احذروا الخوارج .. حادثة الزلفي

الحمد لله يكشف كربًا، ويغفر ذنبًا، ويغيث ملهوفًا، ويجبر كسيرًا، ويجير خائفًا، ويرسل بالآيات تخويفًا، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، عَلَتْ به أمته ذكرًا، وشرفت به قدرًا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

إخوة الإيمان والعقيدة ... اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعلموا أن نعمة الأمن والاستقرار نعمة عظيمة بعد نعمة الإسلام، ولا تقدر بثمن أبدًا، والضروريات الخمس "الدين والنفس، والعقل والمال، والعرض"، والتي اتفقت عليها الشرائع لا يمكن الحفاظ عليها إلا في رحاب الأمن وظله الوارف، وتحقيق الأمن لا يمكن أن يكون إلا في رحاب الإيمان وظله، هذه قاعدة شرعية معرفية ثمينة لا بد من غرسها في النفوس خاصة في نفوس الأجيال من أولادنا وشبابنا.

فها نحن نرى على هذه الأرض الطيبة ثمرات هذه القاعدة من أمن وإيمان، مما انعكس بفضل الله على المجتمع تماسكاً وتلاحماً قيادة وشعباً، ولا شك أن هذه النعمة العظيمة تُوجب علينا جميعاً شكرها والحفاظ عليها، وأن لا نسمح لكائن من كان أن يخرق سفينتنا وأن يسلب نعمتنا.

وقد اختص الله هذه البلاد المباركة بأن جعلها منبع الرسالة المحمدية، وجعل فيها حرمين شريفين آمنين، وجعلها منارة إشعاع لشمس الإسلام لتنير الأرض بنور الإسلام، وقد أفاض الله عليها خيرات حسان، ولا شك أن كل ذي نعمة محسود، فلا بد أن نكون أكثر إدراكاً ووعياً لما يُراد بنا وببلادنا وعقيدتنا.

فعقيدة الإسلام الصحيحة سبقت كل القوانين بمحاربة جريمة الإرهاب، وبيان خطورة الغلو والتكفير والإفساد والتدمير، ليس في حق المسلمين فقط، بل حتى في حق غير المسلم، ولا بد أن ندرك أن منبع الفتن هو: التنطع والتشدد الذي يقود إلى الغلو والتكفير، والذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ).

والغلو والتكفير يقود إلى إقصاء الآخرين ومعاداتهم، وربما قتلهم وإزهاق أرواحهم، والمصيبة أن يكون هذا باسم الدين والجهاد وطلب الجنة، سبحان الله! أيعقل أن تصل خفة العقول إلى هذا المستوى من تهميشها وتفخيخها وتسميم أفكارها؟! يا الله! إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )

ويكفي العاقل نذارة المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال ( لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْـلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ) فحرمة القتل والتدمير والتفجير وشناعتها دلت عليها الفطرة السليمة، لكنه الحسد والكيد لهذه البلاد، ولا نشك أن المقصود بهذا الفعل: اغتيال أمن هذا الوطن واستقراره، وجره وشبابه إلى الفتنة والتناحر والدم.

فهناك أيد عابثة وعقول حاقدة لن يقر لها قرار ولن يهدأ لها بال حتى تعبث بأمن هذه الأرض الطيبة وعقيدتها ودينها، لكن الله بالمرصاد، فاحفظوا الله يحفظكم، وتنبهوا لما يراد بكم، احذروا يا شباب فإن دين الله أبلج أبيض لا مرية فيه، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، لكنها جماعات التكفير، وجماعات الغلو والتشدد، أعمتها فتنة القلب، فالقلوب تمرض، والأفكار تفسد، والعقول تتأثر، والعاقل من وعظ بغيره.

عباد الله ... إن من أعظم الإفساد في الأرض بعد الشرك بالله تعالى الإفساد فيها بتكفير المسلمين بغير حق، ونقض بيعة ولي الأمر، واستهداف رجال الأمن، ونشر الرعب والخوف في المجتمع المسلم الآمن.

وإن هذا الفساد كله قد اجتمع في أفكار التنظيمات الإرهابية التي تلبس لباس الدين تغريراً وخداعاً للناس، وترفع راية الجهاد ليكون سلماً لها تصل به إلى غاياتها من القتل والدمار، وإن ما حصل في مطلع هذا الأسبوع من استهداف شرذمة من الخوارج لمركز مباحث محافظة الزلفي بمنطقة الرياض والتي باءت بالفشل – والحمد لله - وقد تصدت قوات رئاسة أمن الدولة للمهاجمين وتعاملت معهم بما يقتضيه الموقف، ما أسفر عن مقتلهم جميعًا، فيما أصيب ثلاثة من رجال الأمن بإصابات طفيفة يتلقون على إثرها حاليًا العلاج اللازم.

هو حلقة من حلقات الإفساد العظيم الذي تقوم به هذه التنظيمات أعاذ الله بلادنا وبلاد المسلمين قاطبة من شرورها.

عباد الله ... إن هذه الجريمة عمل منكر قبيح، وجرم بشع شنيع .كيف لا وهو عمل ترفضه الشريعة القويمة، والعقول السليمة والفطر المستقيمة. لأنه قد تضمن صوراً شتى من القبائح والموبقات في إرادة قتل الأنفس المعصومة.

فرجال الأمن هم رجال موحدون مسلمون من أهل لا إله إلا الله وقد قال صلى الله عليه وسلم ( كلُّ ذَنْب عسى الله أن يغفِرَهُ إلا الرَّجل يقتلُ المؤمِنَ مُتَعَمِّداً ) وقال ابن عمر: إنَّ من وَرَطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفكُ الدَّم الحرام بغير حِلِّه.

إن هذه التنظيمات تنطلق في أعمالها الإجرامية إلى نقض بيعة ولي الأمر واعتقاد كفره وكفر رجال دولته ورجال أمنه واستحلال دمائهم، فمجتمعنا كله قادة ورعية مدنيون وعسكريون هم في نظرهم مرتدون عن دين الله، يرون أن دماؤهم وأموالهم حلال والعياذ بالله.

والله عز وجل قد أمرنا بالوفاء بالعهود والعقود ونهانا عن نقضها وإن من أعظم وألزم وأحق العقود بالوفاء هو عقد البيعة لولي الأمر قال صلى الله عليه وسلم متوعداً من نقض بيعته لولي أمره ( مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) وهذا هو عمل الخوارج، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الخوارج وتوعد الخوارج بخزي الدنيا وعذاب الآخرة قال صلى الله عليه وسلم ( سيخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ) وقال صلى الله عليه وسلم ( الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّارِ ) ووصف من قُتل من الخوارج بأنهم شر قتلى تحت أَديم السماء والعياذ بالله.

اللهم إنا نعوذ بك من الخوارج الفجرة اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان وسلم تسليما.

معاشر المؤمنين ... اتقوا الله حق التقوى، واستقيموا على كتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وتمسكوا بعقيدة سلفكم الصالح. تهتدوا في دينكم وتسعدوا في دنياكم وأخراكم.

في هذه الجريمة المنكرة عدوان على أمن المجتمع، فإن رجال الأمن المعتدى عليهم وزملاءهم في كل مكان في هذه البلاد الطاهرة، قد جندوا أنفسهم لأمن البلاد وراحة العباد، فهم الذين يحمون أرواحنا وأعراضنا وأموالنا الخاصة ومرافقنا العامة. هم الذين يحمون حدودنا وثغورنا. هم الذين يحمون طرقنا ودروبنا. هم الذين يحموننا في حلنا وفي أسفارنا، هم الذين يغيثون الملهوف ويطفئون الحريق وينقذون الغريق، ويرعون أمن البيت العتيق. هم الذين يقومون على رعاية وحماية الحجاج والمعتمرين. هم أسود الشرى وليوث الوغى قد انتصبوا في البر والبحر والجو أمام الباغين المعتدين. فبهم بعد فضل الله نحن اليوم ننعم بالأمن السابغ والراحة التامة.

لذا يا عباد الله ... احذروا خطر الجماعات الإرهابية والتنظيمات الحزبية والولاءات الخارجية التي نهاية أمرها إفساد الدين والدنيا وخراب الديار والأوطان، ولكم عظة وعبرة في البلاد التي اجتاحتها عواصف الفتن وتسلطت عليها الأحزاب والجماعات والتنظيمات، كيف فعلت بها إذ أسقطت أنظمتها وفتكت بها ذبحاً وتقتيلاً وتشريداً وتدميراً.

احذروا الجماعات التي حذرتكم منها دولتكم وعلماؤكم، فإنها تنظيمات تجر من ينتمي إليها ويغتر بها إلى التكفير ونزع البيعة والانخراط في العمليات الإرهابية والمساهمة فيها.

حافظوا على أبنائكم وبناتكم منهم فإنهم يسعون ليلاً ونهاراً في اختطافهم عقيدةً وولاءً وانتماءً لتجنيدهم لصالحهم. فإنهم لا يربون الجماهير على السمع والطاعة لولاة الأمور والدعاء لهم، ولا يحذرونهم من جماعة الإخوان والتبليغ وتنظيم القاعدة وأمثالها، ولا يحذرون الجماهير من رؤوس ورموز تلك الجماعات الضالة بل على العكس تجدونهم يمدحونهم ويثنون عليهم ويقدمونهم على أنهم دعاة مصلحون وأئمة مجاهدون.

ولذا لا تكاد تنطق ألسنتهم بالثناء على دولتنا وإبراز محاسنها لتوثيق العلاقة والصلة بين الراعي والرعية، بل يعدون ذلك من التطبيل والنفاق، في الوقت تجدهم أشد الناس مبالغة في الثناء والمدح على الأنظمة الخارجية التي تنتمي إلى حزبهم الإخواني.

عباد الله: حافظوا على وطنكم باستشعار مسؤوليتكم عن أمنه واستقراره بالتعاون مع الجهات الأمنية بالإبلاغ عن كل ما يهدد أمننا واستقرارنا، ولو كان ذلك التهديد صادراً من جار أو صديق أو قريب، فأمن الوطن واستقراره وحمايته قضية لا مساومة عليها.

اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا واجتماع كلمتنا، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم احفظ جنودنا ورجال أمننا وحماة حدودنا، اللهم احفظهم بحفظك واكلأهم برعايتك، وكن لهم عوناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً، اللهم عليك بالخوارج الفجرة. الخونة الغدرة. اللهم اهتك استارهم وأخرجهم من جحورهم ومكّن منهم جنودنا جنود الحق والتوحيد والسنة يا قوي يا عزيز. اللهم عليك بالذين يسعون في الأرض فساداً ويريدون بنا وبمقدساتنا دماراً وخراباً. اللهم أشغلهم في أنفسهم واجعل بأسهم بينهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم يا رب العالمين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

المشاهدات 890 | التعليقات 0