اتبعوا ولا تبتدعوا
خطيب ليبي
1434/03/06 - 2013/01/18 13:02PM
[font="] [/font]
[font="]أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، والزموا سنة نبيكم محمد [/font][font="] [/font][font="] وتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. [/font][font="][/font]
[font="]أيها المؤمنون، لقد أكمل الله هذا الدين ورضيه وأتمَّ به نعمته . . كتاب الله، وسنة رسوله محمد لم يتركا في سبيل الهداية قولاً لقائل، ولم يدعا مجالاً لمتشرِّع، العاقد عليهما بكلتا يديه، مستمسك بالعروة الوثقى، ظافر بخيري الدنيا والأخرى: " ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً " . " وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ".[/font][font="][/font]
[font="]روى الطبراني بإسناد صحيح عن النبي [/font][font="] [/font][font="] أنه قال: ((ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه))[/font][font="].[/font][font="][/font]
[font="]كل عبادات المتعبدين يجب أن تكون محكمة بحكم الشرع في أمره ونهيه، جارية على نهجه، موافقة لطريقته، وما سوى ذلك فمردود على صاحبه: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ، ((ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). بذلك صح الخبر عن الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام. [/font][font="][/font]
[font="]يقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله في السنن الراشدة: سن رسول الله [/font][font="] [/font][font="] وولاة الأمر من بعده سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستعمال لطاعة الله وقوة على دين الله، ليس لأحد تغيير فيها، ولا النظر في رأي يخالفها، من اقتدى بها فهو مهتدٍ، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.[/font][font="][/font]
[font="]أيها المؤمنون: إن غير سبيل المؤمنين نزعاتٌ وأهواءٌ، وضلالٌ عن الجادة، وشقٌ لعصا الطاعة، ومفارقةٌ للجماعة.[/font][font="][/font]
[font="]لقد رسم الشرع للعبادات والتكاليف طرقاً خاصة على وجوه خاصة زماناً ومكاناً، وهيئة وعدداً، وإطلاقاً وتقييداً، ووعداً ووعيداً، وأخبر أن الخير فيها، والشر في تجاوزها وتعدِّيها " وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ".[/font][font="][/font]
[font="]والرسل برحمة الله إلى خلقه مرسلون، ومن رام غير ذلك، وزعم أن ثمَّة طرقاً أُخَرى، وعَبَدَ الله بمستحسنات العقول؛ فقد قدح في كمال هذا الدين، وخالف ما جاء به المصطفى الأمين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وكأنه يستدرك على الشريعة نقائص.[/font][font="][/font]
[font="]قال الامام مالك رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنةً؛ فقد زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله يقول: " ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ". فما لم يكن يومئذٍ ديناً؛ فلا يكون اليوم ديناً.[/font]
[font="]قال حذيقة بن اليمان رضي الله عنه " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".[/font][font="][/font]
[font="]الابتداع وتلمُّس المسالك والطرق معاندةٌ للشرع ومشاقةٌ له. ولئن قصد صاحب البدعة ـ أيها الإخوة ـ ببدعته التقرب إلى الله والمبالغة في التعبد؛ فهذا مدخل من مداخل الشيطان، يقول ابن مسعود رضي الله عنه " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ".[/font][font="][/font]
[font="]وكلُّ بدعة فإن للهوى فيها مدخلاً؛ لأنها راجعة إلى رغبات مخترعها ومبتدعها، ومتمشيةٌ مع هواه وميول نفسه ليست نابعةً من الشرع وأحكامه وأدلته.[/font][font="][/font]
[font="]ومن هنا فإنه قد يظهر من صاحب البدعة اجتهادٌ في العمل والعبادة، وما هذا إلا لخفة يجدها، ونشاطٍ يشعر به لما فيه من موافقة الهوى. قال سبحانه " أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ".[/font][font="][/font]
[font="]وبسبب البدع وأهلها – أيها المؤمنون – يكثر الجدل بغير الحق، وبغير التي هي أحسن، وتحصل الخصومة في الدين. وقد قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى: "وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ". قال: هم أهل البدع.[/font][font="][/font]
[font="]وقال بعض أهل العلم: كل مسألة حدثت في الإسلام واختلف الناس فيها، ولم يعقب ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة؛ فهي من مسائل الإسلام.[/font][font="][/font]
[font="]وكل مسألة حدثت أو طرأت؛ فأوجبت العداوة والبغضاء ليست من أمر الدين في شيء.[/font][font="][/font]
[font="]وأصحاب البدع يتبعون المتشابه، حتى فُسِّر قوله تعالى: " فَأَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنْهُ " بأنهم أهل البدع والأهواء.[/font][font="][/font]
[font="]وحينما قال أهل التحكيم لعليٍّ رضي الله عنه: " إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ ". قال: كلمةُ حقٍّ أريد بها باطل.[/font][font="][/font]
[font="]وقد تأكد في الأخبار النبوية أنه ما قامت بدعة إلا وأميتت سنة.[/font][font="][/font]
[font="]أخرج أحمد والبزار من حديث غضيف بن الحارث مرفوعاً: ((ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسكٌ بسنةٍ خير من إحداث بدعة)).[/font][font="][/font]
[font="]وأخرج أحمد أيضاً والطبراني والبزار من حديث غضيف عن النبي [/font][font="] [/font][font="] أنه قال: ((ما من أمة ابتدعت بعد نبيها في دينها بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة)). فاتقوا الله أيها المؤمنون، واعلموا أن في ظهور البدع انطماساً للسنن، فالسعيد من عضَّ على السنة بالنواجذ، فأحياها ودعا إليها، فردَّ الله بها مبتدعاً، وهدى بها زائغاً وأنقذ بها حائراً.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِيناً .[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font][font="][/font]
[font="]الحمد لله، له الحمد في الأولى والآخرة، أحمده وأشكره على نعمه الباطنة والظاهرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، هدى بإذن ربه القلوب الحائرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه نجوم الدجى والبدور السافرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.[/font][font="][/font]
[font="]أما بعد:[/font][font="][/font]
[font="]فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.[/font][font="][/font]
[font="]اتبعوا رحمكم الله ولا تبتدعوا، فقد كفيتم. يقول حذيفة رضي الله عنه: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله [/font][font="] [/font][font="] فلا تعبَّدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً.[/font][font="][/font]
[font="]أخرج الدارمي بسند صحيح أن أبا موسى الأشعري قال لابن مسعود رضي الله عنهما جميعاً: (إني رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟؟ ثم أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قـالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم؛ هؤلاء أصحابه متوافرون. وهذه ثيابه لم تبلَ، والذي نفسي بيده أنتم لعلى ملةٍ هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه؟).[/font][font="][/font]
[font="]وروي أن رجلاً قال لمالك بن أنس: من أين أُحرم؟ قال: من حيث أحرم رسول الله . قال الرجل: فإن أحرمت من أبعد منه؟ قال: فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة. قال: وأي فتنة في ازدياد الخير؟؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: " فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ، وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك خُصصت بفضل لم يخص به رسول الله ؟![/font][font="][/font]
[font="]فاتقوا الله – يرحمكم الله – وخذوا بالنهج الأول، وعليكم بالاتباع، وابتعدوا عن الابتداع.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، والزموا سنة نبيكم محمد [/font][font="] [/font][font="] وتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. [/font][font="][/font]
[font="]أيها المؤمنون، لقد أكمل الله هذا الدين ورضيه وأتمَّ به نعمته . . كتاب الله، وسنة رسوله محمد لم يتركا في سبيل الهداية قولاً لقائل، ولم يدعا مجالاً لمتشرِّع، العاقد عليهما بكلتا يديه، مستمسك بالعروة الوثقى، ظافر بخيري الدنيا والأخرى: " ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً " . " وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ".[/font][font="][/font]
[font="]روى الطبراني بإسناد صحيح عن النبي [/font][font="] [/font][font="] أنه قال: ((ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه))[/font][font="].[/font][font="][/font]
[font="]كل عبادات المتعبدين يجب أن تكون محكمة بحكم الشرع في أمره ونهيه، جارية على نهجه، موافقة لطريقته، وما سوى ذلك فمردود على صاحبه: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ، ((ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). بذلك صح الخبر عن الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام. [/font][font="][/font]
[font="]يقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله في السنن الراشدة: سن رسول الله [/font][font="] [/font][font="] وولاة الأمر من بعده سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستعمال لطاعة الله وقوة على دين الله، ليس لأحد تغيير فيها، ولا النظر في رأي يخالفها، من اقتدى بها فهو مهتدٍ، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.[/font][font="][/font]
[font="]أيها المؤمنون: إن غير سبيل المؤمنين نزعاتٌ وأهواءٌ، وضلالٌ عن الجادة، وشقٌ لعصا الطاعة، ومفارقةٌ للجماعة.[/font][font="][/font]
[font="]لقد رسم الشرع للعبادات والتكاليف طرقاً خاصة على وجوه خاصة زماناً ومكاناً، وهيئة وعدداً، وإطلاقاً وتقييداً، ووعداً ووعيداً، وأخبر أن الخير فيها، والشر في تجاوزها وتعدِّيها " وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ".[/font][font="][/font]
[font="]والرسل برحمة الله إلى خلقه مرسلون، ومن رام غير ذلك، وزعم أن ثمَّة طرقاً أُخَرى، وعَبَدَ الله بمستحسنات العقول؛ فقد قدح في كمال هذا الدين، وخالف ما جاء به المصطفى الأمين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وكأنه يستدرك على الشريعة نقائص.[/font][font="][/font]
[font="]قال الامام مالك رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنةً؛ فقد زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله يقول: " ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ". فما لم يكن يومئذٍ ديناً؛ فلا يكون اليوم ديناً.[/font]
[font="]قال حذيقة بن اليمان رضي الله عنه " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".[/font][font="][/font]
[font="]الابتداع وتلمُّس المسالك والطرق معاندةٌ للشرع ومشاقةٌ له. ولئن قصد صاحب البدعة ـ أيها الإخوة ـ ببدعته التقرب إلى الله والمبالغة في التعبد؛ فهذا مدخل من مداخل الشيطان، يقول ابن مسعود رضي الله عنه " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ".[/font][font="][/font]
[font="]وكلُّ بدعة فإن للهوى فيها مدخلاً؛ لأنها راجعة إلى رغبات مخترعها ومبتدعها، ومتمشيةٌ مع هواه وميول نفسه ليست نابعةً من الشرع وأحكامه وأدلته.[/font][font="][/font]
[font="]ومن هنا فإنه قد يظهر من صاحب البدعة اجتهادٌ في العمل والعبادة، وما هذا إلا لخفة يجدها، ونشاطٍ يشعر به لما فيه من موافقة الهوى. قال سبحانه " أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ".[/font][font="][/font]
[font="]وبسبب البدع وأهلها – أيها المؤمنون – يكثر الجدل بغير الحق، وبغير التي هي أحسن، وتحصل الخصومة في الدين. وقد قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى: "وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ". قال: هم أهل البدع.[/font][font="][/font]
[font="]وقال بعض أهل العلم: كل مسألة حدثت في الإسلام واختلف الناس فيها، ولم يعقب ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة؛ فهي من مسائل الإسلام.[/font][font="][/font]
[font="]وكل مسألة حدثت أو طرأت؛ فأوجبت العداوة والبغضاء ليست من أمر الدين في شيء.[/font][font="][/font]
[font="]وأصحاب البدع يتبعون المتشابه، حتى فُسِّر قوله تعالى: " فَأَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنْهُ " بأنهم أهل البدع والأهواء.[/font][font="][/font]
[font="]وحينما قال أهل التحكيم لعليٍّ رضي الله عنه: " إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ ". قال: كلمةُ حقٍّ أريد بها باطل.[/font][font="][/font]
[font="]وقد تأكد في الأخبار النبوية أنه ما قامت بدعة إلا وأميتت سنة.[/font][font="][/font]
[font="]أخرج أحمد والبزار من حديث غضيف بن الحارث مرفوعاً: ((ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسكٌ بسنةٍ خير من إحداث بدعة)).[/font][font="][/font]
[font="]وأخرج أحمد أيضاً والطبراني والبزار من حديث غضيف عن النبي [/font][font="] [/font][font="] أنه قال: ((ما من أمة ابتدعت بعد نبيها في دينها بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة)). فاتقوا الله أيها المؤمنون، واعلموا أن في ظهور البدع انطماساً للسنن، فالسعيد من عضَّ على السنة بالنواجذ، فأحياها ودعا إليها، فردَّ الله بها مبتدعاً، وهدى بها زائغاً وأنقذ بها حائراً.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِيناً .[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font][font="][/font]
[font="]الحمد لله، له الحمد في الأولى والآخرة، أحمده وأشكره على نعمه الباطنة والظاهرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، هدى بإذن ربه القلوب الحائرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه نجوم الدجى والبدور السافرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.[/font][font="][/font]
[font="]أما بعد:[/font][font="][/font]
[font="]فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.[/font][font="][/font]
[font="]اتبعوا رحمكم الله ولا تبتدعوا، فقد كفيتم. يقول حذيفة رضي الله عنه: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله [/font][font="] [/font][font="] فلا تعبَّدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً.[/font][font="][/font]
[font="]أخرج الدارمي بسند صحيح أن أبا موسى الأشعري قال لابن مسعود رضي الله عنهما جميعاً: (إني رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟؟ ثم أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قـالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم؛ هؤلاء أصحابه متوافرون. وهذه ثيابه لم تبلَ، والذي نفسي بيده أنتم لعلى ملةٍ هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه؟).[/font][font="][/font]
[font="]وروي أن رجلاً قال لمالك بن أنس: من أين أُحرم؟ قال: من حيث أحرم رسول الله . قال الرجل: فإن أحرمت من أبعد منه؟ قال: فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة. قال: وأي فتنة في ازدياد الخير؟؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: " فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ، وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك خُصصت بفضل لم يخص به رسول الله ؟![/font][font="][/font]
[font="]فاتقوا الله – يرحمكم الله – وخذوا بالنهج الأول، وعليكم بالاتباع، وابتعدوا عن الابتداع.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]