إيمانا واحتسابا-5-9-1437هـ-مبارك العشوان-الملتقى-بتصرف
محمد بن سامر
1437/09/04 - 2016/06/09 17:09PM
[align=justify]أما بعد: فقد صَحَّ عن النبيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-أنهُ قالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وقال-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وقال-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "مَنْ قامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
هذهِ الأحاديثُ الثلاثةُ مِن روايةِ أبي هريرةَ-رضي اللهُ عنهُ-، وكُلُّها في صحيحِ البُخاريِّ-رحمهُ الله-.
في كُلِّ هذهِ الأحاديثِ، تَكَرَرَ قولُه-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"؛ لِتَدُلَّ على أنَّ رَمَضَانَ مِنْ أعظَمِ الفُرَصِ لِمَغْفِرَةِ الذنوب: صيامُه، وقيامُهُ، وقيامُ ليلةِ القدرِ.
وهذا خاصٌ بمن فَعلَ ذلك "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"، "إيمانًا": تصديقًا ويقينًا بِفَرَضِيَّةِ الصومِ ووجوبِه، واستحبابِ صلاة الليلِ فيه عامةً، واستحبابِ صلاةِ الليلِ في ليلةِ القدرِ خاصةً، "واحتسابًا": طلبًا للأجرِ والثوابِ والجزاءِ من اللهِ-تعالى-وحده-وهو الإخلاص-؛ لا لأمرٍ من أمورِ الدنيا، فالإخلاصُ شرطٌ في العباداتِ كلِّها، ومن ضِمْنِها الصيام، ففي الحديث القدسي، يَقُولُ اللَّهُ-عَزَّ وَجَلَّ-: "الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي"، قالَ في أوَّلِهِ: "لي"، وقالَ في آخِرِهِ: "مِنْ أجْلِي"، لِيَدُلَّ على شرطِ إخلاصِ الصوم لله.
لما عَرَّفَ الفقهاءُ الصيامَ قالوا: "هوَ التَّعبدُ للهِ-تعالى-بالإمساكِ عنِ المفطِّراتِ، من طُلوعِ الفجرِ إلى غروبِ الشمس"، فليس الصيامُ إمساكًا عن الطعام والشراب والشهوة فحسب، بل هو تعبدٌ للهِ-تعالى-بهذا الإمساكِ، وخُضُوعٌ وتذللٌ لهُ-سُبحانه-.
الصيامُ: انقِيادٌ واستسلامٌ لِله-تعالى-، وطاعةٌ لأمرِهِ؛ لأنه كَتَبَ الصيامَ وَأمَرَ بِهِ: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ].
الصائمُ المُدِرِكُ لِحَقِيقةِ الصيام؛ مُنذُ أنْ يَطلُعَ الفجرُ إلى أنْ تَغرُبَ الشمسُ يعلمُ أنهُ طِيلَةَ هذا الوقتِ مُتَلَبِّسٌ بِعِبادةِ الصومِ، ومَتى عاشَ الصائمُ هذا المعنى نَفَعَهُ نفعًا عظيمًا، فَقَادَهُ إلى الطاعاتِ، وَكَفَّهُ عن كلِّ المحرماتِ أو كثيرٍ منها؛ إذْ كيفَ يرتكبُ المعصيةَ في وقتٍ هوَ يؤدي فيهِ عبادةً.
ولمَّا غابَ هذا المعنى عنِ بعضِ الصائمِين؛ وُجِدَ منهم مَنْ يكذِبُ وهو صائمٌ، ويغتابُ وهو صائمٌ، ويسُبُّ ويشَتِمُ وهو صائمٌ، ويقولُ الزورَ وهو صائمٌ، ويغِشُ وهو صائمٌ، ويطلق بصرهُ في الحرامِ وهو صائمٌ، وينشطُ للسَّرِقَةِ والنَّهْبِ وترويجِ المخدراتِ والمسكراتِ وهو صائمٌ، وينشرُ الفواحشَ والشرَ وهو صائمٌ؛ فأينَ هؤلاءِ مِنَ الصِّيامِ؟!، أينَ مَنْ يرتكبُ هذهِ المحرماتِ من قولِ النبيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"؟!.
فما أحسنَ أن يحفظَ المسلمُ صومَه عن كُلِّ ما يُفْسِدُهُ أو يُنْقِصُ أجرَه.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنينَ والمؤمناتِ، والمسلمينَ والمسلماتِ.
أما بعد: فرَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ-يقولُ: "قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ-رائحتُه-أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ"، فما أحسنَ أن يكونَ الصِّيَامُ جُنَّةً ووِقايةً؛ وقايةً منَ الشيطانِ، ووقايةً منَ المعاصِي، ووقايةً منَ النار.
يقول النبيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ".
[/align]
هذهِ الأحاديثُ الثلاثةُ مِن روايةِ أبي هريرةَ-رضي اللهُ عنهُ-، وكُلُّها في صحيحِ البُخاريِّ-رحمهُ الله-.
في كُلِّ هذهِ الأحاديثِ، تَكَرَرَ قولُه-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"؛ لِتَدُلَّ على أنَّ رَمَضَانَ مِنْ أعظَمِ الفُرَصِ لِمَغْفِرَةِ الذنوب: صيامُه، وقيامُهُ، وقيامُ ليلةِ القدرِ.
وهذا خاصٌ بمن فَعلَ ذلك "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا"، "إيمانًا": تصديقًا ويقينًا بِفَرَضِيَّةِ الصومِ ووجوبِه، واستحبابِ صلاة الليلِ فيه عامةً، واستحبابِ صلاةِ الليلِ في ليلةِ القدرِ خاصةً، "واحتسابًا": طلبًا للأجرِ والثوابِ والجزاءِ من اللهِ-تعالى-وحده-وهو الإخلاص-؛ لا لأمرٍ من أمورِ الدنيا، فالإخلاصُ شرطٌ في العباداتِ كلِّها، ومن ضِمْنِها الصيام، ففي الحديث القدسي، يَقُولُ اللَّهُ-عَزَّ وَجَلَّ-: "الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي"، قالَ في أوَّلِهِ: "لي"، وقالَ في آخِرِهِ: "مِنْ أجْلِي"، لِيَدُلَّ على شرطِ إخلاصِ الصوم لله.
لما عَرَّفَ الفقهاءُ الصيامَ قالوا: "هوَ التَّعبدُ للهِ-تعالى-بالإمساكِ عنِ المفطِّراتِ، من طُلوعِ الفجرِ إلى غروبِ الشمس"، فليس الصيامُ إمساكًا عن الطعام والشراب والشهوة فحسب، بل هو تعبدٌ للهِ-تعالى-بهذا الإمساكِ، وخُضُوعٌ وتذللٌ لهُ-سُبحانه-.
الصيامُ: انقِيادٌ واستسلامٌ لِله-تعالى-، وطاعةٌ لأمرِهِ؛ لأنه كَتَبَ الصيامَ وَأمَرَ بِهِ: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ].
الصائمُ المُدِرِكُ لِحَقِيقةِ الصيام؛ مُنذُ أنْ يَطلُعَ الفجرُ إلى أنْ تَغرُبَ الشمسُ يعلمُ أنهُ طِيلَةَ هذا الوقتِ مُتَلَبِّسٌ بِعِبادةِ الصومِ، ومَتى عاشَ الصائمُ هذا المعنى نَفَعَهُ نفعًا عظيمًا، فَقَادَهُ إلى الطاعاتِ، وَكَفَّهُ عن كلِّ المحرماتِ أو كثيرٍ منها؛ إذْ كيفَ يرتكبُ المعصيةَ في وقتٍ هوَ يؤدي فيهِ عبادةً.
ولمَّا غابَ هذا المعنى عنِ بعضِ الصائمِين؛ وُجِدَ منهم مَنْ يكذِبُ وهو صائمٌ، ويغتابُ وهو صائمٌ، ويسُبُّ ويشَتِمُ وهو صائمٌ، ويقولُ الزورَ وهو صائمٌ، ويغِشُ وهو صائمٌ، ويطلق بصرهُ في الحرامِ وهو صائمٌ، وينشطُ للسَّرِقَةِ والنَّهْبِ وترويجِ المخدراتِ والمسكراتِ وهو صائمٌ، وينشرُ الفواحشَ والشرَ وهو صائمٌ؛ فأينَ هؤلاءِ مِنَ الصِّيامِ؟!، أينَ مَنْ يرتكبُ هذهِ المحرماتِ من قولِ النبيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"؟!.
فما أحسنَ أن يحفظَ المسلمُ صومَه عن كُلِّ ما يُفْسِدُهُ أو يُنْقِصُ أجرَه.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنينَ والمؤمناتِ، والمسلمينَ والمسلماتِ.
الخطبة الثانية
يقول النبيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: "الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ".
[/align]
المرفقات
إيمانا واحتسابا-5-9-1437هـ-مبارك العشوان-الملتقى-بتصرف.docx
إيمانا واحتسابا-5-9-1437هـ-مبارك العشوان-الملتقى-بتصرف.docx
إيمانا واحتسابا-5-9-1437هـ-مبارك العشوان-الملتقى-بتصرف.pdf
إيمانا واحتسابا-5-9-1437هـ-مبارك العشوان-الملتقى-بتصرف.pdf