اقرؤوا القرآن

أحمد علي أحمد
1434/01/15 - 2012/11/29 11:44AM
اقرؤوا القرآن
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله, فإن خير الزاد التقوى ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ) .

عباد الله: لقد بعث نبينا محمدا r, مؤيدا بأعظم معجزة هي القرآن الكريم ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) القرآن الكريم, سلوة الطائعين، ولذة قلوب المتقين، هو كلام رب العالمين، المنزّل على سيد المرسلين، بلسان عربيٍ مبين، هدى للمتقين، ونورًا للمؤمنين, لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, تنزيل من حكيم حميد, هو الحبل المتين, والذكر الحكيم, هو الفصل ليس بالهزل, من تركه من جبار قصمه الله, ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله, هو الصراط المستقيم, لا تزيغ به الأهواء, ولا يشبع منه العلماء, ولا تنقضي عجائبه, من قال به صدق, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) .
يا قارئ القرآن حسبك أنه *** شرف به تتعاظم الحسنات
واغنم به أجراً وقربة عارف *** ومهابة تعلو بها الدرجــــات
فانعم به عزا وخذ بضيــائه *** قبساً تنير له الفلـــــــــــــــــــــــــــــوات

أيها المسلمون: شرفكم الله تعالى بهذا الكتاب المبارك، ليخرج به الناس من الظلمات إلى النّور, ومِن عبادة الأوثان والأصنامِ إلى عبادة الواحِد الديّان, أنزل الله القرآنَ معجزةً خالِدة، تحدَّى به الثّقلَين, فعجزوا عن الإتيان بمثله ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) لما سمع الوليد بن المغيرة شيئا من القرآن, وهو رأس من رؤوس الكفر والطغيان, قال: والله إن عليه لحلاوة, وإن عليه لطلاوة, وإنه أعلاه لمثمر, وإن أسفله لمغدق, وما يقول هذا بشر, و إنه ليعلى ولا يعلا عليه, ولما سمع نفر من الجن بعض آياته قالوا ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا - يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) يسَّر الله ذكرَه للذاكرين، وسهَّل حِفظَه للدّارسين، وجعَله نورًا وصِراطًا للناس أجمعين, لا تملُّه القُلوبُ، ولا يخلق مع تصرم الأيام والشهور ( إِنَّا نَحْنُ نـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) .
وفي كتاب الله, سورة عظيمة، يحفظها الصغير والكبير, يردِّدَها المؤمِن في صلاته, سبعَ عشرةَ مرّة, في كلِّ يوم وليلة على الأقل، هي سورة الفاتحة, نور أنزله الله على نبيه, سبع آيات محكمات، وركن من أركان الصلاة, لا تصح الصلاة بدونها قال r " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وعند مسلم " من صلى صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج غير تمام " يُستحب التأمين بعدها، كما في الصحيحين عنه r " إذا أمَّن الإمامُ فأمِّنوا؛ فإنَّه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكةِ, غفِرَ له ما تقدَّم من ذَنبِه " سورة عظيمة, لها أسماء عديدة, أم الكتاب, وأم القرآن, وفاتحة الكتاب, وأساس القرآن، والسبع المثاني, والقرآن العظيم, والرقية, والحمد, والشفاء، والصلاة, والوافية, والكافية, يقول بأبي هو وأمي r " والذي نفسي بيده ما أُنْزِل في التوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلُهَا, إنها السبع المَثاني والقرآنُ العظيمُ الذي أُعْطِيت " يقول أبو سعيد t قال: كنت أُصلي في المسجد, فدعاني رسول الله r..ثم قال له " لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد...( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته " .

وفي كتاب الله, سورة تعدل ثلث القرآن, هي سورة الإخلاص ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) قال r " أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ " قالوا: كيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال " ( قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن " رواه مسلم من أحبَّها دخلَ الجنة؛ قال رجلٌ من الأنصار, يا رسول الله: إني أُحِبُّها, لأنَّها صفةُ الرّحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال r " حُبُّك إياها أدخَلَك الجنةَ " رواه البخاري

وفي كتاب الله, آية الكرسي ( اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ) أعظم آية في كتاب الله, لأنها اشتملت على إثبات توحيد الله, وإثبات ما يليق به من أسماء وصفات, سأل النبي r أبي بن كعب t " يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ " قال قلت: الله ورسوله أعلم, قال " يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ " قال قلت ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) قال: فضرب في صدري وقال " والله ليهنك العلم أبا المنذر " رواه مسلم آية عظيمة, ينبغي حفظها وتعلمها, والمداومة على قراءتها صباح مساء, ودبر كل صلاة, قال r " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت " من قرأها عند نومه كانت له حرزا وحصنا من الشيطان, كما جاء في الصحيح, أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي؛ فإنك لن يزالَ معك من الله حافظ، ولا يقرَبُك شيطان حتى تصبح, فأخبر أبو هريرة t رسول الله r بذلك, فقال له " صدقك وهو كذوب " .
وفي كتاب الله, سورة من قرأها وواظب عليها, شفعت له في قبره, قال r " إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: تبارك الذي بيده الملك " رواه أبو داود والترمذي، وحسنه الألباني .

وفي كتاب الله, سورة البقرة, يستحب قراءتها في البيوت, فهي حصن للمسلم من شر السحرة والشياطين, روى مسلم في صحيحه أن النبي r قال " لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " وفي رواية " لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان " ويقول بأبي هو وأمي r " اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة السحرة " رواه مسلم و " إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلا لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام "صححه ابن حبان

عباد الله: عليكم بتلاوة القرآن والعمل به, فبه يعلو الشأن ويرتفع القدر, يقول أبو ذر t قلت يا رسول الله أوصني, قال " عليك بتلاوة القرآن, فإنه نور لك في الأرض, وذخر لك في السماء " حسنه الألباني وخير الناس من تعلمه وعلمه " اقرءوا القرآن, فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه " و " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل, كما كنت ترتل في الدنيا, فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها " .
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدرنا, وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار .

أقول ما تسمعون ....






الحمدلله على إحسانه...

عباد الله: وإن مما يعتصر له القلب ألما وحرقة, أن تكون أمة القرآن لا تقرأ القرآن, هجر كثير من المسلمين اليوم كتاب الله ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) هذا واقع كثير من الناس اليوم, كيف حالنا مع كتاب الله؟ اسأل نفسك: متى كان آخر مرة قرأت فيها كتاب الله؟ هل كان ذلك في الجمعة الماضية؟ أم كان قبل شهر؟ أم في رمضان المنصرم؟ إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا, انشغل الناس بقنوات وأفلام, جرائد ومجلات, مجالس ومباريات, غناء ومسلسلات,أشغلتهم عن التلذذ بكلام الباري جل وعلا, فلا حول ولا قوة إلا بالله ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ) .

أصبحت بيوت كثير من المسلمين, تشكو المس والقلق والمرض, لأنهم هجروا كتاب ربهم وأعرضوا عنه, فيامن يشكو القلق والاكتئاب, عليك بكتاب الله, يامن يرجوا البرء والشفاء, عليك بكتاب الله, يا من يبحث عن الهداية والسكينة والثبات, عليك بكتاب الله, يامن يرجوا رحمة الله, عليك بكتاب الله ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) ( وَنُنَزِّلُ مِنَ اَلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ) .

فاتقوا الله عباد الله, وعودوا إلى كتاب ربكم, اتلوه آناء الليل وأطراف النهار, أقيموا حروفه وحدوده, أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون الحق فيتبعون أحسنه, ثم صلوا ...
المشاهدات 2155 | التعليقات 0