اتفاق سلام ..أم خطة : الموت أو الاستسلام؟! أ. زياد الشامي

احمد ابوبكر
1437/12/12 - 2016/09/13 07:45AM
[align=justify]بعد كل اجتماع بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف حول سورية تزداد حدة همجية القصف الروسي النصيري على مناطق سيطرة الثوار , ويزداد معدل قتل المدنيين من الأطفال والنساء بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والفسفورية والحارقة ..... هذا ما أكدته التجارب السابقة لمرحلة ما بعد اتفاقهما دائما .


والحقيقة أن من يدقق في توقيت هذه الاجتماعات وزمانها , يمكنه ملاحظة أنها تأتي دائما لإنقاذ النظام النصيري وحليفه الروسي ودعم موقفهما القتالي على الأرض , بينما يكون توقيت ونتائج هذه الاجتماعات ضد فصائل الثورة السورية على طول الخط , وخصوصا منها تلك الفصائل ذات المرجعية الإسلامية السنية .


وفجر اليوم أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري من جنيف عن التوصل إلى اتفاق مع روسيا على هدنة في سورية من المقرر أن تبدأ ليل الأحد الاثنين بالتزامن مع عيد الأضحى المبارك .
وقال كيري : إنه في حال صمدت الهدنة "أسبوعا"، فإن القوات الأمريكية ستوافق على التعاون مع الجيش الروسي في سوريا , وتحديد أماكن العمليات لتوجيه ضربات إلى "فتح الشام" وتنظيم الدولة في سوريا.


من جهته قال وزير الخارجية الروسي يسرغي لافروف : إن الاتفاق يحتوي على 5 وثائق تشتمل على العديد من الاتفاقيات بين الجانبين الروسي والأمريكي.
وأضاف : أن "الخطة المشتركة تقضي على وجه الخصوص بتحديد مناطق سيتم فيها ضرب المسلحين "الإرهابيين" من قبل الطيران الحربي الروسي والأمريكي حصرا دون مشاركة سلاح الجو السوري , إلى جانب الاتفاق على الإجراءات الواجب اتخاذها ردا على انتهاك وقف إطلاق النار".


الغريب في الأمر هو الوصف الذي تم إطلاقه على هذا الاتفاق من قبل الوزيرين , حيث زعما بأن الاتفاق قد تضع قطار السلام في البلاد على السكة !! وأن من شأن تنفيذها على أرض الواقع أن يخرج البلاد من أزمتها !!


ولم يبخل كيري على المنكوبين في سورية بالتعبير عن أمله بأن تحقق الخطة السلام في سورية وأن تخفف المعاناة عن أهلها !!! زاعما : أن بإمكان هذه الخطة أن تمنح الفرصة للمضي قدما لوقف أعمال العنف في سورية , و أن تخرج البلد المنكوب من عنق الزجاجة إذا نفذت بمشاركة كل المعنيين، من أجل إعادة أطراف الأزمة إلى طاولة المفاوضات !!!


ولعل أهم ما جاء على لسان كيري قوله : إنه يتعين على كل جماعات المعارضة السورية أن تنأى بنفسها بكل وسيلة ممكنة عن جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة الإسلامية .


إن أقل ما يمكن أن يقال في بنود هكذا اتفاق أنه اجتماع أمريكي روسي أممي دولي لإبادة أهل السنة في سورية بامتياز , هكذا بكل وقاحة وصفاقة ودون أي مواربة هذه المرة أو حتى دبلوماسية , والشعار الذي يستخدمونه لشرعنة هذه الإبادة هو : "محاربة الإرهاب" الذي بات الوسيلة الأنجع لاستهداف أهل السنة في كل مكان .


لم يعد عاقل يشك أن أمريكا هي شريك أساسي في قتل الشعب السوري ومحاولة إجهاض ثورته بكل السبل والوسائل , بل ربما تكون واشنطن أشد عداوة لاهل السنة في سورية من كل من النظام النصيري ومرتزقة طهران وروسيا , وكيف لا وقد منعت سقوط الطاغية وانتصار الثورة أكثر من مرة , وحرمت المدنيين على الحدود الشمالية من منطقة آمنة طالما طالبت بها تركيا , واستخدمت غطرستها لمنع وصول الأسلحة النوعية للثوار وما زالت تمنعه حتى الآن .


إن الخطة التي سماها الوزيران "خطة السلام" , هي في الحقيقة خطة الموت أو الاستسلام , فالفصائل الثورية التي ترضخ لإملاءات أمريكا وأوامرها , وتقبل برؤيتها للحل السلمي الذي قد لا يختلف في قليل أو كثير عن رؤية النظام النصيري وروسيا وطهران , وتنأى بنفسها عن الفصائل التي تصنفها روسيا وأمريكا "إرهابية" – وهي للعلم كل من يحمل السلاح ضد طاغية الشام – ربما تنجو من القصف الروسي الأمريكي الآن .


ثم من قال بأن أمريكا لم تشارك بطيرانها الحربي - قبل هذا الاتفاق - المقاتلات الروسية في قصف واستهداف فصائل الثوار ؟!! وهل يمكن لعاقل أن يصدق النفي الأمريكي - على لسان مصدر في البنتاغون - استهدافه قادة فتح الشام في اجتماع لهم مؤخرا وأدى إلى استشهاد قائد جيش الفتح "أبو هاجر الحمصي" وقادة بارزين آخرين ؟!


أما عن ضمان روسيا التزام النظام النصيري بالهدنة المعلن عنها فهو أمر يثير السخرية والضحك , فكيف يمكن لقاتل مجرم أن يضمن التزام قاتل ومجرم مثله بالتوقف عن القتل والإجرام ؟!! وهل التزامت روسيا أولا بالهدن السابقة حتى تضمن التزام صبيها بدمشق ؟!


ولعل أكثر ما يثير الاشمئزاز والتقزز هو حديث كيري لافروف عن المسائل الإنسانية ووصول المساعدات الإغاثية , نظرا لهول اللاإنسانية التي أبدتها واشنطن وروسيا في هذا الجانب , ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن ممرات إنسانية إلى حلب , ما زالت مضايا وأخواتها في سورية ترزح تحت وطأة الحصار والتجويع النصيري الرافضي حتى الآن !!!


لا يمكن قراءة اتفاق كيري لافروف الجديد بمعزل عن نتائج وآثار اجتماعاتهما الكارثية السابقة على الثوار والثورة السورية , ومن هنا يمكن القول بأن أفضل وصف للاتفاق هو ما قاله المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية رياض نعسان آغا الذي اعتبر ما توصل إليه الوزيران الأميركي والروسي هو "حرب على السنة" في سورية ..... مضيفا أن خلاصة ما توصلت إليه خطة السلام في جنيف هو شرعنة للقضاء على مدن كاملة في سوريا بحجة الحرب على الإرهاب .

[/align]
المرفقات

1154.doc

المشاهدات 613 | التعليقات 0