اقبلت ياشهر الصيام والقرآن

محسن الشامي
1436/08/27 - 2015/06/14 14:35PM
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَينَا بِإِدْرَاكِ شَهْرِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ أَحَمْدُهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى جَزِيلِ الْإحْسَانِ وَالْإِنْعامِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إلَهٌ تَفَرَّدَ بِالْكَمَالِ وَالتَّمامِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَفَضْلُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ وَأَتْقَى مِنْ تَهَجَّدَ وَقَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آله وَصْحَبِهِ الكرام وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا اما بعد عباد الله اتقوا الله وتزودوا في هذه الحياة فكم في المقابر من أناس صاموا معنا رمضان في أعوام ماضية وهم الآن تحت الثرى رهناء الأعمال فاحمدوا الله أن أمهلكم الى أن ادركتم هذا الشهر العظيم فلقد أظَلَّكم شهرٌ مبارك تتمنون بلوغه وتأملون إدراكه وها أنتم الآن تعيشون أيامه ولياليه فماذا عساكم فاعلون لقد مرت عليكم شهور ماضيه وقصرتم فيها ولكن الله لطف بكم ومـدَّ في أعماركم حتى أدركتم هذا الشهر فهل تتداركون مافات من التقصير والتفريط نعم أظلكم شَهْرُ تضاعف فيه الدرجات وتقال فيه العثرات شهرٌ مَحْفُوفٌ بالرحمةِ والمغفرة والعتقِ من النارِ،فَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا صِيَامَهُ فقال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}فطوبى والله لمن كانت التقوى بضاعته في شهره فرب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش فأعيذكم ونفسي بالله أن نكون ممن منع نفسه الطعام والشراب وما أحل الله ثم أسرف على نفسه بارتكاب المعاصي ومقارفة السيئات
أيها المؤمنون رمضان شهرٌ اخْتَصَّهُ اللهُ بِمَا شَاءَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ فَأَنْزَلَ فِيهِ خَيْرَ كُتُبِهِ عَلَى أَفْضَلِ رُسُلِهِ قال تعالى{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}ومن خصائصه ما رواه ابو هريرة عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ بقدوم رمضان فَيَقُولُ (قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ رَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال(أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها خُلُوف فِم الصائِم أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرهِ ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة،قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال:لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه» الله أكبر يا عباد الله ما أعظم هذا الشهر وما أعظم منة الله علينا به إِنَّ شَهْرَاً بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ وَمَوْسِمَاً بِهَذِهِ الْمَهَابَةِ لَجَدِيرٌ بِأَنْ يَتَسَابَقَ فِي اسْتِغْلَالِهِ مُبْتَغُو الْجَنَّةِ وَطُلَّابُهَا جعلني الله واياكم من ساكنيها
معاشر الصائمين ونحن نتفيأ ظلالَ هذا الشهر المبارك نذكر ببعض الأعمال التي تقربنا الى المولى عزوجل فمن الأعمال الصالحة في هذا الشهر الصيام شرعه الله تربية لأجسامكم وترويضاً لها على الصبر والتحمل ، شرعه تقويماً للأخلاق وتهذيباً للنفوس وتعويداً لها على ترك الشهوات ومجانبة المنهيات شرعه ليبلوكم أيكم أحسن عملا اذ أنه لم يتقرب العباد إلى الله بشيء أحب إليه مما فرض عليهم وإن فريضة الصيام من أفضل العبادات وأعظم القربات عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ فإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ولِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) وقال صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيماناً واحتساباَ غفرله ما تقدم من ذنبه)متفق عليه أجر عظيم من الله عزوجل فما عليك يا عبدالله الا أن تصحح المسار والنية حتى يكون صيامُك أيمانا واحتسابا ليغفر لك ما تقدم من ذنبك فأدوا هذه الفريضة عباد الله واحفظوها مما يشينها فالصوم الحقيقي ليس مجرد الإمساك عن الأكل والشرب والاستمتاع ولكنه مع ذلكم إمساك وكف عن اللغو والرفث والصخب والجدال في غير الحق وكف عن الكذب والبهتان والهمز واللمز والأيمان الكاذبة فبالله عليكم كيف يكون صائما من يقضي ليله ونهاره في هتك أعراض الناس ونهش لحومهم والقيل والقال والنظر إلى المحرمات فاحذر يا عبدالله أن تدخل تحت وعيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القائل( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ والعطش، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ )
ومن الا عمال في هذا الشهر قراءة القرآن ألا فأكرم بشهر رمضان والقرآن شفيعان لصاحبهما يوم القيامة قال عليه الصلاةُ والسلامُ "الصِّيَامُ وَالقُرآنُ يَشفَعَانِ لِلعَبدِ يَومَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ، مَنَعتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهوَةَ فَشَفِّعْني فِيهِ، وَيَقُولُ القُرآنُ: مَنَعتُهُ النَّومَ بِاللَّيلِ فَشَفِّعْني فِيهِ" قَال "فَيُشَفَّعَانِ"
ومن الأعمال الصالحة في هذا الشهر المبارك أداء صلاة التراويح والقيام فصلاة التراويح سبب لمغفرة سالف الذنوب قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)والمصلي للتراويح يستحق اسم الصديقين والشهداء جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ شَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَصَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَأَدَّيْتُ الزَّكَاةَ وَصُمْتُ رَمَضَانَ وَقُمْتُهُ فمِمَّنْ أَنَا؟قَالَ:أَنْتَ مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) وعن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ) فينبغي لمن أراد أن يُكتبَ له قيام ليلة كاملة أن يُكمل الصّلاة مع الإمام إلى الوتر،فبادر يا عبدالله ولايغلبنك الشيطان
ومن الأعمال الصالحة في هذا الشهر أداء العمرة فالعمرة في رمضان لها مزية عن غيره من الشهور قال صلى الله عليه وسلم (عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي)
اللهم تقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال وتجاوز عن الخلل والزلل بارك الله
الحمد لله على فضله، وإحسانه والشكر على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا أما بعد: اتقوا الله أيها الناس واعلموا أن من الأعمال في هذا الشهر الجود والكرم والانفاق فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان، فلقد كان أجود بالخير من الريح المرسلة فأنفق يا عبدالله من مالك فأنت في ظل صدقتك كما قال صلى الله عليه وسلم " كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ "وكان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا " فلا يشترط أن يكون الصائمُ فقيرا
معاشر الصائمين ثمة سنةٌ في هذا الشهر تهاون بها الكثير وحرم نفسه فضلها إنها أكلة السحور فعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله (تسحّروا فإنّ في السّحور بركة) وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِين"ويُسَنّ تأخير السحور ما لم يطلع الفجر الا فاتقوا عباد الله واحذروا من التفريط في هذا الشهر العظيم إحذروا من الغفلة والإعراض عن الرحمات والنفحات الإلهية فكم تتألم النفوس وتتقطع حسرة على ما تراه من شباب المسلمين الذين اجتمعوا على اللهو وقتل الأوقات في ليالي رمضان الفاضلة والله المستعان فيا خسارة المفرطين ويا ندامتهم يوم وقوفهم بين يدي رب العالمين عند سؤاله لهم {ماذا أجبتم المرسلين}
اللَّهُمَّ بارك لنا في رمضان وارزقنا من فضائله ومغانمه ما يسرته لنا، اللَّهُمَّ أعنا على صيامه وقيامه وحفظ أيامه من الخلل والضياع
المشاهدات 2289 | التعليقات 0