اعْمُرُوا مَسَاجِدَكُمْ وَمَصَاحِفَكُم ( تعميم وزاري )
راشد بن عبد الرحمن البداح
الحمدُ للهِ على بلوغِ أولِ رمضانَ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، الملكُ الديانُ. وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه للإنسِ والجانِ. صلى اللهُ عليهِ وسلم تسليمًا كثيرًا ما تَعاقَبَ الملوانِ. أما بعدُ:
فإنه ضيفٌ عجيبٌ أمرُه، كريمٌ فعلُه؛ فإنه يَقدَمُ ضيفًا ثم يكونُ هو المضيِّفُ. إنه رمضانُ يَحُلُ علينا ضيفاً مضيافاً، يكرمُنا إذا أكرَمَناه، يَقْدَمُ علينا فيُقدِّمُ إلينا أصنافاً من الإتحافاتِ والنفحاتِ. فهلاّ تعرضْنا لنفحاتِ مُضِيفِنا!
والناسُ كلُ الناسِ يشتاقونَ لمَقدمِ رمضانَ، ولأجلِ اشتياقِهم يتبادلونَ التهانيَ، ويُرسلونَ التبريكاتِ عند مَقدمِهِ.
أمَا إنه قد علمَ كلُّ أناسٍ مَشربَهم، وفرقٌ بين قومٍ يفرحونَ برمضانَليزدادُوا خيرًا، وبين آخرينَ يفرحونَ به ليزدادُوا إثمًا.
لقدَ كتبَ اللهُ علينا الصيامَ لمقصدٍ جليلٍ بيَّنَه وأكدَه فقال: (لَعَلَّكُم تَتَّقُون) فلتكن حصيفًا حريصًا لتحقيقِ هذه الغايةِ الجليلةِ. بأن نعبدَ الله فلا نعصيَه، وأن نذكرَه فلا ننساه، وأن نشكرَه فلا نكفرَه.
ألا إن من أعظمِ ما يُعينُ على تحقيقِ التقوى أمرانِ في رمضانَ: بأن نَعمرَ مساجدَنا ومصاحفَنا.
أما عمارةُ المساجدِ؛ فإن عُمَّارَها مؤمنونَ مهتدونَ. قال ربنا: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}[التوبة18]
وعِمارةُ المساجدِ نوعانِ: العمارةُ المعنويةُ: بالعبادةِ والذكرِ والعلمِ، والعمارةُ الحسيةُ من بنائِها وترميمِ ما تهدمَ، وتنظيفِها، وتنويرِها، وصيانتِها.
فليحتسبِ الموظفونَ العاملونَ في وزارةِ الشئونِ الإسلاميةِ أنهم مشاركونَ في هذا الفضلِ والأجرِ.
قالَ الشيخُ ابنُ سعديِ –رحمه اللهُ-: فلا أعظمَ إيمانًا ممن سعَى في عمارةِ المساجدِ بالعمارةِ الحسيةِ والمعنويةِ. قالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ(). وهذا المثالُ من النبيِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدلُ على أن مَن ساعدَ على عمارةِ المسجدِ ولو بشيءٍ قليلٍ استحقَ هذا الثوابَالجزيلَ، بفضلِ اللهِ وكرمِه. وليَعلمْ مَن ساهَمَ في تعميرِ بيوتِ اللَّه، أنه ما من صلاةٍ أو قراءةٍ للقرآنِ أو درسِ علمٍ أو أيِ شيءٍ من أعمالِ الخيرِ تتمُفي رحابِ المسجدِ الذي ساهمَ فيه إلا ولهُ أجرٌ عظيمٌ من اللَّه تعالى(). أ.هـ.
وأما عمارةُ المصاحفِ؛ فبتلاوةِ كلامِ اللهِ آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ، وبكثرةِ الختماتِ، وبتعلمِ وتعليمِ كتابِ اللهِ.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ. رواهُ البخاريُ().
فهنيئًا للعابدينَ أهلِ الختماتِ، وهنيئًا لمعلميِ القرآنِ في المدارسِوالمساجدِ والدورِ والدوراتِ.
ومما يدخلُ في عمارةِ كتابِ اللهِ: المساهمةُ في طباعتِهِ ونشرِه. فليحتسبِ الموظفونَ في طباعةِ المصحفِ أنهم مشاركونَ في هذا الفضلِ.
الحمدُ للهِ على نعمةِ بلوغِ أولِ رمضانَ، والصلاةُ والسلامُ على المبعوثِللإنسِ والجاِن. أما بعدُ: فيا أيُها الصائمونَ: من أعظمِ مفاخرِنا في بلادِنا المباركةِ بلادِ الحرمينِ الشريفينِ: الاعتناءُ الكبيرُ ببناءِ المساجدِ في العالمِ، وبطباعةِ المصاحفِ، حيث أنشأتِ الدولةُ –وفقها اللهُ- وزارةً ومؤسساتٍ تُعنَى بهذينِ، ألا وهيَ وزارةُ الشؤونِ الإسلاميةِ والدعوةِوالإرشادِ. ورئاسةُ الحرمينِ الشريفينِ، ومجمعُ الملكِ فهدٍ –رحمهُ اللهُ-لطباعةِ المصحفِ الشريفِ.
فإن قالَ قائلٌ: كيف أُساهمُ في عمارةِ المساجدِ، أو في طباعةِالمصاحفِ؟
فيُقالُ: الأمرُ يسيرٌ، ومقدورٌ عليه لأكثرِ الناسِ. فقد قامتْ وزارةُالشؤونِ الإسلاميةِ –مشكورةً- بفتحِ المجالِ من خلالِ التبرعِ عبرَ "منصةِإحسانٍ" لمشاريعِ بناءِ المساجدِ وصيانتِها ونظافتِها، ومشروعاتِ طباعةِالمصحفِ الشريفِ ونشرِه.
فادخلِ المنصةَ، وساهِمْ ولو بالقليلِ؛ ليكونَ وقفًا لك تلقاهُ يومَ تلقاهُمضاعفًا، يجريْ لكَ بعدَ موتِك ما بقيَ نفعُه. وأوْقِفْ مسجدًا أو مصحفًا، أو شاركْ في أحدِ وجوهِ الخيرِ الأخرَى.
قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنُ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلِمَهُ وَنَشَرَهُ، أَوْ وَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، [أو مُصْحَفًا وَرَّثَهُ ]، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهَرًا [أَجْرَاهُ ]، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ) رواهُ ابنُماجةَ وابنُ خزيمةَ بسندٍ حسنٍ().
فاللهم لاتحرِمنا فضلَك، ولا تَصُدَّنا بضعفِ نفوسِنا وغلبةِ شهواتِنا عن بيوتِك وكتابِك.
اللهم ارحمنا ولا تحرِمنا، اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا خَيْرَ ما عِنْدَكَ بِشَرِّ ما عِنْدَنَا.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أعْمَارِنَا أواخِرَهَا، وخَيْرَ أعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا وخَيْرَ أيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاك. اللَّهُمَّ اقْذِفْ في قُلُوْبِنَا رَجَاءَك واقْطَعْ رجَاءَنَا عمنْ سِوَاك.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا أغَنْى خَلْقِك بك، وأفْقَرَ خَلْقِك إليْك.
اللَّهُمَّ أغْنِنَا عَمَّنْ أغْنَيْتَهُ عَنَّا، اللَّهُمَّ صُبَّ عَليْنا الخَيْر صَبَّا صَبَّا، ولا تَجْعَل عَيْشَنَا كَدَّا كَدَّا.
اللَّهُمَّ أعْطِنَا من الخَيْرِ فوْقَ ما نَرْجُو واصْرِفْ عَنَّا من السُّوْءِ فَوْقَ ما نَحْذَر.
اللهم اجعلْنا بالصالحاتِ مِن المُضْعِفينَ، وبالحسناتِ مِن المُقَنْطِرِينَ.
اللهم آمِنَّا في أوطانِنا ودُورنِا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورنِا، وافرجْ لهم في المضائقِ، واكشفْ لهم وجوهَ الحقائقِ.
اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.