اخترانا لكم مقالات عن (عيد الحب)
الفريق العلمي
عيد الحب …. لمن؟
النفوس بطبعها محبة لمناسبات الفرح والسرور الخاصة والعامة، ومن ذلك العيد، ورعاية لهذا الميل النفسي فقد جاءت شريعة الإسلام بمشروعية عيدي الفطر والأضحى؛ عيدين مشروعين في العام، وشرع الله فيهما من التوسعة وإظهار السرور ما تحتاجه النفوس، كما شرع للناس عيدا أسبوعيا وذلك يوم الجمعة، وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة المحمدية.
واذا التفتنا إلى ما عند الأمم الأخرى من الأعياد؛ فسنجد ان عندهم من الأعياد الشيء الكثير، فلكل مناسبة قومية عيد، ولكل فصل من فصول العام عيد، وللأم عيد وللعمال عيد وللزراعات عيد وهكذا، حتى يوشك الا يوجد شهر الا وفيه عيد خاص، وكل ذلك من ابتداعاتهم ووضعهم، قال الله تعالى(ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) ولهذا فإن مواعيدها تغيرت على مر السنين بحسب الأهواء السياسية والاجتماعية، ويقترن بها من الطقوس والعادات وأنواع اللهو ما يطول سرده، كما تذكر ذلك عنهم بالتفصيل الكتب المتخصصة.
ومن غرائب الأعياد في العالم اليوم أعياد الوثنيين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى والتي تنسب إلى آلهتهم وأحبارهم ورهبانهم، كعيد القديس (برثلوميو)، وعيد القديس (ميكائيل) وعيد القديس (اندراوس) وعيد القديس (فالنتاين) وهكذا، ويصاحب أعيادهم هذه مظاهر عديدة كتزيين البيوت، وإيقاد الشموع، والذهاب للكنيسة، وصناعة الحلوى الخاصة، والأغاني المخصصة للعيد بترانيم محددة، وصناعة الأكاليل المضاءة، وغير ذلك.
ثم صار من عادات الأمم الأخرى من غير المسلمين أن يقيموا عيداً سنوياً لكل شخص يتوافق مع يوم مولده، بحيث يدعى الأصدقاء ويصنع الطعام الخاص وتضاء شموع بعدد سني الشخص المحتفل به، إلى آخر ما هنالك، وقد قلدهم بعض المسلمين في هذا الابتداع!!.
وبعد ما تقدمت الإشارة إليه من تلك الأعياد لدى الأمم، فمن نافلة القول أن يتأكد المسلم أن أكمل الهدي وأفضل الشرع هو ما جاء به خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله سبحانه (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) كما أن جميع ما لدى الأمم الأخرى من تلك الأعياد بدعة وضلالة، فوق ما عندهم من الكفر بالله، قال الله تعالى(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
ولأهمية هذه المسألة وضرورة العناية بها ـ أعني ما تسرب إلى المسلمين من أعياد الكفار ومناسباتهم التي ينسبونها لدينهم ـ فقد كانت عناية الشرع بهذا الأمر بليغة ومؤكدة، فإن الله وصف عباده المؤمنين بمجانبة الكفار في أعيادهم وذلك قوله سبحانه (والذين لا يشهدون الزور).
فالمراد بالزور ـ الذي لا يشهده عباد الله المؤمنون ـ في هذه الآية هو: أعياد الكفار.
ثم إن الله شرع لعباده المؤمنين من الأعياد ما يستغنون به عن تقليد غيرهم، فقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: “قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما: يوم الفطر والأضحى”.
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم”.
ولنا أن نتوقف في الأسطر التالية مع عيد أخذه بعض المسلمين عن الكفار وقلدوهم فيه:ألا وهو ما يسمى “عيد الحب” ، هكذا يسميه بعض المسلمين والكفار، وأما اسمه الأصلي فهو يوم أو عيد القديس “فالنتاين” (VALENTINE,S DAY) وقد حدده النصارى في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير من العام الإفرنجي، لعقيدة محددة عندهم ليس هذا محل سردها.
وما كان لنا أن نقف أو نلتفت لهذا العيد فهو من جملة عشرات الأعياد عندهم، ولكن لوجود من تأثر به من المسلمين والمسلمات؛ فقد وجب أن يعرف إخواننا وأخواتنا ممن يحاول المشاركة فيه بقيامهم ببعض الطقوس الخاصة به، وهم لا يدرون أن هذا العيد وهو ما يسمى (عيد الحب) عيد ديني لها ارتباط وثيق بعقيدة النصارى، وهم ـ اعني النصارى ـ متخبطون في نسبته هل هو من ارثهم، أو من ارث الرومان الذين كان لهم من الآلهة ما يشتهون، فجعلوا للحب إلهاً على طريقتهم في الاعتداد بآلهة أخرى، كما لهم من الآلهة المزعومة للنور وللظلماء وللنبات وللأمطار وللبحار وللأنهار وهكذا.
ومن المظاهر والأمور التي يتعاطاها الكفار في الاحتفال بالعيد المذكور ـ عيد الحب ـ تأثرهم في لباسهم وما يتهادونه في ذلك اليوم من بطاقات، وبطاقات زهور، وورود باللون الأحمر الذي يرمزعندهم إلى مسلك منحرف محدد له صلته بالفحش، وهكذا الشأن في الحلوى والكعك وما يوضع عليها من مواد غذائية كل ذلك باللون الأحمر، ومن المظاهر الاحتفالية لديهم الكتابةعلى البطاقات بعبارات الغرام والهيام بين الشباب والفتيات، وكذا شراء تمثال أو دمية حمراء تمثل حيوان (الدب) وقد رسم عليه ما يمثل القلب، وكلمات الحب، ثم يباع بأسعار باهظة ليقدم كهدية ترمز للحب!!.
ومما زاد في انتشار هذه المظاهر وفشوها في عدد من بلاد الإسلام ما تقوم به كثير من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، وخاصة الفضائيات، من الدعاية لهذا المسلك بأساليب متعددة، حتى انطلى الأمر على البسطاء من الناس، ممن لا يملكون من الوعي الثقافي ما يحصنهم ضد هذه المسالك العوجاء،وخاصة الطلاب والطالبات في التعليم العام والعالي.
وفي ضوء ما تقدم فإننا نقف مع إخواننا وأخواتنا أهل الإسلام ممن يشارك في شيء من مظاهر الاحتفال الآنفة الذكر وقفة معاتبة، فنقول:
[*] إنكم اليوم يا من تحتفلون بهذا اليوم ـ عيد الحب وما شابهه ـ لحاجة في نفوسكم،ولكن الذي أظنه بكم بما عندكم من فطرة توحيدكم لله تعالى، إنكم لو علمتم الخلفيةالدينية لهذا الاحتفال وما فيه من رموز الابتداع أو الشرك بالله، والتظاهر بأن معه إلهاً آخر ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ لأدركتم فداحة خطئكم وشناعة توجهكم وتأثركم.
[*] ومما قرره أهل العلم: انه لا يجوز للمسلم أن يقبل أي إهداء أو طعام صنع لمناسبةعيد من أعياد الكفار، ولهذا فإن من المتعين على الآباء والأمهات أن يلاحظوا هذاالأمر على أولادهم، وخاصة إذا رأوا من بناتهم تخصيص اللباس الأحمر في ذلك اليومالبلايز والجاكيت والجوارب والأحذية، وهكذا لو طلبوا منهم شراء الورود والبطاقاتالخاصة بذلك اليوم، فيبينوا لهم حقيقة الأمر بأسلوب شرعي تربوي مقنع.
[*] كما أننا نعتب عتبا كبيرا على من يتاجر من المسلمين برموز الاحتفالات بأعيادالكفار باستيرادها أو تصنيعها، كالذين يتاجرون بالزهور وتوفيرها في ذلك اليوم علىصفة مخصوصة، أو أصحاب محلات الألعاب وتغليف الهدايا، فإن متجارتهم تلك ببيعهم ما يساعد على الاحتفال بأعياد الكفار ويتخذ ذريعة إليها، لا ريب انه من التعاون على الإثم والعدوان والمشاركة في نشر عقائد الكفار، وبحمد الله فإن لهم سعة وفسحة في غير ما يتخذ للاحتفال بأعياد الكفار لو أرادوا ذلك.
[*] ومما ينبغي أن ينبه إليه هنا أيضا ما يتوجب على حملة الفكر وأهل الإعلام منالمسلمين من قيامهم برسالتهم في حماية حياض الإسلام الفكرية من أن يعبث بها نظراؤهم ممن يكيد للإسلام وأهله.
ولنختم حديثنا هذا بفتوى شرعية للعلامة الجليل والفقيه الكبير الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ حيث سئل عن الاحتفال بما يسمى (عيد الحب) والمشاركة فيه، فأجاب رحمه الله:
الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:
الأول: انه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.
الثاني: انه يدعو إلى العشق والغرام.
الثالث: انه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم.
فلا يحل أن يُحْدَث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد، سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك.
وعلى المسلم أن يكون عزيزا بدينه، وان لا يكون إمعة يتبع كل ناعق.
أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وان يتولانا بتوليه وتوفيقه.
(انتهى كلام الشيخ محررا بيده)
وبما تقدم يُعلم (لمن عيد الحب؟) ذلك أن عيد الحب ليس من سنة الإسلام ولا هديه، ولكنه حصيلة ارتكاسات اجتماعية وتربوية لدى الكفار، وان من شارك في الاحتفال به من المسلمين فلهوى في نفسه، وبسبب الهزيمة النفسية وانتكاس الوعي الثقافي وضعف التحصين الشرعي لدى من أغرته نفسه بتقليد الكفار والتشبه بهم في تفاهاتهم وانحرافاتهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أي حب هذا ؟ !!!
تتلوث القلوب البيضاء باللون الأحمر كل عام في شهر فبراير بالتأريخ الميلادي مدعية الاحتفال بيوم خصصوه للحب، وكأن الحب اقتصر على هذا اليوم، وكأن الحب تم اختزاله في علاقات معينة بين الجنسين، أو حتى بين الوالد وولده أو بين الوالدة وولدها أو بين الأخ وأخيه متناسين أو متغافلين عن السؤال الأجدر بالتذكر، هل هذا الاحتفال حقاً يوافق الحب الحقيقي أم يخالفه وينافيه؟
علماً بأن لازم المحبة حب ما يحبه الحبيب وبغض ما يبغضه، فأين أنت من المحبة الحقيقية التي تتفرع عنها كل محبة وأين أنت من محبة ما يحب المحبوب الأعظم لقلوب المؤمنين؟!… هل وافق احتفالك محبته أم وافق ما يسخطه؟!
إذًا لنرجع سوياً إلى مفهوم الحب، ما هو الحب؟!، وكيف تكون المحبة؟!
قال ابن القيم -رحمه الله- : ” لا تُحَدُّ المحبةُ بحدٍّ أوضحَ منها؛ فالحدود لا تزيدها إلا خفاءً، وجفاءً، فحدُّها وُجُودُها، ولا توصف المحبة بوصفٍ أظهرَ من المحبة. وإنما يتكلم الناس في أسبابها، وموجباتها، وعلاماتها، وشواهدها، وثمراتها، وأحكامها ؛ فحدودهم، ورسومهم دارت على هذه الستة، وتنوعت بهم العبارات، وكثرت الإشارات بحسب إدراك الشخص، ومقامه، وحاله، ومِلْكِهِ للعبارة”.
ومما قيل في حد المحبة وتعريفها ما يلي:
1- الميل الدائم بالقلب الهائم.
2- إيثار المحبوب على جميع المصخوب.
3- موافقة الحبيب في المشهد والمغِيب.
4- مواطأة القلب لمرادات المحبوب.
5- استكثار القليل من جنايتك، واستقلال الكثير مـن طاعتـك.
6- سقوط كل محبة من القلب إلا محبة الحبيب.
7- ميلك للشيء بكليتك، ثم إيثارك له على نفسك، وروحك، ومالك، ثم موافقتك له سراً، وجهراً، ثم علمك بتقصيرك في حبه.
8- الدخول تحت رق المحبوب وعبوديته، والحرية من استرقاق ما سواه.
9- سفرُ القلب في طلب المحبوب، ولهجُ اللسان بذكره على الدوام.
10- المحبة أن يكون كُلُّكَ بالمحبوب مشغولاً، وذلُّك له مبذولاً.
وقد قسم العلماء المحبة إلى أقسام وأنواع:
قال ابن القيم رحمه الله موضّحا هذه المسألة:
“هنا أربعة أنواع من الحب يجب التفريق بينها وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينها:
أحدها: محبة الله ولا تكفي وحدها في النجاة من الله من عذابه والفوز بثوابه فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله.
الثاني: محبة ما يحب الله وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.
الثالث: الحب لله وفيه وهي من لوازم محبة ما يحب الله ولا يستقيم محبة ما يحب الله إلا بالحب فيه وله.
الرابع: المحبة مع الله وهى المحبة الشركية وكل من أحب شيئا مع الله لا لله ولا من أجله ولا فيه فقد اتخذه ندا من دون الله وهذه محبة المشركين.
وبقى قسم خامس ليس مما نحن فيه وهى المحبة الطبيعية وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه كمحبة العطشان لماء والجائع للطعام ومحبة النوم والزوجة والولد فتلك لا تذم إلا إن ألهت عن ذكر الله وشغلته عن محبته كما قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ) [سورة المنافقون: 9]، وقال تعالى: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ) [سورة النور: 37]” (الجواب الكافي 1/134).
وقال رحمه الله تعالى: “والفرق بين الحب في الله والحب مع الله وهذا من أهم الفروق وكل أحد محتاج بل مضطر إلى الفرق بين هذا وهذا؛ فالحب في الله هو من كمال الإيمان والحب مع الله هو عين الشرك، والفرق بينهما أن المحب في الحب تابع لمحبة الله فإذا تمكنت محبته من قلب العبد أوجبت تلك المحبة أن يحب ما يحبه الله، فإذا أحب ما أحبه ربه ووليه كان ذلك الحب له وفيه كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأولياءه لكونه تعالى يحبهم ويبغض من يبغضهم لكونه تعالى يبغضهم، وعلامة هذا الحب والبغض في الله أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حبا لإحسانه إليه وخدمته له وقضاء حوائجه، ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضا إذا وصل إليه من جهته من يكرهه ويؤلمه إما خطأ وإما عمداً، مطيعا لله فيه، أو متأولاً، أو مجتهداً، أو باغيا نازعا تائبا، والدين كله يدور على أربع قواعد هي حب وبغض وفعل وترك؛ فالحب والبغض يترتب عليهما فعل وترك فمن كان حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل الإيمان بحيث إذا أحب أحب لله، وإذا أبغض أبغض لله، وإذا فعل فعل لله، وإذا ترك ترك لل،ه وما نقص من أصنافه هذه الأربعة نقص من إيمانه ودينه بحسبه وهذا بخلاف الحب مع الله فهو نوعان يقدح في أصل التوحيد وهو شرك ونوع يقدح في كمال الإخلاص ومحبة الله ولا يخرج من الإسلام.
فالأول: كمحبة المشركين لأوثانهم وأندادهم، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) [سورة البقرة: 165]، وهؤلاء المشركون يحبون أوثانهم وأصنامهم وآلهتهم مع الله كما يحبون الله فهذه محبة تأله وموالاة يتبعها الخوف والرجاء والعبادة والدعاء، وهذه المحبة هي محض الشرك الذي لا يغفره الله ولا يتم الإيمان إلا بمعاداة هذه الأنداد وشدة بغضها وبغض أهلها ومعاداتهم ومحاربتهم، وبذلك أرسل الله جميع رسله وأنزل جميع كتبه وخلق النار لأهل هذه المحبة الشركية وخلق الجنة لمن حارب أهلها وعاداهم فيه وفي مرضاته؛ فكل من عبد شيئا من لدن عرشه إلى قرار أرضه فقد اتخذ من دون الله إلها ووليا وأشرك به كائنا ذلك المعبود ما كان ولا بد أن يتبرأ منه أحوج ما كان إليه.
والنوع الثاني: محبة ما زينه الله للنفوس من النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث؛ فيحبها محبة شهوة كمحبة الجائع للطعام والظمآن للماء؛ فهذه المحبة ثلاثة أنواع فإن أحبها لله توصلا بها إليه واستعانة على مرضاته وطاعته أثيب عليها وكانت من قسم الحب لله توصلاً بها إليه ويلتذ بالتمتع بها، وهذا حاله أكمل الخلق الذي حبب إليه من الدنيا النساء والطيب وكانت محبته لهما عونا له على محبة الله وتبليغ رسالته والقيام بأمره، وإن أحبها لموافقة طبعه وهواه وإرادته ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه بل نالها بحكم الميل الطبيعي كانت من قسم المباحات ولم يعاقب على ذلك، ولكن ينقص من كمال محبته لله والمحبة فيه وإن كانت هي مقصودة ومراده وسعيه في تحصيلها والظفر بها وقدمها على ما يحبه الله ويرضاه منه كان ظالما لنفسه متبعا لهواه.
فالأولى محبة السابقين، والثانية محبة المقتصدين، والثالثة محبة الظالمين” .أهـ من كلام ابن القيم -رحمه الله ورضي عن-.
إذًا أحبتي في الله فلنزن الآن هذا العيد وهذه الاحتفالات الموسومة بالحب في ميزان المحبة الحقيقي لنقف على كنهها هل هي بالفعل من الحب والمحبة فنفعلها أم من البغض والعداوة فنتركها؟
سئلت الجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: يحتفل بعض الناس في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير 14/2 من كل سنة ميلادية بيوم الحب (فالنتين داي – day valentine)، ويتهادون الورود الحمراء ويلبسون اللون الأحمر ويهنئون بعضهم وتقوم بعض محلات الحلويات بصنع حلويات باللون الأحمر ويرسم عليها قلوب وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم فما هو رأيكم:
أولاً: الاحتفال بهذا اليوم؟
ثانياً: الشراء من المحلات في هذا اليوم؟
ثالثاً: بيع أصحاب المحلات (غير المحتفلة) لمن يحتفل ببعض ما يهدى في هذا اليوم؟
فأجابت: “دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة -وعلى ذلك أجمع سلف الأمة- أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حَدَثٍ أو أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم لأن في ذلك تشبهاً بهم ونوع موالاة لهم وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) [صححه الألباني].
وعيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته، كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة المائدة: 2].
ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام رأساً، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته والثبات عليها فإنه لا هادي إلا الله ولا مثبت إلا هو سبحانه وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم” انتهى .
وفي النهاية يا أدعياء الحب أين أنتم من المحبة الحقيقية، أحب هذا ما تفعلون أم كره وبغضاء؟!
أين أنتم من منهج السماء، وفي ميزان العدل والحق ماذا يزن هذا العيد وأي قيمة لفعل المحتفلين به؟!
أيورث المحبة أم يورث البغض والعداوة لمن خلق الحب وأسكنه في قلوب العباد؟!
أعد التأمل واصدق مع نفسك وإن خدعت كل الناس…
اغتسل بماء الصدق وتوضأ بماء التقوى واركع بين يدي حبيبك الأعظم واسجد على سجادة الحب الإلهي وامح ذنبك بدموع الأمل.
الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله وسلم تسليماً كثيراً.. وبعد:
فيا أيها الأحبّة:
إن العين لتدمع .. والقلب ليحزن ويتفطّر.. عندما يُبصر الواحد منّا حال أمة الإسلام في وقتنا الحاضر…
فكيف تُرى يكون هذا الحال..؟!
يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( لتتبعنّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟! قال: فمَن ) [رواه البخاري ومسلم].
أجل أحبتي: تلك هي الحقيقة… وذلك هو الحال..!!
لقد فرَّط شبابنا وفتياتنا اليوم- إلا من رحم ربي- في ثوابت دينهم القِّيم.. ومضوا يسيرون دون وعي في دهاليز الضياع..!!
نعم.. ضاع شبابنا وفتياتنا حين فتحوا باب الاستيراد للقُدوات من خارج الحدود.. !!
ضاع شبابنا وفتياتنا حين تنكروا لتاريخهم.. وتَعَاظَم سُخفُهم.. وتزايد جَهلُهم بسَلَفِهم .. وقُدواتهم .. !!
ضاعوا – ويا له من ضياع – حين أسلموا قيادهم لليهود والنصارى فأصبحوا ألعوبتهم المفضّلة.. !!!
نعم أقولها وبمرارة.
أصبحوا ألعوبتهم المفضّلة…!!
كيف لا..؟!
وأنا أبصر مَن حولي: شيباً وشبَّاناً، صغاراً وكباراً، نساءً وفتيات، يسيل منهم اللّعاب لكل وافد جديد..!!
كيف لا.. ؟!
وقد أصبح تقليد العدوّ- أيّاً كان- هو التقدم والتمدُّن، وما سواه تخلف ورجعيّة…!!
إنّها الحقيقة.. يا من تبحثون عن الحقيقة..!!
حقيقة نبوءة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. حين حذَّر أمَّته جحر الضّب…!!
حقيقة انقياد الأمّة لأعداءها في أخصّ خصائصها.. وأعظم منسك من مناسكها…!!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- يرحمه الله-: “إن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه :{لِكل أمةٍ جَعلنا مَنسكاً هُم ناسِكوه} [الحج:67] كالقبلة والصلاة والصيام، بل الأعياد هي من أخصّ ما تتميّز به الشرائع”. انتهى.
ولأجل ذلك.. فقد أصبح لأمة الإسلام ببزوغ شمس هذا الدين أعيادها الخاصّة بها.. والتى لا تملك أمَّة من اُمم الأرض مشاركتها فيها…!!
ولا غرْو.. فالكل يعرف أن الإسلام قد منح معتنقيه عيدين عظيمين واحتفالين باهرين.. فليسو إذن بحاجة إلى غيرهما..
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه : قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر ) [رواه أبو داود].
ولكن… واأسفاه… !!
ها نحن نُبصر اليوم من شبابنا وفتياتنا من يلهث وراء أعياد الغرب.. واحتفالاته.. دون وعي أو إدراك…!!
عيد الأم، عيد رأس السنة، عيد الحب.. عيد الميلاد.. وغيرها كثير.. كانت ولا زالت أمثلة مؤلمة على ضياع خير أمة أُخرجت للناس.. !!
قد يستغرب البعض.. ولكن إلى كلِّ من استغرب وعلت وجهه الدهشة: “قلِّب عينيك فيم سيأتي واحكم بنفسك” ولنأخذ (عيد الحب) مثالاً على عيد عمَّت البلوى به وطمَّت.. وهاكم الوقائع التي تشهد بذلك..
· لفيف من البنات دخلن قاعات المحاضرات يوم (14) فبراير وقد ارتدت كل واحدة منهن ثوباً أحمر .. بعد أن وضعت مساحيق التجميل الحمراء، وبدأن يتبادلن الهدايا ذات اللون الأحمر .
هذا ما حدث في جامعة إسلامية في بلد إسلامي .. احتفالاً بعيد الحب..!!
في عاصمة دولة إسلامية، ارتفع سعر الورود في هذا اليوم بشكل جنوني فبلغ ثمن الوردة الواحدة (36) ريالاً بعد أن كان لا يتجاوز (5) ريالات فقط..!
نظمت العديد من المراكز التجارية والمطاعم والفنادق احتفالات خاصّة بمناسبة عيد الحب… وانتشرت البالونات والألعاب والدمى في تلك المحلات والمجتمعات … والعجيب أنّ جميعها تقع في بلدان إسلامية. [“مجلة الأسرة” عدد ذو الحجة رقم(81) لعام 1420هـ ].
أيها الأحبة: عندما نعرف القصة الكامنة وراء هذا العيد.. والأساس الوثني له .. نستطيع أن نُدرك- وبكلّ جلاء – ما يُراد بنا وبديننا من الهدم والتدمير…!!
لقد تعددت الروايات حول حقيقة هذا العيد- وهو عيد نصراني- إلى ثلاثة روايات أو أكثر.. وكلها تدور حول قسيس نصراني يدعى (فالنتاين) ثار في وجه الإمبراطور الروماني آنذاك حين منع عقد زواج بعدما لاحظ أن المتزوجين لا يذهبون للحرب..
فخالف فالنتاين أمره وظلّ يعقد الزيجات في كنيسته سراً حتى اكتشف أمره فسُجن.. وهناك وقع في غرام ابنة أحد حُراس السجن، وقبل أن يُعدم أرسل لها بطاقة مكتوباً عليها : “من المخلص فالنتاين” .. وذلك بعد أن تنصّرت- وكانت وثنية-مع (46) من أقاربها..
وبقي أن تعرفوا أحبتي أن هذا العيد ذو أساس وثني حيث أصبحت بعض البطاقات تحتوي على صورة طفل بجناحين يدور حول قلب الخبيبة وقد وجّه له سهماً…
أتدرون ما الذي يعنيه هذا الرمز…؟!
إن هذا الرمز .. وتلك الصورة.. إنما يُعبِّران عن (إله الحب) عند الرومانين الوثنين. [عن مطوية “عيد الحب: عيد القسيس فالنتاين”، بقلم: د.رقية المحارب، إصدار: دار القاسم (بتصرف) ].
إنه الداء الخبيث.. والذي يحتاج إلى استئصال سريع..!!
لقد أصيب الأكثرين من شبابنا وفتياتنا بمرض التقليد وخاصة لأولائك الذين تفوّقوا صناعياً.. وكانت الدنيا تحت أيديهم..!!
ولأجل ذلك.. كان من الواجب المحتم على كل فرد يُدرك أن لديه أدنى مسؤولية عن قيادة ركب الأمة إلى الأمام أن يسعى إلى توعية من حوله بأمر هذا العيد، وحقيقته.
وهنا.. تبقى النقطة الأخيرة.
إنها إطلالة مشرقة من نافذة الشرع المطهر لمعرفة حكم مثل هذا العيد ذي الأصل النصراني..!!
إن العيد مظهر من مظاهر الفرح يعتاده الناس في وقت معين، وهو أمر تعبُّدي يتزلّفون بإظهار هذا الفرح إلى الله تعالى.. فلا يجوز مشابهتهم في عباداتهم.
أجل أيها الأحبة.. ها هي ذي الحقيقة من كتاب الله .. وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعقيدة السلف الصالح.
لقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تنهى عن التشبه بالكفار وتبين أنهم في ضلال.. فمن تشبه بهم فقد قلّدهم في ضلالهم.
ومن أدلة تحريم التشبه بهم:
· يقول الله تعالى مادحاً عباده المؤمنين: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مَرُّوا باللَّغوِ مًرُّوا كِراماً) [الفرقان:72]..
قال مجاهد والضحّاك: ” الزور : أعياد المشركين”. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وهكذا سمَّى الله تعالى أعيادهم زوراً، ونهى عباد الرحمن من حضورها وشهودها، فإذا كان حضور أعيادهم ومشاهدتها لا تنبغي.. فكيف بمشاركتهم فيها والموافقة عليها” [“اقتضاء الصراط المستقيم” لابن تيمية (1/426-427) ].
حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (من تشبه بقوم فهو منهم) . قال شيخ الأسلام : “وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ” [“اقتضاء الصراط المستقيم” (1/241) ].
وبعد أحبتي: فتلك هي بعض نصوص الكتاب والسنة، ظاهرة المعنى جليّة الأحكام.. تُعلن في وضوح وصراحة أن من شابه الكفّار في أعيادهم فهو مثلهم ولا شك..
كما أنا هناك الكثير من الفتاوى التي أصدرها علماء الإسلام في بلاد الحرمين بشأن هذا الموضوع.. ودعونا نختار من بينها هذه الفتوى المتعلقة بـ(عيد الحب) والتي وردت إلى فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين يرحمه الله .
وإليكم نص الفتوى:
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فقد انتشرت في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب وهو عيد من أعياد النصارى.. يكون الزي كاملاً باللون الأحمر وكذلك الحذاء، ويتم تبادل الزهور الحمراء. نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم..
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:
الأول: أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.
الثاني: أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح -رضي الله عنهم- فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شئ من شعائر العيد سواءً كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك… وعلى المسلم أن يكون عزيزاً بدينه وأن لا يكون إمَّعة يتبع كل ناعق..
أسأل الله تعالى أن يُعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه..
كتبه/محمد الصالح العثيمين في (5/11/1420 هـ).
وختاماً.. أيها الأحبة: فهذه هي حقيقة عيد الحب.. وتلك أدلَّته وأحكامه..
أفيليق بعد ذلك بالمؤمن العاقل أن يتلقاه بالترحاب، ويبسط يديه لاستقباله..؟!!
أفيليق بحفيدات عائشة وخديجة وسمية أن يلهثن وراءه.. ويبحثن عن أوقاته..؟!
أعتقد أن الدين ما دام قد قال كلمته فليس لنا إلا السمع والطاعة.. والعودة والإنابة.. {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضللاً مبينا} [الأحزاب:36].
أسأل الله جل وعلا بمنّه وكرمه أن يمنّ علينا بنعمة منه توقظ قلوبنا… وتنير دروب الهدى لنا.. إنه سميع مجيب.. آمين.