احذر قواطع الطريق في رمضان !

رشيد بن ابراهيم بوعافية
1434/09/03 - 2013/07/11 03:55AM
[FONT="] احذر قواطع الطريق في رمضان ! [/FONT]
الحمد لله ربّ العالمين ، حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى ، نحمدُهُ سبحانه حمدَ الشاكرين الذاكرين ، بلّغَنا رمضان ، و يسّرَ لنا الصيام والقيام ، فله الحمدُ ظاهرًا وباطنًا ، في السرّ والإعلان ، و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أيقنت بها القلوب ، ونطقت بها الألسُن ، و خضعت لها الجوارِح ، و نشهد أنّ محمدًا عبدُ اللهِ و رسوله ، بلّغَ الرسالةَ و أتمّها ، وتركنا على محجّةٍ بيضاءَ نقيّة ، لا شرقيّة ولا غربيّة ، صلّى عليه اللهُ و آلهِ الطيّبين وصحابتِهِ و التابعين بإحسانٍ و سلّم ، ثم أما بعد:
أيها الإخوةُ في الله : حديثنا اليومَ تحذيرٌ من قطّاع الطرق في رمضان ، وهي الآفاتُ التي تعترضُ سبيلَ الصّائمِ وتقطَعُ لهُ سيرَهُ إلى اللهِ والجنّة ، وتسرقُ منه ما هو أعظمُ وأجلُّ من المتاعِ والدّرهمِ والدّينار ؛تسرقُ منه الأوقاتِ والحسناتِ التي هي أساسُ قافلةِ السّيرِ إلى الله والدّار الآخرة . . !
أيّها الإخوةُ في الله : رمضانُ سوقٌ من أسواقِ الآخرةِ في الأرض ، والأسواقُ إنّما أُعدّت للتجارةِ والرّبح ، وأوّلُ من وصفَ العبادَةَ بالتّجارَةِ ربُّنا سبحانه في القرآن الكريم ، استنهاضًا للهِمَمِ التي أَلِفت تجاراتِ الدّنيا وصفقاتِها حتّى تنهضَ في تجارةِ الآخرة وصفقاتِها، قال تعالى :]إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور/B][B] (فاطر29) . وقال تعالى :[/B][Bيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [ ( الصف : 10-11 ) ، فالإيمان بالله ورسوله والجهادُ في سبيل الله بالمال والنفس هي الثمنُ العاجِل ، والمغفرةُ ودخول الجنّات والمساكنِ الطيبّة هي السّلعُ الموعودةُ العاجلة ، وأكرِم بها من تجارة .
معشر المؤمنين : آفاتٌ تفسدُ التّجارة في رمضان ، وتقطعُ على الصّائمِ فرصَةَ الرّبح ، وتقعدُ به عن المنافسة ، بل وتسرقُ منه الثمنَ الذي يسومُ ويشتري به البضائعَ المعروضَةَ في سوق رمضان :
على رأسِ هذه الآفات " التلفاز " : التلفازُ في رمضان سوقٌ من أسواقِ أهلِ الدّنيا الرائِجة ، ولكنّها سوقٌ فاسدةٌ كاسدة ، تبيعُ السمومَ و تعرِضُ الأوهام ، تغتالُ الأنفاسَ والساعات ، وتذهبُ ببرَكَةِ الأوقات ، التلفازُ في رمضان أفسدَ على النّاسِ نهارَهم فشغلَهم عن التّجارَةِ الباقيَة التي لن تبُور ؛ تلاوةِ القرآن وغرسِ الأشجارِ في الجنّة ، وأفسدَ عليهم ليلَهم بالسّهراتِ الماجِنَة ، و التمثيليّات الهابِطة فشغلَهم عن دقائقِ الليل الغالية وما فيها من لذّة التعبّد والتهجّد .. !
حَقٌّ على الأسرةِ التي تُحبُّ الناصحين ،و تبتغي اللهَ والدّار الآخرة أن تودّعَ التلفازَ من هلالِ رمضان إلى هلالِ شوّال ، حتّى تشتغل بما هو أعظمُ وأجلُّ في سوقٍ أيّامُها معدودة ، و سِلعُها غاليةٌ لن تبور ..! .
ومن الآفات التي تقطعُ طريقَ المسافرِ في رمضان " النوم " : ولسنا نعني به النومَ المعتدِلَ الذي
يتقوّى به المسلمُ على الصّحوةِ و السّير ؛ إنّما نعني بهِ النّومَ الثقيلَ الطويل ، الذي يقتلُ الصّحوةَ ،
و يغتالُ المقصودَ من رمضان ، وتذهبُ به الأعمارُ هباءً منثورًا .
المقصودُ من الصيامِ - معشر المؤمنين - المجاهدةُ والمكابَدة ، والنومُ يُفرغُ رمضانَ من هذا المقصَدِ الجليلِ ويقتُلُ فيهِ هذا المعنى ، وكم من صائمٍ يفِرُّ من المواجهةِ والمكابدة بالنّوم ، و لا يذكُرُ من رمضانَ إلاَّ وقتَ السُّحورِ والفُطور ! ، فأينَ هي المجاهدة ،وأين هي حقيقةُ الصومِ في صومِه ؟! .
ومن الآفاتِ التي تقطعُ الطريقَ في رمضان "السّهَر " : وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم المسلمَ عن السّهرِ بعد صلاةِ العِشاءِ إلاّ فيما لابُدّ منه إصلاحِ دينٍ أو دنيا : عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما نام رسول الله rقبل العِشاء ولا سَمَرَ بعدها " ( صحيح : سنن ابن ماجه 702 ). وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :" جَدَبَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السَّمَرَ بعد العشاء " يعني زجرنا . النّاسُ للأسف يقتلون مقصودَ النّهار بالنوم ، ويغتالون مقصودَ الليل بالسّهر ، فمتى يصلُ إلى اللهِ جلّ جلالُه من هذا سيرُه وحالُه ؟! .
نسأل اللهَ التوفيق إلى ما يحب ويرضَى ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيمَ لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم .
الخطبة الثانية :
ومن هذه الآفات أيضًا : " كثرةُ الأكل والطعام " : فإنّ المقصودَ بالصيامِ شرعًا وعقلاً : تقويَةُ معاني الرّوحِ في الإنسان ، تخفيفُ ضغطِ الطينِ على الرّوح ، إراحةُ المعِدَة لترتاحَ الروح ، تربيةُ الإرادةِ و التحكُّمُ في الشّهوات ، فإذا كان العبدُ يعملُ في رمضانَ على عكسِ المقصودِ فقد مكّنَ للجسَدِ على حساب الرّوح ، واستحكمت عليه الشّهواتُ أكثر ، وبالتالي بارَت تجارتُه ، وخَسِرَ الصّفقةَ ، في سوقِ السّبقِ و المنافسَة !
أيها الإخوةُ في الله : ومن شرّ الآفات قضاءً على المقصود من الصيام إطلاق اللّسان : في الغيبة والنميمة ، والكذب والزور ، و السّباب والخصام ، و القيل والقال ، و في أعراض المسلمين ، كل هذا عنوانٌ على شقاء النفس ، و فقدان استقامة الدين ، و عدم كمال الإيمان ، وهو يعرّض بذلك صيامه للفساد و البطلان في المعنى ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من لم يَدَع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " ( صحيح : سنن أبي داود 2362 ) .
فاحفظوا ألسنتَكُم خاصّة في أزمنة الفتن و الاشتباه ، فإنّ أمورًا عصم الله منها أيديكم حقٌّ عليكم أن تحفظوا عنها ألسنتكم ، وإنَّ أطول الناس شقاءً وأعظمَهم بلاءً من ابتُلي بلسان منطلق زمان الفتن ، و إنَّ حفظَ المرءِ لسانَهُ خاصَّةً في الأعراض و أزمنة الفتن ؛ ، عنوانُ أدبه، وقوَّةِ دينِهِ وتميُّزِهِ و زكاءِ نفسه ، فإنَّ من تمَّ دينُهُ و عقلُهُ نقُصَ كلامُهُ وكثرُ استغفارُهُ واشتغالهُ بنفسِهِ وعيوبِها .
فاحذروا هذه القواطع - معشر المؤمنين- فإنَّها تذهب بالمقصود من الصيام .
نسأل الله السلامة والعافية ، ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضى :
اللهم إنا نسألك بأنّك أنت الله الذي لا إله إلا هو ، الخالق المالك المتصرف ، الأمر أمرك ، ولا يُهزَم جندُك ، ولا إله غيرك ، اللهم هذا شهرُ رمضان اجعلهُ بردًا وسلامًا على المستضعفين في الشام .
اللهم كن لهم عونًا ونصيرَا / اللهم فُكّ حصارهم ،و آمن روعاهم ، واستر عوراتهم ، وصُن أعراضَهم ونساءَهم يا ربَّ العالمين .
اللهم أجِب نِداءَهم /// و استجب دُعاءَهم /// اللهم اكتُب لهم نَصْرَك / وأسْعِفهم بجُندِك / وتوَلَّهم بقدرتك التي لا يعجزها شيء .
اللهم إنََّكَ ترى مكانَهم ، وتُبصرُ حالَهم ، قد خانهم القريب والبعيد ، فَفَرجْ كُربَتَهُم يا ربَّ المساكين ، و يا غياثَ المستغيثين / يا رب العالمين .
اللهم مُنزلَ الكتاب ، ومُجري السَّحاب / هازمَ الأحزابْ / أَنْزِل بأسك بالظالمين في بلاد الشام //// اللهم إنهم أسجَدُوا لهم العباد ، وصَبوا على المستضعفين سوطَ عذاب ، اللهم صُبَ عليهم من عندك صوت عذاب ، وخذهم نَكَالَ الآخرة والأولى ، /// أخذا أليمًا تشفي به صُدورَ قوم مؤمنين / يا جبار السموات والأرض / يا قويُّ يا عزيز . عزَّ جاهُك / وتقدَّست أسماؤُك .. يا رب... !
وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك .
المشاهدات 2676 | التعليقات 1

جزاك الله كل خير
ومبارك عليكم الشهر جعلكم الله ممن صامه وقامه ايمانا واحتسابا