﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
محمد البدر
1441/07/16 - 2020/03/11 22:46PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ , وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً , وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ , أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ , جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ , وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ , سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾. وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ. إن من رحمة الله بعبادِه أنْ جعل في هذه المصائب تطهيرًا لأمراض القلوب، ورجوعًا إلى علَّام الغيوب، وتذكرةً بحقارة الدنيا وهوانها، واستصغارًا لأمرها وشؤونها، والصابرون هم الراضون بقضاء الله وقدره. قَالَ تَعَالَى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾.فمن استرجع عند البلية، جبر الله مصيبته، وأحسن له عقباه، وجعل له خلفًا صالحًا يرضاه، ومن جزع وسخط لم يكن له إلا السخط.
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾.فقد صبر نوح عليه الصلاة والسلام قَالَ تَعَالَى ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ﴾.وصبر أيوب عليه الصلاة والسلام قَالَ تَعَالَى ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾. وصبر يعقوب عليه الصلاة والسلام قَالَ تَعَالَى ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾. وصبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي قومه ، فأوذي بأنواع الأذى في دينه وجسده ، وأُصيبَ بأنواع الشدائد، فما كلَّت له عزيمة، ولا ضعُفت له قوة، حتى إِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعث إِلَيْهِ ملك الْجبَال، فقَالَ: إِن شِئْت أَن أطبق عَلَيْهِم الْأَخْشَبَيْنِ ، فقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
ومما ينبغي الصبر عليه يا عِبَادَ اللَّهِ.. الصبر على تربية الأبناء والصبر على الأهل قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ- وَكُلٌّكُمْ مَسْؤُوُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهْ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهْ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ رَاعٍ-وَمَسْؤُولٌّ عَنْ رَعِيَّتِهْ» رَوَاهُ البُخَارِي.
وصبر المعلمين على الطلاب حتى يخرج جيل فذ، والصبر على صلة الأرحام والأقارب لتبقى والصبر على أذي الجيران ،فالتحلي بالصبر بين الناس خصلة وخلة حميمة، فلو تحلى المسلمون بالصبر لقلت المشكلات، وخفت المعضلات ، كذلك من أنواع الصبر الصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قَالَ تَعَالَى ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾. وصلُّوا وسلِّموا.
المرفقات
إِنَّ-اللَّهَ-مَعَ-الصَّابِرِينَ
إِنَّ-اللَّهَ-مَعَ-الصَّابِرِينَ