إن الله يحب السهل الطلق (الابتسامة)

أحمد عبدالله صالح
1440/04/08 - 2018/12/15 16:12PM

خطبــة جمعـــة بعنـــوان
{ إِنّ اللَّهَ يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلْقَ }
(( الإبتسامه )) [ 1 ]
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
الخطبه {{ 20 }}
إعداد وتنظيم وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في 7 ديسمبر 2018 م
الموافق 29 ربيع أول 1440هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
وتحت ضلالِ سلستنا المباركه لأحب الاعمال الى الله نعاود الحديث معكم اليوم مجدداً ومع عمل جديد يحبه الله جل وعلا ..
وعملُ اليوم الذي يحبه الله يا ايها الأحبه :
هو عملٌ قليل ، عملٌ بسيط ، عملٌ سهل ، يسير ،
لا يحتاجُ الى بذلِ مال، ولا الى قوةِ جسد ..
فِعله لا يُكلّف شيئاً .. ولا يستغرق أكثر من لمحة بصر ..!
لكن أثره يخترقُ القلوب، ويأسر الارواح ، ويسلِبُ العقول، ويُذهب الأحزان، ويُصفي النفوس، ويكسر الحواجز مع بني الإنسان ..

هو لغةٌ لا تحتاجُ إلى ترجمة، وسلاحٌ للحياة والعقل، ومفتاحٌ للقلوب ..
هو شمعةُ أملٍ تَبعثُ الحياة من جديدٍ في النفوس الراكدة، وتزيلُ كلّ معالمِ الوحشة والنفور من الصدور الضائقة والقلوب الحاقدة والمغضبة.

انّه وقودُ القلوبِ النابضة، وبوابةُ السعادةِ المشرقة، ينطلق ليرسمَ جسور التواصلِ والمحبة، فيتجاوز المعوقات والعثرات التي تقف حاجبًا بيننا وبين الآخرين ..

يُذيبُ الغضبَ المتراكم، ويَصهَرُ أقفالَ الحقد الصدئِة، ويُعطرُ الأجواءَ بنسماتِ الحبِ والودِ والارتياحِ والطمأنينة.

إنّه إحدُ اللغاتِ الصعبة التي يفهما الكل ولكن لا يستطيعُ التحدثَ بها ولا يُحسنُ التعاملَ معها إلا القليل الموفقون إليها،

إنّه أسرعُ سهمٍ تَملِكُ به القلوب وهي مع ذلك عبادة وصدقة فعلها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وتعبَّد بها خلقٌ كثيرٌ ممن سار على نهجه....
فهل عرفتم ما هو هذا العمل الذي يحبه الله ؟
وهل عرفتم ما هذا الخلق الجميل وما هذه الحركة البسيطة التي إذا أُطلقت فعلت أكثر مما تفعله أكبر مغريات العالم من التأثير.
(( إنها الابتسامة ))
تلك الحركةُ البسيطة التي يُفتحُ بها المنغَلِقُ من قلُوبِ البشر.
ففي الحديث الذي اخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :
((إِنّ اللَّهَ يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلْقَ))
وفي روايه : ( السهلُ الطليق )
يُحبُّ اللهُ متَهَللَ الوَجه .! يُحبُّ اللُه البسّام .!
يُحبُّ اللهُ الضّحاك ..!
الذي إذا دخلَ بيته كان بسّاماً ضحّاكاً ..
طَلْقٌ في وَجهه ، سهْلٌ في مُعاملتِهِ ..
سَهلٌ في مُعاشرة الخلق ، ليِّنَ الجانب ، رَحبَ الصدر ، حَسَنَ الصُّحْبة ، ذا رفْقٍ في الدنيا ، وفي الدِّين ..
سَهْلُ الانقياد إلى طاعةِ الله تعالى ..
مُتَيَسِّرٌ في أمْرِهِ غير متعسِّر ..
متيسرٌ في بيْعِهِ ، في شِرائِهِ ، في أخْذِهِ ،
في عَطائِهِ .!
من خِلال تصرّفاتِه يُشْعرُكَ أنّ الدنيا لا قيمة لها ،
يُشْعرُكَ أنّ الدنيا ليْسَت كبيرةً عندهُ ..!

(( إِنّ اللَّهَ يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلْقَ ))
علَّقَ بعضُ العلماء على هذا الحديث فقالوا :
بإنّ الله يُحبُّ أسماءهُ ، ويُحبُّ من تخلَّق بأسمائه
والسهولة والطلاقة داخلان في أسمائِهِ ، وهي من الرّحمةِ والحِلْم ، ومَن كان طلْقًا سَهلاً فقد تخلَّق بأخلاق الله ، ومن تخلّق بأخلاقِ اللهِ أحبّه الله .

وكما انّ الطلاقه والإبتسامهُ تتجلى في اسماءِ الله من خلال زرعها للرحمهِ والحلم..!
فإنّها كذلك سنةٌ من سنن الحبيب صلى الله عليه وسلم .!
بل من أظهرِ صفاته وسماته عليه الصلاه والسلام..
فلقد كان رسولكم صلى الله عليه وسلم يبتسم وهو ينظرُ إلى مستقبلِ هذه الأمةِ وحتى وهو في منامه؛ فكما جاء في البخاري عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا قريبًا مني ثم استيقظ يتبسم فقلت : ما أضحكك ؟
فقال عليه الصلاة والسلام :
"أناسٌ من أمتي عُرِضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوكِ على الأسرّة"
فقالت ام حرام بنت ملحان رضي الله عنها : فادعوا اللهَ أن يجعلني منهم ....فدعا لها…

بل كان عليه الصلاة والسلام يَعلمُ بالخيرِ لأمته فيفرحَ لها ويستبشر ويتبسم ويضحك…
فقد تبسمّ رسول صلى الله عليه وسلم رضاً وارتياحًا وفرحًا، خاصةً بعدما رأى ما سرّه مما ينتظره يوم القيامة ..
فعن أنس رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا،
إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسماً، فقلنا :
ما أضحكك يا رسول الله؟
قال: "أُنزلت عليّ آنفًا سورة " فقرأ سورة الكوثر، ثم قال: " أتدرون ما الكوثر؟"
فقلنا: الله ورسوله أعلم !؟
قال:" فإنه نهرٌ وعَدَنيه ربي سبحانه وتعالى عليه خيرٌ كثير، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم".

بل إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري من حديث انس بن مالك رضي الله عنه
ودعَ الدنيا وهو ينظرُ إلى أمته وهو في الصلاة خلفَ أبي بكر رضي الله عنه وكان قد أنهكه المرض صلى الله عليه وسلم فلما رأى أمته على هذه الحالة ضَحكَ وابتسم ..
كيف وهو الذي قال عنه عبد الله بن الحارث في الحديث الذي رواه الترمذي :
"ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم".

ولهذا أرسى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم خُلق البسمة والبشاشة، وعلَّمَ الإنسانية هذه اللغة العالمية اللطيفة بقوله وفعله وسيرته العطرة،
فكان صلى الله عليه وسلم بسّامَ الثَغر طَلْق الُمحيا، يحبه بديهة من رآه، ويفديه من عرفه بنفسه وأهله وأغلى ما يملك !
لقد كان تبسمه لأهله وأصحابه بذرًا طيبًا آتى أُكله ضعفين، خيرًا في الدنيا وأجرًا في الآخرة..
أمّا الخيرية العاجلة :
فانشراحُ القلب وراحةُ الضمير.!!
كذلك مصالح اجتماعية وشرعية تتمثل في تأليف القلوب وربطها بحبلِ المودة المتين وترغيبها لحبِّ الدين ..!
ويتبعها منافع صحية أخرى أثبتها الأطباء على البدن،فلقد أُجريت العديد من البحوث والدراسات العلمية حول الابتسامة وفوائدها الصحية والنفسية بالنسبة للإنسان فتوصلوا إلى :
أنّ الابتسامةَ تحفظُ للإنسانِ صحته النفسية والبدنية..
كما تساعدُ الابتسامه على تخفيفِ ضغطِ الدم..
وتعملُ على تنشيطِ الدورةِ الدموية ...
بل وتزيد من مناعةِ الجسم ضدّ الأمراض والضغوطات النفسية والحياتية ..
كما أنّ الابتسامةَ تساعدُ المخ على الاحتفاظِ بكميةٍ كافية من الأوكسجين ..
ولها آثار ايجابية على وظيفةِ القلبِ والبدنِ والمخ وتزيدُ الوجهَ جمالاً وبهاءً ..
وتعملُ على التخفيفِ من حموضةِ المعدةِ وزيادة إفرازات الغددَ الصُم مثل :
غدة البنكرياس والغدد الكظرية والدرقية والنخامية..
كما أنّها تقهرُ الأرق والكآبة ..
كل هذه الفوائد الصحيه وغيرها كثير تأتي نتيجه الابتسامه التى تساهل فيها كثير من الناس .!

ولذلكم كانتِ البسمةُ بريدٌ عاجل إلى الناسِ كافة
لا تكلفنا مؤنةً ماليةً أو متاعب جسدية ، بل تُبْعثُ في ومضةٍ سريعةٍ يبقى أثرها الحميدُ عظيماً في النفوس !
بل يقول الصينيون في حكمةٍ يرددونها :-
"إنّ الرجلَ الذي لا يَعرِفُ كيف يبتسم لا ينبغي له أن يفتح متجرًا"
بل وتقوم كثيرُ من الدول المتقدمة والشركات العالمية بإنفاق ملايين الدولارات من أجل تدريب موظفيها على الابتسامةِ في وجه الزبائن والعملاء وهم بذلك يرجون ثواب الدنيا..
فكيف بالمسلمِ عندما يتخلق بهذا الخلق فيجمع بين ثواب الدنيا والآخرة وصدق الله إذ يقول في المؤمنين :
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الايات والذكر الحكيم واستغفروا الله لي ولكم من كل ذنب ويافوز المستغفرين ويانجاة التائبين ..

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
أحدثكم اليوم عن عملٍ من تلك الاعمال التى يحبها الله عزوجل ضمن سلستنا المباركه والمستمره
( احب الاعمال الى الله )
وحديثنا اليوم يتمحور حول عمل بسيط وسهل ويسير يحبه الله عزوجل قليلُ الجهد والعناء،
كبيرُ الأثرِ والفضلِ، والأجرِ والثواب ..
ففي الحديث الذي اخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :
((إِنّ اللَّهَ يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلْقَ)).

فالبسمةُ آيةٌ من آياتِ الله تعالى ونعمةٌ ربانيةٌ عظيمة، إنّها سحرٌ حلال تنبثق من القلب وترتسم على الشفاه، فتَنثرُ عبيرَ المودة، وتنشرُ نسائمًَ المحبة وتستلَّ عُقْدَ الضغينة والبغضاء لتحلَ الألفة والإخاء،..
ولن نجدَ مفتاحًا أسلس ولا أسهل نفوذًا للقلبِ وأسرع في فتح ما استُغلقَ منه من الابتسامة .!
يقول ابن عيينة رحمه الله-:
"البشاشةُ مصيدةُ القلوب"..
وأوصى ابن عمر رضي الله عنهما ابنه فقال : "بنيّ إن البر شيء هيّن ( وجه طليق وكلام ليّن )..

ولذلكم حدثتكم في الخطبه الاولى عن الخيريه العاجله المتمثله بالمنافع الصحيه والاجتماعية والآثار الإيجابية والشرعية للابتسامه والبشاشة
امّا الخيرية الآجلة للابتسامه :
فهو الثواب المثبت في جزاء الصدقة وبذل المعروف ...!
فالابتسامه عبادةٌ وصدقةٌ فاضله يستطيعها الفقير والغني على حدٍّ سواء..
وما أكثر ما فرطنا في هذه العبادة ..!
وما أكثر ما بخلنا في هذه الصدقة ..
فهي إعلان الإخاء، وعربون الصفاء، ورسالة الود، وخطاب المحبة تقع على صخرة الحقد فتذيبها، وتسقطُ على رُكامِ العداوة فتزيلها، وتقطعُ حبلَ البغضاء، وتطردُ وساوسَ الشحناء،.

ففي الحديث الذي رواه للترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"وتبسمك في وجهِ أخيك لك صدقة"

وفي الحديث الذي رواه الحاكم والبيهقي في شعب الايمان قال عليه الصلاة والسلام :
"لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق "..

وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم-: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسطُ الوجهِ وحُسنَ الخلق" …

فما أحوجنا إلى تبسمِ الأخ في وجه أخيه ..!
والجار في وجه جاره والصديق في وجه صديقه والأبُ في وجه أولاده في زمنٍ طغت فيه المادة وقلت فيه الألفة وكثرت فيه الصراعات ..

ما أحوجنا إلى تبسمِ الرجل في وجه زوجته!
والزوجةُ في وجهِ زوجها في زمنٍ كثرت فيه المشاكل الاجتماعية فلا ترى إلا عُبوس الوجه وتقطيب الجبين وكأنّك في حلبةِ صراع من أجل البقاء !!
فالزوجه اليوم لاتبتسم الا في وجوه زميلاتها ونساء جيرانها او نسوةٌ من قريباتها ..
والزوج كذلك ربما تراه يبتسم للجميع ،
يبتسم لأصدقائه لاقرانه لزملائه في العمل .!
يبتسم للمدير ، للموظفين ، للعاملين ،
يبتسم لأبناء حارته ، لجيرانه ، للمقربين منه
إلاّ امام أولاده وزوجته . فاذا ما عاد الى البيت
عاد إليه مقطبّ الجبين كالحَ الوجه ، سوداوي مكفهِر سيءُ المزاج سيءُ الطباع ..

وما أحوجنا إلى تلك الابتسامة من مديرٍ في وجه موظفيه فيكسب قلوبهم ويرفع من عزائهم
بعيدًا التعالي وبعيداً عن العنجهية والتسلط والغرور والكبرياء !!!

وما أحوجنا إلى البسمة وطلاقةَ الوجهِ وانشراحِ الصدر ولطفَ الروحِ ولينَ الجانب من عالمٍ رباني منصف ..
يجمع ولايفرق ويصلح ولا يفسد ويبني ولايهدم.!
يسعى لجمعِ الكلمة ووحدةِ الصف ، ورأبِ الصدع وردم جذور الخلاف ..!
والتحدث فيما يعود بالخير والبركه والأمن والسلام والانس والطمأنينة للوطن والمواطن ..

بدلاً من الفتاوى الجائرة الظالمة في نبش فتن الطائفية والمذهبية، وتوسيع هُوة الخلاف والنزاع والشقاق، وتضليلِ الناسِ وتبديعهم وتفسيقهم ،
بل والتعرض للعلماء والدعاة الربانيين بالغمزِ واللمزِ والاستطالةِ في أعراضهم !!
وممن؟ من أقزامٍ لا هُمْ في العِير ولا في النعِير!

ما أحوجنا كذلك إلى الابتسامةِ من ذلك التاجر فيكسب القلوب وتحلَ عليه البركة ويكثرُ رزقه وتدركه رحمةَ ربه ..
فقد روى البخاري دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة حيث قال :
"رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى"..
كما بشره عليه الصلاه والسلام بالمغفرة في حديث جابر قال صلى الله عليه وسلم لما رواه احمد
"غفر الله لرجلٍ ممن كان قبلكم كان سهلا ً إذا باع سهلا ً إذا اشترى سهلا ً إذا اقتضى"

وما أحوجنا إلى الابتسامةِ الصادقة من ذلك المسئول في وجهِ من يقوم برعايتهم وخدمتهم من غيرِ ما خداعٍ أو كذبٍ أو تزوير، أو وعيدٍ أو تهديد فتحبه قلوبهم وتلهجُ بالثناءِ الحسن والدعاءِ له ألسنتهم !!!

يأتي رجلٌ فقيرٌ من المسلمين إلى عمر بن الخطاب فاروق الامه رضي الله عنه وارضاه فقال له :
أيَا عُمَرَ الخَيْرَ جُزِيتَ الجَنَّةْ
اُكْسُ بُنَيَّاتِي وأُمَّهُنَّهْ
وكن لنا في ذا الزمان جُنّة
أَقْسَمْتُ باللهِ لَتَفْعَلَنَّهْ
فقال عمر: وإن لم أفعل، يكون ماذا؟
قال: يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلنَّهْ
قال عُمر: متى ؟
قال : يَوْمَ تَكُونُ الأُعْطِيَاتُ مِنَّهْ
وَالوَاقِفُ المَسْؤُولُ بَيْنَهُنَّهْ
إِمَّا إِلَى نَارٍ وَإِمَّا جَنَّةْ
فبكى رضي الله عنه وارضاه وخلع الجلباب الذي كان يلبسه وقال لغلامِه :
يا غلامُ، أعطه قميصي هذا، لا لِشِعْره؛ ولا لكلامه ولكن ليومٍ تكون فيه الأعطياتُ منَّة، والواقف المسؤول بينهنَّه، إِمَّا إلى نارٍ وإما إلى جنة.

فما اجمل ان نبتسم في وجةِ الفقراءِ والمساكين
ما أجمل أن نبتسم في وجوهِ الأيتامِ والأرامل والمعوزين والمحتاجين من أبناء بلدنا وامتنا فندخل السرور إلى نفوسهم ونمدُ يدَ العونِ لهم ونَرسمُ البسمةَ على شفاههم ..!

اقول هذا الكلام ويؤسفني القول :
انّ العلاقات اليوم صارت بين الناس تجارية،
نحترم ونتبسم ونتلطف مع الأغنياء مع الأثرياء
مع رؤوس الأموال ومع أصحاب الأملاك،
وفي بعض الأحيان لا نبتسم ولا نتلطف إلا لمن نرجو منهم المصلحة .!
وعندما نرى فقيرًا نعبسُ في وجهه ولا نُلقي له بالاً بل ربما لا نرد عليه حتى السلام...!
لماذا وصلنا لهذا السلوك ؟
لماذا وصلنا الى هذا الامر ؟
سل نفسك يا عبد الله :
كم من محتاجٍ أعنته !؟
وكم من مسكين واسيته !؟
وكم من فقير تبسمت في وجهه وأشعرته بالأمان وبقيمته واحترامه فرفع في ظلمة الليل يدًا داعية يستنزل بها لك الرحمات والبركات والخيرات من السماء..
وهو القائل عليه الصلاة والسلام :
( ورُبّ أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره.. )
فكن دائم البشر مع هؤلاء الضعفاء..!
كن صاحب ابتسامة مع الفقراء ..!
فابتسامة المرء شعاع من أشعة الشمس لا تكلف شيئا ولكنها تعطي كثيرا فوق ما نتصور..
نعم احبتي الكرام روّاد مسجد بلال بن رباح:
اننا اليوم بحاجه الى ان نتعلم فنّ التبسم بصدق، ونشر ثقافة الوجه الطلْق والسماحة والسعادة بيننا وفي مجتمعاتنا ..

نحن بحاجه إلى إشاعة هذا الهدي النبوي الشريف، والتعبد لله به في ذواتنا، وبيوتنا، مع أزواجنا، وأولادنا، وزملائنا في العمل، والمساكين والفقراء والمحتاجين من أبناء بلدنا وامتنا ...
ففي ذلك الضمان الأكيد لحياةٍ سعيدة وعلاقة أخوية مترابطة .. ولن نخسر شيئا!
بل إننا سنخسر خيراً كثيراً دينياً ودنيوياً حينما نحبس هذه الصدقة عن الخروج إلى واقعنا المليء بضغوط الحياة.

اللهم أصلح حالنا وأحسن مآلنا، اللهم ارزقنا قلبًا خاشعًا، وعلمًا نافعًا، وعملًا صالحا خالصًا..
اللهم إنا نعوذ بك من الرياء والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق ..
اللهم طهّر ألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، ونفوسنا من العُجب وقلوبنا من الرياء..
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا تسمع..
اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى..
اللهم اجعلنا إخوة متحابين متناصرين يرحم بعضنا بعضًا ويمشي بعضنا بحاجة بعض،
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا واقرن بالسعادة غدونا وآصالنا واجعل إلى جنتك مصيرنا ومآلنا.

ثم اعلموا أن الله تبارك وتعالى قال قولاً كريمًا تنبيهًا لكم وتعليمًا وتشريفًا لقدر نبيه وتعظيمًا: (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية الصحابة والقرابة وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين ..
---------------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين

المشاهدات 3298 | التعليقات 0