اقتدوا بمن سلف في استقبال رمضان – الرقية الشرعية

محمد البدر
1439/08/25 - 2018/05/11 03:33AM
الخطبة الأولى :
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 183).
عباد الله :شهر رمضان المبارك شهر الصيام والقيام والقرآن والتضرع والدعاء لله جل وعلى والمسارعة إلى الخيرات وهو فرصة للتقليل من الطعام والشراب وكبح جماح الشهوات ، ولكن واقع الحال هذه الأيام يقول أن شهر رمضان شهر للتباهي والتفاخر بالولائم والموائد وبكل ما لذ وطاب من أصناف الطعام المختلفة، فنستهلك خلاله أضعاف ما نستهلكه في الشهور الأخرى وقد اعتدنا على طبخ أضعاف حاجتنا، وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر وامتدت هذه الظاهرة أيضاً إلى الافطار في بعض المساجد ، فترى تكدس الطعام والشراب تملأ السفر وتفيض وتزيد الفضلات وربما أن بعض الصائمين لا يهتم بالصلاة حتى وهو في فناء المسجد ويبقى يلتهم الطعام حتى تنتهي الصلاة ويترك الفضلات والأوساخ وغيرها ويصلي مع جماعة أخرى وقد يتركها بكلية ،حتى ظهرة البدانة والخمول والتكاسل عن العبادة ، و لهذا انتشرت الأمراض العصرية مثل أمراض القلب والسكر والضغط وهشاشة العظام وغيرها، والله جل وعلى أمرنا بعدم الاسراف قَالَ تَعَالَى :﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾. فنحن مع الأسف لا نملأ بطوننا فقط، بل نملأ حتى المزابل بكثرة الطعام والشراب والله نعم قد يفقدها بعض الناس ونحن نركلها ولا نبالي ولا حول ولا قوة الا بالله قَالَ تَعَالَى :﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ: إن المسؤولية تقع على عاتق الجميع فقد أمرنا الله عز وجل بالسعي في الكسب الحلال، والمحافظة على ذلك بشكر المنعم قَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾وفي المقابل أمرنا ان نصرف وننفق ما نكسبه فيما احل الله ، ودونما اسراف أو تبذير، وكما نهى الله عز وجل عن الشح والبخل والتقتير وحرمه، نهى أيضاً وحذر من البذخ والاسراف والتبذير قَالَ تَعَالَى :﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ .              فالاعتدال في أمر الطعام والشراب وعدم الاسراف هو المقصد الذي ذهبت إليه هذه الآية.
فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : « مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية :
عِبَادَ اللَّهِ: الرقية الشرعية والعلاج بالقرآن ثابتة بالأدلة الشرعية المعتبرة وللرُقية شقان، الأول يتبع الكتاب والسنة النبوية الشريفة وما ورد عن الصحابة والسلف الصالح، وهي ما تسمى بالرقية الشرعية الصحيحة، والشق الآخر يعتمد على الشعوذة وأجواء روحانية لتحضير الجان مع البخور والماء والأعشاب الأخرى حتى تحولت بعض بيوت الرقاة أو أماكن الرقية إلى مراكز للتعذيب تستعمل فيها العصا أو أشياء أخرى كالصعق بالكهرباء أو الحرق بالنار وهلم جرا، بحجة إخراج الجن من جسد المريض فالمقصود ليس الإنسان بل الجن الذي لا يخرج حسب بعض الرقاة إلا بهذه الطرق العنيفة، التي لا يوجد لها تفسير منطقي،وفي هذه الأيام أصبحة تجارة ومتاجرة من خلال فتح الرقاة صيدليات لهم على شكل عطارات لتسويق الوهم بالماء والعسل والزيت باسم الرقية الشرعية أو العلاج بالقرآن،ودجل وأكل أموال الناس بالباطل، ويتخذها آخرون وسيلة للشهرة ولتحقيق مآرب أخرى ،ولا نقول ذلك تقليلاً من شأن الرقاة أو الافتراء عليهم ووضعهم جميعاً في خانة واحدة، فهناك رقاة أتقياء ومخلصون، يعملون وفق ما تنص عليه الشريعة والدين، هدفهم من ذلك علاج المرضى والترويح عنهم دون مقابل يرجونه.
عِبَادَ اللَّهِ:لا تذهبوا إلى الرقاة وعليكم بقراءة القرآن على المريض فهو الشفاء بإذن الله وأنتم أحرص على شفاء مرضاكم منهم وإن كنت لابد فاعلاً فعليك أولاً بعرض المريض على طبيب ماهر وعمل فحوصات فإن لم تجد أي شيء فاذهب إلي أي راقيٍ واحرص على شفافية الرقيا من الراقي ولا تسمح بالخفاء أو التمتمة أو كلام غير مفهوم واحذر من قراءة الرقاة الشرعيين على المجموعات بمكبر الصوت، ويزعم أن هذه الرقية تعم الجميع وهذا غير صحيح هذه أشياء استغلالية وابتزازية ،وقد يكون هذا الراقي لا يحسن حتى قراءة الفاتحة قَالَ تَعَالَى :﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ .
الا وصلوا .
المشاهدات 1440 | التعليقات 0