الأسرة والمدرسة والمسجد . . إلى أين ؟!

رشيد بن ابراهيم بوعافية
1434/06/01 - 2013/04/11 06:09AM
[font="]الأسرة والمدرسة والمسجد . . إلى أين ؟! [/font]
[font="]أيها القرّاء الأعزّاء[/font][font="] : [/font]
[font="] الأسرة هي المحضن الأساسيُّ لتربية الأبناء و بناء شخصيتِهم ، والأبناءُ أحبّتِي في الله يحتاجون إلى نوعين متلازمين من الرعاية : النوعِ الأول : رعايةِ البدنِ بالنفقةِ والسعيِ لتوفيرِ الطعامِ والشراب والكساء و العلاج ، وما لا بُدّ منه من المتطلّبات ، والنوعِ الثاني من الرعاية : رعايةِ روح[/font][font="]ِ الولدِ[/font][font="] بتقوى الله فيه و الصبر على تربيته وحسن صحبته على الحق والصراط المستقيم حتَّى يكبُرَ فيستقِلَّ بالتفكير والتدبير . . [/font]
[font="] تُرى : كيفَ هو حالُ الأُسَرِ مع الواجبين و الرعايتين . . ؟ . [/font]
[font="] والله لسنا مبالغين حين نقول :[/font][font="] كثيرٌ من الأسر لا تعرفُ إلاَّ النوعَ الأول إلاَّ من رحمَ اللهُ تعالى وقليلٌ ما هم ! ، حفظُ الجُثث وتنميةُ الأبدان بالطعام والشراب والكساء والمنام ، و أمَّا الأرواحُ والأخلاق فرعايتها من اختصاص الشارع التائه والصحبة السيئة و القنوات الفضائية المنحرفة ، و الهاتف المحمول الذي صارَ للأبناءِِ والبنات كالشيطان القرين..![/font]
[font="]وجواب الأولياء دائمًا : ماذا نفعل نحنُ منشغلون بتوفير الخُبز والدقيق والقوت . . و كأنّهم – لا سمح الله – يُعِدُّون عجولاً للسّوق لا عقولاً للحياة . . ! [/font]
[font="] أكثرُ الأولياء - معشر المؤمنين- لا همَّ لَهُم في رعاية أولادِهم و بناتهم إلاَّ رعايةُ الأبدان بتوفير الخبز و الدَّقيق و الشراب والكساء والمحافظ و الأوراق والأقلام والهاتف المحمول ومصاريف الجامعة ولا أكثر ، وأكثرَ همّ الأُمَّهات في رعاية بناتهن توفيرُ القلائد[/font][font="]ِ[/font][font="] للأعناق ، و الأساور[/font][font="]ِ للأذرُع ، والخواتيمِ للأصابع ، والحريرِ للتجهيز والزواج . . يعني الكُل يطوفُ ويسعى في سبيل تنمية الجُثَّة . .ولا أحدَ يُفكّرُ في روح تلك الجُثَّة و أخلاقها ، وتربيتها ، ومراقبة شخصيتها . . [/font]
[font="] فهل من عودة صادقةٍ إلى الرعاية الشاملة المتكاملة . . ؟! [/font]
[font="] أيها القرّاء الأعزّاء : وماذا عن المسجد والمدرسة في أمّتي . . ؟! [/font]
[font="] المسجد والمدرسةُ في تصوُّرِ الإسلامِ أخوانِ شقيقان ، مُتَّفقانِ لا يفترقان ، مُؤتلفانِ لا يختلفان ، يعمَلانِ في جِهةٍ واحدة، ويتَّجهانِ معًا قِبلةً واحدة، هي تحقيقُ الصَّلاحِ و النفعِ العامّ للأمَّة ، في حاضرها ومستقبلها ، في دِينها وآخرتها كما في دنياها ومعاشها . . [/font]
[font="]أعني بالمسجد[/font][font="] : المكانَ الذي خصَّهُ الإسلامُ بالتقاءِ المسلمين جماعةً لأداء الصلوات المفروضة ، وسماعِ المواعظِ والتوجيهات، وما يتفرَّعُ عن ذلك من مقاصدَ وأحكام . . ، وأعني بالمَدرسةِ : المكانَ الذي شُرّفَ بالتعلُّم والتعليم ، والتربية والتقويم، في جميع المراحل والمستويات من الطور الأول إلى الجامِعي . . [/font]
[font="] المتأمّلُ في الواقع العامّ للمساجد والمدارس يكادُ يُصعقُ من هولِ ما يجدُ من المُفارقةِ والابتعاد ، بينَ ما يجبُ أن يكونَ وما هو كائن ! ، بينَ ما هو مطلوبٌ وما هو حاصلٌ موجود . . في المسجد والمَدرسةِ على السَّواء ، حاشا المتميّزين و قليلٌ ما هم . . ! [/font]
[font="] [/font][font="]قلّب ناظِرَيكَ في ذلك تُدرِكُ بيقين سِرَّ الغَرَقِ العامِّ الذي ابتلى اللهُ به هذه الأمَّةَ ضمنَ سُنَّتِهِ التي لا تُحابي أحدَا ..! [/font]
[font="] و أنا أخي القارئ أُعْفِيكَ من تقليبِ البصر ، فهذه شهادةٌ على قَومِي نابعةٌ من تقليبِ البصرِ ألفَ مرَّة أسوقُها لكَ في ثوبِ الإجمالِ لا نقصدُ بها واللهِ إلاَّ إصلاحَ الأحوال : [/font]
[font="] في المساجِدِ - البيوتِ التي أذنَ اللهُ أن تُرفعَ ويُذكرَ فيها اسمُه - : في هذه القِلاعِ الشامخةِ العتيدَة [/font][font="]بعضُ[/font][font="] [/font][font="]أئِمَّةٍ - حاشا الصادقين- رَضُوا بأنْ يكونُوا مع الخوالف ، لبِسُوا الخميصَةَ يبتغُونَ بها الخبيصَة ، يُضيّعُونَ أوقاتِ الأمَّةِ الغاليةَ النَّفيسَة ، ببيعِ الكَلِمات التي تغتالُ العُقولَ ولا تُحييها ، وتُهدّمُ صُروحَ الهِمَمِ ولا تبنيها ، يُفوِّتُونَ على الأمَّةِ أيَّامَها ولياليها ، طلبًا للخُبزِ كغيرِهم ممَّن ثَقُلَت عليهِم مطالبُ الرُّوحِ في زَمَنٍ لا يعرفُ إلاَّ الجَسَد . . ! [/font]
[font="] وفي هذه القلاعِ الشامِخَةِ العتيدة - مُصَلُّونَ من الرّجالِ والنّساء - فرَّغُوا بيوتَ اللهِ من الخشوعِ والدُّموع ، أطفؤُوا فيها النُّورَ الذي كانَ يَشِعُّ ويسطَع ، ثَقُلت عليهم الصَلاةُ حينَ صَلَّوها بأبدانِهم لا بأرواحِهم ، الصُّفوفُ بالأبدانِ عامرةٌ تسُرُّ الناظرين ، ولكنَّ الأرواحَ مُسَافِرَة ، والقلوبَ متنافِرَة . . ، حديثُهُم الدنيا وشهواتُها ، وقُرآنُهم هجرُوهُ إلى القيلِ والقال والغيبةِ والنميمة . . ! [/font]
[font="] وفي المدارس : شقيقةِ المساجدِ في بعثِ النُّورِ والهدايةِ في الأرض ، في تلكَ الأماكنِ الطاهرَةِ النَّظيفَة التي صمَدت زَمَنَ المُخلصينَ - على بساطتها - أمامَ كُلّ العقبات والمحاولات ، في تلكَ القِلاعِ الشامخةِ العتيدَة :عناصرُ في الأسرةِ التربوية - حاشا الصَّادِقين المُحتسبين- باعُوا الكتابَ ليشترُوا بهِ رغيفَ الخُبزِ وكيسَ الإسمنت ، كسَّرُوا الأقلامَ ومزَّقُوا الأوراقَ ليستدفِئُوا بها مِن بَردِالحِصار ، يَبيعُونَ نفسَ الكلمات ليشترُوها في الامتحانات كلِمَاتٍ على أوراق ، لا يُعرّجونَ على فضيلة ، ولا يُقاوِمُونَ رذيلة ، ينظُرون بأعيُنِهم كيفَ أنَّ الأمَّةَ تُساقُ إلى الذَّبح ، وأنَّ مجرى تاريخِها سيتغيَّر ، وهُوِيَّتَها ستضيع ، فلا حديثَ لهم إلاَّ عن الزّيادات والمردوديات والترقياتِ والعَلاوَات . . في مُقابل ماذا لستُ أدْرِي ..؟!!! [/font]
[font="] وفي تلكَ القلاعِ الشامخةِ العتيدة : طلبةٌ وطالبات ، هجرُوا العلمَ والمعرفةَ والتربية إلى الجِنسِ اللاهِث الذي لا يعرفُ نهايةً وليسَ لهُ انقطاع ،حيثُما نظرت عيناكَ لا ترى ولا تُدركُ إلاَّ لغةَ الجِنس : في اللباس الفاضح المكشوف، في الضَّحكات والصّرخات، في النَّظرات الخائنة، والهواتفِ الآثمة ، في الاستراحات داخلَ وخارجَ المؤسسات ، في الدَّرَّاجاتِ الذَّاهبة الآيبة ، في السيَّارات المتربّصة . . في كُل شيءٍ يُحيطُ بالعلم والمعرفة . . من أين يخرُجُ هؤلاء ؟ أينَ آباؤُهم وأمَّهاتُهم ؟ رُبَّما هُم يتامَى . . منقطِعُون . .أينَ المُعلّمُون ؟ أينَ المُربُّون ؟ هل هم نائمُون ؟ رُبَّما هم غائبون أو مسافرون ؟ رُبَّما هم في كوكبٍ آخرَ مُقيمُون ؟ ولكن هل سيعُودُون.. ؟ ... لستُ أدري . . ؟!!!! ولماذا لستُ أدري ؟! ... لستُ أدري ...! [/font]
[font="]معشر القرّاء الأعزّاء[/font][font="] : [/font][font="]ما هذه إلاَّ صرخةُ ناصحٍ أمين ، ربّما يستفيقُ بها النائمُون ، و ربّما ينتبهُ بها الغافلون ، فكُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّته ، وإنَّ اللهَ سائلٌ كُلَّ راعٍ عمَّا استرعاهُ حفظَ ذلكَ أم ضيَّع . .[/font]
[font="] فهل من عودةٍ للأسرة والمدرسة والمسجد . . ؟! نسألُ اللهَ أن ييسّر ذلك ! . [/font]
[font="] [/font]

[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="][/font]
المشاهدات 1272 | التعليقات 0