إنَّهن أربع كلمات

إبراهيم بن سلطان العريفان
1437/06/23 - 2016/04/01 07:53AM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
إخوة الإيمان والعقيدة ... إن من أعظم الطاعات والقربات لله تبارك وتعالى الإكثار من ذكره سبحانه ، فذكر الله تعالى غذاء الأرواح ، وشفاء القلوب ، وقرة عيون المحبين ، والذكر عبادة عظيمة سهلة ميسرة ، ولكن على من يسر الله عز وجل عليه.
ولعلي أقف معكم مذكرًا لي ولكم بكلمات أربع جاء في فضلها الكثير، بينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم فى أحاديث كثيرة ، فهيا بنا نتعرف على تلك الكلمات الأربع .. وهيا بنا نتعرف على فضها ومكانتها ..
فالكلمات الأربع من أحب الكلام إلى الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله تعالى أربع، لا يضرك بأيّهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ) فهذه الكلمات الأربع من أحب الكلام إلى الله لما تضمنته من تنزيه الله تعالى، وبيان كماله واحدانيته وانفراده بالعبودية.
والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنّهنَّ أحبُّ إليه مما طلعت عليه الشمس - أي من الدنيا وما فيها - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. أحبُّ إلي ممّا طلعت عليه الشمس ) والمراد – والعلم عند الله – أن الثواب المترتب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدق بجميع الدنيا.
تقول أم هانئ بنت أبي طالب: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنِّي قد كبرتُ وضعُفت ـ أو كما قالت ـ فمُرني بعمل أعمله وأنا جالسة. قال ( سبّحي اللهَ مائة تسبيحة، فإنَّها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، تعدل لكِ مائة فرس مُسرَجَة مُلجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكَبِّري اللهَ مائة تكبيرة فإنَّها تعدل لك مائة بدَنة مُقلّدة متقبّلَة، وهلِّلي مائة تهليلة ـ قال ابن خلف (الراوي عن عاصم) أحسبه قال ـ: تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يُرفعُ يومئذ لأحدٍ عملٌ إلا أن يأتي بمثلِ ما أُتيتِ به ).
ومن فضائل هؤلاء الكلمات : أنَّهنَّ مكفِّرات للذنوب، كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( ما على الأرض رجل يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كُفِّرت عنه ذنوبُه ولو كانت أكثر من زَبَد البحر ).
عباد الله ... إن هذه الكلمات الأربع غراس تغرس لصاحبها غرسًا في الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لقيت إبراهيم ليلة أُسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلامَ، وأخبِرهم أنَّ الجنةَ طيِّبةُ التربة، عذبةُ الماء، وأنَّها قيعان، غِراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ) الله أكبر .. ما أيسر الكلمات الأربع !! وما أعظم أجرهن !! فهذه الكلمات تورث قائلها دخول الجنة وأن الساعي في اكتسابها لا يضيع سعيه لأنها المغرس الذي لا يتلف ما استودع فيه.
أيها المؤمنون ... ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده:
يقول عبد الله بن شداد: أنَّ نفرًا من بني عُذْرَة ثلاثةً أتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأسلموا قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يكفينيهم" قال طلحةُ: أنا، قال: فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً فخرج فيه أحدُهم فاستشهدَ، قال: ثم بَعَثَ بعثاً آخر، فخرج فيهم آخر فاستشهد، قال: ثم مات الثالثُ على فراشه، قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة، فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استُشهد أخيرًا يليه، ورأيت الذي استُشهد أولَهم آخرَهم، قال: فدخلني من ذلك، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنكرتَ من ذلك، ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعمّرُ في الإسلام يَكثُر تكبيرُه وتسبيحُه وتهليله وتحميده ).
لقد اختار الله هؤلاء الكلمات واصطفاهنَّ لعِباده، ورتّب عليهن أجورًا عظيمةً، وثواباً جزيلاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنَّ الله اصطفى من الكلام أربعاً: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كُتب له عشرون حسنة، وحُطّت عنه عشرون سيّئة، ومن قال: الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين مِن قِبَل نفسِهِ كُتبت له ثلاثون حسنة، وحُطّ عنه ثلاثون خطيئة ).
واعلموا – عباد الله – أن هذه الكلمات الأربع جُنّةٌ ووقاية لقائلهنّ من النار، ويأتين يوم القيامة مُنجيات لقائلهنّ ومقدّمات له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خُذوا جُنَّتَكم ) قلنا: يا رسول الله من عدو قد حضر! قال ( لا، بل جُنَّتُكم من النار، قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنَّهنّ يأتين يوم القيامة منجيات ومقدّمات، وهنّ الباقيات الصالحات ).
فرطِّبوا ألسنتكم – عباد الله – فإن هذه الكلمات الأربع يَنعَطِفْن حول عرش الرحمن ولهنّ دويٌّ كدويِّ النحل، يذكرن بصاحبهنّ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنَّ مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، يَنعَطِفْن حول العرش لهنّ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النحل، تذكر بصاحبها، أما يحِبُّ أحدُكم أن يكون له، أو لا يزال له من يُذكِّر به ).
عباد الله ... ما يُسرِ هذه الكلمات وخفَّتِها على اللسان إلا أنَّهنّ ثقيلاتٌ في الميزان يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بَخٍ بَخٍ -ـ وأشار بيده بخمس - ما أثقلهنّ في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولدُ الصالح يُتوفى للمرء المسلم فيحتسبُه ).
جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدُّثور بالأجور، يصلّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفضولِ أموالهم. قال: "أوَ ليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون؟ إنَّ بكلِّ تسبيحة صدقة، وكلِّ تكبيرة صدقة، وكلِّ تحميدة صدقة، وكلِّ تهليلةٍ صدقة، وأمرٍ بالمعروف صدقة، ونهيٍ عن منكرٍ صدقة، وفي بُضعِ أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوتَه ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ ).
فهذه الكلمات الأربع يتصدق بها المسلم على نفسه، فلا تبخلوا على أنفسكم ( وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله رب العالمين.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... تعلمون ما جاء في فضل قراءة القرآن الكريم ... ومع ذلك فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات الأربع عن القرآن الكريم في حقِّ من لا يُحسنه. فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنِّي لا أستطيع أن أتعلّمَ القرآنَ، فعلِّمني شيئا يُجزيني. فقال عليه الصلاة والسلام ( تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) فقال الأعرابي: هكذا ـ وقبض يديه ـ فقال: هذا لله، فمَا لي؟ قال ( تقول: اللّهمّ اغفر لي وارْحمني وعافِني وارْزقني واهْدِني ) فأخذها الأعرابيُّ وقبض كفّيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أما هذا فقد مَلأَ يديه بالخير ).
لقد استمعنا وعرفنا بعض فضائل هذه الكلمات الأربع التي بين لنا فيها النبي صلى الله عليه وسلم ثواب المحافظة عليها .. فنسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعمل بها ، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء ... اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئا سحاً غدقاً، اللهم أنبت لنا به الزرع، وأدر لنا به الضرع، اللهم أجعله دافقاً رافقاً غير ضار، اللهم اجعله سقيا رحمة وبركة لا سقيا بلاء ولا عذاب ولا هدم ولا غرق، اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً غدقاً مجلجلاً عاماً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل، اللهم أسقنا غيثاً تحي به البلاد وترحم به العباد وتجعله بلاغاً للحاضر والباد، اللهم أنت ربنا وإلهنا وملجأنا وملاذنا ومعاذنا، اللهم اسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنّا عبيدك خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن فضلك، اللهم فتفضل علينا بجودك وإحسانك يا ذا الجلال والإكرام، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، نستغفر الله ونتوب إليه اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار. الحمد لله حمدا كثيرا لما أنعمه علينا من خير وعطاء ونعم عديدة، اللهم اجعله صيبا نافعا يا رب العالمين.
المشاهدات 1483 | التعليقات 0