ارفع همتك في نصرة نبيك
شعيب العلمي
1436/04/01 - 2015/01/21 08:49AM
عناصر الخطبة : فضل النبي صلى الله عليه وسلم / فضل كذاك الفضل يستوجب نصرته إذا أوذي / سبب الدعوة إلى النصرة / محاسبة النفس على ترك النصرة / مظاهر النصرة الحقيقية .
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله نعم، إنّ خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ّ، بل إنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذاته خير البريّة وأطهر البشرية ، لا تحصَى فضائله كثرة، ولا تعدّ مزاياه وفرة ، ما من صفة كمال إلا اتّصف بها، ولا قبيحة إلا وبرأ منها .
زكّى الله تعالى عقله فقال: [مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى]،
وزكّى لسانه فقال: [وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى]،
وزكّى شرعه فقال: [إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى]،
وزكّى معلِّمه فقال: [عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى]،
وزكّى قلبه فقال: [مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى]،
وزكّى بصره فقال: [مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى]،
وزكّاه كلَّه فقال: [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ]،
نعته ربّه بالرّسالة فقال: [مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ]،
وناداه بالنّبوة فقال:[يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ]،
وشرّفه بالعبودية فقال:[سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ].
شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وأتمّ أمره، وأكمل دينه، وبرّ يمينه.
فهو منّة الله على هذه الأمّة، أوّل من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل جنّة الخلد ، له المقام المحمود، والحوض المورود ، بعث الله كلّ نبي إلى قومه خاصّة، وبعثه إلى الثّقلين: الإنس والجنّ عامّة، رسالته خاتمة الرسالات ، وبها بدّد الله جميع الظلمات، فهدى به من الضّلالة، وعلّم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، فتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا .
فرسولكم ـ أيها المباركون ـ شامة في جبين التاريخ، ما أشرقت شمس ولا غربت على أطهرَ منه نفسًا، ولا أزكى منه سيرة، ولا أسخى منه يدا، ولا أبرَّ منه صلة، ولا أصدقَ منه حديثًا، ولا أشرف منه نسبًا، ولا أعلى منه مقامًا، جمع الله له بين المحامد كلّها فكان محمّدًا، وأعلى قدره على الخلائق جلّها فكان سيّدًا .
قال عنه حسان بن ثابت رضي الله عنه :
وقال هو عن نفسه ﷺ: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)
وفوق هذا وذاك قال الحقّ سبحانه تعالى وعنه :[وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ].
فرجل هذا قدره وفضله وهذا وصفه ونعته : أين نحن من اتّباعه والاقتداء به؟ وأين نحن من أحاديثه وسيرته؟! وأين نحن من هديه وسنّته؟! بل أين نحن من نصرته والدّفاع عنه؟ أين نحن من نصرته والدفاع عنه؟أين نحن من نصرته والدفاع عنه؟ أقولها وأردّدها ثلاثا وأكثر ، على إثر مُسَلْسَل الأَكَاذِيبِ والافتراء، والسّخرية وَالاسْتِهْزَاء، بِأعظم جَنَابِ، وخير من وطئ التّراب ﷺ، هذا المسلسل الذي بَدَأَهُ الكُفَّارُ وَالمُشْرِكُونَ إِبَّانَ البِعْثَةِ النّبوية؛ فوصَفُوهُ بِالجُنُونِ وَالسِّحْرِ، وَالكِهَانَةِ وَالشِّعْرِ، لَمَزُوهُ فِي عِرْضِهِ، غَمَزُوهُ فِي أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ .
وللأسف لا تزال حلقات هذا المسلسل السّخيف من الأذية والاستهزاء والسّخرية، بإمام النبيين، وخاتم المرسلين، وقائد الغر المحجلين، تتوالى وتتابع إلى عصرنا هذا لكن هذه المرّة من أرباب الحضارة والتّقدم زعموا ، بل من حثالة قوم في ظلمات الشهوات قبعوا، وفي شبهات الكفر غرقوا، وَالتِي كَانَ مِنْ آَخِرِهَا هَذِهِ الحَمْلَةُ النَّصْرَانِيَّةُ السَّافِرَةُ من الاستهزاءات بخير البريّة ، فمرة برسومات قبيحة من قلوب حاقدة فياويلهم، ومرة بمقالات سمجة بأقلام جارحة فيا ويحهم، وفي أخرى بأفلام ساقطة وقحةٌ وقاحة الكفر وأهله، [كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ] الآية .
يَتَطَاوَلُونَ مِنْ خِلاَلِهَا عَلَى جَنَابِ المُصْطَفَى الرَّفِيعِ وَدِينِهِ البديع، بِطَرِيقَةٍ هَمَجِيَّةٍ تحت المظلّة العفنة مظلة حريّة التعبير؛ فأين حقوق الإنسان التي عنها يدافعون؟!
وأين الحضارة والأخلاق التي يدّعون؟!
أين المبادئ والقيم التي بها يتبجحون؟! قَاتَلَهُمْ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، قال ربّكم تبارك وتعالى :[ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَر قد بينّا لكم الآيات إن كنتم تعقلون] .
لقد كان هؤلاء الأنجاس الأرجاس ، في عافية من دنياهم، وانهماك في شهواتهم، قبل أن يتعمّدوا الاستهزاء بالرّسول ﷺ، ولكنّهم بتطاولهم على المصطفى الأمين قد أدخلوا أنفسهم في الوعيد المهين، المسطّر في القرآن المبين: [إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ] أي :إنّ مبغضك هو المقطوع، ليبقى كل شانئٍ للنّبي ﷺ، وكلّ معارض لدينه هو الأبتر المقطوع المنبوذ، وَهَذا وُعدٌ ثَابِت صَادِق مِنَ اللهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ وَخَلِيلِهِ - ومن أصدق من الله قيلا - أَن لاَّ يَضُرَّهُ استهزاء المُسْتَهْزِئينَ، وأنّ الدائرة على المناوئين، وما مثل هؤلاء إلا كمثل ألف كنّاسٍ اجتمعوا في موضعٍ يثيرون الغبارَ بمكانسهم ليحجبوا ضياء الشمسِ فما يسقط الغبار في النهاية إلا على رؤوسهم .
أَينَ أَبُو لَهَبٍ؟ أم أين أَبُو جَهْلٍ؟وأين َالوَلِيدُ بنُ المُغِيرَةِ وَالعَاصِ بنُ وَائِلٍ وَصَنَادِيدُ الكُفْرِ وَالشِّرْكِ الذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِﷺ فَاسْتَهْزَؤُوا بِهِ وَنَاصَبُوهُ العِدَاءَ؟! [إنّا كفيناك المستهزئين]
أَينَ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالمُنَافِقُونَ الذِينَ حَارَبُوهُ وَكَذَّبُوهُ وَطَعَنُوا فِي عِرْضِهِ وَأَهْلِهِ وَاسْتَهْزَؤُوا بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ وَدِينِهِ؟![إنّا كفيناك المستهزئين]
بَلْ أَينَ الأَكَاسِرَةُ وَالقَيَاصِرَةُ وَأَعْدَاؤُهُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ؟! هَلْ بَقِي لَهُمْ نَسْلٌ وَعَقِبٌ وَذِكْرٌ؟! كَلاَّ وَاللهِ، لَقَدْ هَلَكُوا جَمِيعًا، وَقُتِلُوا شَرَّ قِتْلَةٍ، قَطَعَ اللهُ نَسْلَهُمْ، غمَرَتْهُمُ الأَرْضُ، وَلَحِقَتْهُمُ اللَّعْنَةُ، وَبَاؤُوا بِثِقيلِ التَّبِعَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ، وَبَقِي ذِكْرُهُ ﷺ عَلَمًا راسخا، وَعَقِبُهُ ﷺ مُتَتَابِعًا شامخا، والأيام بيننا وبين هؤلاء المبطلين المستهزئين، لنرى فيهم من الله سوء العاقبة، قال الله سبحانه: [إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا] وفي الصحيح عن النبي ﷺ قال: ((يقول الله تعالى: من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة)) فكيف بمن عادى وليّ الأولياء وخاتم الأنبياء ؟!
عباد الله : ألا إن الخوف ليس على رسول الله ﷺ فلقد علمتم أنّ الله تعالى قد تكفّل بعصمته ﷺ كما قال تعالى : [ والله يعصمك من النّاس ]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ : ((ألا ترونَ كيف يَصْرِفُ الله عنِّي شَتْمَ قريشٍ ولعنَهم؟! يشتمون مُذَمَّمًا، ويلعنون مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّدٌ)) .
إنما الخوف ـ أيها المباركون ـ على أنفسنا، التي ما أصبحت تتحرّك غيرة على دين الله،
إنّما الخوف على قلوبنا التي ما أضحت تهتزّ نصرة لرسول الله، فأنّى تطيب لنا حَياةٌ، وأنّى نؤمِّل نصرًا أو نجاةً، ولم نتقحم لنصرةِ الهادي الحبيب لجَّةً ولا فَلاة؟!
فيا عبد الله : اسأل نفسك اليوم قبل أن تُسأل غدا وقل لها: ماذا قدّمتِ لنصرةِ المصطفى الحبيب المختار؟!
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله نعم، إنّ خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ّ، بل إنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذاته خير البريّة وأطهر البشرية ، لا تحصَى فضائله كثرة، ولا تعدّ مزاياه وفرة ، ما من صفة كمال إلا اتّصف بها، ولا قبيحة إلا وبرأ منها .
زكّى الله تعالى عقله فقال: [مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى]،
وزكّى لسانه فقال: [وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى]،
وزكّى شرعه فقال: [إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى]،
وزكّى معلِّمه فقال: [عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى]،
وزكّى قلبه فقال: [مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى]،
وزكّى بصره فقال: [مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى]،
وزكّاه كلَّه فقال: [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ]،
نعته ربّه بالرّسالة فقال: [مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ]،
وناداه بالنّبوة فقال:[يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ]،
وشرّفه بالعبودية فقال:[سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ].
شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وأتمّ أمره، وأكمل دينه، وبرّ يمينه.
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت مثل الرسول نبيّ الأمّة الهادي
فهو منّة الله على هذه الأمّة، أوّل من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل جنّة الخلد ، له المقام المحمود، والحوض المورود ، بعث الله كلّ نبي إلى قومه خاصّة، وبعثه إلى الثّقلين: الإنس والجنّ عامّة، رسالته خاتمة الرسالات ، وبها بدّد الله جميع الظلمات، فهدى به من الضّلالة، وعلّم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، فتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا .
فرسولكم ـ أيها المباركون ـ شامة في جبين التاريخ، ما أشرقت شمس ولا غربت على أطهرَ منه نفسًا، ولا أزكى منه سيرة، ولا أسخى منه يدا، ولا أبرَّ منه صلة، ولا أصدقَ منه حديثًا، ولا أشرف منه نسبًا، ولا أعلى منه مقامًا، جمع الله له بين المحامد كلّها فكان محمّدًا، وأعلى قدره على الخلائق جلّها فكان سيّدًا .
قال عنه حسان بن ثابت رضي الله عنه :
وأحسن منك لم تر قطّ عيني*** وأفضل منك لم تلد النساء
خلِقت مبرّأً مـن كلّ عيب ***كأنك قد خلقت كما تشاء
خلِقت مبرّأً مـن كلّ عيب ***كأنك قد خلقت كما تشاء
وقال هو عن نفسه ﷺ: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)
وفوق هذا وذاك قال الحقّ سبحانه تعالى وعنه :[وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ].
فرجل هذا قدره وفضله وهذا وصفه ونعته : أين نحن من اتّباعه والاقتداء به؟ وأين نحن من أحاديثه وسيرته؟! وأين نحن من هديه وسنّته؟! بل أين نحن من نصرته والدّفاع عنه؟ أين نحن من نصرته والدفاع عنه؟أين نحن من نصرته والدفاع عنه؟ أقولها وأردّدها ثلاثا وأكثر ، على إثر مُسَلْسَل الأَكَاذِيبِ والافتراء، والسّخرية وَالاسْتِهْزَاء، بِأعظم جَنَابِ، وخير من وطئ التّراب ﷺ، هذا المسلسل الذي بَدَأَهُ الكُفَّارُ وَالمُشْرِكُونَ إِبَّانَ البِعْثَةِ النّبوية؛ فوصَفُوهُ بِالجُنُونِ وَالسِّحْرِ، وَالكِهَانَةِ وَالشِّعْرِ، لَمَزُوهُ فِي عِرْضِهِ، غَمَزُوهُ فِي أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ .
وللأسف لا تزال حلقات هذا المسلسل السّخيف من الأذية والاستهزاء والسّخرية، بإمام النبيين، وخاتم المرسلين، وقائد الغر المحجلين، تتوالى وتتابع إلى عصرنا هذا لكن هذه المرّة من أرباب الحضارة والتّقدم زعموا ، بل من حثالة قوم في ظلمات الشهوات قبعوا، وفي شبهات الكفر غرقوا، وَالتِي كَانَ مِنْ آَخِرِهَا هَذِهِ الحَمْلَةُ النَّصْرَانِيَّةُ السَّافِرَةُ من الاستهزاءات بخير البريّة ، فمرة برسومات قبيحة من قلوب حاقدة فياويلهم، ومرة بمقالات سمجة بأقلام جارحة فيا ويحهم، وفي أخرى بأفلام ساقطة وقحةٌ وقاحة الكفر وأهله، [كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ] الآية .
يَتَطَاوَلُونَ مِنْ خِلاَلِهَا عَلَى جَنَابِ المُصْطَفَى الرَّفِيعِ وَدِينِهِ البديع، بِطَرِيقَةٍ هَمَجِيَّةٍ تحت المظلّة العفنة مظلة حريّة التعبير؛ فأين حقوق الإنسان التي عنها يدافعون؟!
وأين الحضارة والأخلاق التي يدّعون؟!
أين المبادئ والقيم التي بها يتبجحون؟! قَاتَلَهُمْ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، قال ربّكم تبارك وتعالى :[ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَر قد بينّا لكم الآيات إن كنتم تعقلون] .
لقد كان هؤلاء الأنجاس الأرجاس ، في عافية من دنياهم، وانهماك في شهواتهم، قبل أن يتعمّدوا الاستهزاء بالرّسول ﷺ، ولكنّهم بتطاولهم على المصطفى الأمين قد أدخلوا أنفسهم في الوعيد المهين، المسطّر في القرآن المبين: [إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ] أي :إنّ مبغضك هو المقطوع، ليبقى كل شانئٍ للنّبي ﷺ، وكلّ معارض لدينه هو الأبتر المقطوع المنبوذ، وَهَذا وُعدٌ ثَابِت صَادِق مِنَ اللهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ وَخَلِيلِهِ - ومن أصدق من الله قيلا - أَن لاَّ يَضُرَّهُ استهزاء المُسْتَهْزِئينَ، وأنّ الدائرة على المناوئين، وما مثل هؤلاء إلا كمثل ألف كنّاسٍ اجتمعوا في موضعٍ يثيرون الغبارَ بمكانسهم ليحجبوا ضياء الشمسِ فما يسقط الغبار في النهاية إلا على رؤوسهم .
كناطحٍ صخرةً يومًا ليوهنَها / فلم يضِرْها وأوهى قرْنَهُ الوَعِلُ
وَهَذَا التَّارِيخُ بِعِبَرِهِ وَأَحْدَاثِهِ، شَاهِدٌ لاَ يَكْذِبُ، بإِنَّهُ مَا تَظَاهَرَ أَحَدٌ بِمُعَادَاةِ رَسُولِ الهُدَى وَالاسْتِهْزَاءِ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَهْلَكَهُ اللهُ تَعَالَى وَأَذَلَّهُ وَخَذَلَهُ وَأَمَاتَهُ شَرَّ مِيتَةٍ وَبَتَرَ نَسْلَهُ وَقَطَعَهُ .أَينَ أَبُو لَهَبٍ؟ أم أين أَبُو جَهْلٍ؟وأين َالوَلِيدُ بنُ المُغِيرَةِ وَالعَاصِ بنُ وَائِلٍ وَصَنَادِيدُ الكُفْرِ وَالشِّرْكِ الذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِﷺ فَاسْتَهْزَؤُوا بِهِ وَنَاصَبُوهُ العِدَاءَ؟! [إنّا كفيناك المستهزئين]
أَينَ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالمُنَافِقُونَ الذِينَ حَارَبُوهُ وَكَذَّبُوهُ وَطَعَنُوا فِي عِرْضِهِ وَأَهْلِهِ وَاسْتَهْزَؤُوا بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ وَدِينِهِ؟![إنّا كفيناك المستهزئين]
بَلْ أَينَ الأَكَاسِرَةُ وَالقَيَاصِرَةُ وَأَعْدَاؤُهُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ؟! هَلْ بَقِي لَهُمْ نَسْلٌ وَعَقِبٌ وَذِكْرٌ؟! كَلاَّ وَاللهِ، لَقَدْ هَلَكُوا جَمِيعًا، وَقُتِلُوا شَرَّ قِتْلَةٍ، قَطَعَ اللهُ نَسْلَهُمْ، غمَرَتْهُمُ الأَرْضُ، وَلَحِقَتْهُمُ اللَّعْنَةُ، وَبَاؤُوا بِثِقيلِ التَّبِعَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ، وَبَقِي ذِكْرُهُ ﷺ عَلَمًا راسخا، وَعَقِبُهُ ﷺ مُتَتَابِعًا شامخا، والأيام بيننا وبين هؤلاء المبطلين المستهزئين، لنرى فيهم من الله سوء العاقبة، قال الله سبحانه: [إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا] وفي الصحيح عن النبي ﷺ قال: ((يقول الله تعالى: من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة)) فكيف بمن عادى وليّ الأولياء وخاتم الأنبياء ؟!
عباد الله : ألا إن الخوف ليس على رسول الله ﷺ فلقد علمتم أنّ الله تعالى قد تكفّل بعصمته ﷺ كما قال تعالى : [ والله يعصمك من النّاس ]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ : ((ألا ترونَ كيف يَصْرِفُ الله عنِّي شَتْمَ قريشٍ ولعنَهم؟! يشتمون مُذَمَّمًا، ويلعنون مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّدٌ)) .
إنما الخوف ـ أيها المباركون ـ على أنفسنا، التي ما أصبحت تتحرّك غيرة على دين الله،
إنّما الخوف على قلوبنا التي ما أضحت تهتزّ نصرة لرسول الله، فأنّى تطيب لنا حَياةٌ، وأنّى نؤمِّل نصرًا أو نجاةً، ولم نتقحم لنصرةِ الهادي الحبيب لجَّةً ولا فَلاة؟!
فيا عبد الله : اسأل نفسك اليوم قبل أن تُسأل غدا وقل لها: ماذا قدّمتِ لنصرةِ المصطفى الحبيب المختار؟!
إنّا ليؤلِمُنا تطاوُلُ فـاجرٍ ملأت مشاربَ نفسه الأقذارُ
ويزيدنا ألمًا تَخـاذلُ أمّةٍ يشكو اندِحارَ غثائها الْمليارُ
ويزيدنا ألمًا تَخـاذلُ أمّةٍ يشكو اندِحارَ غثائها الْمليارُ
قل لي بربّك أي لذة تجدها في الحياة، يوم يُنال من مقام محمد ﷺ ثم لا تنتصر له ؟
قل لي بربّك أي إسلام وإيمان تدعيه حين تسمع استهزاء بنبيك ﷺ ولا تهب ّ للدّفاع عنه ؟!
قل لي بربّك أي حبّ للنّبي ﷺ تزعمه حين ترى سخرية برسولك فلا تذود عن حياضه ؟
لماذا نغمض أعيننا ونصم آذاننا ونبكم أفواهنا، كأن الأمر لا يعنينا؟! وهومن هو: رسولنا وقائدنا وقرة أعيننا؟؟
ألا فجفّت أقلام وشُلّت سواعد وقطعت ألسن امتنعت عن الدفاع عن النبي والذود عن حرمته .
......
الخطبة الثانية :
الحمد لله ......
ومن العجائب والعجائب جمّة ـ عباد الله ـ أن تقيم الدنيا ولا تقعدها غضبا ًمن أجل أنّ أحدا سبّك أو سبّ أمك أوأباك أو قدح في عشيرتك أوعرضك ؟ ثمّ أنت لا تقيم وزنا لسخرية تسمعها في رسول الله ، ولا يهتز قلبك، وتشمزأ نفسك غيرة لاستهزاء في نبي الله ، ولاتتحرك جوارحك نصرة لحبيب الله !!
ألا تعلم أنّ الله جل وعلا جعل محبته مقدمة على النفس والولد والمال والأهل والعشيرة، قال الله تعالى: [قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ]، واسمعوا إلى حديث نبيكم إذ يقول : ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) رواه البخاري .
يا أحباب رسول الله ـ إن نصرةَ نبيكم ليست مجرد دعاوى تُنشر، ولا عواطفَ وانفعالات تُبّثّ وتُنثر، كلاّ، فلن يغنِيَنا صَفّ الحروف وذرف الدموع إذا لم نأمر وفق المعروف وننكر المنكر . فإنّ من تمام محبّته والإيمان به إنّ نصرته كما قال تعالى :[لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ]. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:"التعزير اسم جامع لنَصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه " اهـ
ثمّ إنّ من تمام النصرة الحقيقيّة إنّما هي في اتِّباع هديه وسنّته ﷺواقتفاء سَنَنه ومحجّته وعَدم مخالفته.
من أجلكم أيها الناس : قد بلغ هذا الرجل العظيم والنبي الكريم الرسالة أحسن بلاغ، وأدى الأمانة، ونصح الأمة أبلغ أداء، وجاهد في الله حق جهاده. آذاه قومه فصبر ليبلّغ هذه الرسالة إليكم ، ذهب إلى الطائف على قدميه يعرض الإسلام على قبائلها، فأغرَوا به صبيانهم، وأدمَوا قدميه وهو صابر في سبيل الدعوة، يعرض نفسَه على القبائل فتطرده فلا يثنيه ذلك شيئا، أصحابه يعذّبون في حرّ الهجير وهم يستغيثون بالله تعالى في سبيل هذا الدين، يؤمَر بالهجرة فيخرج من بلده مكّة ويقف على شفير خارج مكة ويقول:(( والله إنك لأحب البقاع إلى الله، ووالله إنك لأحب البقاع إليّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني ما خرجت)) ، يشجّ رأسه يوم أحد، وتكسر رباعيته، ويتكالب الأعداء على قتله يوم الخندق، فيحزّبون الأحزاب طلبا لرأسه، ويدسّ له اليهود السمّ، ويحاولون قتله أكثر من مرّة، لكن ذلك لا يثني من عزيمته لنشر هذا الدين، حتى يصل إليكم ، حتى بلغ الإسلام مشارقَ الأرض ومغاربها ، وكنت أنت أيها العبد مسلما، فلولا الله ثم ّ رسوله الله لكنت في ظلمات الشرك والكفر تتخبط مع المتخبّطين ،
فهلاّ رددت لنبيّك شيئا من الجميل الذي أسداه لك بنصرته والذب عنه ونشر دينه ؟؟ .
عِبَادَ اللهِ: إِنَّهُ لَيسَ لَدَى المُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ رَبِّهِمْ وَنَبِيِّهِمْ وَدِينِهِمْ، إِنَّهُ لَيسَ لَدَى المُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ رَبِّهِمْ وَنَبِيِّهِمْ وَدِينِهِمْ، وَإِنَّ حُبَّهُ وَالدِّفَاعَ عَنْهُ لَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُفَاخِرُ بِهِ المُسْلِمُونَ وفيه يتسابق المتسابقون ،بل هو سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة ألم تسمعوا قول ربكم جل وعلا : [فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ] .
وَإِنَّ الوَاجِبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَادِقٍ فِي إِسْلاَمِهِ وَإِيمَانِهِ؛ أَنْ يَفْدِيَ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِكُلِّ مَا لَدَيهِ مِنْ أَهْلٍ وَوَلَدٍ وَمَالٍ ووقت، بَلْ حَتَّى بِنَفْسِهِ التِي بَينَ جَنْبَيهِ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ مُمْكِنَةٍ، وَأَنْ يَرُدَّ عَلَى هَؤُلاَءِ المُعْتَدِينَ عَلَى عِرْضِ أَزْكَى البَشَرِيَّةِ على وفق ما خوّل له الشّرع الحنيف، وَيَنْتَصِرَ لَهُ .
أيها المباركون: قَاطِعَوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى قاطعوا أفكارهم ومعتقداتهم الباطلة ، قاطعوا عاداتهم وتقاليدهم التّافهة .
أيها الشباب :كفاكم تشبّها واغترارا بهم ، كافكم تقليدا وواعتزازا بهم ، كفاكم لهوًا وغفلة وتخاذلاً وجدوا في نصرة نبيّكم .
أيتها الأخوات المسلمات الفضليات : انصرن نبيّكنّ وسنّتَه بالتمسّك بالحجاب والحِشمة والعفاف، والحَذر من التبرج والسفور والاختلاط المحرّم ومكائد التغريب ودعاوى الإسفاف .
أيها الآباء : أشيعوا توقير الرّسول ﷺ في قلوب أبنائكم .
أيّتها الأمهات أرضعن أولادكنّ محبّة رسول الله ﷺ في نفوس أولاكن ّ.
أيها المعلمون خصصوا من بعض حصَصهم لسيرته العطرة ، وعظموا النبي في قلوب طلبتكم.
سيروا مع علمائكم ودعاتكم للخير والزموه، قدموا أموالكم ووقتكم للدين وبالأرواح افدوه وانصروه، عيشوا بالإسلام وللإسلام، وإيّاكم أن تفضّلوا الدّنيا الفانية وزينتها على الآخرة الباقية ونعيمها.
تعلموا دينكم واعملوا به، وادعو إليه واصبر على الأذى فيه ، وستجدون كيف أنّ الدّنيا ـ كلّ الدّنيا ـ ستقف تحت أقدامكم خاضعة ذليلة . اقهروا شهواتكم بلذة الطاعة، أذيبوا ببركة الأخوة الشحناء من قلوبكم.
وليكن شعارك أيها المبارك من اليوم بل من هذه الساعة :
اللهم إنّا نشهدك بحبّنا لك، أن تكتب لنا وقفة صادقة مع نبيك ﷺ ودينك، وأن تستخدمنا في نشره والدعوة إليه والذود عنه ، اللهم إنا نبرأ إليك مما فعل الشانئون بجناب نبيك وصفيّك ﷺ ، ونبرأ إليك مما فعل الشانئون بجنابك ، اللهم إنهم قد آذونا في نبينا وحبيبنا وقدوتنا وأسوتنا ﷺ ، كما آذنا بعض بني جلدتنا فيك ، فاللّهم إن كان في سابق علمك أنهم لا يهتدون ولا يرعوون فاكفِ المسلمين شرورَهم، وانتقِم لهم منهم يا جبّار يا عزيز. إلَهَنا، انقطع الأمل إلا منك وخاب الرّجاء إلا فيك وضعف الاعتماد إلا عليك، فاللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد وعبادَك المؤمنين.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين...
قل لي بربّك أي إسلام وإيمان تدعيه حين تسمع استهزاء بنبيك ﷺ ولا تهب ّ للدّفاع عنه ؟!
قل لي بربّك أي حبّ للنّبي ﷺ تزعمه حين ترى سخرية برسولك فلا تذود عن حياضه ؟
لماذا نغمض أعيننا ونصم آذاننا ونبكم أفواهنا، كأن الأمر لا يعنينا؟! وهومن هو: رسولنا وقائدنا وقرة أعيننا؟؟
ألا فجفّت أقلام وشُلّت سواعد وقطعت ألسن امتنعت عن الدفاع عن النبي والذود عن حرمته .
......
الخطبة الثانية :
الحمد لله ......
ومن العجائب والعجائب جمّة ـ عباد الله ـ أن تقيم الدنيا ولا تقعدها غضبا ًمن أجل أنّ أحدا سبّك أو سبّ أمك أوأباك أو قدح في عشيرتك أوعرضك ؟ ثمّ أنت لا تقيم وزنا لسخرية تسمعها في رسول الله ، ولا يهتز قلبك، وتشمزأ نفسك غيرة لاستهزاء في نبي الله ، ولاتتحرك جوارحك نصرة لحبيب الله !!
ألا تعلم أنّ الله جل وعلا جعل محبته مقدمة على النفس والولد والمال والأهل والعشيرة، قال الله تعالى: [قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ]، واسمعوا إلى حديث نبيكم إذ يقول : ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) رواه البخاري .
يا أحباب رسول الله ـ إن نصرةَ نبيكم ليست مجرد دعاوى تُنشر، ولا عواطفَ وانفعالات تُبّثّ وتُنثر، كلاّ، فلن يغنِيَنا صَفّ الحروف وذرف الدموع إذا لم نأمر وفق المعروف وننكر المنكر . فإنّ من تمام محبّته والإيمان به إنّ نصرته كما قال تعالى :[لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ]. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:"التعزير اسم جامع لنَصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه " اهـ
ثمّ إنّ من تمام النصرة الحقيقيّة إنّما هي في اتِّباع هديه وسنّته ﷺواقتفاء سَنَنه ومحجّته وعَدم مخالفته.
من أجلكم أيها الناس : قد بلغ هذا الرجل العظيم والنبي الكريم الرسالة أحسن بلاغ، وأدى الأمانة، ونصح الأمة أبلغ أداء، وجاهد في الله حق جهاده. آذاه قومه فصبر ليبلّغ هذه الرسالة إليكم ، ذهب إلى الطائف على قدميه يعرض الإسلام على قبائلها، فأغرَوا به صبيانهم، وأدمَوا قدميه وهو صابر في سبيل الدعوة، يعرض نفسَه على القبائل فتطرده فلا يثنيه ذلك شيئا، أصحابه يعذّبون في حرّ الهجير وهم يستغيثون بالله تعالى في سبيل هذا الدين، يؤمَر بالهجرة فيخرج من بلده مكّة ويقف على شفير خارج مكة ويقول:(( والله إنك لأحب البقاع إلى الله، ووالله إنك لأحب البقاع إليّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني ما خرجت)) ، يشجّ رأسه يوم أحد، وتكسر رباعيته، ويتكالب الأعداء على قتله يوم الخندق، فيحزّبون الأحزاب طلبا لرأسه، ويدسّ له اليهود السمّ، ويحاولون قتله أكثر من مرّة، لكن ذلك لا يثني من عزيمته لنشر هذا الدين، حتى يصل إليكم ، حتى بلغ الإسلام مشارقَ الأرض ومغاربها ، وكنت أنت أيها العبد مسلما، فلولا الله ثم ّ رسوله الله لكنت في ظلمات الشرك والكفر تتخبط مع المتخبّطين ،
فهلاّ رددت لنبيّك شيئا من الجميل الذي أسداه لك بنصرته والذب عنه ونشر دينه ؟؟ .
عِبَادَ اللهِ: إِنَّهُ لَيسَ لَدَى المُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ رَبِّهِمْ وَنَبِيِّهِمْ وَدِينِهِمْ، إِنَّهُ لَيسَ لَدَى المُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ رَبِّهِمْ وَنَبِيِّهِمْ وَدِينِهِمْ، وَإِنَّ حُبَّهُ وَالدِّفَاعَ عَنْهُ لَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُفَاخِرُ بِهِ المُسْلِمُونَ وفيه يتسابق المتسابقون ،بل هو سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة ألم تسمعوا قول ربكم جل وعلا : [فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ] .
وَإِنَّ الوَاجِبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَادِقٍ فِي إِسْلاَمِهِ وَإِيمَانِهِ؛ أَنْ يَفْدِيَ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِكُلِّ مَا لَدَيهِ مِنْ أَهْلٍ وَوَلَدٍ وَمَالٍ ووقت، بَلْ حَتَّى بِنَفْسِهِ التِي بَينَ جَنْبَيهِ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ مُمْكِنَةٍ، وَأَنْ يَرُدَّ عَلَى هَؤُلاَءِ المُعْتَدِينَ عَلَى عِرْضِ أَزْكَى البَشَرِيَّةِ على وفق ما خوّل له الشّرع الحنيف، وَيَنْتَصِرَ لَهُ .
أيها المباركون: قَاطِعَوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى قاطعوا أفكارهم ومعتقداتهم الباطلة ، قاطعوا عاداتهم وتقاليدهم التّافهة .
أيها الشباب :كفاكم تشبّها واغترارا بهم ، كافكم تقليدا وواعتزازا بهم ، كفاكم لهوًا وغفلة وتخاذلاً وجدوا في نصرة نبيّكم .
أيتها الأخوات المسلمات الفضليات : انصرن نبيّكنّ وسنّتَه بالتمسّك بالحجاب والحِشمة والعفاف، والحَذر من التبرج والسفور والاختلاط المحرّم ومكائد التغريب ودعاوى الإسفاف .
أيها الآباء : أشيعوا توقير الرّسول ﷺ في قلوب أبنائكم .
أيّتها الأمهات أرضعن أولادكنّ محبّة رسول الله ﷺ في نفوس أولاكن ّ.
أيها المعلمون خصصوا من بعض حصَصهم لسيرته العطرة ، وعظموا النبي في قلوب طلبتكم.
سيروا مع علمائكم ودعاتكم للخير والزموه، قدموا أموالكم ووقتكم للدين وبالأرواح افدوه وانصروه، عيشوا بالإسلام وللإسلام، وإيّاكم أن تفضّلوا الدّنيا الفانية وزينتها على الآخرة الباقية ونعيمها.
تعلموا دينكم واعملوا به، وادعو إليه واصبر على الأذى فيه ، وستجدون كيف أنّ الدّنيا ـ كلّ الدّنيا ـ ستقف تحت أقدامكم خاضعة ذليلة . اقهروا شهواتكم بلذة الطاعة، أذيبوا ببركة الأخوة الشحناء من قلوبكم.
وليكن شعارك أيها المبارك من اليوم بل من هذه الساعة :
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي…لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْهُمْ فِدَاءُ
وَلئن عَجَزَت عن أن تنطق بالحقّ وتدافع عن نبيّك وقدوتك فلم تعزره ولم تنصره ولم تذد عن عرضه فباطن الأَرْضِ خَيرٌ لَك مِنْ ظَهْرِهَا، وَأُفٍّ ثمّ أفّ عَلَى الحَيَاةِ وَلَذَّتِهَا إِذَا أُهِينَ إِمَامُنَا وَقُدْوَتُنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَفِي الأَرْضِ مُسْلِمٌ صَامِتٌ جَبَانٌ. بل أفّ ثم أف ثم أف على قوم للإيمان يدعون وللإسلام ينتسبون لم يتطاولوا على رسول الله نعم ، لكن تطاولوا على رب الأرض والسماء ولا يزالون ، ولا يسعني في هذا المقام الضيّق إلا أن أتلو على مسامع من ابتلي بهذا الجرم العظيم : سب ربّ العالمين قوله تعالى : [ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ]اللهم إنّا نشهدك بحبّنا لك، أن تكتب لنا وقفة صادقة مع نبيك ﷺ ودينك، وأن تستخدمنا في نشره والدعوة إليه والذود عنه ، اللهم إنا نبرأ إليك مما فعل الشانئون بجناب نبيك وصفيّك ﷺ ، ونبرأ إليك مما فعل الشانئون بجنابك ، اللهم إنهم قد آذونا في نبينا وحبيبنا وقدوتنا وأسوتنا ﷺ ، كما آذنا بعض بني جلدتنا فيك ، فاللّهم إن كان في سابق علمك أنهم لا يهتدون ولا يرعوون فاكفِ المسلمين شرورَهم، وانتقِم لهم منهم يا جبّار يا عزيز. إلَهَنا، انقطع الأمل إلا منك وخاب الرّجاء إلا فيك وضعف الاعتماد إلا عليك، فاللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد وعبادَك المؤمنين.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين...