اغتنموا فرصة العشر الأول من ذي الحجة

محمد البدر
1433/11/25 - 2012/10/11 23:09PM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد :قال تعالى :{ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} .
الحمد لله الذي خلق الزمان وفضّل بعضه على بعض فخصّ بعض الشّهور والأيام والليالي بمزايا وفضائل يُعظم فيها الأجر ، ويَكثر الفضل رحمة منه بالعباد ليكون ذلك عوناً لهم على الزيادة في العمل الصالح والرغبة في الطاعة ، وتجديد النشاط ليحظى المسلم بنصيب وافر من الثواب.
ومن مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ :قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ أيَّامٍ ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام » يعني أيام العشر.قالوا :يَا رسولَ اللهِ ، وَلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ ؟ قَالَ :«وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ »رواه البخاري .
وعنه أيضاً - رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :« مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ خَيْرٍ تَعْمَلُهُ فِى عَشْرِ الأَضْحَى ». قِيلَ : وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ :« وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَىْءٍ » رواه الدارمي وصححه الألباني.
فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، وبهذا يجتمع شمل الأدلة .
عباد الله :وفي العشر أعمالٌ فاضلة وطاعاتٌ كثيرة منها:
1- الصيام : فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة . لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال .
2- التكبير : فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر .والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى . ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة قال الله تعالى :{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ}والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما :(أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ: أَيَّامُ الْعَشْرِ) ، وصفة التكبير :«اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ»وهناك صفات أخرى .
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين ، وقد ثبت أن ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِى أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا . والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع.
3- أداء الحج والعمرة : إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرام لمن استطاع .
أقول قولي هذا ...

الخطبة الثانية :
عباد الله :ومن الشعائر التي ينبغي للمسلمين أن يحافظوا عليها في هذه الأيام المباركة (ذَبَحَ الأَضَاحِىَّ) تقربا إلى الله عز وجل.فالذبح من العبادات التي لا يجوز صرفها إلا لله رب العالمين سبحانه، قال تعالى:{ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }نسكي، أي: ذبحي .
- والأفضل ذبح الأضحية في البلد حتى تبقى هذه الشعيرة ظاهرة ،إتباعا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال:«ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» متفقٌ عليه.
قال الشيخ العلامة محمد العثيمين- رحمه الله-: (...الأضاحي عبادة محددة معينة لأنه لو كان المقصود الانتفاع باللحم لكان الإنسان يشتري لحماً ويتصدق به يوم العيد،أهم شيء الذبح لله-عز وجل- كما قال –تعالى:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ }[الحج37]. ،ثم إنك إذا أخرجت دراهم ليضحى عنك في بلاد أخرى فقد خالفت أمر الله؛ لأن الله-تعالى- قال:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج28]. ،وهل يمكن أن تأكل منها وهي تضحى في الصومال؟.. لا ،إذن خالفت أمر الله ،وقد قال كثير من العلماء : "إن الأكل من الأضحية واجب يأثم الإنسان بتركه" ،وبهذا نعرف أن الدعوة إلى استجداء الدراهم ليضحى في خارج البلاد دعوة غير سليمة ،وأنه لا ينبغي للإنسان أن يساهم في ذلك بل يضحي في بيته وعند أهله ،وتظهر شعائر الإسلام في البلاد ،ومن أراد أن ينفع إخوانه في أماكن محتاجة فلينفعهم بالدراهم والثياب وغير ذلك، أما شعيرة من شعائر الإسلام يتقرب إلى الله بذبحها والأكل منها فإنه لا ينبغي أبداً أن يفرط الإنسان بها...)أ.هـ وتجزئ الأضحية عن الرجل وأهل بيته،فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّىَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاَغِ وَذَبَحَ الآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم .رواه الترمذي وصححه الألباني .ومن كان في بيت مستقل فيشرع له أن يضحي عنه وعن أهل بيته بأضحية مستقلة .
- والواجب على من أراد أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره فلا يأخذ منها شيئا من أول شهر ذي الحجة وحتى يضحي لقوله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ رَأَى هِلاَلَ ذِى الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّىَ »رواه النسائي صححه الألباني.
- ومن لم يعرف هذا الحكم إلا بعد دخول أيام من ذي الحجة وقد أخذ من شعره وأظفاره فليمسك فيما بقي من الأيام.
- ويدخل في ذلك من وكّل شخصا أن يضحي عنه، فإنه يلزم صاحب الأضحية أن يمسك عن شعره وأظفاره ولا يلزم الموكَّل لأنه متبرع.
- والسنة:أن يضحي الحي عن نفسه وعن أهل بيته، فمن الخطأ أن بعض الناس يضحي عن أمواته ولا يضحي عن نفسه وأهل بيته، والنبي صلى الله علية وسلم ضحى عن نفسه وأهل بيته.
- وأما الأضحية عن الميت فإن كان قد ترك مالا وأوصى أن يُضحى عنه، فالواجب إنفاذ وصيته، وإن لم يكن قد خلَّف مال، وأراد أحد أهله أن يضحي له تبرعا فلا مانع.على أنه لابد أن يُعرف أن الأضحية في الأصل عن الحي، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما ضحى عن أهل بيته ولم يذكر أنه ذبح عن أمواته.
ولا مانع أن يَدخل الأموات في قول المضحي: "عني وعن أهل بيتي"، ففضل الله واسع.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[/align]
المرفقات

اغتنموا فرصة العشر الأول من ذي الحجة.doc

اغتنموا فرصة العشر الأول من ذي الحجة.doc

المشاهدات 3459 | التعليقات 5

139745174.jpg


جزاك الله خيرا


جزاكم الله خير


بارك اللع فيكم جميعا


بارك الله فيكم جميعا