني في اللغة العربية يفيد الحصر أي لم نرسلك لأي أمر آخر وإنما فقط رحمة للعالمين، وعلمه أسلوب الدعوة الى الله فقال: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وعلمه اسلوب التعامل مع الاعداء فقال:{ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34].
ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن نفسه: ((إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين )) رواه أبو نعيم ، وقال (( إنما أنا رحمة مهداة )) رواه البيهقي، ويقول (( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) رواه أبو داود والترمذي، بل حتى في القتال كان يقول لأصحابه: (( انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ، لاَ تَقْتُلُوا شَيْخاً فَانِياً، وَلاَ طِفْلاً صَغِيراً، وَلاَ امْرَأَةً ، وَلاَ تُغْلُوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ ، وَأَصْلِحُوا ، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ أخرجه أبو داود ].
وللحديث بقية ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
إخوتي في الله:
في هذه الخطبة والتي بعدها إن شاء الله، نتناول موضوعا مهما وهو ما يقال عن ديننا بأنه دين عنف ودين قتل وإرهاب، ونتكلم بالحقائق والأدلة والبراهين لكي نحاول أن نزيل الغشاوة عن أبصار الكثير من الناس سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، ولكي لا يكون المسلم في موقف ضعيف ويخجل أن يدافع عن دينه، فإن من واجب المسلم أن يعرّف الآخرين بحقيقة الاسلام التي هي مغايرة تماما للصورة التي يرسمها الاعلام المضاد.
وبداية نلقي نظرة تاريخية على الصراع بين الحق والباطل، وكيف يتعامل أهل الباطل مع أهل الحق ودور الاعلام في قلب الحقائق.
قال الله تعالى في سورة غافر: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:26].
كلنا نعرف فرعون ، وكلنا نعرف أنه كان طاغية متكبّر ، حتى وصل به الأمر أن يقول أنا ربكم الأعلى ، ويقتل ما يشاء من الناس { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4]، وكان لا يقبل رأياً مخالفاً له على قاعدة : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:29].
ولمّا أرسل الله تعالى موسى وأخاه هارون بالايات البينات أحس فرعون بالخطر على ملكه، ولذلك لجأ إلى كل ما يمكنه من الطرق لمحاربة موسى ودعوته، ومن ضمن هذه الاساليب هي تشويه صورة رسول الله موسى عليه السلام بين الناس فماذا قال فرعون عن موسى؟، قال: { إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:26] ، فأصبح فرعون في نظر الناس هو الناصح الأمين المشفق الخيّر، وموسى هو داعية الفساد؟!،
وأغلب الناس صدّقت كلام فرعون لانه هو صاحب السلطة والقوة ويمتلك وسائل الإعلام التي تنقل وتنشر مايقول. هذا يحدث عندما تختلّ موازين الصلاح والفساد، فالأمور تلتبس على الناس، ولا يعرفون من أين يأخذون المعيار والميزان الذي يعرفون به الصلاح من الفساد، و يعرفون المصلح من المفسد.
ولئن ظَهَر فرعون بثياب الوعّاظ والْمُذَكِّرين، فقد سبقه إبليس وظهر في ثياب الناصِحين، فَحَلَف وأقسم بالله إنه لمن الناصحين، { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}[الاعراف:21]، وهذا الحال ليس مع فرعون وموسى فقط ، وإنما مع جميع الطغاة في تعاملهم مع أهل الحق، قال تعالى :{كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات:52]،
فحينما تختلّ الموازين تكون كلمة الحق الصادِقة مِشعل فِتنة !، وتُلبَس الدعوة إلى الله لبوس الإفساد في الأرض !، فيُسعى لِقَتْل موسى { ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ}!، ويُتآمر على يوسف لِـيُسجَن ! إن هو أصرّ على العفاف !، {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ}[يوسف:32]، ويُحارَب نبيُ الله لوط عليه السلام:{ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}[ الاعراف:82}، ونبي الله شعيب { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}.
وكذلك هو الحال مع خاتم الاديان : الاسلام، يسعون الى تشويه صورة الاسلام لينفّروا الناس منه، ويزرعوا الكراهية لأتباعه، وينفقون الأموال الطائلة لبلوغ هذا الهدف، وللاسف نجد الكثير من المسلمين حيارى ومنهم من يصدّق ومنهم من يردد، ويقول لك يا أخي معهم الحق ألا ترى القتل والذبح والتفجيرات ؟!.
والحقيقة أن هذا المعيار يفتقر الى الانصاف في القياس، فالمنصف إذا أراد الحقيقة فيجب عليه أن يدرس الاسلام دراسة شاملة قبل أن يتهم دينا كاملا يدين به أكثر من مليار ونصف المليار من البشر يشكلون ربع سكان الارض، لانه من يقول أن الاسلام هو دين عنف وقتل وإرهاب فهذا يعني أن ربع سكان الارض يمارسون هذا العنف والقتل والإرهاب لانهم يدينون بدين الاسلام، وكأن المسلمين عبارة عن عصابة تعدادها مليار ونصف المليار من البشر!، فهل هم كذلك؟
وهل يأمرنا الاسلام الذي اسمه مشتق أصلا من كلمة السلام، هل يأمرنا بالعنف والقتل والارهاب، أم أمرنا بالرحمة والرفق والاحسان،نحن عندما نتعامل مع الناس فان مرجعنا هو كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، هذا هو الميزان أما إذا أخذنا معايير الصلاح والفساد من الأبواق الإعلامية، أو من أفواه المنافقين والمفسدين ؛ فسنجدها نوعاً آخر تماماً.
كيف يكون الاسلام دين عنف والله تعالى يقول لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وهذا التعبير القرآني في اللغة العربية يفيد الحصر أي لم نرسلك لأي أمر آخر وإنما فقط رحمة للعالمين، وعلمه أسلوب الدعوة الى الله فقال: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وعلمه اسلوب التعامل مع الاعداء فقال:{ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34].
ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن نفسه: ((إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين )) رواه أبو نعيم ، وقال (( إنما أنا رحمة مهداة )) رواه البيهقي، ويقول (( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) رواه أبو داود والترمذي، بل حتى في القتال كان يقول لأصحابه: (( انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ، لاَ تَقْتُلُوا شَيْخاً فَانِياً، وَلاَ طِفْلاً صَغِيراً، وَلاَ امْرَأَةً ، وَلاَ تُغْلُوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ ، وَأَصْلِحُوا ، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ أخرجه أبو داود ].
وللحديث بقية ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.