استقبال عشر ذي الحجة والاستعداد للاضحية والتحذير من ترك الحج خطبة الجمعة 28/11/1434

عادل الحزنوي
1434/11/21 - 2013/09/27 05:31AM
السلام عليكم ايها الأجلاء هذه خطبة عن استقبال عشر ذي الحجة والاستعداد للاضحية والتحذير من تأخير الحج آمل ان يستفاد منها مع العلم ان جزءا منها منقول ولكن الفائدة هي المطلب نسأل الله ان ينفع بها
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 102].
معاشر المسلمين، إنكم لتلاحظون اسراعَ كثير من الناس في أمور الدنيا، وتلاحظون حبهم لزهراتها وألوانها، وإنكم لتعجبون من ركضهم وراء مصالحهم ومنافعهم، في حين غفلتهم عن المنافع الباقية والكنوز النفيسة.
تحل علينا هذه الأيام، أيام مباركات وساعات فاضلات، أيام تضاعف فيها الأعمال وتزداد فيها الدرجات ويعظم فيها الثواب، إنها أيام عشر ذي الحجة التي أقسم الله تعالى بها تنويهًا بشأنها وإرشادًا لأهميتها: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر: 1، 2]، والتي قال عنها النبي كما في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر))، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء)).
إن هذه الأيام الفاضلة تستدعينا للجدّ والاجتهاد، فاحرصوا ـ يا مسلمون ـ على استغلالها وعمارتها بالأعمال الصالحة، وإنه لمن المؤسف أن تدخل هذه الأيام ونحن في غفلة فاكهون، لا في الخيرات نسارع، ولا عن المعاصي نقلع، قد أهمتنا الدنيا واجتاحتنا الغفلة واحتوانا الطمع.
إن الإنسان منا لينمّي ماله ولا ينمي عمله، يزيد في غفلته ولا يزيد في درجته، يسارع في الفاني ويبطئ في الباقي!
والنـاس هَمّهـم الحيـاةُ ولَم أرَ طولَ الحياة يزيد غيرَ خَبـالِ
وإذا افتقرتَ إلى الذخـائر لم تَجد ذخرًا يكون كصالِح الأعمالِ
إن هذه الأوقات ـ يا مسلمون ـ جزء من أعماركم، وضياعها ضياع لكم وزيادة في حسراتكم.
إخوة الإسلام، إن أيام عشر ذي الحجة أيام العمل والجد والمسارعة، وهي أيام الفوز والسعادة والفلاح، فحافظوا عليها، واعمروها بطاعة الله تعالى.
قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله: "ما من يوم أخرجه الله إلى أهل الدنيا إلا ينادي: ابن آدم، اغتنمني لعله لا يوم لك بعدي، ولا ليلة إلا تنادي: ابن آدم، اغتنمني لعله لا ليلة لك بعدي".
أيها الإخوة الكرام، يُستحب عمارة هذه العشر المباركة بالطاعات والأعمال الصالحة، ومن ذلك الصيام، فيدعى الى صيام تسع ذي الحجة لأن النبي حضَّ على العمل الصالح فيها، والصيام من أفضل الأعمال الصالحة، وقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح: ((عليك بالصوم فإنه لا مثلَ له))،
. وأما صوم يوم عرفة فهذا يتأكد صيامه لورود فضل خاص به كما في صحيح مسلم قال : ((يكفِّر السنة الماضية والسنة القابلة)).
ويستحب في هذه العشر الإكثار من الأعمال الصالحة مطلقًا كالصلاة والذكر وقراءة القرآن والدعاء والصدقة والبر والصلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن شأن الذكر لعجيب، فالعبادات التي افترضها الله علينا إنما افترضت كي يذكر الله فيها، قال الله سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14] أي: وأقم الصلاة لتذكرني فيها، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لذكر الله عز وجل) ، فالعبادات التي افترضها الله علينا إنما افترضت كي نذكر الله سبحانه وتعالى فيها، ولا جرم؛ فإن الله يقول: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] ، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام لما كان في سفر مع أصحابه، (سبق المفردون.. سبق المفردون! قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟! قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) ، ان ذكر الله تعالى فيه منتهى النفع؛ إذ العبادات شرعت من أجله، والأنبياء ما رخص لهم في تركه بحال من الأحوال، زكريا عليه الصلاة والسلام لما منع من الكلام، قال الله له: آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا [آل عمران:41]، أي: أنك لا تستطيع الكلام ثلاثة أيام، ومع عدم استطاعة الكلام لا تمتنع من الذكر، بل قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ [آل عمران:41]، ، فذكر الله ينبغي ألا يفارق العبد، بأية حال من الأحوال. ذكر الله به تذكر في الملأ الأعلى، قال الله سبحانه: (من ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير من ملئه )، لرسول الله عليه الصلاة والسلام: (ألا أدلكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذكر الله).
ألا فاغتنموا ايام عشركم القادمة بهذه العبادة اليسيرة عبادة ذكر الله تعالى على كل أحوالكم
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات...

الخطبة الثانية
الحمد الله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام، ومن الأعمال الصالحة التي يجب المبادرة اليها والتي يجب على الإنسان الاستعداد لها الأضحية وهي سنة ولقد ضحى رسول الله بكبشين أملحين أقرنين ودعا أمته إلى الاقتداء بسنته وحذر من التهاون في تركها فقال - قوله صلى الله عليه وسلم : ( من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا ) أي من كان له مال ولم يضحي فلا يقربن مصلى العيد
وفي الحديث الضعيف قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحبّ إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً ) حديث ضعيف
عباد الله إعلموا أنه يكره كراهة شديدة لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً، وذلك إذا أهلَّ هلال شهر ذي الحجة حتى يضحي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليُمْسك عن شعره، وأظفاره حتى يُضحي) والذي يمسك هو رب الأسرة فقط .
اعلموا عباد الله ان من افضل الأعمال في عشر ذي الحجة مع كونها فريضة وواجب وركن هو أداء الحج نعم أداء فريضة الحج واسمعوا إلى حديث ابن عمر عن ابن عمر قال: قال رسول الله : ( أمّا خروجك من بيتك تؤمّ البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج - أي متراكم - أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك. وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة. فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ) /FONT][FONT=Times New Roman]الطبراني وحسنه الألباني[/FONT][FONT=Times New Roman.
عن جابر رضي الله عنه، أن النبي قال: { أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد } [رواه الطبراني والدارقطني وصححه الألباني
يا عباد الله إن من الناس من قد امتلأ رأسه بالشيب ولم يفكر بقضاء الفرض وأداء الحج ويتعذر بأعذار واهية وقد ملك القدرة على الحج وعنده الاستطاعة ومع ذلك يسوف ويؤخر الحج .
يا عباد الله إن الناس كانوا يحرصون على أداء الحج في السابق مع المشقة العظيمة في المشي ومع الفقر الذي يعانونه كانوا يحرصون على أداء الحج واليوم فرط كثير من الناس في ذلك مع القدرة والاستطاعة ألا فليتقو الله تعالى ويبادروا قبل فوات الأوان
( ‏ عَنْ ‏عَلِيٍّ رضي الله عنه ‏‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ مَلَكَe‏‏ ‏زَادًا ‏‏وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ‏ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا‏ وَاللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ‏‏:" وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ‏‏مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ‏)
وقال سعيد بن جبير : لو مات جار لي وله ميسرة ولم يحج لم أصل عليه ] تفسير القرطبي
يا عبد الله سارع إلى طاعة ربك بالتوبة والاستغفار وكثرة خصال الخير، فإنك في زمان المهلة، واحذر التسويف والتضييع، قال الرسول كما في صحيح مسلم: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروه؛ فإني أتوب في اليوم مائة مرة))، وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال : ((للهُ أفرحُ بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرضٍ فلاة)). فالله ـ يا مسلمون ـ يفرح بتوبة عباده، وبرجوعهم إليه، فسارعوا في التوبة واغتنموا الزمان، واحذروا الغفلة والتأخير.
يا مسلمون، إن وراءنا يوما ثقيلا عسيرا، فتزودوا لذلك اليوم وخذوا له أهبته، فليس هناك إلا فريقان: فريق السعادة وفريق الشقاء، يسعد أناس ويشقى آخرون، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
المشاهدات 2829 | التعليقات 0