( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ) 1
حامد ابراهيم طه
1437/05/26 - 2016/03/06 03:33AM
قد تمت إضافة خطبة
( المسارعة في الخيرات ) 1 الخطبة من خمسة أجزاء
في خطب ( تربية وتزكية )
يمكنكم الوصول إليها وباقي الخطب المكتوبة والدروس من خلال موقع
( خطب الجمعة - حامد ابراهيم )
أو من خلال هذا الرابط
https://hamidibraheem.wordpress.com/
ملاحظة :
جميع الخطب يمكن مشاهدتها اونلاين او تحميلها ملفات وورد
الخطبة الأولى ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) 1
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أمر الله تعالى في كتابه الكريم عباده المؤمنين بالمسارعة إلى فعل الخيرات ، والمسابقة فيها ، فيقول الله تعالى في محكم آياته :
( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة 48،
ومدح الله تعالى عباده المؤمنين وأخلاقهم، فيقول سبحانه
(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الانبياء 90،
ويقول سبحانه ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) المؤمنون 60 ، 61
وقال تعالى (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 148،
وروى البخاري في صحيحه (عَنْ عُقْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا ، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ
« ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي ، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ » .
إخوة الإسلام
إن المسارعةُ إلى الخيراتِ ، والمسابقةُ في الأعمالِ الصَّالحةِ للفوزِ برِضا اللهِ - عزَّ وجلَّ من أخلاق المؤمنين الصادقين ، وكيف لا ، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث الأُمَّةَ المسلمةَ في كلِّ زَمانٍ ومكانٍ بالمبادرةِ إلى كلِّ ما يُقرِّبُ مِن اللهِ - عزَّ وجلَّ - حين قال:
((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا » رواه مسلم.
فاستبقوا الخيراتِ؛ فإنَّ الإنسانَ لا يَدري ماذا يَعرِضُ له؟
فهُناك مَن يُصابُ بالفقرِ بعدَ الغِنى، وهناك مَن يُغنى غنًى يصِل به إلى دَرجةِ الطغيان، وهناك مَن يَعرِضُ له المرضُ، وهناك مَن يُصيبه الهَرَمُ، حتى يصلَ به إلى درجةِ الخَرفِ، وهناك مَن يأتيه الموتُ سريعًا؛
ولذلك قال المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم كما في سنن الترمذي -:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :
« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْظُرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ »
( وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوِ الدُّخَانَ أَوِ الدَّجَّالَ أَوِ الدَّابَّةَ أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ ». رواه مسلم،
ومن فوائد التعجيل بالأعمال الصالحة في زمن الرخاء والراحة والصحة والفراغ والغنى أن من فعل ذلك عرفه الله سبحانه في أوقات الفتن والشدائد، فثبته وسلَّمه في دينه، وكتب له أجر ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ)) رواه أحمد.
واغتنموا زمانكم الحاضر بالإكثار من العمل الصالح، كالصلاة والصدقة والصيام وتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والذكر والدعاء وحسن الخلق وطلب العلم والدعوة إلى الله وغير ذلك من أبواب الخير، وهي كثيرة بحمد الله، ودلُّوا إخوانكم عليها، فإن الدال على الخير كفاعله، واعزموا على الاستمرار في الطاعة والازدياد منها في مستقبلكم ، فإن الإنسان يدرك بنيته ثواب العمل الصالح الذي عزم عليه، ولكن منعه عذر من فعله.
وقد أمرنا الله سبحانه بالمسابقة إلى الخيرات والمسارعة إليها،
فقال سبحانه:
( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) [الحديد:21]،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) 1
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولقد امتَثَل الصحابةُ - رضي الله عنهم - لتوجيهاتِ النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسارَعوا في الخيراتِ، وبادَروا بالأعمالِ الصالحةِ ليلاً ونهارًا،
فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - الرجلُ الذي ما وَجَد طريقًاً علِم أنَّ فيها خيرًا وأجرًا إلاَّ سلَكها ومشَى فيها،
وحينما وجَّهَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أصحابِه بعضَ الأسئلةِ عن أفعالِ الخيرِ اليوميَّة، كان أبو بكرٍ الصديق هو المجيبَ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
قَالَ « فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
قَالَ « فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
قَالَ « فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».
وعندَما أراد النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الخروجَ لقتالِ الرومِ في غزوةِ تبوكَ، فَتَحَ بابَ المسابقةِ والمسارعةِ إلى تجهيز الجيشِ المسلمِ، فحَضَّ أهلَ الغِنى على النَّفقةِ والجهادِ بالنفْسِ والمالِ في سبيلِ الله، وكان لهذه الغزوة ظروفُها الخاصَّةُ، فقد كانتِ المسافةُ إلى تبوكَ بعيدةً، وكان الحَـرُّ شديدًا، وعددُ العدوِّ كثيرًا جدًّا، وكانتِ البلادُ مجدبةً، فسارع سيِّدُنا عمرُ - رضي الله عنه - وقال في نفْسه: اليومَ أَسبِقُ أبا بكر
ففي سنن الترمذي بسند صحيح (عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالاً فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَالَ فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ». قُلْتُ مِثْلَهُ وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ
« يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ». قَالَ أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
قُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا ) لأنَّ مِثْلَ أبي بكرٍ لا يُمكنُ أن يُسبقَ.
ونستكمل الحديث إن شاء الله
الدعاء
الخطبة من خمسة أجزاء ويمكنكم الوصول إليها من خلال هذا الرابط ( خطب تربية وتزكية )
https://hamidibraheem.wordpress.com/
( المسارعة في الخيرات ) 1 الخطبة من خمسة أجزاء
في خطب ( تربية وتزكية )
يمكنكم الوصول إليها وباقي الخطب المكتوبة والدروس من خلال موقع
( خطب الجمعة - حامد ابراهيم )
أو من خلال هذا الرابط
https://hamidibraheem.wordpress.com/
ملاحظة :
جميع الخطب يمكن مشاهدتها اونلاين او تحميلها ملفات وورد
الخطبة الأولى ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) 1
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أمر الله تعالى في كتابه الكريم عباده المؤمنين بالمسارعة إلى فعل الخيرات ، والمسابقة فيها ، فيقول الله تعالى في محكم آياته :
( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة 48،
ومدح الله تعالى عباده المؤمنين وأخلاقهم، فيقول سبحانه
(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الانبياء 90،
ويقول سبحانه ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) المؤمنون 60 ، 61
وقال تعالى (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 148،
وروى البخاري في صحيحه (عَنْ عُقْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا ، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ
« ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي ، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ » .
إخوة الإسلام
إن المسارعةُ إلى الخيراتِ ، والمسابقةُ في الأعمالِ الصَّالحةِ للفوزِ برِضا اللهِ - عزَّ وجلَّ من أخلاق المؤمنين الصادقين ، وكيف لا ، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث الأُمَّةَ المسلمةَ في كلِّ زَمانٍ ومكانٍ بالمبادرةِ إلى كلِّ ما يُقرِّبُ مِن اللهِ - عزَّ وجلَّ - حين قال:
((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا » رواه مسلم.
فاستبقوا الخيراتِ؛ فإنَّ الإنسانَ لا يَدري ماذا يَعرِضُ له؟
فهُناك مَن يُصابُ بالفقرِ بعدَ الغِنى، وهناك مَن يُغنى غنًى يصِل به إلى دَرجةِ الطغيان، وهناك مَن يَعرِضُ له المرضُ، وهناك مَن يُصيبه الهَرَمُ، حتى يصلَ به إلى درجةِ الخَرفِ، وهناك مَن يأتيه الموتُ سريعًا؛
ولذلك قال المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم كما في سنن الترمذي -:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :
« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْظُرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ »
( وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوِ الدُّخَانَ أَوِ الدَّجَّالَ أَوِ الدَّابَّةَ أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ ». رواه مسلم،
ومن فوائد التعجيل بالأعمال الصالحة في زمن الرخاء والراحة والصحة والفراغ والغنى أن من فعل ذلك عرفه الله سبحانه في أوقات الفتن والشدائد، فثبته وسلَّمه في دينه، وكتب له أجر ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ)) رواه أحمد.
واغتنموا زمانكم الحاضر بالإكثار من العمل الصالح، كالصلاة والصدقة والصيام وتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والذكر والدعاء وحسن الخلق وطلب العلم والدعوة إلى الله وغير ذلك من أبواب الخير، وهي كثيرة بحمد الله، ودلُّوا إخوانكم عليها، فإن الدال على الخير كفاعله، واعزموا على الاستمرار في الطاعة والازدياد منها في مستقبلكم ، فإن الإنسان يدرك بنيته ثواب العمل الصالح الذي عزم عليه، ولكن منعه عذر من فعله.
وقد أمرنا الله سبحانه بالمسابقة إلى الخيرات والمسارعة إليها،
فقال سبحانه:
( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) [الحديد:21]،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) 1
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولقد امتَثَل الصحابةُ - رضي الله عنهم - لتوجيهاتِ النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسارَعوا في الخيراتِ، وبادَروا بالأعمالِ الصالحةِ ليلاً ونهارًا،
فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - الرجلُ الذي ما وَجَد طريقًاً علِم أنَّ فيها خيرًا وأجرًا إلاَّ سلَكها ومشَى فيها،
وحينما وجَّهَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أصحابِه بعضَ الأسئلةِ عن أفعالِ الخيرِ اليوميَّة، كان أبو بكرٍ الصديق هو المجيبَ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
قَالَ « فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
قَالَ « فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
قَالَ « فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».
وعندَما أراد النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الخروجَ لقتالِ الرومِ في غزوةِ تبوكَ، فَتَحَ بابَ المسابقةِ والمسارعةِ إلى تجهيز الجيشِ المسلمِ، فحَضَّ أهلَ الغِنى على النَّفقةِ والجهادِ بالنفْسِ والمالِ في سبيلِ الله، وكان لهذه الغزوة ظروفُها الخاصَّةُ، فقد كانتِ المسافةُ إلى تبوكَ بعيدةً، وكان الحَـرُّ شديدًا، وعددُ العدوِّ كثيرًا جدًّا، وكانتِ البلادُ مجدبةً، فسارع سيِّدُنا عمرُ - رضي الله عنه - وقال في نفْسه: اليومَ أَسبِقُ أبا بكر
ففي سنن الترمذي بسند صحيح (عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالاً فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَالَ فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ». قُلْتُ مِثْلَهُ وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ
« يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ». قَالَ أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
قُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا ) لأنَّ مِثْلَ أبي بكرٍ لا يُمكنُ أن يُسبقَ.
ونستكمل الحديث إن شاء الله
الدعاء
الخطبة من خمسة أجزاء ويمكنكم الوصول إليها من خلال هذا الرابط ( خطب تربية وتزكية )
https://hamidibraheem.wordpress.com/