إيّاكم والتنعُّم! > مما علمنا رمضان

عبدالرحمن المهيدب
1442/09/10 - 2021/04/22 19:02PM

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم, وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين, إمام الموحدين, وسيد خلق الله أجمعين, وعلى آله وصحبه الغر الميامين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾

 عباد الله .. ها نحن صمنا عشرة أيام من رمضان فماذا علمتنا هذه الأيام العظام ؟

 إن مما علّمَنا الصوم أن ليس كل ما تشتهيه أنفسنا نلبيه, وليس كل ما يطلبه هوانا نُجيبه . فها نحنُ نرى في نهار رمضان الأكل ونترُكُه, وتشتهي أنفسنا الماءَ وندعه: " لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى يكونَ هواه تبعًا لما جئتُ به " .. كم نحنُ بحاجةٍ لأن نسأل أنفسنا قبل أن نفعل ما نستهويه هل هذا الفعل يرضي ربنا ويقربنا إليه ؟ (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ۝ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)

علّمَنا الصوم أن للّحظة وزنها, وللدقيقة قدرها, فها هي اللحظة تفصل بين أكل وإمساك وصوم وإفطار. فلحظاتنا عبادَ الله غالية ودقائقنا ثمينة, فهل حاسبنا أنفسنا أين يمضي عمرنا وفي أي شيء نشغل أوقاتنا ؟

يعلّمنا الصوم أن الطاعة لا بد وأن يصاحبها شيء من المشقة, والعاقبة حُلوةٌ عذبة فكم هي سعادتنا لحظة فِطرنا بعد صوم يوم طويل ؟ وكم ستكون سعادتنا حين نرى أجرَ صومِنا –بفضله وكرمه سبحانه- : "للصائم فرحتان, فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه " .

عباد الله؛ يذكّرنا الصوم بما صحّ عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: "إياكم والتنعُّم وزيّ أهل الشركِ ولَبوسِ الحرير" , وبالمقولة الشهيرة: اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم,  فلا بد وأن يتذوق المرء شيئًا من شظف العيش, ولا بد أن يشعر الغني القادر بألم الجوع والعطش, ليتذكر نعمة الله عليه, ويستحضر إخوانًا له قد يبيتون الليلة والليلتين لا يجدون ما يسدّ  رمقهم ولا ما يهدئ جوعهم.

 

ما أعظم مدرسة رمضان ! وما أبلغ دروسه ! صدق الله: ( يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كُتِب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فما فرض الله الصوم لأجل الإمساك عن الأكل والشرب فقط , بل في هذه العبادة العظيمة معاني عظيمة ودروس جليلة لمن وفق لها

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم .
إن الحمدَ لله , نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مُضِلّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, أما بعد .. مضى ثلث رمضان كلمح البصر, والثلث كثير ! إلا أن ما بقي خيرٌ وأبقى, وسيمضي سريعًا .. لكن السؤال الأهم: ماذا غير فينا رمضان ؟ هل تغير سماعك لكلامَ الله حين يُتلى وآياتُهُ حين تُرفع؟ وما وقعها على قلبك قبل رمضان؟ وما هو حالك معها الآن؟  هل غيّر فيك رمضان بأن تغيّرت تلاوتك لكتاب الله واستشعرتَ معانيه ؟ وتدبرت ألفاظه ومبانية  واستحضرت أنه رسالة الله إليك؟ كيف تعامُلُك مع والديك وإخوانك؟ وزوجك وجيرانك؟ هل حقًا شعُر من حولك أن رمضان غيّرَك ؟ فيا عبدَ الله؛ أدرِك رمضان, فما زال أمامنا أكثره, أسأل الله أن يُمدّ في أعمارنا ويبلغنا تمامه, اللهم اغفِر لنا إنك أنت الغفور الرحيم, وتُب علينا إنك أنت التواب الحليم, وتقبل منا إنك أنت السميع العليم اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين اللهم إنا نسألك أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وأحزان وسائقنا إلى جناتك جنات النعيم  اللهم اعنا على عمارة أوقاتنا بما ينفعنا وجعلنا مباركين أينما كنا اللهم اجعل هذا الشهر الكريم شهر عز وتمكين للإسلام والمسلمين اللهم انصر عبادك المجاهدين يارب وحد كلمتهم على الحق والدين وصوب رأيهم وسدد رميهم ونصرهم على من بغى عليهم واحفظهم..  اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم

المشاهدات 938 | التعليقات 0