إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا - الاختبارات

محمد البدر
1434/06/30 - 2013/05/10 00:02AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
عباد الله:يقول الله جل جلاله : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }[التوبة: 36]
فلنعش وإياكم في ظلال هذه الآية الكريمة ،ونحن نعيش في شهر من الأشهر الحرم ـ شهر رجب ـ وكأنّ شهر رجب يعدّنا نفسيّا وإيمانيّا لاستقبال أعظم الأشهر على الإطلاق الا وهو رمضان نسأل الله أن يبلغنا إياه وهذا الإعداد يرتكز أساسا على ترك المحرّمات والإقبال على الطّاعات .
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ } أي في اللوح المحفوظ، وإنما قال: {يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ }ليبين أن قضاءه وقدره كان قبل ذلك، وأنه سبحانه وضع هذه الشهور، وسماها بأسمائها على ما رتبها عليه يوم خلق السماوات والأرض، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة. {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ }أي من هذه الأشهر أربعة حرم، وسميت هذه الأشهر الأربعة حرماً لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها .
وهذه الأربعة الأشهر الحرم قد جاء بيانها في سنة المعصوم صلى الله عليه وسلم فقد خطب في حجة الوداع فقَالَ « إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا ، أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ، ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ » مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
ثم يقول الله سبحانه: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } أي ذلك هو الشرع المستقيم من امتثال أمر الله واجتناب نواهيه ثم جاء التّأكيد بقوله تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أي فلا تظلموا أنفسكم بارتكاب المعاصي والآثام، صغرت أم كبرت؛ لأن الله إذا عظم شيئاً صارت له حرمة متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل القبيح؛ كما يضاعف الأجر والثواب بالعمل الحسن،وأعظم الظلم هو الشرك بالله؛كما قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }[سورة لقمان 13].كما أنّه من الظّلم تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحلّه الله، والتلاعب بأحكام الله، وهذا ما كان يفعله مشركو العرب الأوائل فيتلاعبون بحرمة هذه الأشهر .
عباد الله:إن ظلماً لأنفسنا أن نوردها موارد الهلاك في الدنيا والآخرة بالإعراض عما علمناه من دين الله، فنعرف الحرام ونرتكبه، والواجب فلا نفعله.
وإن ظلماً لأنفسنا أن تمر بنا مواسم الخير فلا نستغلها إلا في جمع النقود، ونحن في غفلة عن حقيقة موازين حسناتنا يوم القيامة. وإن ظلماً لأنفسنا أن نقابل نعم الله علنيا بالكفران والنكران لا بالشكران والعرفان، فنعمة البصر ونعمة النطق سخرناها في قالة السوء، من غيبة ونميمة وكذب وزور وبهتان، وغيرها من آفات اللسان.
عبادا لله :لنتأمل جميعاً كم لله علينا من نعم ظاهرة وباطنه لا نحصي لها عداً، ثم لننظر هل سخرنا كل نعمة فيما يرضيه، فكنا من الشاكرين، أم أننا استعنا بنعم الله علينا على معاصيه – ولا حول ولا قوة إلا بالله- والله سبحانه يقول: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[سورة الرحمن 60].ويقول تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}[سورة النحل 53]. ويقول تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}[سورة النحل 18].

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبة الثّانية:
عباد الله :يتزامن هذا الشهر - شهر رجب - مع اختبارات التعليم في جميع المراحل الدراسية في ظروف مناخية قاسية على بعض المدن والقرى حمانا الله جميعا من النكبات والملمات .
ومعلوم عند الجميع أن طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فهو الذي دعا الإسلام إلى طلبه من المهد إلى اللّحد وهو الذي يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، والعلماء هم ورثة الأنبياء ، والله هو الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم .
عباد الله:نوصي أبنائنا وبناتنا الطلاب بدخول الامتحانات بكل طمأنينة وهذا لا يكون إلا بالاستعانة بالله ثم المذاكرة أولاً بأول و الإقبال على الطّاعات زيادة على ما ألفنا في سائر الأشهر ونكثر من الدّعاء ومن التّوبة و الاستغفار قال تعالى : {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ }هود 61
والوعد من الله أكيد لكلّ من يُقبل على طاعته والاستجابة لأمره بأن يفتح لنا جميعا من أبواب خزائنه ويمددنا بأموال وبنين قال الله جل وعلى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }ويمدد أبناءنا بالنّجاح في امتحاناتهم ، أبناءنا الذين لم ينقطعوا عن صلاتهم وهم يعدّون دروسهم ، ولم ينقطعوا عن الاستعانة بالله وهم يختبرون في امتحاناتهم ، ولم ينسوا الدّعاء الذي جاء عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : «اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ ما جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلاً »صححه الألباني من حديث أنس رضي اللّه عنه .
كلّ ذلك بعد أن أعدّوا العدّة واجتهدوا في دراستهم وأخذوا عن أساتذتهم وتركوا الملهيّات والمغريات حتّى تصفى أذهانهم وتعلوا هممهم وتزكو نفوسهم ، فكما أن الله قريب مجيب فهو رحيم ودود { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } الشّعراء 90

الا وصلوا عباد الله ....
[/align]
المشاهدات 2721 | التعليقات 0