اغتيال العلماء في جنوب اليمن.. فتش عن المستفيد! ..أحمد الصباحي

احمد ابوبكر
1439/02/11 - 2017/10/31 07:58AM

يحبس العديد من العلماء والدعاة في المحافظات اليمنية الجنوبية أنفاسهم وهم يشاهدون رصاصات الغدر تنطلق في رؤوس الدعاة والعلماء ورجال المقاومة الذين شاركوا في مناهضة الحوثي وإخراجه من محافظة عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى.

أجرى كاتب هذه السطور إحصائية ومتابعة خاصة لحالات اغتيال واعتقال العلماء والدعاة في أربع محافظات يمنية جنوبية، وكانت النتيجة أن هناك 23حالة خلال عام واحد، ما بين اعتقال واغتيال لشخصيات إسلامية ودعاة وعلماء في محافظات: عدن، لحج، أبين، حضرموت، وهي المحافظات التي تحررت من سيطرة مليشيات الحوثي وصالح قبل قرابة العام.

لم تبدأ موجة الاغتيالات والاعتقالات للعلماء والدعاة إلا بعد أن تم دحر المعتدي الحوثي إلى خارج أسوار المحافظات الجنوبية، وهو السؤال الذي يثير المخاوف حول مصير الجماعات الإسلامية في المحافظات الجنوبية التي شاركت في المقاومة بعد عملية تحرير المحافظات من الاحتلال الحوثي.

وتستهدف هذه الحملة الممنهجة عدداً من العلماء والدعاة المحسوبين على تيارين مهمين في اليمن وهما: تيار الإحسان، وتيار الحكمة، اللذين يمتلك ان عدداً من المؤسسات والجمعيات الخيرية ويديران حلقات التحفيظ ولهما أنشطة اجتماعية وخطباء مساجد، ويحظيان بحضور شعبي كبير نظراً للوسطية الفكرية والدعوية التي ينتهجانها منذ عشرات السنين.

وبسبب الخطر المحدق الذي بدأ يتفاقم اضطر العديد من العلماء والدعاة في تلك المحافظات إلى مغادرتها فوراً إلى خارج اليمن، وبعضهم غادر إلى محافظات أكثر أمناً بعد وصول تهديدات بالتصفية الجسدية، وبعضهم تم اقتحام مساجدهم التي يؤمون الناس فيها، وتبديلهم بخطباء آخرين، وإغلاق حلقات التحفيظ في تلك المساجد.

وتركزت حالات الاغتيال للعلماء والدعاة في محافظة عدن بدرجة رئيسة تليها محافظتا أبين ولحج، في حين كانت حضرموت ساحة مفتوحة لحملات عسكرية هدفها القبض على عدد من العلماء والدعاة وإيداعهم في ثكنات عسكرية تحت ذرائع مختلفة أبرزها دعم أنشطة إرهابية!

ويتحدث البعض عن دور سلبي لشيخ انشق عن تيار الشيخ مقبل الوادعي سابقاً، وتم تعيينه وزيراً في الحكومة اليمنية ويحظى بدعم إماراتي كبير، بل إن البعض يعتبره الحاكم الفعلي لعدن، وهو الشيخ هاني بن بريك الذي لم يصدر عنه موقف واضح تجاه الاستهداف الواضح للتيار السلفي في المحافظات الجنوبية.

وتزداد الشكوك أكثر بعد أن أعلنت السلطات المحلية في عدن اعتقال أشخاص متهمين باغتيال الشيخ عبد الرحمن العدني إمام ورئيس مركز دار الحديث في منطقة الفيوش بمدينة عدن، حيث تقول المعلومات إن منفذي عملية الاغتيال انقلبوا في حادث سير بعد تنفيذهم للعملية وأصيبوا بجراح وتم اعتقالهم لدى السلطات المحلية في عدن، لكن التحقيقات مع هؤلاء المتهمين أخفيت ولم يتم الكشف عن أي نتائج لها حتى الآن.

أضف إلى ذلك، السكوت الواضح والتعامي من قبل الحكومة والسلطة المحلية في المحافظات المعنية، حيث لم يصدر عنها أي بيان يوضح حقيقة ما يجري، بل إن السلطات في عدن متهمة بمقتل الشيخ ثابت الهلال إمام وخطيب جامع الحبيلين برصاص قوات الحزام الأمني في عدن.

 حضرموت.. اعتقالات ممنهجة

أما في حضرموت جنوب شرق اليمن فقد دشنت قوات النخبة - التي تحظى بدعم من التحالف العربي وقامت بتحرير المكلا من تنظيم القاعدة الذي ظل مسيطراً على المدينة لمدة عام كامل - حملات اعتقال ممنهجة استهدفت عدداً من العلماء والدعاة وخطباء المساجد، وأعلنت السلطات الحاكمة أنها سوف توقف نشاط عمل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية وأنشطة المساجد إلى أجل غير مسمى بسبب مخاوف من هجمات إرهابية على حد وصفها، وهو الأمر الذي لاقى انزعاجاً واضحاً من سكان تلك المدينة لأنهم المتضرر الأول من إغلاق تلك المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تقدم العون والمساعدة لعدد كبير من الأسر المحتاجة.

وتبدو مبررات إغلاق المؤسسات والجمعيات الخيرية واهية، حيث أعلنت السلطات أن السبب يعود إلى استخدام الأنشطة الخيرية لتنفيذ أعمال إرهابية، خصوصاً بعد حادثة الانتحاري الذي فجر نفسه وسط نقطة أمنية بعد أن أوهمهم أنه سيقدم لهم وجبات إفطار صائم، لكن هذا الأمر لا يعد مبرراً لإغلاق عشرات الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فضلاً عن أن الأعمال الانتحارية تتخذ أشكالاً وطرقاً مختلفة بحسب التوقيت والزمان والمكان.

موقف العلماء

يرى علماء ودعاة تحدثوا للكاتب أن ما يجري في المحافظات الجنوبية يأتي ضمن خطة ممنهجة لتفريغ البلاد من المصلحين حتى لا يكون لهم أي وجود أو صوت تجاه ما يرونه من مظالم وفساد، وحتى يخلوا الجو للمفسدين من حكام البلاد من غير أن يعكر صفو حكمهم أحد من الناصحين.

الشيخ مراد القدسي، وهو أحد أعضاء هيئة علماء اليمن ورئيس حزب السلم والتنمية، يعتقد أن المستفيد الأول من استهداف العلماء والدعاة في الجنوب هم الحوثيون الذين يراهنون على طول بقائهم في حكم البلاد عندما يرى الناس الانفلات الأمني في المناطق المحررة، ثم يأتي بعد ذلك الحراك الجنوبي المدعوم من إيران الذي يحاول أن يصفي كل خصومه حتى يصفو له الجو لحكم جنوب اليمن بالعقلية الشمولية السابقة في الحكم.

ولم يغفل الشيخ القدسي أن هناك أطرافاً لديها فوبيا من العمل الإسلامي المعتدل السني، بالإضافة إلى محاولة إفراغ عدن من الدعاة المعتدلين قد تكون سبباً في وجود جماعات عنف متشددة تريد أن تدفع الضيم الحاصل فيكون ذلك مبرراً للتدخل الأجنبي في المحافظات الجنوبية بحجة مكافحة الإرهاب.

مقترحات عاجلة للحل

دعا الشيخ مراد القدسي إلى اجتماع عاجل لقادة العمل الإسلامي والوطني لتدارس الأمر فقد طالت الاغتيالات الكثير من أبناء عدن سواء العلماء أو الدعاة أو القوى السياسية كمحافظ عدن السابق، والعمل على تسفير من يخشى على نفسه الخطر إلى جهة آمنة سواء داخل البلاد أو خارجها، وتدشن حملة إعلامية تظهر حجم المأساة وسبل معالجتها.

كما طالب الشيخ القدسي بتوفير حماية أمنية من قبل الجهات المعنية لكل من يمكن أن يكون مستهدفاً في الداخل، كما دعا جميع الجهات السياسية والدعوية المتضررة من هذا الانفلات الأمني وتداعياته إلى استنكار ما يحدث وإدانته والتواصل مع الجهات المعنية في الدولة لمعرفة ملابسات هذه الاغتيالات ومحاسبة الجناة وكيفية الحد منها مستقبلاً، وكذلك دراسة تعليق العمل الخيري والإغاثي في جميع المناطق الجنوبية إلى أجل غير مسمى لأن من يقدم هذه الخدمات للناس لا يأمنون على أنفسهم.

وهو الأمر نفسه الذي دعا له الشيخ محمد عيضة شبيبة، بألا يكتفي التيار السلفي بما وصفه بـ«النواح» على اغتيال دعاته، ولا يتوقف عند حد التأبين والحزن والدعاء على القتلة، داعياً قوى الخير إلى اليقظة والحذر وألا يكونوا لقمة سائغة لأولئك الذين يقفون خلف تلك الجرائم.

وقد استدعت هذه الأحداث المريبة اجتماع أكثر من مائة عالم وداعية يمني للتشاور حول ما يجري في المحافظات الجنوبية، وأصدروا بياناً واضحاً استنكروا فيه ما يحدث في تلك المحافظات من اختلال واضطراب الأمن وتعدد المليشيات وانتشار الاغتيالات التي تستهدف شخصيات في المقاومة وعلماء ودعاة.

ودعا البيان إلى قيام الجهات المسؤولة بتحمل مسؤوليتها في كف المجرمين الذين يقومون بالاغتيالات وضرب أمن البلد، والإفراج الفوري عن المعتقلين خارج نطاق القضاء وعلى رأسهم قادة المجتمع ومصلحوه ممن عرفوا بخدمة مجتمعهم ونشر الخير فيه.

كما طالب علماء ودعاة اليمن بإطلاق يد المؤسسات الخيرية وعدم تقييد أنشطتها لتسهم في خدمة المجتمع اليمني وإغاثة شعبه المنكوب، وعدم مصادرة وتقييد حريات المخالفين في أي منطقة وبلد تقع تحت سلطة الدولة، فهذا هو واجب الحاكم تجاه المحكوم.

رصد خاص للبيان يوضح حالات اغتيال واعتقال عدد من العلماء والدعاة في المحافظات الجنوبية

المصدر: البيان
المشاهدات 632 | التعليقات 0